عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 17 صفر 1440هـ/27-10-2018م, 07:16 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة القصص

[ من الآية (22) إلى الآية (28) ]
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)}


قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل)
فتح الياء ابن كثير ونافع وأبو عمرو). [معاني القراءات وعللها: 2/250]

قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (حتّى يصدر الرّعاء (23)
[معاني القراءات وعللها: 2/249]
قرأ أبو عمرو وابن عامر (حتّى يصدر الرّعاء) بفتح الياء وضم الدال.
وقرأ الباقون (حتّى يصدر) بضم الياء وكسر الدال.
قال أبو منصور: من قرأ (يصدر) فهو من صدر عن الماء، يصدر إذا رجع عنه بعد الورود.
ومن قرأ (حتّى يصدر الرّعاء) فمعناه: حتى يصدروا واردتهم من الماشية.
يقال: صدر بنفسه، وأصدر ورده أي: إبله أو غنمه.
والرعاء: جمع الراعي). [معاني القراءات وعللها: 2/250]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- قوله تعالى: {حتى يصدر الرعاء} [23].
قرأ أبو عمرو وابن عامر {يصدر} بفتح الياء.
وقرأ الباقون: {يصدر} بضم الياء {يصدر} بفتح الياء.
وقرأ الباقون: {يصدر} بضم الياء {حتى يصدر الرعاء} بضم الياء.
فمن فتح جعل الفعل للرعاء، والرعاء: جمع راع، مثل صاحب وصحاب، ويقال: راع ورعاة مثل قاض وقضاة، وراع وراعون مثل قاض وقاضون.
فإن سائل سائل فقال: ما مثال رعاة من الصحيح؟ فقل: لا مثال له من الصحيح عند البصريين؛ لأن وزن رعاة (فعلة)، وعند الكوفيين (فعل) مثل غزى في جمع غاز، والأصل: رعي، فحذفوا حرفًا كراهية التشديد وعوضوا الهاء في آخره. ومثل رعي في جمع راع بدى في الأعراب يريدون: {بادون}. قرأ بذلك ابن مسعود.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/169]
ومن قرأ: {يصدر} بالضمة فمعناه: حتى يصدروا إبلهم ومواشيهم عن الماء، يقال: ورد زيد الماء يرده وردًا فهو وارد، وصدر عن الماء يصدر صدرًا فهو صادر. وأصدر: صدر غيره وأورده يصدره ويورده إصدارًا وإيرادًا، والموضع: المصدر والمورد.
وقرأ حمزة والكسائي: {حتى يصدر الرعاء} بإشمام الراء.
ومن العرب من يقول: حتى يزدر الرعاء بالزاي خالصًا أنشدني ابن دريد:
ولا تهيبني الموماة أركبها = إذا تجاوبت الأزداء بالسحر
يريدون بأزداء: الصداء، وهو جمع صدي. والصدى: ذكر البوم، والصدى: الصوت الذي يجيبك في الحمام والصحراء. والصدى: العطش، والصدى: القيام بأمر المعاش، يقال: فلان صدى مال. والصدى: عظام الميت إذا بلي، قال أبو دؤاد:
سلط الموت والمنون عليهم = فلهم في صدي المقابر هام
والصدى أيضًا -: من ألوان الخيل، يقال: فرس أصدى والأنثى
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/170]
صداء. والصدأ بالهمز صدأ الحديد والسيف، قال النابغة:
سهكين من صدأ الحديد كأنهم = تحت السنور جنة البقار
تقول العرب: بدى من الحديد سهكه ومن الأشنان فضيضه. ومن المراد روطه، ومن الخمر وحده، ومن الزعفران ردعه، ومن المسك والطيب عبقه، ومن الزبد وضره، ومن اللحم زهمه، ومن الغثات قشمه. وقال النضر بن شميل: يقال لخمر العجين إذا حمض: الوصد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/171]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: (حتى يصدر الرعاء) [القصص/ 23] في فتح الياء وضمّها.
