عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 07:37 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24) لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأوّلين (24) ليحملوا أوزارهم كاملةً يوم القيامة ومن أوزار الّذين يضلّونهم بغير علمٍ ألا ساء ما يزرون (25)}
يقول تعالى: وإذا قيل لهؤلاء المكذّبين: {ماذا أنزل ربّكم قالوا} معرضين عن الجواب: {أساطير الأوّلين} أي: لم ينزل شيئًا، إنّما هذا الّذي يتلى علينا أساطير الأوّلين، أي: مأخوذٌ من كتب المتقدّمين، كما قال تعالى: {وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلا} [الفرقان: 5] أي: يفترون على الرّسول، ويقولون [فيه] أقوالًا مختلفةً متضادّةً، كلّها باطلةٌ كما قال تعالى: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلا} [الفرقان: 9]، وذلك أنّ كلّ من خرج عن الحقّ فمهما قال أخطأ، وكانوا يقولون: ساحرٌ، وشاعرٌ، وكاهنٌ، ومجنونٌ. ثمّ استقرّ أمرهم إلى ما اختلقه لهم شيخهم الوحيد المسمّى بالوليد بن المغيرة المخزوميّ، لـمّا {فكّر وقدّر فقتل كيف قدّر ثمّ قتل كيف قدّر ثمّ نظر ثمّ عبس وبسر ثمّ أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحرٌ يؤثر} [المدّثّر: 18 -24] أي: ينقل ويحكى، فتفرّقوا عن قوله ورأيه، قبّحهم اللّه.
قال اللّه تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملةً يوم القيامة ومن أوزار الّذين يضلّونهم بغير علمٍ} أي: إنّما قدّرنا عليهم أن يقولوا ذلك فيتحمّلوا أوزارهم ومن أوزار الّذين يتبعونهم ويوافقونهم، أي: يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم، كما جاء في الحديث: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتّبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الإثم مثل آثام من اتّبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا".
وقال [اللّه] تعالى: {وليحملنّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألنّ يوم القيامة عمّا كانوا يفترون} [العنكبوت: 13].
وهكذا روى العوفيّ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ليحملوا أوزارهم كاملةً يوم القيامة ومن أوزار الّذين يضلّونهم بغير علمٍ} إنّها كقوله: {وليحملنّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم} [العنكبوت: 13].
وقال مجاهدٌ: يحملون أثقالهم: ذنوبهم وذنوب من أطاعهم، ولا يخفّف عمّن أطاعهم من العذاب شيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 565-566]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (26)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قد مكر الّذين من قبلهم فأتى اللّه بنيانهم من القواعد فخرّ عليهم السّقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون (26) ثمّ يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الّذين كنتم تشاقّون فيهم قال الّذين أوتوا العلم إنّ الخزي اليوم والسّوء على الكافرين (27)}
قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {قد مكر الّذين من قبلهم} قال: هو نمرود الّذي بنى الصّرح.
قال ابن أبي حاتمٍ: وروي عن مجاهدٍ نحوه.
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم: أول جبّارٍ كان في الأرض نمرود، فبعث اللّه عليه بعوضة، فدخلت في منخره، فمكث أربعمائة سنةٍ يضرب رأسه بالمطارق، وأرحم النّاس به من جمع يديه فضرب بهما رأسه، وكان جبّارًا أربعمائة سنةٍ، فعذّبه اللّه أربعمائة سنةٍ كملكه، ثمّ أماته اللّه. وهو الّذي كان بنى صرحًا إلى السّماء، وهو الّذي قال اللّه: {فأتى اللّه بنيانهم من القواعد}
وقال آخرون: بل هو بختنصّر. وذكروا من المكر الّذي حكى اللّه هاهنا، كما قال في سورة إبراهيم: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} [إبراهيم: 46].
وقال آخرون: هذا من باب المثل، لإبطال ما صنعه هؤلاء الّذين كفروا باللّه وأشركوا في عبادته غيره، كما قال نوحٌ، عليه السّلام: {ومكروا مكرًا كبّارًا} [نوحٍ: 22] أي: احتالوا في إضلال النّاس بكلّ حيلةٍ وأمالوهم إلى شركهم بكلّ وسيلةٍ، كما يقول لهم أتباعهم يوم القيامة: {بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا} [الآية] [سبأٍ: 33].
وقوله: {فأتى اللّه بنيانهم من القواعد} أي: اجتثّه من أصله، وأبطل عملهم، وأصلها كما قال تعالى: {كلّما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها اللّه} [المائدة: 64].
وقوله: {فأتاهم اللّه من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرّعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار} [الحشر: 2].
وقال هاهنا: {فأتى اللّه بنيانهم من القواعد فخرّ عليهم السّقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ثمّ يوم القيامة يخزيهم}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 566]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ يوم القيامة يخزيهم} أي: يظهر فضائحهم، وما كانت تجنّه ضمائرهم، فيجعله علانيةً، كما قال تعالى: {يوم تبلى السّرائر} [الطّارق: 9] أي: تظهر وتشتهر، كما في الصّحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ينصب لكلّ غادرٍ لواءٌ يوم القيامة عند استه بقدر غدرته، فيقال: هذه غدرة فلان بن فلانٍ".
وهكذا هؤلاء، يظهر للنّاس ما كانوا يسرّونه من المكر، ويخزيهم اللّه على رءوس الخلائق، ويقول لهم الرّبّ تبارك وتعالى مقرّعًا لهم وموبّخًا: {أين شركائي الّذين كنتم تشاقّون فيهم} تحاربون وتعادون في سبيلهم، [أي]: أين هم عن نصركم وخلاصكم هاهنا؟ {هل ينصرونكم أو ينتصرون} [الشّعراء: 93]، {فما له من قوّةٍ ولا ناصرٍ} [الطّارق: 10]. فإذا توجّهت عليهم الحجّة، وقامت عليهم الدّلالة، وحقّت عليهم الكلمة، وأسكتوا عن الاعتذار حين لا فرار {قال الّذين أوتوا العلم} -وهم السّادة في الدّنيا والآخرة، والمخبرون عن الحقّ في الدّنيا والآخرة، فيقولون حينئذٍ: {إنّ الخزي اليوم والسّوء على الكافرين} أي: الفضيحة والعذاب اليوم [محيطٌ] بمن كفر باللّه، وأشرك به ما لا يضرّه ولا ينفعه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 566-567]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذين تتوفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السّلم ما كنّا نعمل من سوءٍ بلى إنّ اللّه عليمٌ بما كنتم تعملون (28) فادخلوا أبواب جهنّم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبّرين (29)}
يخبر تعالى عن حال المشركين الظّالمي أنفسهم عند احتضارهم ومجيء الملائكة إليهم لقبض أرواحهم: {فألقوا السّلم} أي: أظهروا السّمع والطّاعة والانقياد قائلين: {ما كنّا نعمل من سوءٍ} كما يقولون يوم المعاد: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين} [الأنعام: 23] {يوم يبعثهم اللّه جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم} [المجادلة: 18].
قال اللّه مكذّبًا لهم في قيلهم ذلك: {بلى إنّ اللّه عليمٌ بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنّم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبّرين}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 567]


تفسير قوله تعالى: {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فادخلوا أبواب جهنّم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبّرين} أي: بئس المقيل والمقام والمكان من دار هوانٍ، لمن كان متكبّرًا عن آيات اللّه واتّباع رسله.
وهم يدخلون جهنّم من يوم مماتهم بأرواحهم، ويأتي أجسادهم في قبورها من حرّها وسمومها، فإذا كان يوم القيامة سلكت أرواحهم في أجسادهم، وخلدت في نار جهنّم، {لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها} [فاطرٍ: 36]، كما قال اللّه تعالى: {النّار يعرضون عليها غدوًّا وعشيًّا ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} [غافرٍ: 46]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 567]

رد مع اقتباس