عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 04:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {نسلخ} [يس: 37] : «نخرج أحدهما من الآخر، ويجري كلّ واحدٍ منهما»). [صحيح البخاري: 6/123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقوله نسلخ نخرج إلخ سقط كلّه لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في بدء الخلق). [فتح الباري: 8/541]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد {فعززنا} شددنا {يا حسرة على العباد} كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل {أن تدرك القمر} لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك {سابق النّهار} يتطالبان حثيثين {نسلخ} نخرج أحدهما من الآخر ونجري كل واحد منهما من مثله من الأنعام {فاكهون} معجبون {جند محضرون} عند الحساب ويذكر عن عكرمة {المشحون} الموقر وقال ابن عبّاس {طائركم} مصابكم {ينسلون} يخرجون {مرقدنا} مخرجنا {أحصيناه} حفظناه {مكانتكم} ومكانكم واحد
أما قول مجاهد فتقدم بعضها في بدء الخلق
وقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 14 يس {فعززنا بثالث} قال شددنا
وبه في قوله 30 يس {يا حسرة على العباد} قال كانت حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل
وبه في قوله 40 يس {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال لا يستر ضوء أحدهما الآخر ولا ينبغي ذلك لهما {ولا اللّيل سابق النّهار} قال يطلبان حثيثين {نسلخ} نخرج أحدهما من الآخر ويجري كل واحد منهما في فلك يسبحون). [تغليق التعليق: 4/290-291] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (نسلخ نخرج أحدهما من الآخر ويجري كلّ واحدٍ منهما
أشار به إلى قوله تعالى: {وآية لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون} وفسّر قوله: (نسلخ) بقوله: (يخرج أحدهما من الآخر) وفي التّفسير: تنزع وتخرج منه النّهار، وهذا وما قبله من قوله: (أن تدرك القمر) لم يثبت في رواية أبي ذر). [عمدة القاري: 19/133]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({نسلخ}) أي (نخرج أحدهما من الآخر) قال في اللباب: نسلخ استعارة بديعة شبه انكشاف ظلمة الليل بكشط الجلد من الشاة (ويجري كل واحد منهما) لمستقر إلى أبعد مغربه فلا يتجاوزه ثم يرجع أو المراد بالمستقر يوم القيامة فالجريان في الدنيا غير منقطع). [إرشاد الساري: 7/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وآيةٌ لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون (37) والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: ودليلٌ لهم أيضًا على قدرة اللّه على فعل كلّ ما شاء {اللّيل نسلخ منه النّهار} يقول: ننزع عنه النّهار ومعنى منه في هذا الموضع: عنه، كأنّه قيل: نسلخ عنه النّهار، فنأتي بالظّلمة ونذهب بالنّهار ومنه قوله: {واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} أي خرج منها وتركها، فكذلك انسلاخ اللّيل من النّهار وقوله: {فإذا هم مظلمون} يقول: فإذا هم قد صاروا في ظلمةٍ بمجيء اللّيل.
- وقال قتادة في ذلك ما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وآيةٌ لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون} قال: يولج اللّيل في النّهار، ويولج النّهار في اللّيل.
وهذا الّذي قاله قتادة في ذلك عندي من معنى سلخ النّهار من اللّيل بعيدٌ؛ وذلك أنّ إيلاج اللّيل في النّهار إنّما هو زيادة ما نقص من ساعات هذا في ساعات الآخر، وليس السّلخ من ذلك في شيءٍ، لأنّ النّهار يسلخ من اللّيل كلّه، وكذلك اللّيل من النّهار كلّه، وليس يولج كلّ اللّيل في كلّ النّهار، ولا كلّ النّهار في كلّ اللّيل). [جامع البيان: 19/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 37
أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} قال: يخرج أحدهما من الآخر). [الدر المنثور: 12/346-347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} قال: كقوله (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) (الحج الآية 61) ). [الدر المنثور: 12/347]

تفسير قوله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن أبي إسحاق عن وهب بن جابر الخيواني عن عبد الله بن عمرو بن العاص في قوله والشمس تجري لمستقر لها قال إن الشمس تطلع فتردها ذنوب بني آدم حتى إذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فلا فيؤذن لها حتى إذا كان يوما غربت فسلمت وسجدت واستأذنت فلا يؤذن لها فتقول إن المسير بعيد وإنه إن لا يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء الله أن تحبس ثم يقال لها اطلعي من حيث غربت فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا). [تفسير عبد الرزاق: 2/142]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة أن ابن المسيب قال ما تطلع الشمس حتى يدحسها ثلاث ماية وستون ملكا من كراهيتها أن تعبد). [تفسير عبد الرزاق: 2/142]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وبلغني عن أبي موسى الأشعري أنه قال إذا كانت تلك الليلة التي تطلع فيها الشمس من حيث تغرب قام المتهجدون لصلاتهم فصلوا حتى يملوا ثم يعودون إلى مضاجعهم يفعلون ذلك ثلاث مرات والليل كما هو والنجوم واقفة لا تسري حتى يخرج الرجل إلى أخيه وإلى جاره ويخرج الناس بعضهم إلى بعض). [تفسير عبد الرزاق: 2/142]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وحدثني شيخ من أهل البصرة أنه يتوب في تلك الليلة ناس فيتاب عليهم فإذا أصبحوا انتظروا طلوعها فتطلع عليهم من مغربها حتى إذا أتت وسط السماء رجعت إلى مغربها ثم تجري كما كانت تجري قبل ذلك قال معمر وبلغني أن بين أول الآيات وآخرها ستة أشهر). [تفسير عبد الرزاق: 2/142-143]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (وقيل لمعمر ما الآيات قال أخبرني قتادة أن النبي قال بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها والدجال والدخان ودابة الأرض وخويصة أحدكم وأمر العامة قيل فهل بلغك أي الآيات أولها قال طلوع الشمس
