عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 24 ذو القعدة 1431هـ/31-10-2010م, 11:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 21 إلى آخر السورة]

({وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28) وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)} )

تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ) : (وقوله: {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ...}.
{الاحقاف}: الرمل، واحدها: حقفٌ، والحقف: الرملة المستطيلة المرتفعة إلى فوق.
وقوله: {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ...} قبله ومن خلفه من بعده، وهي في قراءة عبد الله "{من بين يديه ومن بعده}"). [معاني القرآن: 3/54]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ) : ("{إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} " أحقاف الرمال قال العجاج:
بات إلى أرطاة حقّذفٍ أحقفا
وإنما حقفه اعوجاجه). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ([الأحقاف]: أحقاف الرمل، واحده حقف وإنما حقفه اعوجاجه). [غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} واحدها: «حقف» وهو من الرمل ما أشرف من كثبانه واستطال وانحنى). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عز وجل -: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21)}
[الْأَحْقَافِ] رمال مستطيلة مرتفعة كالدكّاوات، وكانت هذه الأحقاف منازل عاد.
وقوله: {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}
أي قد أنذروا بالعذاب إن عبدوا غير اللّه فيما تقدّم قبل إنذار هود.
وعلى لسان هود عليه السلام). [معاني القرآن: 4/444-445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } [آية: 21]
قال قتادة كانت عاد أحياء من اليمن منازلهم عند الرمال والدكاوات
قال أبو جعفر الحقف عند أهل اللغة الرمل المنحني وجمعه حقفة وأحقاف وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بظبي حاقف أي منحن متثن). [معاني القرآن: 6/451-452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَحْقَافِ}: واحدها حقف وهو من الرمل ما أشرف من كثبانه واستطال وانحنى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَحْقَافِ}: الرمل). [العمدة في غريب القرآن: 272]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" {أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا} " لتصرفنا عن آلهتنا). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أجئتنا لتأفكنا}: أي لتصرفنا). [غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( { أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا }: لتصرفنا). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22)}
أي لتصرفنا عنها بالإفك والكذب..
{فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا}أي اثتنا بالعذاب الذي نعدنا، ({إن كنت من الصّادقين} ) ). [معاني القرآن: 4/445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا } [آية: 22]
معنى لتأفكنا لتصرفنا). [معاني القرآن: 6/452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِتَأْفِكَنَا}: لتصرفنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِتَأْفِكَنَا}: لتصرفنا). [العمدة في غريب القرآن: 273]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23)}
أي هو يعلم متى يأتيكم العذاب
{وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ}إليكم. ويقرأ بالتخفيف وأبلِغكم.
{وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}أي أدّلّكم على الرّشاد وأنتم تصدّون وتعبدون آلهة لا تنفع ولا تضر). [معاني القرآن: 4/445]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ...}.
طمعوا أن يكون سحاب مطرٍ، فقالوا: هذا الذي وعدتنا، هذا والله الغيث والخير، قال الله قل لهم: بل هو ما استعجلتم به من العذاب. وفي قراءة عبد الله: قل {بل} ما استعجلتم به هي ريح فيها عذاب أليم. وهو، وهي في هذا الموضع بمنزلة قوله: "من مني تمنى" و"يمنى". من قال: "هو". ذهب إلى العذاب، ومن قال: "هي" ذهب إلى الريح). [معاني القرآن: 3/54-55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ("{ عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} " يريد ممطر لنا وعارض نكرة وممطرنا معرفة وإنما يجوز هذا الفعل ولا يجوز في الأسماء في قول العرب، لا يجوز هذا رجل غلامنا والعارض السحاب الذي يرى في قطر من أقطار السماء من العشي ثم يصبح وقد حبا حتى استوى). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {هذا عارض}: العارض السحاب).[غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا} و«العارض»: السحاب). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ({فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)}أي فلما رأوا السحاب الذي نشأت منه الريح التي عذبوا بها قد عرضت في السماء، قالوا الذي وعدتنا به سحاب فيه الغيث والحياة والمطر.
فقال اللّه عزّ وجلّ: ( {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}).
وقرأ بعضهم: " {قل بل هو ما استعجلتم} ".
وكانت الريح من شدتها ترفع الراعي مع غنمه، فأهلك اللّه قوم عاد بتلك الريح.
وقوله: {مُمْطِرُنَا}لفظه لفظ معرفة، وهو صفة للنكرة، المعنى عارض ممطر إيّانا، إلا أن إيّانا لا يفصل ههنا). [معاني القرآن: 4/445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [آية: 24]
أي فلما رأوا الذي أوعدوا كسحاب عارض قد اعترض فيه عذاب ولم يعلموا أن فيه عذابا قالوا هذا عارض ممطرنا
روى طاووس عن ابن عباس قال كان لعاد واد إذا جاء المطر أو الغيم من ناحيته كان غيثا فأرسل الله عليهم العذاب من ناحيته فلما وعدهم هود بالعذاب ورأوا العارض قالوا هذا عارض ممطرنا قال لهم هود عليه السلام بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم فقالوا كذبت كذبت فقال الله جل وعز: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} ). [معاني القرآن: 6/452-453]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( ({عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ}) أي: سحابا معترضا في السماء). [ياقوتة الصراط: 467]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَارِضًا}:.....). [العمدة في غريب القرآن: 273]