فقرأ أبو عمرو وابن عامر: (حتّى يصدر) بنصب الياء ورفع الدال من صدرت. وقرأ الباقون: حتى يصدر برفع الياء وكسر الدال من أصدرت.
[قال أبو علي]: (حتّى يصدر الرّعاء): حتّى يرجعوا من سقيهم، وفي التنزيل: يومئذ يصدر الناس أشتاتا [الزلزلة/ 6]، فمن قرأ: (حتّى يصدر الرّعاء) أراد: حتّى يصدروا مواشيهم من
[الحجة للقراء السبعة: 5/412]
وردهم، فحذف المفعول، وحذف المفعول كثير في التنزيل وفي سائر الكلام، قال سبحانه: لينذر بأسا شديدا [الكهف/ 2]، فحذف أحد المفعولين اللّذين ثبتا في قوله سبحانه، فقل أنذرتكم صاعقة [فصلت/ 13] والمفعول المحذوف إنّما هو لتنذر الناس، أو المبعوث إليهم، وقال الشاعر:
لا يعدلنّ أتاويّون تضربهم... نكباء صرّ
بأصحاب المحلّات [أي أحدا] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/413]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرعاء}
قرأ أبو عمرو وابن عامر {حتّى يصدر الرعاء} بفتح الياء ورفع الدّال أي حتّى يرجعوا من سقيهم وفي التّنزيل {يصدر النّاس أشتاتا} قال أبو عمرو والمراد من ذلك حتّى ينصرف الرعاء عن الماء ولو كان {يصدر} كان الوجه أن يذكر المفعول فيقول حتّى يصدر الرعاء ماشيتهم فلمّا لم يذكر مع الفعل المفعول علم أنه غير واقع وأنه {يصدر الرعاء} بمعنى ينصرفون عن الماء و{الرعاء} جمع راع مثل صاحب وصحاب
وقرأ الباقون {يصدر} بضم الياء وكسر الدّال أي حتّى يصدر الرعاء غنمهم عن لماء فالمفعول محذوف وحذف المفعول كثير قال الله تعالى {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون} ولم يذكر مع الإراحة والسرح مفعولا لدلالة الكلام على المفعول لأن المعنى حين تريحون إبلكم وتسرحون إبلكم فكذلك {يصدر الرعاء} استغني بالإصدار عن المفعول). [حجة القراءات: 543]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {يصدر الرعاء} قرأه أبو عمرو وابن عامر بفتح الياء، وضم الدال، وقرأ الباقون بضم الياء، وكسر الدال.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/172]
وحجة من فتح الياء أنه جعله ثلاثيًا غير متعد من «صدرت الرعاء تصدر» إذا رجعت من سقيها، دليله قوله: {يصدر الناس أشتاتًا} «الزلزلة 6».
4- وحجة من ضم الياء أنه جعله رباعيًا متعديًا إلى مفعول محذوف، فهو من «أصدرت الإبل» إذا رددتها من السقي، وتقديره: حتى يُصدر الرعاء مواشيهم من السقي، فهو الاختيار، لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/173]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {حَتَّى يَصْدُرَ} بفتح الياء وضم الدال، {الرِّعَاءُ} بالرفع [آية/ 23]:
قرأها أبو عمرو وابن عامر.
والوجه أنه مضارع صدر، والفعل مسند إلى {الرِّعَاءُ}، والمعنى: حتى يصدُر الرعاء من موضع سقيهم، والرعاء جمع راعٍ، أي حتى يرجعوا من المورد الذي يسقون فيه المواشي.
وكان حمزة والكسائي ويعقوب يس- يُشِمّون الصاد الزاي، وكذلك يفعلون بكل صاد ساكنة بعدها دال.
والوجه أن الصاد حرف مهموس، وقد جاور الدال وهو حرف مجهور، فتباعدا، فأرادوا المقاربة بينهما، فأشمّوا الصاد الزاي، والزاي حرف مجهور ليحصل بينهما تقارب من جهة الجهر وقد سبق مثله.
[الموضح: 979]
وقرأ الباقون {يُصْدِرَ} بضم الياء وكسر الدال {الرِّعَاءُ} بالرفع أيضًا.
والوجه أنه مضارع أصدر، والمعنى: حتى يُصدروا المرعى أو المواشي من موضع السقي، فحذف المفعول به). [الموضح: 980]