معمر قال وبلغني أن رجالا يقولون الدجال). [تفسير عبد الرزاق: 2/143]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ثابت البناني عن أنس عن النبي قال لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/143]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم} [يس: 38]
- حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ رضي اللّه عنه، قال: كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في المسجد عند غروب الشّمس، فقال: «يا أبا ذرٍّ أتدري أين تغرب الشّمس؟» قلت: اللّه ورسوله أعلم، قال: «فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش» ، فذلك قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍّ} [يس: 38] لها ذلك تقدير العزيز العليم
- حدّثنا الحميديّ، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، قال: سألت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} [يس: 38] قال: «مستقرّها تحت العرش»). [صحيح البخاري: 6/123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب قوله {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}
ذكر فيه حديث أبي ذرٍّ كنت عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في المسجد عند غروب الشّمس فقال يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشّمس قال اللّه ورسوله أعلم قال فإنّها تذهب تسجد تحت العرش فذلك
- قوله {والشّمس تجري لمستقر لها} إلى آخر الآية هكذا أورده مختصرًا وأخرجه النّسائيّ عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي نعيمٍ شيخ البخاريّ فيه بلفظ تذهب حتّى تنتهي تحت العرش عند ربّها وزاد ثمّ تستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها وتستشفع وتطلب فإذا كان ذلك قيل اطلعي من مكانك فذلك قوله والشّمس تجري لمستقر لها وقد ذكر نحو هذه الزّيادة من غير طريق أبي نعيمٍ كما سأنبّه عليه قوله في الرّواية الثّانية سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن قوله تعالى والشّمس تجري لمستقرٍّ لها قال مستقرّها تحت العرش كذا رواه وكيعٌ عن الأعمش مختصرًا وهو بالمعنى فإنّ في الرّواية الأولى أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم هو الّذي استفهمه أتدري أين تغرب الشّمس فقال اللّه ورسوله أعلم قوله فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش في رواية أبي معاوية عن الأعمش كما سيأتي في التّوحيد فإنّها تذهب فتستأذن في السّجود فيؤذن لها وكأنّها قد قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثمّ قرأ وذلك مستقرٌّ لها قال وهي قراءة عبد اللّه وروى عبد الرّزّاق من طريق وهبٍ عن جابرٍ عن عبد اللّه بن عمرٍو في هذه الآية قال مستقرّها أن تطلع فيردّها ذنوب بني آدم فإذا غربت سلّمت وسجدت واستأذنت فلا يؤذن لها فتقول إنّ السّير بعد وإنّي إن لا يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء اللّه ثمّ يقال اطلعي من حيث غربت قال فمن يومئذٍ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسًا إيمانها وأمّا قوله تحت العرش فقيل هو حين محاذاتها ولا يخالف هذا قوله وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ فإنّ المراد بها نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب وسجودها تحت العرش إنّما هو بعد الغروب وفي الحديث ردٌّ على من زعم أنّ المراد بمستقرّها غاية ما تنتهي إليه في الارتفاع وذلك أطول يومٍ في السّنة وقيل إلى منتهى أمرها عند انتهاء الدّنيا وقال الخطّابيّ يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش أنّها تستقرّ تحته استقرارًا لا نحيط به نحن ويحتمل أن يكون المعنى أو علم ما سألت عنه من مستقرّها تحت العرش في كتابٍ كتب فيه ابتداء أمور العالم ونهايتها فيقطع دوران الشّمس وتستقرّ عند ذلك ويبطل فعلها وليس في سجودها كلّ ليلةٍ تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها قلت وظاهر الحديث أنّ المراد بالاستقرار وقوعه في كلّ يومٍ وليلةٍ عند سجودها ومقابل الاستقرار المسير الدّائم المعبّر عنه بالجري واللّه أعلم). [فتح الباري: 8/541-542]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍ لها ذلك تقدير العزيز العليم} (يس: 38)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {والشّمس تجري} الآية. قوله: (ولمستقر) أي: إلى مستقر لها وعن ابن عبّاس: لا تبلغ مستقرها حتّى ترجع إلى منازلها، وقيل: إلى انتهاء أمرها عند انقضاء الدّنيا، وعن أبي ذر عن النّبي صلى الله عليه وسلم: مستقرها تحت العرش. قوله: (ذلك) أي: ما ذكر من أمر اللّيل والنّهار والشّمس تقدير العزيز في ملكه العليم بما قدر من أمرها.
- حدّثنا أبو نعيمٍ حدّثنا الأعمش عن إبراهيم التّيميّ عن أبيه عن أبي ذرّ رضي الله عنه قال كنت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشّمس فقال يا أبا ذرٍّ أتدري أين تغرب الشّمس قلت الله ورسوله أعلم قال فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍ لها ذالك تقدير العزيز العليم} .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وأبو نعيم بالضّمّ الفضل بن دكين، والأعمش سليمان وإبراهيم بن يزيد من الزّيادة ابن شريك التّيميّ الكوفي، يروي عن أبيه يزيد عن أبي ذر جندب الغفاريّ، والحديث أخرجه البخاريّ في مواضع منها في بدء الخلق، ومر الكلام فيه هناك.
- حدّثنا الحميديّ حدّثنا وكيعٌ حدّثنا الأعمش عن إبراهيم التّيميّ عن أبيه عن أبي ذرٍّ قال سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍ لها} قال مستقرّها تحت العرش..
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن الحميدي عن عبد الله عن وكيع بن الجراح إلى آخره، غير أن في الرّواية الأولى استفهمه النّبي، صلى الله عليه وسلم، بقوله: أتدري، وهنا أبو ذر سأله عن ذلك، وفي الأول إخبار عن سجودها تحت العرش ولا ينكر ذلك عند محاذاتها للعرش في مسيرها وقد ورد القرآن بسجود الشّمس والقمر والنجوم. فإن قلت: قد قال الله تعالى: {في عين حمئه} (الكهف: 86) بينهما تخالف. قلت: لا تخالف فيه لأن المذكور في الآية إنّما هو نهاية مدرك البصر إيّاها حال الغروب ومصيرها تحت العرش للسّجود إنّما هو بعد الغروب، وليس معنى في عين حمئه سقوطها فيها وإنّما هو خبر عن الغاية الّتي بلغها ذو القرنين في مسيره حتّى لم يجد وراءها مسلكا لها فوقها أو على سعتها كما يرى غروبها من كان في لجة البحر لا يبصر السّاحل كأنّها تغرب في البحر وهي في الحقيقة تغرب وراءها والله أعلم). [عمدة القاري: 19/134]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {والشّمس تجرى لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}
هذا (باب) بالتنوين (قوله: {والشمس تجري لمستقر لها}) الواو للعطف على الليل واللام في لمستقر بمعنى إلى والمراد بالمستقر إما الزماني وهو منتهى سيرها وسكون حركتها يوم القيامة حين تكور وينتهي هذا العالم إلى غايته، وإما المكاني وهو ما تحت العرش مما يلي الأرض من ذلك الجانب وهي أينما كانت فهي تحت العرش كجميع المخلوقات لأنه سقفها وليس بكرة كما يزعمه كثير من أهل الهيئة بل هو قبة ذات قوائم تحمله الملائكة، أو المراد غاية ارتفاعها في كبد السماء فإن حركتها إذ ذاك يوجد فيها إبطاء بحيث يظن أن لها هناك وقفة والثاني أنسب بالحديث المسوف في الباب ({ذلك}) إشارة إلى جري الشمس على هذا التقدير أو إلى المستقر ({تقدير العزيز}) الغالب بقدرته على كل مقدور ({العليم}) [يس: 38] المحيط علمه بكل معلوم وسقط باب لغير أبي ذر والآية لأبي ذر ساقطة.
- حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا الأعمش عن إبراهيم التّيميّ عن أبيه عن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- قال: كنت مع النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في المسجد عند غروب الشّمس، فقال: «يا أبا ذرٍّ أتدري أين تغرب الشّمس؟ قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: «فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش، فذلك قوله تعالى: {والشّمس تجرى لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}» [يس: 38].
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان (عن إبراهيم) بن يزيد (التيمي) الكوفي (عن أبيه) يزيد (عن أبي ذر) جندب الغفاري (-رضي الله عنه-) أنه (قال: كنت مع النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- في المسجد عند غروب الشمس فقال):
(يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس)؟ استفهام أريد به الإعلام (قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش) أي تنقاد للباري تعالى انقياد المساجد من المكلفين أو شبّهها بالساجد عند غروبها. قال ابن كثير: والعرش فوق العالم مما يلي رؤوس الناس، فالشمس إذا كانت في قبة الفلك وقت الظهيرة تكون أقرب إلى العرش، فإذا استدارت في فلكها الرابع إلى مقابلة هذا المقام وهو وقت نصف الليل صارت أبعد ما يكون من العرش فحينئذٍ تسجد وتستأذن في الطلوع أي من المشرق على عادتها فيؤذن لها (فذلك قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}).
- حدّثنا الحميديّ، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا الأعمش عن إبراهيم التّيميّ عن أبيه عن أبي ذرٍّ قال: سألت النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} قال: «مستقرّها تحت العرش».
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: (حدّثنا وكيع) بفتح الواو وكسر الكاف ابن الجراح قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم التيمي عن أبيه) يزيد بن شريك (عن أبي ذر) الغفاري -رضي الله عنه- أنه (قال: سألت النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها} قال) عليه الصلاة والسلام:
(مستقرها تحت العرش). قال الخطابي: يحتمل أن يكون على ظاهره من الاستقرار تحت العرش بحيث لا نحيط به نحن ويحتمل أن يكون المعنى إن علم ما سألت عنه من مستقرها تحت العرش في كتاب كتبت فيه مبادئ أمور العالم ونهايتها وهو اللوح المحفوظ.
والحديث أخرجه المؤلّف في مواضع، والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي نعيم شيخ المؤلّف فيه ولفظه تذهب حتى تنتهي تحت العرش عند ربها، وزاد ثم تستأذن فيؤذن له ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها وتستشفع وتطلب فإذا كان كذلك قيل لها اطلعي من مكانك فذلك قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها} ). [إرشاد الساري: 7/312-313]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها}
- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: أخبرنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، قال: كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المسجد عند مغرب الشّمس، فقال: «أتدرون أين تغرب الشّمس؟»، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: " تذهب حتّى تنتهي تحت العرش عند ربّها، ثمّ تستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها، وتستشفع وتطلب، فإذا قال ذلك، قيل: اطلعي من مكانك، فذلك قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} [يس: 38]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/229]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} يقول تعالى ذكره: والشّمس تجري لموضع قرارها، بمعنى: إلى موضع قرارها؛ وبذلك جاء الأثر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، قال: حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ الغفاريّ، قال: كنت جالسًا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في المسجد، فلمّا غربت الشّمس، قال: يا أبا ذرٍّ هل تدري أين تذهب الشّمس؟ قلت: اللّه ورسوله أعلم، قال: فإنّها تذهب فتسجد بين يدي ربّها، ثمّ تستأذن بالرّجوع فيؤذن لها، وكأنّها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مكانها، وذلك مستقرّها.
وقال بعضهم في ذلك بما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} قال: وقتٍ واحدٍ لا تعدوه.
وقال آخرون: معنى ذلك: تجري لمجرًى لها إلى مقادير مواضعها، بمعنى: أنّها تجري إلى أبعد منازلها في الغروب، ثمّ ترجع ولا تجاوزه. قالوا: وذلك أنّها لا تزال تتقدّم كلّ ليلةٍ حتّى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثمّ ترجع.