تفسير قوله تعالى: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ...}.
قرأها الأعمش وعاصم وحمزة "{لا يرى إلا مساكنهم}"...
وقرأها علي بن أبي طالب، رحمه الله،
- حدثني محمد بن الفضل الخرساني عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن عن علي بن أبي طالب أنه قال: "لا ترى إلا مساكنهم"...
- وحدثني الكسائي عن قطر بن خليفة عن مجاهد أنه قرأ: "{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}". قال: وقرأ الحسن: "{فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم}" وفيه قبح في العربية؛ لأن العرب إذا جعل فعل المؤنث قبل إلا ذكّروه، فقالوا: لم يقم إلا جاريتك، وما قام إلا جاريتك، ولا يكادون يقولون: ما قامت إلا جاريتك، وذلك أن المتروك أحد، فأحد إذا كانت لمؤنث أو مذكر ففعلهما مذكر. ألا ترى أنك تقول: إن قام أحد منهن فاضربه، ولا تقل: إن قامت إلا مستكرها، وهو على ذلك جائز. قال أنشدني المفضل:

" ونارنا لم تر ناراً مثلها = قد علمت ذك معدّ أكرما
فأنث فعل (مثل)؛ لأنه للنار، وأجود الكلام أن تقول: ما رئي إلا مثلها). [معاني القرآن: 3/55]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقالوا للكبير: (جلل)، وللصغير: (جلل)، لأنّ الصغير قد يكون كبيرا عند ما هو أصغر منه، والكبير يكون صغيرا عند ما هو أكبر منه، فكلّ واحد منهما صغير كبير.
ولهذا جعلت (بعض) بمعنى (كلّ)، لأنّ الشيء يكون كلّه بعضا لشيء، فهو بعض وكلّ.
وقال عز وجل: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} [الزخرف: 63] {وكلّ} بمعنى {بعض}، كقوله: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23]، و{يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [النحل: 112]، وقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] ). [تأويل مشكل القرآن: 189-190] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: ({فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)}[معاني القرآن: 4/445]
في هذا خمسة أوجه:
أجودها في العربية والقراءة، ( {لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} )
مساكنهم)، وتأويله لا يرى شيء إلّا مساكنهم لأنّهم قد أهلكوا.
ويجوز فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم فيكون المعنى لا ترى أشخاص إلا مساكنهم.
ويقرأ فأصبحوا ترى مساكنهم، أي لا ترى شيئا إلا مساكنهم.
وفيها وجهان بحذف الألف، {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ }، ومسكنهم، ويجوز فأصبحوا لا ترى إلا مسكنهم.
يقال: سكن يسكن مسكنا ومسكنا.
وقوله عزّ وجلّ: ({كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}) المعنى مثل ذلك نجزي القوم المجرمين أي بالعذاب). [معاني القرآن: 4/446]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ...}.
يقول: في الذي لم نمكنكم فيه، و{إن}. بمنزلة ما في الجحد.
وقوله: {وَحَاقَ بِهِمْ ...} وهو في كلام العرب: عاد عليهم، وجاء في التفسير: أحاط بهم، ونزل بهم). [معاني القرآن: 3/56]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ } أي: فيما لم نمكنكم (فيه) و«إن» بمعنى «لم».
ويقال: بل هي زائدة، والمعنى: مكناهم فيما مكناكم فيه). [تفسير غريب القرآن: 408]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(إن الخفيفة) تزاد، كقول الشاعر:

ما إن رأيت ولا سمعت به = كاليومِ هَانِي أَيْنُقٍ جُرْبِ
وقال عز وجل: {ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّنّاكم فيه} [الأحقاف: 26].
وقال بعضهم: أراد فيما مكَّنَّاكم فيه، و{إن} زائدة.
[تأويل مشكل القرآن: 251]
وقال بعضهم: هي بمعنى مكّنّاهم فيما لم نمكنكم فيه). [تأويل مشكل القرآن: 252]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: ({وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26)}
({وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ})
{إن} ههنا في معنى " ما " و {إن} في النفي مع " ما " التي في معنى الّذي أحسن في اللفظ من " ما "، ألا ترى أنك لو قلت رغبت فيما ما رغبت فيه لكان الأحسن أن تقول: قد رغبت فيما إن رغبت فيه، تريد في الذي ما رغبت فيه، لاختلاف اللفظين). [معاني القرآن: 4/446]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً } [آية: 26]
قال قتادة أنبأنا الله أنه قد مكنهم في شيء لم يمكنا فيه
قال أبو جعفر فإن على هذا القول بمعنى (ما)
وقد قيل إنها زائدة والأول أولى لأنه لا يعرف زيادتها إلا في النفي وفي الإيجاب أن بالفتح). [معاني القرآن: 6/453-454]

