عرض مشاركة واحدة
  #49  
قديم 22 محرم 1439هـ/12-10-2017م, 01:26 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

الباب السادس: فضل أهل القرآن

المراد بأهل القرآن

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (المراد بأهل القرآن
مما يتصّل ببيان فضل القرآن بيان فضل أهله؛ فإنّ فضلهم من آثار فضله، وما ورد في فضلهم من نصوص الكتاب والسنّة مما يضاف إلى دلائل فضله؛ لما عُلم من أنّهم لم يكتسبوا هذا الفضل إلا بسببه؛ فبه أحبّهم الله، وبه نفعهم، وبه رفعهم وشرّفهم، واصطفاهم على من سواهم لصحبة كتابه؛ كما قال الله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}.
ومن أشرف ما ورد في فضل أهل القرآن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لله عز وجل أهلين من الناس »
قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟
قال : « أهل القرآن ؛ أهل الله وخاصته ». رواه أحمد والنسائي بإسناد صحيح.
فوصفهم بأهل القرآن لكثرة مصاحبتهم له كما يصاحب المرء أهله وينتمي إليهم ويواليهم.
وأضافهم إلى الله إضافة تشريف؛ تقتضي تخصيصهم بمزيّة شريفة ينفردون بها عن سائر حزب الله؛ فإنّ اسم الأهل أخصّ من الحزب.
والإضافة في قوله "أهل الله" كالإضافة في "أنصار الله" ، و"أولياء الله" ؛ هي إضافة مخلوق إلى خالقه؛ لكنّها تقتضي زيادة تشريف مع بيان وصف مخصوص تمتاز به تلك الإضافة.
فالإضافة في "أنصار الله" تقتضي تشريفهم بنصرتهم لله عزّ وجلّ وتولّيهم إيّاه إذ نصروا دينه وجاهدوا في سبيله بما أمكنهم من أنواع الجهاد.
والإضافة في "أولياء الله" تجمع مع معنى النصرة معنى المحبة الخالصة.
والإضافة في "أهل الله" تجمع مع ما تقدّم تشريفاً زائداً نالوه بكثرة مصاحبتهم لكتابه؛ وكثرة تلاوته وذكره جلّ وعلا بأحبّ الكلام إليه؛ وقد قال الله تعالى: {فاذكروني أذكركم}، وقال في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ هم خير منهم » متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربّه جلّ وعلا.
وأهل القرآن هم خاصّة أصحابه، وأعرفهم بحدوده وحروفه، وأبصرهم بهداه وبيّناته؛ وهُم لكثرة تلاوتهم له وسماع الله تعالى لتلاواتهم، وذكرهم لله عزّ وجلّ وذكر الله لهم، وتبصّرهم بكلام الله وتبصير الله لهم، واتّباعهم لهدى الله وهداية الله لهم، ورضاهم عن الله ورضوان الله عليه؛ سمّاهم أهله تشريفاً لهم؛ إذ كانوا معه بالاستجابة والتعبّد والتقرّب، وهو معهم بالإجابة والإثابة والقرب، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}
وهم في هذه الحياة الدنيا مع هذا القرآن بقلوبهم وجوارحهم وتطلّعاتهم وأمانيهم، يتلونه حقّ تلاوته، ويتبّعونه حقّ اتّباعه، قد انحازوا للقرآن انحياز المرء إلى أهله، وألفوه كما يألف المرء أهله، وأحبّوه كما يحبّ المرء أهله، فكانوا أهل القرآن بحق.
وشرّفهم الله بأن عوّضهم عمّا تركوه لأجله بأشرف العوَض وأحسنه، وأثابهم على صدقهم في تلاوته واتّباعه أجزل الثواب وأجمله؛ بأن سمّاهم أهله، وفي تلك التسمية الشريفة - مع إبهام عين الجزاء إبهامَ تعظيم وتفخيم - ما يملأ قلوبهم طمأنينة وثقة بعظيم فضله جلّ وعلا، فتذهب آمالهم كلَّ مذهب في كَرَمه جلّ وعلا، ثمّ يعلمون أنّ ما لديه أعظم من أن تبلغه أمنياتهم أو أن يخطر على قلوبهم). [بيان فضل القرآن:105 - 107]


رد مع اقتباس