عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا (1) قيّمًا لينذر بأسًا شديدًا من لدنه ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجرًا حسنًا (2) ماكثين فيه أبدًا (3) وينذر الّذين قالوا اتّخذ اللّه ولدًا (4) ما لهم به من علمٍ ولا لآبائهم كبرت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلّا كذبًا (5)}
قد تقدّم في أوّل التّفسير أنّه تعالى يحمد نفسه المقدّسة عند فواتح الأمور وخواتيمها، فإنّه المحمود على كلّ حالٍ، وله الحمد في الأولى والآخرة؛ ولهذا حمد نفسه على إنزاله كتابه العزيز على رسوله الكريم محمّدٍ، صلوات اللّه وسلامه عليه؛ فإنّه أعظم نعمةً أنعمها اللّه على أهل الأرض؛ إذ أخرجهم به من الظّلمات إلى النّور، حيث جعله كتابًا مستقيمًا لا اعوجاج فيه ولا زيغ، بل يهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ، بيّنًا واضحًا جليًّا نذيرًا للكافرين وبشيرًا للمؤمنين؛ ولهذا قال: {ولم يجعل له عوجا} أي: لم يجعل فيه اعوجاجًا ولا زيغًا ولا ميلًا بل جعله معتدلًا مستقيمًا؛ ولهذا قال: {قيّمًا} أي: مستقيمًا.
{لينذر بأسًا شديدًا من لدنه} أي: لمن خالفه وكذّبه ولم يؤمن به، ينذره بأسًا شديدًا، عقوبةً عاجلةً في الدّنيا وآجلةً في الآخرة {من لدنه} أي: من عند اللّه الّذي لا يعذّب عذابه أحدٌ، ولا يوثق وثاقه أحدٌ.
{ويبشّر المؤمنين} أي: بهذا القرآن الّذين صدّقوا إيمانهم بالعمل الصّالح {أنّ لهم أجرًا حسنًا} أي: مثوبةً عند اللّه جميلةً). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 135]

تفسير قوله تعالى: {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({ماكثين فيه} في ثوابهم عند اللّه، وهو الجنّة، خالدين فيه {أبدًا} دائمًا لا زوال له ولا انقضاء). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 135]

تفسير قوله تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وينذر الّذين قالوا اتّخذ اللّه ولدًا} قال ابن إسحاق: وهم مشركو العرب في قولهم: نحن نعبد الملائكة، وهم بنات اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 135-136]

تفسير قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ما لهم به من علمٍ} أي: بهذا القول الّذي افتروه وائتفكوه من علمٍ {ولا لآبائهم} أي: أسلافهم.
{كبرت كلمةً}: نصب على التّمييز، تقديره: كبرت كلمتهم هذه كلمةً.
وقيل: على التّعجّب، تقديره: أعظم بكلمتهم كلمةً، كما تقول: أكرم بزيدٍ رجلًا قاله بعض البصريّين. وقرأ ذلك بعض قرّاء مكّة: {كبرت كلمةً} كما يقال: عظم قولك، وكبر شأنك.
والمعنى على قراءة الجمهور أظهر؛ فإنّ هذا تبشيعٌ لمقالتهم واستعظامٌ لإفكهم؛ ولهذا قال: {كبرت كلمةً تخرج من أفواههم} أي: ليس لها مستندٌ سوى قولهم، ولا دليل لهم عليها إلّا كذبهم وافتراؤهم؛ ولهذا قال: {إن يقولون إلا كذبًا}.
وقد ذكر محمّد بن إسحاق سبب نزول هذه السّورة الكريمة، فقال: حدّثني شيخٌ من أهل مصر قدم علينا منذ بضعٍ وأربعين سنةً، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: بعثت قريشٌ النّضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، إلى أحبار يهود بالمدينة، فقالوا لهم: سلوهم عن محمّدٍ، وصفوا لهم صفته، وأخبروهم بقوله؛ فإنّهم أهل الكتاب الأوّل، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء. فخرجا حتّى قدما المدينة، فسألوا أحبار يهود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ووصفوا لهم أمره وبعض قوله، وقالا إنّكم أهل التّوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا. قال: فقالت لهم: سلوه عن ثلاثٍ نأمركم بهنّ، فإن أخبركم بهن، فهو نبيٌّ مرسلٌ، وإن لم يفعل فالرّجل متقول فروا فيه رأيكم: سلوه عن فتيةٍ ذهبوا في الدّهر الأوّل، ما كان من أمرهم؟ فإنّهم قد كان لهم حديثٌ عجيبٌ. وسلوه عن رجلٍ طوّافٍ بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه ؟ [وسلوه عن الرّوح، ما هو؟] فإن أخبركم بذلك فهو نبيٌّ فاتّبعوه، وإن لم يخبركم فإنّه رجلٌ متقوّلٌ، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم.
فأقبل النّضر وعقبة حتّى قدما على قريشٍ، فقالا يا معشر قريشٍ، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمّدٍ، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمورٍ، فأخبروهم بها، فجاءوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: يا محمّد، أخبرنا: فسألوه عمّا أمروهم به، فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أخبركم غدًا بما سألتم عنه". ولم يستثن، فانصرفوا عنه، ومكث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خمس عشرة ليلةً، لا يحدث اللّه إليه في ذلك وحيًا، ولا يأتيه جبريل، عليه السّلام، حتّى أرجف أهل مكّة وقالوا: وعدنا محمّدٌ غدًا، واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها، لا يخبرنا بشيءٍ عمّا سألناه عنه. وحتّى أحزن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مكث الوحي عنه، وشقّ عليه ما يتكلّم به أهل مكّة، ثمّ جاءه جبريل، عليه السّلام، من عند اللّه، عزّ وجلّ، بسورة أصحاب الكهف، فيها معاتبته إيّاه على حزنه عليهم، وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرّجل الطّوّاف، وقول اللّه عزّ وجلّ: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء:85]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 136]

رد مع اقتباس