عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 06:14 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

القراءات في قول الله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}

قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قرأها الفضل الرقاشي: {وَأَيَّاكَ} بفتح الهمزة.
قال أبو الفتح: قد ذكرنا في كتابنا الموسوم بسر صناعة الإعراب: ما تحتمله إيّا من الْمُثُل: هل هي فِعَّل، أو فِعْيَل، أو فِعْوَل، أو إِفْعَل، أو فِعْلَل؟
أَمِنْ: آءَة، أم من أَيَة، أم من أَوَيْتُ، أم من وَأَيْتُ، أم من قوله:
فأَوِّ لذكراها إذا ما ذكرتُها
فأما فتح الهمزة فلغة فيها: إِياك وأَياك وهِيَّاك وهَيَّاك، والهاء بدل من الهمزة، كقولهم:
[المحتسب: 1/39]
في أرَقت: هَرقت، وأردت: هَردت، وأرحت الدابة: هرحت، وأَنرت الثوب: هنرت، قال:
فهِياك والأمرَ الذي إن توسَّعَتْ ... موارده ضاقت عليك مصادره
وقرأ عمرو بن فايد: {إِيَاكَ نَعْبُدُ وَإِيَاكَ نَسْتَعِينُ} بتخفيف الياء فيهما جميعًا، فوزن إيا على هذا فِعَل كرِضًا وحِجًا وحِمًى، ونظيره: أيَا الشمس، قال طرَفة:
سقته إياةُ الشمس إلا لِثَاتِه ... أُسِفَّ ولم تكدِمْ عليه بإثمِدِ
ويقال فيه: أَيَاءُ الشمس بالفتح والمد، قال ذو الرمة:
تَنازَعها لونان ورد وحُوُّةٌ ... ترى لأَيَاءِ الشمس فيه تحدُّرا
وإِيًا فِعَل، وأَيَاء فَعَال، وكلاهما من لفظ الآية ومعناها، وهي: العلامة، وذلك أن ضوء الشمس إذا ظهر عُلم أن جرمها على وجه الأرض.
وحدثنا أبو بكر محمد بن علي قال: كان أبو إسحاق يقول في قول الله سبحانه: {إياك نعبد} أي: حقيقتك نعبد، وكان يشتقه من الآية وهي العلامة، وهذا يجيء ويسوغ على رأي أبي إسحاق؛ لأنه كان يعتقد في {إيَّاك} أنه اسم خُص به المضمر، فأما على قول الكافة فاشتقاقه فاسد؛ لأن {إيَّاك} اسم مضمر، والأسماء المضمرة لا اشتقاق في شيء منها، وينبغي أن يكون عمرو بن فايد إنما قرأ [إِيَاكَ] بالتخفيف؛ لأنه كره اجتماع التضعيف مع ثقل الياءين والهمزة والكسرة، ولا ينبغي أن يحمل [إيَاك] بالتخفيف على أنها لغة، وذلك أنا لم نرَ لذلك أثرًا في اللغة ولا رسمًا ولا مرَّ بنا في نثر ولا نظم. نعم، ومن لم يُخْلِد مع ثقته إلى نظر يُعْصم به ويتساند إليه بأمانته، أُتي من قبل نفسه من حيث يظن أنه ينظر لها، وكان ما دهاه في ذلك من أجل فقاهته لا أمانته.
وإذا جاز أن تخفف الحروف الثقال مع كونها صحاحًا وخفافًا؛ فتخفيف الضعيف الثقيل
[المحتسب: 1/40]
أَحْرَى وأَوْلَى، فمن ذلك قولهم في رُبَّ رَجُل: رُبَ رَجل، وفي أرَّ: أرْ، وفي أيٍّ: أيْ، أنشدنا أبو علي للفرزدق:
تنظرتُ نصرًا والسماكين أَيْهُمَا ... عَلَيَّ من الغيثِ استهَلَّت مواطِرُه
ويبدلون أيضًا ليختلف الحرفان فيخفا، وذلك قوله:
يا ليتما أُمُّنَا شالت نعامَتُها ... أَيْمَا إلى جنة أَيْمَا إلى نار
وقالوا في اجلوَّاذ: اجليواذ، "و" وفي دِوَّان: ديوان، والشيء من هذا ونحوه أوسع؛ لكن كل واحد من هذه الحروف وغيرها قد سمع وشاع، فأما [إِيَاك] بالتخفيف فلم يسمع إلا من هذه الجهة، وينبغي للقرآن أن يُختار له، ولا يختار عليه). [المحتسب: 1/41]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس