عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 09:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الباب الأول: بيان فضائل سورة الفاتحة

الأحاديث الصحيحة في فضل سورة الفاتحة

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الأحاديث الصحيحة في فضل سورة الفاتحة:
صحّ في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة دلَّت على أنّها أعظمُ سُوَرِ القرآن، وأنّها أفضل القرآن، وأنّها خير سورة في القرآن، وأنّها أمّ القرآن أي أصله وجامعة معانيه ومقدّمه، وأنّه ليس في التوراة، ولا في الزبور، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلها، وأنّها نورٌ لم يُؤتَه نبيّ قبل نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنّه لا يَقرأ بحرفٍ منها إلا أعطيه، وأنّها رقية نافعة، وأن الصلاة لا تتمّ إلا بها.
فهي سورة مباركةٌ كثيرة الفضائل، عظيمة القَدْر، جليلة المعاني، واسعة الهدايات؛ قد أحكمها الله تعالى غاية الإحكام، وجعلها أعظم سورة في القرآن، وفرضها على كلّ مسلم قادر على تلاوتها أن يقرأها في كلّ ركعة من صلاته، وعظّم ثواب تلاوتها، وفي ذلك من دلائل فضلها، وعظيم محبّة الله تعالى لها، والتنبيه على سعة معانيها وحاجة الناس إلى تلاوتها وتدبّرها ما لا يخفى.
ومن الأحاديث الصحيحة الصريحة في فضلها:

1. حديث أبي سعيد بن المعلَّى رضي الله عنه، قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلم أجبْه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي؛ فقال: ألم يقل الله: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}.
ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد». ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: «ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن» قال: {الحمد لله رب العالمين} «هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته». رواه البخاري من طريق خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المعلى.
2. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أم القرآن هي السبع المثاني، والقرآن العظيم» رواه البخاري من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
3. وحديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ألا أعلمك سورة ما أنزل في التوراة، ولا في الزبور، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلها؟ »
قلت: بلى.
قال: « فإني أرجو أن لا أخرج من ذلك الباب حتى تعلمها »
ثم قام رسول الله؛ فقمت معه؛ فأخذ بيدي، فجعل يحدّثني حتى بلغ قُرْبَ الباب، قال: فذكّرته، فقلت: يا رسول الله، السورة التي قلت لي!
قال: « فكيف تقرأ إذا قمت تصلي؟ »
قال: فقرأت فاتحة الكتاب، قال: « هيَ هي، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيت بعد ». رواه الإمام أحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان.
ورواه أبو عبيد وأحمد من طريق إسماعيل بن جعفر قال: أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -وقرأ عليه أبيّ بن كعب أمَّ القرآن- فقال: « والذي نفسي بيده، ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها إنها السبع من المثاني».
قال البيهقي: (فيشبه أن يكون هذا القولُ صدرَ من جهةِ صاحبِ الشرعِ صلى الله عليه وسلم لأبيّ، ولأبي سعيد بن المعلَّى كليهما).
4. وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسيرٍ له فنزل ونزل رجل إلى جانبه؛ فالتفتَ إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: «ألا أخبرك بأفضل القرآن» قال: (فتلا عليه {الحمد لله رب العالمين}). رواه النسائي في السنن الكبرى وابن حبان والحاكم كلهم من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس به.
5. وحديث عبد الله بن جابر البياضي الأنصاري رضي الله عنه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أهراق الماء، فقلت: السلام عليك يا رسول الله؛ فلم يردَّ علي، فقلت: السلام عليك يا رسول الله؛ فلم يردَّ علي، فقلت: السلام عليك يا رسول الله؛ فلم يردَّ علي؛ فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وأنا خلفه، حتى دخل رحلَه، ودخلت أنا إلى المسجد؛ فجلستُ كئيباً حزيناً؛ فخرج عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قد تطهَّر، فقال: (عليك السلام ورحمة الله، وعليك السلام ورحمة الله، وعليك السلام ورحمة الله).
ثم قال: (ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر بخير سورة في القرآن؟).
قلت: بلى يا رسول الله.
قال: (اقرأ {الحمد لله رب العالمين} حتى تختمها). رواه الإمام أحمد والضياء المقدسي في المختارة من طريق محمّد بن عبيد عن هاشم بن البريد، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن جابر، وهو حديث حسن، وقد تقدّمت بعض شواهده.
ورواه البيهقي في شعب الإيمان من طريق علي بن هاشم بن البريد عن أبيه به، وزاد: قال علي: وأحسبه قال: ( فيها شفاء من كل داء) وهذه الزيادة لا تصح.
6. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: " هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم" فنزل منه مَلَك، فقال: "هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم"؛ فسلَّم وقال: (أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته). رواه مسلم في صحيحه وابن أبي شيبة في مصنفه والنسائي في الكبرى وأبو يعلى وابن حبان والطبراني في الكبير والحاكم والبيهقي في السنن الصغرى وغيرهم من طريق عمار بن رزيق، عن عبد الله بن عيسى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وهذا الحديث من مراسيل الصحابة لأن ابن عباس لم يكن قد وُلِدَ حين نزول الفاتحة بمكة، وظاهر معنى البشارة يفيد أنه أول نزول السورة، والقول في النزول المعتبر فيه أول النزول، وأما نزول السورة بأحرف أخرى أو للمعارضة فلا يغيّر المكّي والمدنيّ وإلا لاعتبرنا جميع سور القرآن مدنية لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد عورض بالقرآن كلّه مرتين في آخر رمضان في حياته صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته) فسّر بعض العلماء الحرف بكلّ كلمة فيها طلب نحو "اهدنا" و"غفرانك"، و"اعف عنا"، ولعل الأظهر عموم حروفها؛ كما فسّره حديث أبي هريرة مرفوعاً: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي..) الحديث؛ فكلّ جملة طلبية عطاؤها الإجابة، وكلّ جملة خبرية عطاؤها ذِكْرُ الله وإثابته.
7. وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سَفْرَةٍ سافروها، حتى نزلوا على حيٍّ من أحياء العرب؛ فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدِغ سيّد ذلك الحيّ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء؛ فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط إن سيّدنا لُدِغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟
فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا؛ فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعْلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم؛ فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: {الحمد لله رب العالمين..}؛ فكأنما نُشِطَ من عِقَال؛ فانطلق يمشي وما به قَلَبَة، قال: فأوفوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه؛ فقال بعضهم: اقسموا؛ فقال الذي رَقَى: لا تفعلوا حتى نأتيَ النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنذكرَ له الذي كان؛ فننظرَ ما يأمرُنا؛ فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له؛ فقال: «وما يدريك أنها رقية؟!!»
ثم قال: «قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهما» فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم). متفق عليه من حديث أبي بشر اليشكري عن أبي المتوكّل الناجي عن أبي سعيد الخدري.
ورواه أحمد وابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجه من طريق جعفر بن إياس، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ثلاثين راكبا، قال: فنزلنا بقوم من العرب، قال: فسألناهم أن يضيفونا فأبوا، قال: فلدغ سيدهم، قال: فأتونا، فقالوا: فيكم أحد يرقي من العقرب؟
قال: فقلت: نعم أنا، ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئا، قالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة، قال: فقرأتُ عليها الحمدَ سبع مرات.
قال: فبرأ، قال: فلما قبضنا الغنم، قال: عرض في أنفسنا منها، قال: فكففنا حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فذكرنا ذلك له، قال: فقال: « أما علمت أنها رقية، اقسموها واضربوا لي معكم بسهم ».
وله طرق أخرى.
قال النووي: (أما قوله صلى الله عليه وسلم: « واضربوا لي بسهم» فإنما قاله تطييباً لقلوبهم ومبالغةً في تعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه).
8. وحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» متفق عليه من حديث الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت.
والأحاديث في الأمر بقراءة الفاتحة في الصلاة متواترة عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم.
9. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» ثلاثا غير تمام. فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: «اقرأ بها في نفسك»؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرحمن الرحيم} ، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: {مالك يوم الدين}، قال: مجدني عبدي - وقال مرة فوض إلي عبدي - فإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين} قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل). رواه مسلم في صحيحه وأحمد والبخاري في القراءة خلف الإمام والترمذي والنسائي كلهم من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، وله طرق أخرى كثيرة.
10. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء، فيهم لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راقٍ، إنَّ في الماء رجلا لديغا أو سليما، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» رواه البخاري وابن حبان والدارقطني والبيهقي كلهم من طريق أبي معشر يوسف بن يزيد البراء عن عبيد الله بن الأخنس عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس.
11. وحديث عامر بن شراحيل الشعبي، عن خارجة بن الصلت، عن عمّه، قال: أقبلنا من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتينا على حي من العرب، فقالوا: نُبّئنا أنكم جئتم من عند هذا الرجل بخير، فهل عندكم دواء أو رقية؟ فإنَّ عندنا معتوها في القيود. قال: فقلنا: نعم.
قال: فجاءوا بالمعتوه في القيود، قال: فقرأت بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية، أجمع بزاقي، ثم أتفل، قال: فكأنما نشط من عقال قال: فأعطوني جُعْلا، فقلت: لا، حتى أسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته فقال: « كل لعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق ». رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة وأبو داوود وابن حبان والحاكم وغيرهم.
وفي رواية عند الإمام أحمد وأبي داوود: (فرقيته بفاتحة الكتاب، فبرأ، فأعطوني مائة شاة).
وفي رواية عند أبي داوود قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «هل قلت غير هذا؟» قلت: لا، قال «خذها؛ فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق».
والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وله شاهد من مرسل قيس بن أبي حازم عند ابن أبي شيبة). [ تفسير سورة الفاتحة:11 - 18 ]


رد مع اقتباس