وقوله: {ذلك تقدير العزيز العليم} يقول: هذا الّذي وصفنا من جري الشّمس لمستقرٍّ لها تقدير العزيز في انتقامه من أعدائه، العليم بمصالح خلقه، وغير ذلك من الأشياء كلّها، لا يخفى عليه خافيةٌ). [جامع البيان: 19/434-435]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، قال: دخلت المسجد حين غابت الشّمس والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جالسٌ، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا أبا ذرٍّ، أتدري أين تذهب هذه؟ قال: قلت: اللّه ورسوله أعلم، قال: فإنّها تذهب فتستأذن في السّجود فيؤذن لها، وكأنّها قد قيل لها: اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها، قال: ثمّ قرأ وذلك مستقرٌّ لها قال: وذلك في قراءة عبد اللّه.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/217]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) أبو ذرٍ الغفاري - رضي الله عنه -: قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، عند غروب الشمس، فقال: «يا أبا ذرٍّ، أتدري أين تذهب هذه الشمس؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «تذهب تسجد تحت العرش، فتستأذن، فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله عز وجل: {والشمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم} [يس: 38] ».
وفي رواية: ثم قرأ: {ذلك مستقرٌّ لها} في قراءة عبد الله.
وفي أخرى: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تدرون متى ذاكم؟ ذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها، لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيراً.
وفي رواية مختصراً، قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله: {والشمس تجرى لمستقرٍّ لها}؟ قال: مستقرّها: تحت العرش. أخرجه البخاري، ومسلم.
وفي رواية الترمذي نحو ذلك.
[شرح الغريب]
(يوشك) الإيشاك: الإسراع). [جامع الأصول: 2/332-333]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ- رضي اللّه عنه- قال: "دخلت المسجد حين غابت الشّمس، قال: النبي صلّى اللّه عليه وسلّم جالسٌ قال: فقال: يا أباذر، تدري أين تذهب هذه؟ قال: قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: فإنّها تذهب فتستأذن في السّجود فيؤذن لها. فكأنّها قد قيل لها: اطلعي من حيث جئت قالت: فتطلع من مغربها. قال: ثمّ قرأ "وذلك مستقر لها" في قراءة عبد اللّه ". هذا إسنادٌ صحيحٌ. وإبراهيم هو ابن يزيد بن شريكٍ.
- قال: وثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن إبراهيم ... فذكره بلفظ (والشمس تجري لمستقر لها) قال: مستقرها تحت العرش".
- قال: وثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذر قال: "كنت ردف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على حمارٍ فرأى الشّمس حين غابت. فقال: يا أبا ذرٍّ، تدري أين تغرب هذه؟ قال فقلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: فإنها تغرب في عين حامية، تنطلق حتّى تخرّ ساجدةً لربّها تحت العرش، فإذا حان خروجها أذن لها، فإذا أراد اللّه أن يطلعها من مغربها حبسها فتقول: يا ربّ، إنّ مسيري بعيدٌ. فيقول: اطلعي من حيث جئت. فذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل".
هذا إسنادٌ صحيحٌ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/208-209] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 38.
أخرج عبد بن حميد والبخاري والترمذي، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر قال: كنت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال: يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال: مستقرها تحت العرش). [الدر المنثور: 12/347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: {والشمس تجري لمستقر لها} قال: مستقرها تحت العرش). [الدر المنثور: 12/347-348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي ذر قال: دخلت المسجد حين غابت الشمس والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فقال يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها فتستأذن في الرجوع فيأذن لها وكأنها قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثم قرأ وذلك مستقر لها قال: وذلك قراءة عبد الله). [الدر المنثور: 12/348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمر في الآية قال {لمستقر لها} أن تطلع فتردها ذنوب بني آدم فإذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فيؤذن لها حتى إذا غربت سلمت فلا يؤذن لها فتقول: إن السير بعيد وإني لم يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء الله أن تحبس ثم يقال اطلعي من حيث غربت، قال: فمن يومئذ إلى يوم القيامة (لا ينفع نفسا إيمانها) (الأنعام 158) ). [الدر المنثور: 12/348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في فضائله، وابن الأنباري في المصاحف وأحمد عن ابن عباس أنه كان يقرأ والشمس تجري لمستقر لها). [الدر المنثور: 12/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عمرو قال: لو أن الشمس تجري مجرى واحدا من أهل الأرض فيخشى منها ولكنها تحلق في الصيف وتعترض في الشتاء فلو أنها طلعت مطلعها في الشتاء في الصيف لأنضجهم الحر، ولو أنها طلعت في الصيف لقطعهم البرد). [الدر المنثور: 12/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي راشد رضي الله عنه في قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال: موضع سجودها). [الدر المنثور: 12/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال: لوقتها ولأجل لا تعدوه). [الدر المنثور: 12/349-350]

تفسير قوله تعالى: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله كالعرجون القديم قال هو عذق النخلة اليابس المنحني). [تفسير عبد الرزاق: 2/141]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والقمر قدّرناه منازل حتّى عاد كالعرجون القديم (39) لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلٌّ في فلكٍ يسبحون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {والقمر قدّرناه منازل} فقرأه بعض المكّيّين وبعض المدنيّين وبعض البصريّين: (والقمر) رفعًا عطفًا بها على الشّمس، إذ كانت الشّمس معطوفةً على اللّيل، فأتبعوا القمر أيضًا الشّمس في الإعراب، لأنّه أيضًا من الآيات، كما اللّيل والشّمس آيتان، فعلى هذه القراءة تأويل الكلام: وآيةٌ لهم القمر قدّرناه منازل وقرأ ذلك بعض المكّيّين وبعض المدنيّين وبعض البصريّين، وعامّة قرّاء الكوفة نصبًا: {والقمر قدّرناه} بمعنى: وقدّرنا القمر منازل، كما فعلنا ذلك بالشّمس، فردّوه على الهاء من الشّمس في المعنى، لأنّ الواو الّتي فيها للفعل المتأخّر.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أنّهما قراءتان مشهورتان صحيحتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ فتأويل الكلام: وآيةٌ لهم تقديرنا القمر منازل للنّقصان بعد تناهيه وتمامه واستوائه، حتّى عاد كالعرجون القديم؛ والعرجون: هو من العذق من الموضع النّابت في النّخلة إلى موضع الشماريخ.
وإنّما شبّهه جلّ ثناؤه بالعرجون القديم والقديم هو اليابس لأنّ ذلك من العذق، لا يكاد يوجد إلاّ متقوّسًا منحنيًا إذا قدم ويبس، ولا يكاد أن يصاب مستويًا معتدلاً، كأغصان سائر الأشجار وفروعها، فكذلك القمر إذا كان في آخر الشّهر قبل استسراره، صار في انحنائه وتقوّسه نظير ذلك العرجون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {حتّى عاد كالعرجون القديم} يقول: أصل العذق العتيق.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {حتّى عاد كالعرجون القديم} يعني بالعرجون: العذق اليابس.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {والقمر قدّرناه منازل حتّى عاد كالعرجون القديم} قال: كعذق النّخلة إذا قدم فانحنى.
- حدّثني أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، قال: حدّثنا أبو يزيد الخرّاز يعني خالد بن حيّان الرّقّيّ، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصمّ، في قوله: {حتّى عاد كالعرجون القديم} قال: عذق النّخلة إذا قدم انحنى.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عيسى بن عبيدٍ، عن عكرمة، في قوله: {كالعرجون القديم} قال: النّخلة القديمة.
- حدّثني محمّد بن عمارة الأسديّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ {كالعرجون القديم} قال: العذق اليابس.
- حدّثني محمّد بن عمر بن عليٍّ المقدّميّ، سمعت أبا عاصمٍ يقول، وحدّثنا ابن سنانٍ القزّاز قال: حدّثنا أبو عاصمٍ يقول: سمعت سليمان التّيميّ، في قوله: {حتّى عاد كالعرجون القديم} قال: العذق.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {حتّى عاد كالعرجون القديم} قال: قدّره اللّه منازل، فجعل ينقص حتّى كان مثل عذق النّخلة، شبّهّه بعذقٍ النّخلة). [جامع البيان: 19/435-438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 39.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والقمر قدرناه منازل} الآية، قال: قدره الله منازل فجعل ينقص حتى كان مثل عذق النخلة فشبهه بذلك). [الدر المنثور: 12/350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في كتب النجوم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم} قال: في ثمانية وعشرين منزلا ينزلها القمر في شهر، أربعة عشر منها شامية وأربعة عشر منها يمانية، فأولها السرطين والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك، وهو آخر الشامية والعقرب والزبابين والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية ومقدم الدلو ومؤخر الدلو والحوت وهو آخر اليمانية، فإذا سار هذه الثمانية والعشرين منزلا {عاد كالعرجون القديم} كما كان في أول الشهر). [الدر المنثور: 12/350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كالعرجون القديم} يعني أصل العذق القديم). [الدر المنثور: 12/351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال: عرجون النخل اليابس). [الدر المنثور: 12/351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال: هو عذق النخلة اليابس المنحني). [الدر المنثور: 12/351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال: كعذق النخلة إذا قدم فانحنى). [الدر المنثور: 12/351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الحسن بن الوليد قال: أعتق رجل كل غلام له عتيق قديم فسئل يعقوب فقال: من كان لسنة فهو حر، قال الله {حتى عاد كالعرجون القديم} وكان لسنة). [الدر المنثور: 12/351]

تفسير قوله تعالى: (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر قال ذاك ليلة الهلال). [تفسير عبد الرزاق: 2/143]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وبلغني عن عكرمة قال لكل واحد منها سلطان قال فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل ولا الليل سابق النهار يقول لا ينبغي إذا كان الليل أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار يعني سلطان الشمس بالنهار وللقمر سلطان بالليل). [تفسير عبد الرزاق: 2/143]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى وكل في فلك يسبحون قال كل شيء يدور فهو فلك قال معمر ثم سألت قتادة عنها فقال فلك السماء كما رأيت). [تفسير عبد الرزاق: 2/143-144]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكل في فلك يسبحون} قال: لا ينبغي للشّمس أن تدرك القمر يعني أنّ اللّيل والنّهار لا يجتمعان قال: {ولا الليل سابق النهار} قال: لا ينبغي للّيل أن يدرك ضوء النهار [الآية: 40]). [تفسير الثوري: 249-250]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {أن تدرك القمر}: [يس: 40] «لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغي لهما ذلك» ، {سابق النّهار} [يس: 40] : «يتطالبان حثيثين» ). [صحيح البخاري: 6/122-123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أن تدرك القمر إلخ وقوله سابق النّهار إلخ. وقوله نسلخ نخرج إلخ سقط كلّه لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في بدء الخلق). [فتح الباري: 8/541]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد {فعززنا} شددنا {يا حسرة على العباد} كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل {أن تدرك القمر} لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك {سابق النّهار} يتطالبان حثيثين {نسلخ} نخرج أحدهما من الآخر ونجري كل واحد منهما من مثله من الأنعام {فاكهون} معجبون {جند محضرون} عند الحساب ويذكر عن عكرمة {المشحون} الموقر وقال ابن عبّاس {طائركم} مصابكم {ينسلون} يخرجون {مرقدنا} مخرجنا {أحصيناه} حفظناه {مكانتكم} ومكانكم واحد
أما قول مجاهد فتقدم بعضها في بدء الخلق
وقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 14 يس {فعززنا بثالث} قال شددنا
وبه في قوله 30 يس {يا حسرة على العباد} قال كانت حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل
وبه في قوله 40 يس {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال لا يستر ضوء أحدهما الآخر ولا ينبغي ذلك لهما {ولا اللّيل سابق النّهار} قال يطلبان حثيثين). [تغليق التعليق: 4/290-291]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {أن تدرك القمر} لا يستر ضوء أحدهما ضوءً الآخر ولا ينبغي لهما ذالك سابق النّهار يتطالبان حثيثين.
