عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 1 ربيع الأول 1437هـ/12-12-2015م, 07:42 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

17: عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي (ت:74هـ)
أسلم بمكة وهو صغير مع أبيه عمر بن الخطاب وهاجر معه إلى المدينة.
قال عبيد الله العمري: أخبرني نافع عن ابن عمر قال: (عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يُجِزْني، وعرضني يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني). متفق عليه.
وكان فيما يُذكر عنه قويّ الجسم طويلاً، نشأ في عبادة الله تعالى، وكان حريصاً على اتّباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، واجتهد في ذلك اجتهاداً بالغاً.
- الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا رأى رؤيا قصَّها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وكنت غلاما شابا عزبا، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، قال فلقيهما مَلَك فقال لي: لم تُرَع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل».
قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا). متفق عليه.
أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تركنا هذا الباب للنساء»، قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات). رواه أبو داوود وابن سعد والطبراني في الأوسط.
وكان شديد المحبّة للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى قال حفيده محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر: «ما سمعت ابن عمر يذكر النبيَّ صلى الله عليه وسلم قطّ إلا بكى» رواه الدارمي بإسناد صحيح.

وكان من أكثر الصحابة صلاة وصياماً وتلاوة للقرآن، وأشدّهم لزوماً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأكابر أصحابه؛ حتى كان يغدو كلَّ سبت إلى قباء ماشياً فيصلي فيه اتّساء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- عبد الله بن عمر العمري، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «ما رأيت ألزم للأمر الأول من عبد الله بن عمر» رواه الحاكم في المستدرك.
- أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال: نُبئت أن ابن عمر كان يقول: إني لقيت أصحابي على أمر وإني أخاف إن خالفتهم خشية ألا ألحق بهم). رواه ابن سعد.

وكان الصحابة يعرفون له زهده في الدنيا وكفّه لنفسه عن الافتتان بها على قوّته وفتوّته.
- إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: (لقد رأيتنا ونحن متوافرون، وما فينا شاب هو أملك لنفسه من عبد الله بن عمر). رواه ابن سعد.
- وقال حبيب بن الشهيد: قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: (لا تطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما). رواه ابن سعد.
- شهد ابن عمر الخندق مع النبي صلى الله عليه وسلم وما بعدها من الغزوات، وشهد بيعة الرضوان، ورُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى عليه في فتح مكة.
وأخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً غزيراً، ثم أخذ عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وحفصة وعائشة وابن مسعود وزيد بن ثابت وبلال بن رباح وصهيب الرومي وجماعة من أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وشهد عددا من الفتوح في عهد الخلفاء الراشدين، وبارز في عهد عمر دهقاناً من دهاقنة الفرس فقتله.
- وكان عاقلاً رشيداً حسن الرأي، أوصى عمر أن يشهد مشورة الستة الذين أوصى أن يختاورا من بينهم رجلاً للخلافة من بعده؛ فاجتمع رأيهم على عثمان.
- واجتهد عثمان في توليته القضاء فأبى أشدّ الإباء، حتى قال لعثمان: أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ؟
فقال عثمان: بلى.
فقال: فإني أعوذ بالله أن تستعملني فأعفاه). والقصة في مسند الإمام أحمد ومعجم الطبراني.
- ولمّا حوصر عثمان تقلّد سيفه ليقاتل دونه؛ ولكن عثمان عزم على الصحابة أن لا يراق بسببه دم.
وكان من أهل الفتوى والتحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى عُدَّ من القلّة المكثرين من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- عبد الله بن وهب عن الإمام مالك بن أنس قال: (أقام ابن عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة يفتي الناس في الموسم وغير ذلك).
قال: (وكان ابن عمر من أئمة الدين). رواه الخطيب البغدادي.
وكان على سعة علمه وكثرة حديثه واجتهاده في اتّباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على التثبت في الفتيا وأداء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سمعه بلفظه، ولا يجد غضاضة إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم.
- قال عبد العزيز بن أبي رواد: أخبرني نافع أن رجلا سأل ابن عمر عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه ولم يجبه حتى ظنَّ الناس أنه لم يسمع مسألته.
قال: فقال له: يرحمك الله أما سمعت مسألتي؟
قال: قال: بلى ولكنكم كأنكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألوننا عنه!! اتركنا يرحمك الله حتى نتفهَّم في مسألتك؛ فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به). رواه ابن سعد.
- هشام بن عروة عن أبيه قال: سئل ابن عمر عن شيء فقال: لا علم لي به. فلما أدبر الرجل قال لنفسه: سئل ابن عمر عما لا علم له به؛ فقال لا علم لي به). رواه ابن سعد، وروى نحوه ابن عساكر من طريق الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر.
- وقال أحمد بن محمد الأزرقي: حدثنا عمرو بن يحيى عن جده قال: سئل ابن عمر عن شيء فقال: لا أدري؛ فلما ولى الرجل أفتى نفسه؛ فقال: أحسن ابن عمر، سئل عما لا يعلم فقال لا أعلم). رواه ابن سعد.
وكان كثير الإنفاق في سبيل الله، حتى ربما ذهل عن حاجة نفسه، وروي أنه أعتق أنفساً كثيرة، وأنه إذا أعجبه شيء من ماله قرّبه لله.
- قال يزيد بن هارون: أخبرنا محمد بن عمرو بن حماس، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: (خطرت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، فما وجدت شيئا أحب إلي من جاريتي رميثة، فعتقتها، فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها، فأنكحتها نافعا، فهي أم ولده). رواه ابن سعد.
وكان حريصاً على الألفة بين المسلمين، وإفشاء السلام، حتى روي عنه أنه قال: إني لأخرج وما لي حاجة إلا لأسلم على الناس ويسلمون علي.
وكان جواداً كريماً متواضعاً يشترط على من يصحبه في السفر أن لا يصوم إلا بإذنه، وأن لا ينازعه الأذان؛ وكان يُكرِم من يصحبه ويخدمه.
- شعبة بن الحجاج، عن عبيد الله بن عمران، أنه قال: سمعت مجاهدا، يقول: «صحبت ابن عمر لأخدمه، فكان هو يخدمني». رواه أبو بكر الخلال في السنة.
وكان محبوباً في الناس، مشهوداً له بذلك، ورأى من دلائل ذلك ما كان يتعجّب منه.
- مالك بن أنس عن حميد بن قيس عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر فجعل الناس يسلمون عليه حتى انتهى إلى دابته فقال لي ابن عمر: (يا مجاهد إن الناس يحبونني حبا لو كنت أعطيهم الذهب والوَرِق ما زدت). رواه ابن سعد.
وكان شديد التوقّي من الفتن، شديد الاحتياط لدينه، ولزوم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أثنى عليه حذيفة بن اليمان بحسن استقامته وسلامته من الفتن، وكان حذيفة بصيراً بالفتن وأنواعها، وقد مات حذيفة قبل مقتل عثمان.
- عبد الله بن إدريس عن ليث، عن نافع قال: لما قتل عثمان جاء علي بن أبي طالب إلى ابن عمر فقال: إنك محبوب إلى الناس، فسر إلى الشام، فقال ابن عمر: (بقرابتي وصحبتي النبي صلى الله عليه وسلم والرحم التي بيننا، فلم يعاوده). ذكره الذهبي.

ولمّا حدثت الفتنة اعتزلها فلم يقاتل مع أي طائفة، ولزم ما كان عليه من العمل، وكان على بصيرة مما كان يفعله في زمان الفتنة، لا يتردد في اجتنابها، ولا يلتفت في ذلك إلى ترغيب ولا ترهيب.
- قال عبد الله بن عبيد بن عمير: قال ابن عمر: (إنما كان مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم كانوا يسيرون على جادّة يعرفونها؛ فبينا هم كذلك إذ غشيتهم سحابة وظلمة؛ فأخذ بعضنا يمينا، وبعضنا شمالا، وأخطأنا الطريق وأقمنا حيث أدركنا ذلك حتى تجلى عنا ذلك؛ حتى أبصرنا الطريق الأول فعرفناه فأخذنا فيه). رواه ابن سعد.
- وقال حميد بن مهران الكندي: أخبرنا سيف المازني قال: كان ابن عمر يقول: (لا أقاتل في الفتنة وأصلي وراء من غلب).
عُرضت عليه الخلافة يوم التحكيم فأبى أن يقبلها إلا باتفاق من المسلمين، وقال لو خالفني أهل فدك ما قبلتها.
ثمّ طُلب منه أن ينصّب نفسه خليفة بعد في زمن الفتنة الثانية بعد يزيد بن معاوية؛ فقال ما يسرني أن لي الدنيا وما فيها وأن يُقتل بسببي رجل واحد، أو كلاماً هذا معناه.
وأخباره في توقّي الفتن كثيرة.
- قل علي بن الأقمر: قال مروان بن الحكم لابن عمر: ألا تخرج إلى الشام فيبايعوك؟ قال: فكيف أصنع بأهل العراق؟ قال: تقاتلهم بأهل الشام، قال: والله ما يسرني أن يبايعني الناس كلهم إلا أهل فدك، وأني قاتلتهم فقتل منهم رجل واحد). رواه ابن سعد.

حدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أكابر أصحابه فأكثر وأطاب، وأفتى ونصح وجاهد، واجتهد في فعل الخيرات، والتعبد بأنواع العبادات، وعمّر حتى أدرك مقتل ابن الزبير ، وحجّ في تلك السنة، وكان الحجاج قد غلب على مكّة، ونشر عسكره في المشاعر بأسلحتهم، وحجّ ابن عمر في تلك السنة؛ فأصابه رمح في رجله وهو يرمي الجمرات من الزحام؛ فكان ذلك سبب موته.
قال سعيد بن جبير: كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدمه، فلزقت قدمه بالركاب، فنزلت، فنزعتها وذلك بمنى، فبلغ الحجاج فجعل يعوده، فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: «أنت أصبتني» قال: وكيف؟ قال: «حملت السلاح في يوم لم يكن يُحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم» رواه البخاري.
وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص: دخل الحجاج على ابن عمر وأنا عنده، فقال: كيف هو؟ فقال: صالح، فقال: من أصابك؟ قال: «أصابني من أمر بحمل السلاح في يوم لا يحل فيه حمله» يعني الحجاج). رواه البخاري.
مات بعد أن قضى نسكه، وأوصى أن يدفن خارج الحرم، فلم يقدروا على ذلك بسبب الحَجاج وجنده، وكانت الفتنة شديدة.
قال ابنه سالم: (فدفناه بفخ في مقبرة المهاجرين نحو ذي طوى).
قال نافع بن سرجس: (وإنما سميت مقبرة المهاجرين لأنه دفن فيها من مات ممن كان أتى المدينة، ثم حج وجاور فمات بمكة؛ فكان يدفن في هذه المقبرة، منهم أبو واقد الليثي، وعبد الله بن عمر وغيرهما). رواه الحاكم في مستدركه.
وكان موته رضي الله عنه سنة 74هـ وله أربعة وثمانون عاماً.
- قال سعيد بن المسيب: (لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر). رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة.

ومما روي عنه في التفسير:
أ: أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فلما سمعناها كففنا عن الشهادة وأرجينا الأمور إلى الله). رواه ابن أبي حاتم.
ب: هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر في قوله: {خذ العفو} قال: (أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس). رواه ابن أبي حاتم.
ج: الزهري عن خالد بن أسلم، قال: خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال أعرابي: أخبرني عن قول الله: {والذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله} قال ابن عمر: «من كنزها، فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة؛ فلما أنزلت جعلها الله طهرا للأموال» رواه البخاري.


روى عنه في التفسير: ابنه سالم، ومولاه نافع، وعبد الله بن دينار، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وزيد بن أسلم العدوي مولى عمر، وأخوه خالد بن أسلم، وأبو عمرو الشيباني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعامر الشعبي، وخالد بن معدان، ومحارب بن دثار الباهلي، وصدقة بن يسار، وأبو الزبير المكي، وبكر بن عبد الله المزني، وثوير بن أبي فاختة.
وأكثر من روى عنه في التفسير: مولاه نافع ثم عبد الله بن دينار، ثم سالم بن عبد الله.
وأرسل عنه: الزهري، ومحمد بن عون، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، وأبو قلابة الجرمي، وأبو حازم سلمة بن دينار، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو الزناد، ومكحول، وعروة بن رويم، وعمرو بن مرة، والضحاك، وزيد العميّ.


التوقيع :
رد مع اقتباس