عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 12 جمادى الآخرة 1434هـ/22-04-2013م, 02:33 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فتثبّتوا}...).
قراءة أصحاب عبد الله، ورأيتها في مصحف عبد الله بالثاء، وقراءة الناس: {فتبيّنوا} ومعناهما متقارب؛ لأن قوله: {فتبيّنوا} أمهلوا حتى تعرفوا، وهذا معنى تثبتوا. وإنما كان ذلك أن النبي صلى الله عليه بعث عاملاً على بني المصطلق ليأخذ صدقاتهم، فلما توجه إليهم تلقوه ليعظموه، فظن أنهم يريدون قتاله، فرجع إلى النبي صلى الله عليه فقال: إنهم قاتلوني، ومنعوني أداء ما عليهم فبينما هم كذلك وقد غضب النبي صلى الله عليه قدم عليه وفد بني المصطلق فقالوا: أردنا تعظيم رسول رسول الله، وأداء الحق إليه، فاتهمهم رسول الله صلى الله عليه ولم يصدقهم؛ فأنزل الله: "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فتثبّتوا}" إلى أخر الآية، والآية التي بعدها). [معاني القرآن: 3/70-71]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)}
ويقرأ {فتثبّتوا أن تصيبوا}.
{قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} جاء في التفسير أنها نزلت بسبب الوليد بن عقبة.
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه ساعيا يجبي صدقات بني المصطلق، وكان بينه وبينهم أحنة أي عداوة، فلما اتصل بهم خبره وقد خرج نحوهم قال بعضهم لبعض: قد علمتم ما بيننا وبين هذا الرجل، فامنعوه صدقاتكم، فاتصل به ذلك فرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنهم منعوه الصدقة وأنهم ارتدّوا، وأعدّوا السّلاح للحرب، فوجه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بخالد بن الوليد ومعه جيش، وتقدم إليه أن ينزل عقوبتهم ليلا، فإن رأى ما يدل على إقامتهم على الإسلام من الأذان والصلاة والتّهجد أمسك عن محاربتهم، وطالبهم بصدقاتهم فلما صار خالد إليهم ليلا سمع النداء بالصلاة، ورآهم يصلّون ويتهجّدون، وقالوا له: قد استبطأنا رسالة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في الصدقات، وسلموها إليه، فأنزل اللّه - عزّ وجلّ - {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ} أي بخبر {فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} أي كراهة أن تصيبوا قوما بجهالة وهذا دليل أنه لا يجوز أن يقبل خبر من فاسق [إلا أن] يتبيّن وأن الثقة يجوز قبول خبره.
والثقة من لم تجرب عليه شهادة زور ولا يعرف بفسق ولا جلد في حدّ، وهو مع ذلك صحيح التمييز). [معاني القرآن: 5/33-34]

تفسير قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} من «العنب» وهو: الضرر والفساد). [تفسير غريب القرآن: 416]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن تخاطب الشاهد بشيء ثم تجعل الخطاب له على لفظ الغائب:
كقوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا} [يونس: 22].
وقوله: {وما آتيتم من رباً ليربوا في أموال النّاس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاةٍ تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون (39)} [الروم: 39].
وقوله: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 7] ثم قال: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: 7].
قال الشاعر:

يا دار ميّة بالعليـاء فالسّنـدأقوت وطال عليها سالف الأبد

[تأويل مشكل القرآن: 289]
وكذلك أيضا تجعل خطاب الغائب للشاهد:
كقول الهذليّ:

يا ويحَ نفسي كان جِدَّةُ خالـدٍوبياضُ وَجْهِكَ للتُّرَابِ الأَعْفَرِ).

[تأويل مشكل القرآن: 290] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: ({وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)}
أي لو أطاع مثل هذا المخبر الذي أخبره بما لا أصل له لوقعتم في عنت، والعنت الفساد والهلاك.
{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ}.. هذا يعنى به المؤمنون المخلصون.
{وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} ويحتمل {فِي قُلُوبِكُمْ} وجهين:
أحدهما أنه دلهم عليه بالحجج القاطعة البينة، والآيات التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - المعجزة.
والثاني أنه زيّنه في قلوبهم بتوفيقه إياهم.
{وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} وذلك أيضا تبيينه ما عليهم في الكفر وتوفيقه إياهم إن اجتنبوه.
وقوله: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} أي هؤلاء الذين وفقهم اللّه - عزّ وجلّ - بتحبيب الإيمان إليهم وتكريه
الكفر أولئك هم الراشدون). [معاني القرآن: 5/ 34 -35]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَعَنِتُّمْ}: من العنت وهو الضرر والفساد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى: (فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)}
منصوب مفعول له - المعنى فعل الله ذلك بكم فضلا من اللّه ونعمة أي للفضل والنعمة، ولو كان في غير القرآن لجاز (فضل من اللّه ونعمة).
المعنى ذلك فضل من الله ونعمة). [معاني القرآن: 5/35]

رد مع اقتباس