أشار به إلى قوله تعالى: (لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكل في فلك يسبحون) ، (يس: 40) وفسّر: أن تدرك القمر، بقوله: لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر. قوله: ولا ينبغي لهما ذلك أي: ستر أحدهما الآخر لأن لكل منهما حدا لا يعدوه ولا يقصر دونه فإذا اجتمعا وأدرك كل واحد منهما صاحبه. قامت القيامة وذلك قوله تعالى: {وجمع الشّمس والقمر} قوله: سابق النّهار أي: ولا اللّيل سابق النّهار. قوله: يتطالبان أي: الشّمس والقمر كل منهما يطلب صاحبه حثيثين، أي: حال كونهما حثيثين. أي: مجدين في الطّلب فلا يجتمعان إلاّ في الوقت الّذي حده الله لهما وهو يوم قيام السّاعة). [عمدة القاري: 19/132-133]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أن تدرك القمر}) في قوله: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} [يس: 40] أي (لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك) أي أن يستر أحدهما الآخر لأن لكلٍّ منهما حدًّا لا يعدوه ولا يقصر دونه إلا عند قيام الساعة وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الحسن في قوله لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر قال ذلك ليلة الهلال.
({سابق النهار}) في قوله: {ولا الليل سابق النهار} [يس: 40] أي (يتطالبان) حال كونهما (حثيثين) فلا فترة بينهما بل كل منهما يعقب الآخر بلا مهلة ولا تراخٍ لأنهما مسخّران يتطالبان طلبًا حثيثًا فلا يجتمعان إلا في وقت قيام الساعة). [إرشاد الساري: 7/312]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (ولا ينبغي لهما ذلك) أي: ستر أحدهما الآخر لأن لكل منهما حدّاً لا يعدوه، ولا يقصر دونه، فإذا اجتمعا، وأدرك كل واحد صاحبه قامت القيامة اهـ شيخ الإسلام). [حاشية السندي على البخاري: 3/66]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} يقول تعالى ذكره: لا الشّمس يصلح لها إدراك القمر، فيذهب ضوءها بضوئه، فتكون الأوقات كلّها نهارًا لا ليل فيها {ولا اللّيل سابق النّهار} يقول تعالى ذكره: ولا اللّيل بفائت النّهار حتّى تذهب ظلمته بضيائه، فتكون الأوقات كلّها ليلاً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل على اختلافٍ منهم في ألفاظهم في تأويل ذلك، إلاّ أنّ معاني عامّتهم الّذي قلناه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال: لا يستر ضوءها ضوء الآخر، لا ينبغي لها ذلك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال: لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغي ذلك لهما وفي قوله: {ولا اللّيل سابق النّهار} قال: يتطالبان حثيثين، يسلخ أحدهما من الآخر.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار} قال: لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار} ولكلٍّ حدٌّ وعلمٌ لا يعدوه، ولا يقصر دونه؛ إذا جاء سلطان هذا، ذهب سلطان هذا، وإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا.
- وروي عن ابن عبّاسٍ في ذلك ما: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار} يقول: إذا اجتمعا في السّماء كان أحدهما بين يدي الآخر، فإذا غابا غاب أحدهما بين يدي الآخر.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} وهذا في ضوء القمر وضوء الشّمس، إذا طلعت الشّمس لم يكن للقمر ضوءٌ، وإذا طلع القمر بضوئه لم يكن للشّمس ضوءٌ {ولا اللّيل سابق النّهار} قال: في قضاء اللّه وعلمه أن لا يفوّت اللّيل النّهار حتّى يدركه، فيذهب ظلمته، وفي قضاء اللّه أن لا يفوّت النّهار اللّيل حتّى يدركه، فيذهب بضوئه.
و(أن) من قوله: {أن تدرك} في موضع رفعٍ بقوله: ينبغي.
وقوله: {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} يقول: وكلّ ما ذكرنا من الشّمس والقمر واللّيل والنّهار في فلكٍ يجرون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا أبو النّعمان الحكم بن عبد اللّه العجليّ، قال: حدّثنا شعبة، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} قال: في فلكٍ كفلك المغزل.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: مجرى كلّ واحدٍ منهما يعني اللّيل والنّهار في فلكٍ يسبحون: يجرون.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} أي في فلك السّماء يسبحون.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} يقول: دورانٍ، {يسبحون} يقول: يجرون.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} يعني: كلٌّ في فلكٍ في السّموات). [جامع البيان: 19/438-441]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن الأسود لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر قال يقول لا يسبق واحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك ولا الليل سابق النهار يقول يطالبان حثيثين ينسلخ أحدهما من الآخر ويجري كل واحد منهما في فلك يسبحون يعني يجرون). [تفسير مجاهد: 535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 40.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال: لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك، وذلك {ولا الليل سابق النهار} قال: يتطالبان حثيثين يسلخ أحدهما من الآخر). [الدر المنثور: 12/351-352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال: لكل حد وعلم لا يعدوه ولا يقصر دونه إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا وإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا). [الدر المنثور: 12/352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال: ذاك ليلة الهلال). [الدر المنثور: 12/352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ] [ في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال: لكل واحد منهما سلطان، للقمر سلطان بالليل، وللشمس سلطان بالنهار فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل، وقوله: {ولا الليل سابق النهار} يقول: لا ينبغي إذا كان ليل أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار). [الدر المنثور: 12/352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ولا الليل سابق النهار} قال: لا يذهب الليل من ههنا حتى يجيء النهار من ههنا وأومأ بيده إلى المشرق). [الدر المنثور: 12/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا الليل سابق النهار} قال: في قضاء الله وعلمه أن لا يفوت الليل النهار حتى يدركه فتذهب ظلمته، وفي قضاء الله وعلمه أن لا يفوت النهار الليل حتى يدركه فيذهب بضوئه). [الدر المنثور: 12/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال: لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا). [الدر المنثور: 12/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال: لا يسبق هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا). [الدر المنثور: 12/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال: لا يعلو هذا ضوء هذا ولا هذا على هذا). [الدر المنثور: 12/353]

تفسير قوله تعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (ويذكر عن عكرمة: {المشحون} [يس: 41] : «الموقر»). [صحيح البخاري: 6/123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ويذكر عن عكرمة المشحون الموقر سقط هذا لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في أحاديث الأنبياء وجاء مثله عن بن عبّاسٍ وصله الطّبريّ من طريق سعيد بن جبيرٍ عنه بإسنادٍ حسنٍ). [فتح الباري: 8/541]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول عكرمة فقال
وقد روي ذلك عن ابن عبّاس قال ابن جرير ثنا الفضل بن الصّباح ثنا محمّد بن فضيل عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال 41 يس {الفلك المشحون} الموقر هذا إسناد حسن). [تغليق التعليق: 4/292]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ويذكر عن عكرمة: المسجون: الموقر
أي: ويذكر عن عكرمة مولى ابن عبّاس في قوله تعالى: {في الفلك المشحون} (يس: 41) أن معناه: الموقر، وفي التّفسير: المشحون الموقر المملوء أيضا. وهي سفينة نوح عليه السّلام، حمل الآباء في السّفينة والأبناء في الأصلاب، وهذا لم يثبت في رواية أبي ذر). [عمدة القاري: 19/133]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (ويذكر) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول (عن عكرمة) مولى ابن عباس في قوله تعالى: {في الفلك (المشحون}) [يس: 41] هو (الموقر) بضم الميم وسكون الواو وبعد القاف المفتوحة راء (وقال ابن عباس) في قوله: ({طائركم}) أي (مصائبكم) وعنه فيما وصله الطبري أعمالكم أي حظكم من الخير والشر). [إرشاد الساري: 7/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون (41) وخلقنا لهم من مثله ما يركبون (42) وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون (43) إلاّ رحمةً منّا ومتاعًا إلى حينٍ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: ودليلٌ لهم أيضًا، وعلامةٌ على قدرتنا على كلّ ما نشاء، حملنا ذرّيّتهم؛ يعني من نجا من ولد آدم في سفينة نوحٍ، وإيّاها عنى جلّ ثناؤه بالفلك المشحون؛ والفلك: هي السّفينة، والمشحون: المملوء الموقر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون} يقول: الممتلئ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {في الفلك المشحون} يعني المثقّل.
- حدّثني سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن عطاءٍ، عن سعيدٍ {الفلك المشحون} قال: الموقر.
- حدّثنا عمران بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث، قال: حدّثنا يونس، عن الحسن، في قوله: {المشحون} قال: المحمول.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون} يعني: سفينة نوحٍ عليه السّلام.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون} الموقر، يعني سفينة نوحٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {الفلك المشحون} قال: الفلك المشحون: المركب الّذي كان فيه نوحٌ، والذّرّيّة الّتي كانت في ذلك المركب؛ قال: والمشحون: الّذي قد شحن، الّذي قد جعل فيه ليركبه أهله، جعلوا فيه ما يريدون، فربّما امتلأ، وربّما لم يمتلئ.
- حدّثنا الفضل بن الصّبّاح، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أتدرون ما الفلك المشحون؟ قلنا: لا، قال: هو الموقر.
- حدّثنا عمرو بن عبد الحميد الآمليّ، قال: حدّثنا مروان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {الفلك المشحون} قال: الموقر). [جامع البيان: 19/442-443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 41 - 48
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال: سفينة نوح عليه السلام حمل فيها من كل زوجين اثنين {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السفن التي في البحور والأنهار التي يركب الناس فيها). [الدر المنثور: 12/353-354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي صالح في قوله {حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال: سفينة نوح {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: هذه السفن مثل خشبها وصنعتها). [الدر المنثور: 12/354]

تفسير قوله تعالى: (وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {من مثله} [يس: 42] : «من الأنعام»). [صحيح البخاري: 6/123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله من مثله من الأنعام وصله الفريابيّ أيضا من طريق مجاهد وعن بن عبّاسٍ قال المراد بالمثل هنا السّفن ورجّح لقوله بعد {وإن نشأ نغرقهم} إذ الغرق لا يكون في الأنعام). [فتح الباري: 8/541]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد {فعززنا} شددنا {يا حسرة على العباد} كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل {أن تدرك القمر} لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك {سابق النّهار} يتطالبان حثيثين {نسلخ} نخرج أحدهما من الآخر ونجري كل واحد منهما من مثله من الأنعام {فاكهون} معجبون {جند محضرون} عند الحساب ويذكر عن عكرمة {المشحون} الموقر وقال ابن عبّاس {طائركم} مصابكم {ينسلون} يخرجون {مرقدنا} مخرجنا {أحصيناه} حفظناه {مكانتكم} ومكانكم واحد
أما قول مجاهد فتقدم بعضها في بدء الخلق
وقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 14 يس {فعززنا بثالث} قال شددنا
وبه في قوله 30 يس {يا حسرة على العباد} قال كانت حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل
وبه في قوله 40 يس {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال لا يستر ضوء أحدهما الآخر ولا ينبغي ذلك لهما {ولا اللّيل سابق النّهار} قال يطلبان حثيثين {نسلخ} نخرج أحدهما من الآخر ويجري كل واحد منهما في فلك يسبحون
وفي قوله
42 - يس {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال من الأنعام). [تغليق التعليق: 4/290-291] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (من مثله من الأنعام
أشار به إلى قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} (يس: 42) أي: من مثل الفلك من الأنعام ما يركبون، وعن ابن عبّاس: الإبل سفن البر، وعن أبي مالك وهي السفن الصغار). [عمدة القاري: 19/133]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({من مثلها}) في قوله تعالى: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} [يس: 42] أي (من الأنعام) كالإبل فإنها سفائن البر وهذا قول مجاهد وقال ابن عباس السفن وهو أشبه بقوله وإن نشأ نغرقهم لأن الغرق في الماء). [إرشاد الساري: 7/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يقول تعالى ذكره: وخلقنا لهؤلاء المشركين المكذّبيك يا محمّد تفضّلاً منّا عليهم من مثل ذلك الفلك الّذي كنّا حملنا من ذرّيّة آدم من حملنا فيه الّذي يركبونه من المراكب.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في الّذي عني بقوله: {ما يركبون} فقال بعضهم: هي السّفن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الفضل بن الصّبّاح، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: تدرون ما {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قلنا: لا قال: هي السّفن جعلت لهم من بعد سفينة نوحٍ على مثلها.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السّفن الصّغار.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السّفن الصّغار، ألا ترى أنّه قال: {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم}؟.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، في هذه الآية: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السّفن الصّغار.
- حدّثنا حاتم بن بكرٍ الضّبّيّ، قال: حدّثنا عثمان بن عمر، عن شعبة، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السّفن الصّغار.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يعني: السّفن الّتي اتّخذت بعدها، يعني بعد سفينة نوحٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: هي السّفن الّتي ينتفع بها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: وهي هذه الفلك.
- حدّثني يونس، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: نعم من مثل سفينةٍ.
وقال آخرون: بل عني بذلك الإبل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثنا أبي، قال، حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يعني: الإبل، خلقها اللّه كما رأيت، فهي سفن البرّ، يحملون عليها ويركبونها.
- حدّثنا نصر بن عليٍّ، قال: حدّثنا غندرٌ، عن عثمان بن غياثٍ، عن عكرمة {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: الإبل.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، قال: قال عبد اللّه بن شدّادٍ: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} هي الإبل.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: من الأنعام.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: قال الحسن: هي الإبل.
وأشبه القولين بتأويل ذلك قول من قال: عني بذلك السّفن، وذلك لدلالة قوله: {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} على أنّ ذلك كذلك، وذلك أنّ الغرق معلومٌ أن لا يكون إلاّ في الماء، ولا غرق في البرّ). [جامع البيان: 19/443-446]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وخلقنا لهم من مثله ما يركبون قال يعني من الأنعام ما يركبون). [تفسير مجاهد: 535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 41 - 48
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال: سفينة نوح عليه السلام حمل فيها من كل زوجين اثنين {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السفن التي في البحور والأنهار التي يركب الناس فيها). [الدر المنثور: 12/353-354] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي صالح في قوله {حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال: سفينة نوح {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: هذه السفن مثل خشبها وصنعتها). [الدر المنثور: 12/354] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: هي السفن جعلت من بعد سفينة نوح على مثلها). [الدر المنثور: 12/354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: يعني السفن الصغار وقال: الحسن رضي الله عنه: هي الإبل). [الدر المنثور: 12/354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يعني الإبل خلقها الله تعالى كما رأيت فهي سفن البر يحملون عليها ويركبونها). [الدر المنثور: 12/354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قالا: الإبل). [الدر المنثور: 12/355]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: الأنعام، وفي قوله {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} لا مغيث لهم يستغيثون به). [الدر المنثور: 12/355]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى فلا صريخ لهم قال لا مغيث لهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/144]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} يقول تعالى ذكره: وإن نشأ نغرق هؤلاء المشركين إذا ركبوا الفلك في البحر {فلا صريخ لهم} يقول: فلا مغيث لهم إذا نحن غرّقناهم يغيثهم، فينجيهم من الغرق.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} أي لا مغيث.
وقوله: {ولا هم ينقذون} يقول: ولا هو ينقذهم من الغرق شيءٌ إن نحن أغرقناهم في البحر، إلاّ أن ننقذهم نحن رحمةً منّا لهم، فننجيهم منه). [جامع البيان: 19/447]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: الأنعام، وفي قوله {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} لا مغيث لهم يستغيثون به). [الدر المنثور: 12/355] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فلا صريخ لهم} قال: لا مغيث لهم وفي قوله {ومتاعا إلى حين} قال: إلى الموت، وفي قوله {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم} قال: من الوقائع التي قد خلت فيمن كان قبلكم والعقوبات التي أصابت عادا وثمودا والأمم {وما خلفكم} قال: من أمر الساعة، وفي قوله {وإذا قيل لهم أنفقوا من ما رزقكم الله}، قال: نزلت في الزنادقة كانوا لا يطعمون فقيرا فعاب الله ذلك عليه وعيرهم). [الدر المنثور: 12/355-356]

تفسير قوله تعالى: (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولا هم ينقذون} يقول: ولا هو ينقذهم من الغرق شيءٌ إن نحن أغرقناهم في البحر، إلاّ أن ننقذهم نحن رحمةً منّا لهم، فننجيهم منه
وقوله: {ومتاعًا إلى حينٍ} يقول: ولنمتّعهم إلى أجلٍ هم بالغوه، فكأنّه قال: ولا هم ينقذون، إلاّ أن نرحمهم فنمتّعهم إلى أجلٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ومتاعًا إلى حينٍ} أي إلى الموت). [جامع البيان: 19/447]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فلا صريخ لهم} قال: لا مغيث لهم وفي قوله {ومتاعا إلى حين} قال: إلى الموت، وفي قوله {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم} قال: من الوقائع التي قد خلت فيمن كان قبلكم والعقوبات التي أصابت عادا وثمودا والأمم {وما خلفكم} قال: من أمر الساعة، وفي قوله {وإذا قيل لهم أنفقوا من ما رزقكم الله}، قال: نزلت في الزنادقة كانوا لا يطعمون فقيرا فعاب الله ذلك عليه وعيرهم). [الدر المنثور: 12/355-356] (م)


رد مع اقتباس