تفسير قوله تعالى: (فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ...}.
ويقرأ أفكهم، وأفكهم. فأمّا الإفك والأفك فبمنزلة قولك: الحذر والحذر، والنّجس والنّجس. وأمّا من قال: أفكهم فإنه يجعل الهاء والميم في موضع نصب يقول: ذلك صرفهم عن الإيمان وكذبهم، كما قال عز وجل: {يؤفك عنه من أفك} أي يصرف عنه من صرف). [معاني القرآن: 3/56]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً} أي اتخذوهم آلهة يتقربون بهم إلى اللّه). [تفسير غريب القرآن: 408]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: ({بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28)}
أي دعاؤهم آلهتهم هو إفكهم، ويقرأ {أفكهم} بمعنى وذلك كذبهم وكفرهم، والأفك والأفك مثل النجس والنجس ويقرأ أفكهم، أي ذلك جعلهم ضلالا كافرين، أي صرفهم عن الحق، ويقرأ آفكهم أي جعلهم يأفكون، كما تقول: ذلك أكفرهم وأضلهم). [معاني القرآن: 4/446]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فَلَمَّا قُضِيَ} أي فرغ [رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم] من [قراءة القرآن و] تأويله). [تفسير غريب القرآن: 408]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)} أي قال بعضهم لبعض صه، ومعنى صه اسكت، ويقال إنهم كانوا تسعة نفر أو سبعة نفر، وكان فيهم زوبعة.
(فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ) أي فلما تلى عليهم القرآن حتى فرع منه، {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ}
ويقرأ {فلما قضاه} ). [معاني القرآن: 4/446-447]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ} [آية: 29] قال زر بن حبيش كانوا تسعة نفر). [معاني القرآن: 6/454]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ( {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)} أي يصدّق جميع الكتب التي تقدمته والأنبياء الذين أتوا بها.
وفي هذا دليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى الإنس والجنّ). [معاني القرآن: 4/447]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ...}.
دخلت الباء للم، والعرب تدخلها مع الجحود إذا كانت رافعة لما قبلها، ويدخلونها إذا وقع عليها فعل يحتاج إلى اسمين مثل قولك: ما أظنك بقائم، وما أظن أنك بقائم وما كنت بقائم، فإذا خلّفت الباء نصبت الذي كانت فيه بما يعمل فيه من الفعل، ولو ألقيت الباء من قادر في هذا الموضع رفعه لأنه خبر لأن. قال. وأنشدني بعضهم:
فما رجعت بخائبةٍ ركابٌ = حكيم بن المسيّب منتهاها
فأدخل الباء في فعلٍ لو ألقيت منه نصب بالفعل لا بالباء يقاس على هذا وما أشبهه.
وقد ذكر عن بعض القراء أنه قرأ: {يقدر} مكان {بقادر}: كما قرأ حمزة: "{وما أنت تهدي العمي}". وقراءة العوام: "بهادي العمي"). [معاني القرآن: 3/56-57]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}" مجازها قادر العرب تؤكد الكلام بالباء وهي مستغنى عنها). [مجاز القرآن: 2/213]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
وأما قوله: {وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} فهو بالباء كالباء في قوله: {كفى باللّه} وهي مثل {تنبت بالدّهن}). [معاني القرآن: 4/17]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ ( {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33)}
دخلت الباء في خبر {إنّ} بدخول (أولم) في أول الكلام، ولو قلت:
ظننت أن زيدا بقائم لم يجز، ولو قلت: ما - ظننت أن زيدا بقائم جاز بدخول ما، ودخول أن إنما هو توكيد للكلام فكأنّه في تقدير أليس اللّه بقادر على أن يحيي الموتى فيما ترون وفيما تعلمونه.
وقد قرئت يقدر على أن يحيي الموتى، والأولى هي القراءة التي عليها أكثر القراء. وهذه جائزة أيضا). [معاني القرآن: 4/447]

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: { أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ ...}.
فيه قول مضمر يقال: أليس هذا بالحق بلاغٌ، أي: هذا بلاغ رفع بالاستئناف). [معاني القرآن: 3/57]

تفسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( " {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ} " رفع للاستئناف). [مجاز القرآن: 2/213]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}
وقال: { لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ } يقول: ذاك بلاغٌ. وقال بعضهم: "إنّ البلاغ هو القرآن" وإنما يوعظ بالقرآن. ثم قال: {بلاغٌ} أي: هو بلاغ). [معاني القرآن: 4/17]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)}
جاء في التفسير أن أولي العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -صلوات الله عليهم أجمعين-.
قوله: ({لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ}) الرفع على معنى ذلك بلاغ.
والنصب في العربية جيد بالغ. إلا أنه يخالف المصحف، وبلاغا على معنى يبلغون بلاغا كما قال: ({كتاب اللّه عليكم}) منصوب على معنى:
{حرمت عليكم أمّهاتكم}، تأويله: كتب اللّه ذلك كتابا..
وقوله عزّ وجلّ: (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) تأويله أنه لا يهلك مع رحمة اللّه وتفضله إلا القوم الفاسقون ولو قرئت " {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} " كان وجها.
ولا أعلم أحدا قرأ بها.
وما في الرجاء لرحمة اللّه شيء أقوى من هذه الآية ، وهي قوله: ( {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}). [معاني القرآن: 4/447-448]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [آية: 35]
قال قتادة هم أربعة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلى الله عليهم
وقال مجاهد وعطاء الخراساني أولو العزم من الرسل خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم
وقوله جل وعز: {بلاغ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ } [آية: 35] أي ذلك بلاغ
وقرأ عيسى بن عمر بلاغا وقرأ أبو مجلز بلغ على الأمر
ثم قال جل وعز: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} [آية: 35] أي فهل يهلك مع رحمة الله وتفضله إلا القوم الفاسقون). [معاني القرآن: 6/454-455]


رد مع اقتباس