قوله تعالى: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)}
قوله تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن: [فَجَاءَتْهُ احْدَاهُمَا]، بإسقاط الهمزة.
قال أبو الفتح: قد قدمنا ذكر ضَعف ذلك، وأنه إنما يجوز في الشعر لا في التنزيل). [المحتسب: 2/150]

قوله تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)}
قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (إنّي أريد (27) و(ستجدني إن شاء اللّه (27)
فتح الياءين نافع وحده). [معاني القراءات وعللها: 2/250]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنّ} [آية/ 27] بتشديد النون:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أن هذان وهاتان قد يُشدد نونهما تعويضًا عن ألف هذا، وقد سبق مثله.
وقرأ الباقون {هَاتَيْنِ} مخففة.
والوجه أنه على الأشهر). [الموضح: 980]

قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [أَيْمَا الْأَجَلَيْنِ]، خفيفة الياء.
قال أبو الفتح: في تخفيف هذه الياء طريقان يكادان يَعْذِران:
أحدهما تضعيف الحرف، وقد امتد عنهم حذف أحد المثلين إذا تجاورا، نحو أحَسْت، ومَسْت، وظَلْت. وحكى ابن الأعرابي: ظَنْت في ظَنَنْت.
والآخر أن الياء حرف ثقيل منفردةً، فكيف بها إذا ضُعِّفت؟ غير أن في واجب الصنعة شيئا أذكره لك. وذلك أن "أيّا" عندنا مما عينه واو ولامه ياء، وهذا من باب أَوَيْتُ، هكذا موجَب القياس والاشتقاق جميعا.
أما القياس فلأن ما عينه واو ولامه ياء أضعاف ما لامه وعينه ياءان، ألا ترى إلى كثرة باب لَوَيْت وشَوَيْت وطَوَيْت وعَوَيْت يَدَه وزَوَيْت جانبه، إلى قلة باب عَييت وحَييت؟
[المحتسب: 2/150]
فأصل "أيٍّ" على هذا أَوْيٌ، فاجتمع الواو والياء، وسبقت الواو بالسكون؛ فقلبت ياء، وأدغمت في الياء؛ فصارت "أيٌّ"، كقولهم: طَوَيْت الثوب طيًّا، وزَوَى وجهه زَيًّا.
وأما الاشتقاق فلأن "أيًّا" أين وقعت غيرُ مُتبَلَّعٍ بها؛ فإنها بعض من كل، كقولنا: أيّ الناس عندك؟ وأيُّهم قام قمت معه، وأيُّهم يقوم زيد وبعض الشيء آو إلى جميعه ألا ترى إلى قول العجلي في صفة البعير:
يَأْوي إلى مُلْطٍ لَهُ وَكَلْكَلٍ
أي يتساند إليها، ويعتمد عليها وهذا في المعنى كقول طفيل:
وَآلَتْ إلى أجْوَازَها وتَقَلْقَلَتْ ... قَلَائِدُ في أَعْنَاقِها لَمْ تُقَضَّب
وهذا واضح، فأصل "أيٌّ" على هذا أَوْي، ثم أدغمت الواو في الياء على ما مضى؛ فصارت "أيّ" فإذا حذفت الياء تخفيفا فإنها الثانية. فإذا زالت الثانية أوجب القياس أن تعود الأولى إلى أصلها وهي الواو، فيقال: أوْما الأجلين قضيت.
والذي حسُن عندي إظهار العين هنا ياء مع زوال الياء القالبة لها من بعدها -أنها إنما حذفت اللام تخفيفا وهي منوية مرادة معتقدة؛ فأقرت العين مقلوبة ياء؛ دلالة على إرادة الياء التي هي لام، وإشادة بها، كما صحت الواو الثانية في قوله:
وَكَحّلَ العَيْنَيْن بالْعَواوَر
دلالة على إرادة الياء في عوَاوِير، وأنها إنما حذفت استحسانا وتخفيفا، لا وجوبا وتصميما. وكما قالوا: اضْتَقَطْتُ النوَى، فصحّت التاء، ولم تقلب طاء لوقوع الضاد قبلها، كما قلبت
[المحتسب: 2/151]
في اضطراب واضطمر؛ دلالة على أن الضاد فيها بدل من شين اشْتَقَطْتُ، فقد قالوهما جمعيا: اضْتَقَطْت، واشْتَقَطْتُ. وكما قالوا: كان من الأمر ذَيْتَ وكَيْت، فأقروا الياء بحالها دلالة على أن التاء فيها بدل من ياء ذَيَّةَ وكَيَّةَ؛ فتركت الياء على إرادة التثقيل. ويجب -على ما قدمنا -أن "ذَيَّةَ" من باب طويت على ما مضى، فكان يجب إذا حذفت اللام التي هي الياء أن تعاد الواو إلى أصلها، فيقال: ذَوْتَ، وكذلك القول في كَيْتَ، والعلة في الجميع واحدة. وأنشدَنا أبو علي للفرزدق:
تَنَظَّرْتُ نَصْرًا والسِّماكَيْن أيْهُما ... عَلَيَّ من الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مُوَاطِرُهْ
فهذا كقراءة الحسن: [أَيْمَا الْأَجَلَيْنِ] سواء). [المحتسب: 2/152]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس