عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 11:32 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم على عبرة دالة على وحدانية الله جلت قدرته. و"الرتق": الملتصق بعضه ببعض الذي لا صدع فيه ولا فتح، ومنه: "امرأة رتقاء". واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: {كانتا رتقا ففتقناهما}، فقالت فرقة: كانت السماء ملتصقة بالأرض ففتقهما الله بالهواء، وقالت فرقة: كانت السماء ملتصقة بعضها ببعض والأرض كذلك ففتقهما الله سبعا سبعا.
[المحرر الوجيز: 6/162]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وعلى هذين القولين فـ "الرؤية" الموقف عليها رؤية القلب.
وقالت فرقة: السماء قبل المطر رتق، والأرض قبل النبات رتق، ففتقهما الله تعالى بالمطر والنبات، كما قال الله تبارك وتعالى: {والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع}، وهذا قول حسن يجمع العبرة وتعديد النعمة والحجة بمحسوس بين، ويناسب قوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي}، أي: من الماء الذي أوجده الفتق، فيظهر معنى الآية ويتوجه الاعتبار. وقالت فرقة: السماء والأرض رتق بالظلمة ففتقهما الله تعالى بالضوء.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والرؤية على هذين القولين رؤية العين، والأرض هنا اسم للجنس، فهو جمع.
وقرأ الجمهور: "رتقا" بسكون التاء، و"الرتق": مصدر وصف به كالزور والعدل. وقرأ الحسن، والشعبي، وأبو حيوة: "كانتا رتقا" بفتح التاء، وهو اسم المرتوق كالنفض والنفض والخبط والخبط، وقال: "كانتا" من حيث هما نوعان، ونحوه قول عمرو بن شييم:
ألم يحزنك أن حبال قيس وتغلب قد تباينتا انقطاعا.
[المحرر الوجيز: 6/163]
وقوله: "كانتا" في القولين بمنزلة قولك: "كان زيد حيا"، أي: ثم لم يكن، وفي القولين الآخرين بمنزلة قولك: "كان زيدا عالما"، أي: وهو كذلك. وقرأ ابن كثير وحده: "ألم ير" بإسقاط الواو.
وقوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} بين أنه ليس على عمومه، فإن الملائكة والجن قد خرجوا من ذلك، ولكن الوجه أن يحمل على أعم ما يمكن، فالحيوان أجمع والنبات - على أن الحياة فيه مستعارة - داخل في هذا. وقالت فرقة: المراد بالماء المني في جميع الحيوان. ثم وقفهم على ترك الإيمان توبيخا وتقريعا). [المحرر الوجيز: 6/164]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون}
"الرواسي" جمع راسية، أي ثابتة، يقال: رسا يرسو إذا ثبت واستقر، ولا يستعمل إلا في الأجرام الكبار كالجبال والسفينة ونحوها. ويروى أن الأرض كانت تكفأ بأهلها حتى ثقلها الله تعالى بالجبال فاستقرت. و"الميد": التحرك، و"الفجاج": الطرق المتسعة في الجبال وغيرها، و"سبلا": جمع سبيل، والضمير في قوله تعالى: "فيها" يحتمل أن يعود على الرواسي، ويحتمل أن يعود على الأرض، وهو أحسن. و"يهتدون" معناه: في مسالكهم وتصرفهم). [المحرر الوجيز: 6/164]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"السقف": ما علا، والحفظ هنا عام في الحفظ من الشياطين ومن الوهي والسقوط وغير ذلك من الآفات.
و"آياتها": كواكبها وأمطارها والرعد والبرق والصواعق وغير ذلك مما يشبهه. وقرأت فرقة: "عن آيتها" بالإفراد الذي يراد به الجنس). [المحرر الوجيز: 6/165]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الفلك": الجسم الدائر دورة اليوم والليلة، فالكل في ذلك سابح متصرف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وعن بعض المفسرين إلى الكلام فيما هو الفلك، فقال بعضهم: كحديدة الرحى، وقال بعضهم: كالطاحونة، وغير هذا مما لا ينبغي التسور عليه، غير أنا نعرف أن الفلك جسم مستدير، و"يسبحون" معناه: يتصرفون، وقالت فرقة: الفلك موج مكفوف، ورأوا قوله: "يسبحون" من السباحة وهو العوم). [المحرر الوجيز: 6/165]

رد مع اقتباس