عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 16 شوال 1434هـ/22-08-2013م, 06:30 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

مراعاة الفواصل

إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل ومخالفة بعض الأحكام لأجل ذلك

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (واعلم أن إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل حيث تطرد متأكد جدا ومؤثر في اعتدال نسق الكلام وحسن موقعه من النفس تأثيرا عظيما ولذلك خرج عن نظم الكلام لأجلها في مواضع:
أحدها : زيادة حرف لأجلها ولهذا ألحقت الألف بـ (الظنون) في قوله تعالى {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} لأن مقاطع فواصل هذه السورة ألفات منقلبة عن تنوين في الوقف فزيد على النون ألف لتساوي المقاطع وتناسب نهايات الفواصل ومثله: {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا}، {وَأَطَعْنَا الرَّسُولا}.
وأنكر بعض المغاربة ذلك وقال لم تزد الألف لتناسب رءوس الآي كما قال قوم لأن في سورة الأحزاب: {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} وفيها: {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا}. وكل واحد منها رأس آية وثبتت الألف بالنسبة إلى حالة أخرى غير تلك في الثاني دون الأول فلو كان لتناسب رءوس الآي لثبت من الجميع.
قال: وإنما زيدت الألف في مثل ذلك لبيان القسمين واستواء الظاهر والباطن بالنسبة إلى حالة أخرى غير تلك وكذلك لحاق هاء السكت في قوله: {مَا هِيَهْ} في سورة القارعة هذه الهاء عدلت مقاطع الفواصل في هذه السورة وكان للحاقها في هذا الموضع تأثير عظيم في الفصاحة.
وعلى هذا - والله أعلم- ينبغي أن يحمل لحاق النون في المواضع التي قد تكلم في لحاق النون إياها نحو قوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وقوله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} فإن من مآخذ الفصاحة ومذاهبها أن يكون ورود هذه النون في مقاطع هذه الأنحاء للآي راجح الأصالة في الفصاحة لتكون فواصل السور الوارد فيها ذلك قد استوثق فيما قبل حروفها المتطرفة وقوع حرفي المد واللين.
وقوله تعالى:
{وَطُورِ سِينِينَ} وهو طور سيناء لقوله: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ} وقوله تعالى: {لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} كرر لعل مراعاة لفواصل الآي إذ لو جاء على الأصل لقال لعلي أرجع إلى الناس فيعلموا بحذف النون على الجواب.
الثاني: حذف همزة أو حرف اطرادا كقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}.
الثالث: الجمع بين المجرورات وبذلك يجاب عن سؤال في قوله تعالى: {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً} فإنه قد توالت المجرورات بالأحرف الثلاثة وهى اللام في: {لَكُمْ} والباء في{بِهِ}وعلى في {عَلَيْنَا} وكان الأحسن الفصل.
وجوابه أن تأخر {تَبِيعاً} وترك الفصل أرجح من أن يفصل به بين بعض الروابط وكذلك الآيات التي تتصل بقوله: {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً} فإن فواصلها كلها منصوبة منونة فلم يكن بد من تأخير قوله {تَبِيعاً} لتكون نهاية هذه الآية مناسبة لنهايات ما قبلها حتى تتناسق على صورة واحدة.
الرابع: تأخير ما أصله أن يقدم كقوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} لأن أصل الكلام أن يتصل الفعل بفاعله ويؤخر المفعول لكن أخر الفاعل وهو موسى لأجل رعاية الفاصلة.
قلت للتأخير حكمة أخرى وهي أن النفس تتشوق لفاعل أوجس فإذا جاء بعد أن أخر وقع بموقع.
وكقوله تعالى
{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمّىً} فإن قوله {وَأَجَلٌ مُسَمّىً} معطوف على {كَلِمَةٌ} ولهذا رفع والمعنى {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} في التأخير {وَأَجَلٌ مُسَمّىً} لكان العذاب لزاما لكنه قدم وأخر لتشتبك رءوس الآي. قاله ابن عطية.
وجوز الزمخشري عطفه على الضمير في {لَكَانَ} أي لكان الأجل العاجل وأجل مسمى لازمين له كما كانا لازمين لعاد وثمود ولم ينفرد الأجل المسمى دون الأجل العاجل ومنه قوله تعالى {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} فأخر الفاعل لأجل الفاصلة وقوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} أخر الفعل عن المفعول فيها وقدمه فيما قبلها في قوله: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} لتوافق رءوس الآي. قاله أبو البقاء وهو أجود من قول الزمخشري قدم المفعول للاختصاص.
ومنه تأخير الاستعانة عن العبادة في قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وهى قبل العبادة وإنما أخرت لأجل فواصل السورة في أحد الأجوبة.
الخامس: إفراد ما أصله أن يجمع كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} .
قال الفراء: الأصل الأنهار وإنما وحد لأنه رأس آية فقابل بالتوحيد رءوس الآي ويقال النهر الضياء والسعة فيخرج من هذا الباب.
وقوله
{وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً} قال: ابن سيده في المحكم أي أعضادا وإنما أفرد ليعدل رءوس الآي بالإفراد والعضد المعين.
السادس: جمع ما أصله أن يفرد كقوله تعالى: {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ} فإن المراد ولا خلة بدليل الآية الأخرى لكن جمعه لأجل مناسبة رءوس الآي.
السابع: تثنية ما أصله أن يفرد كقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.
قال الفراء: هذا باب مذهب العرب في تثنية البقعة الواحدة وجمعها كقوله: "ديار لها بالرقمتين"، وقوله: "بطن المكتين" وأشير بذلك إلى نواحيها أو للإشعار بأن لها وجهين، وأنك إذا أوصلتها ونظرت إليها يمينا وشمالا رأيت في كلتا الناحيتين ما يملأ عينك قرة وصدرك مسرة.
قال: وإنما ثناهما لأجل الفاصلة رعاية للتي قبلها والتي بعدها على هذا الوزن والقوافي تحتمل في الزيادة والنقصان مالا يحتمله سائر الكلام.
وأنكر ذلك ابن قتيبة عليه وأغلظ، وقال: إنما يجوز في رءوس الآي زيادة هاء السكت أو الألف أو حذف همزة أو حرف؛ فأما أن يكون الله وعد جنتين فنجعلهما جنة واحدة من أجل رءوس الآي فمعاذ الله!
وكيف هذا وهو يصفها بصفات الاثنين قال:
{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} ثم قال فيها: {فِيهِمَا}.
ولو أن قائلا قال في خزنة النار إنهم عشرون وإنما جعلهم الله تسعة عشر لرأس الآية ما كان هذا القول إلا كقول الفراء.
قلت: وكأن الملجيء للفراء إلى ذلك قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} وعكس ذلك قوله تعالى {فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} على أن هذا قابل للتأويل فإن الألف واللام للعموم خصوصا أنه يرد على الفراء قوله: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}.
الثامن: تأنيث ما أصله أن يذكر كقوله تعالى {كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ} وإنما عدل إليها للفاصلة.
التاسع: كقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} وقال في العلق: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فزاد في الأولى {الأَعْلَى} وزاد في الثانية: {خَلَقَ} مراعاة للفواصل في السورتين وهى في سبح {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} وفي العلق: {خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ}.
العاشر: صرف ما أصله ألا ينصرف كقوله تعالى: {قَوَارِيرَا قَوَارِيرَا} صرف الأول لأنه آخر الآية وآخر الثاني بالألف فحسن جعله منونا ليقلب تنوينه ألفا فيتناسب مع بقية الآي كقوله تعالى {سَلاسِلا وَأَغْلالاً} فإن {سَلاسِلا} لما نظم إلى {وَأَغْلالاً وَسَعِيراً} صرف ونون للتناسب وبقي قوارير الثاني فإنه وإن لم يكن آخر الآية جاز صرفه لأنه لما نون قواريرا الأول ناسب أن ينون قواريرا الثاني ليتناسبا ولأجل هذا لم ينون قواريرا الثاني إلا من ينون قواريرا الأول .
وزعم إمام الحرمين في البرهان أن من ذلك صرف ما كان جمعا في القرآن ليناسب رءوس الآي كقوله تعالى {سَلاسِلا وَأَغْلالاً} وهذا مردود لأن سلاسلا ليس رأس آية ولا قواريرا الثاني وإنما صرف للتناسب واجتماعه مع غيره من المنصرفات فيرد إلى الأصل ليتناسب معها ونظيره في مراعاة المناسبة أن الأفصح أن يقال بدأ ثلاثي قال الله تعالى {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} وقال تعالى: {كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} ثم قال {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} فجاء به رباعيا فصيحا لما حسنه من التناسب بغيره وهو قوله: {يُعِيدُهُ}.
الحادي عشر: إمالة ما أصله ألا يمال كإمالة ألف {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} ليشاكل التلفظ بهما التلفظ بما بعدهما.
والإمالة: أن تنحو بالألف نحو الياء والغرض الأصلي منها هو التناسب وعبر عنه بعضهم بقوله الإمالة للإمالة وقد يمال لكونها آخر مجاور ما أميل آخره كألف تلا في قوله تعالى {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا} فأميلت ألف تلاها ليشاكل اللفظ بها اللفظ الذي بعدها مما ألفه غير ياء نحو {جَلاَّهَا} و{غشاها}.
فإن قيل: هلا جعلت إمالة {تَلاهَا} لمناسبة ما قبلها أعني {ضُحَاهَا}قيل لأن ألف {ضُحَاهَا} عن واو وإنما أميل لمناسبة ما بعده.
الثاني عشر: العدول عن صيغة المضي إلى الاستقبال كقوله تعالى: {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} حيث لم يقل وفريقا قتلتم كما سوى بينهما في سورة الأحزاب فقال {فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً} وذلك لأجل أنها هنا رأس آية). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (فصل: ألّف الشيخ شمس الدين بن الصائغ كتابا سماه "إحكام الرأي في أحكام الآي" قال فيه:
اعلم أن المناسبة أمر مطلوب في اللغة العربية يرتكب لها أمور من مخالفة الأصول.
قال: وقد تتبعت الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاة للمناسبة فعثرت منها على نيف عن الأربعين حكماً

أحدها: تقديم المعمول إما على العامل نحو: {أهولاء إياكم كانوا يعبدون} قيل ومنه: {وإياك نستعين} أو على معمول آخر أصله التقديم نحو: {لنريك من آياتنا الكبرى} إذا أعربنا الكبرى مفعول نري أو على الفاعل نحو: {ولقد جاء آل فرعون النذر}
ومنه تقديم خبر كان على اسمها نحو: {ولم يكن له كفوا أحد}
الثاني: تقديم ما هو متأخر في الزمان نحو: {فلله الآخرة والأولى} ولولا مراعاة الفواصل لقدمت الأولى كقوله: {له الحمد في الأولى والآخرة}
الثالث: تقديم الفاضل على الأفضل نحو: {برب هارون وموسى} وتقدم ما فيه
الرابع: تقديم الضمير على ما يفسره نحو: {فأوجس في نفسه خيفة موسى}
الخامس: تقديم الصفة الجملة على الصفة المفرد نحو: {ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا}
السادس: حذف ياء المنقوص المعرف نحو: {الكبير المتعال} {يوم التناد}
السابع:حذف ياء الفعل غير المجزوم نحو: {والليل إذا يسر}
الثامن: حذف ياء الإضافة نحو: {فكيف كان عذابي ونذر} {فكيف كان عقاب}
التاسع: زيادة حرف المد نحو: {الظنونا} و{الرسولا} و{السبيلا} ومنه إبقاؤه مع الجازم نحو: {لا تخاف دركا ولا تخشى} {سنقرؤك فلا تنسى} على القول بأنه نهى
العاشر: صرف مالا ينصرف نحو: {قواريرا قواريرا}
الحادي عشر: إيثار تذكير اسم الجنس كقوله: {أعجاز نخل منقعر}
الثاني عشر: إيثار تأنيثه نحو: {أعجاز نخل خاوية}
ونظير هذين: قوله في القمر {وكل صغير وكبير مستطر} وفي الكهف {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها}
الثالث عشر: الاقتصار على أحد الوجهين الجائزين اللذين قرئ بهما في السبع في غير ذلك كقوله تعالى: {فأولئك تحروا رشدا} ولم يجئ رشدا في السبع وكذا {وهيئ لنا من أمرنا رشدا} لأن الفواصل في السورتين محركة الوسط وقد جاء في {وإن يروا سبيل الرشد} وبهذا يبطل ترجيح الفارسي قراءة التحريك بالإجماع عليه فيما تقدم ونظير ذلك قراءة {تبت يدا أبي لهب وتب} بفتح الهاء وسكونها ولم يقرأ: {سيصلى نارا ذات لهب} إلا بالفتح لمراعاة الفاصلة
الرابع عشر: إيراد الجملة التي رد بها ما قبلها على غير وجه المطابقة في الاسمية والفعلية كقوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} لم يطابق بين قولهم آمنا وبين ما ورد به فيقول ولم يؤمنوا أو ما آمنوا لذلك
الخامس عشر: إيراد أحد القسمين غير مطابق للآخر كذلك نحو: {فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} ولم يقل الذين كذبوا
السادس عشر: إيراد أحد جزأي الجملتين على غير الوجه الذي أورد نظيرها من الجملة الأخرى نحو: {أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}
السابع عشر: إيثار أغرب اللفظتين نحو: {قسمة ضيزى} ولم يقل جائرة {لينبذن في الحطمة} ولم يقل جهنم أو النار وقال في المدثر {سأصليه سقر} وفي سأل {إنها لظى} وفي القارعة {فأمه هاوية} لمراعاة فواصل كل سورة.
الثامن عشر: اختصاص كل من المشتركين بموضع نحو: {وليذكر أولو الألباب} وفي سورة طه {إن في ذلك لآيات لأولى النهى}
التاسع عشر: حذف المفعول نحو: {فأما من أعطى واتقى} {ما ودعك ربك وما قلى}
ومنه حذف متعلق أفعل التفضيل نحو: {يعلم السر وأخفى} {خير وأبقى}
العشرون: الاستغناء بالإفراد عن التثنية نحو: {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}
الحادي والعشرون: الاستغناء به عن الجمع نحو: {واجعلنا للمتقين إماما} ولم يقل أئمة كما قال: {وجعلناهم أئمة يهدون} {إن المتقين في جنات ونهر} أي أنهار
الثاني والعشرون :الاستغناء بالتثنية عن الإفراد نحو: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} قال الفراء أراد جنة كقوله: {فإن الجنة هي المأوى} فثنى لأجل الفاصلة، قال والقوافي تحتمل من الزيادة والنقصان ما لا يحتمله سائر الكلام.
ونظير ذلك قول الفراء في قوله تعالى: {إذ انبعث أشقاها} فإنهما رجلان قدار وآخر معه ولم يقل أشقياها للفاصلة
وقد أنكر ذلك ابن قتيبة وأغلظ فيه.
وقال إنما يجوز في رءوس الآي زيادة هاء السكت أو الألف أو حذف همز أو حرف فأما أن يكون الله وعد بجنتين فيجعلهما جنة واحدة لأجل رءوس الآي معاذ الله وكيف هذا وهو يصفها بصفات الاثنين قال: {ذواتا أفنان} ثم قال: {فيهما..}
وأما ابن الصائغ فإنه نقل عن الفراء أنه أراد جنات فأطلق الاثنين على الجمع لأجل الفاصلة.
ثم قال وهذا غير بعيد قال وإنما عاد الضمير بعد ذلك بصيغة التثنية مراعاة للفظ وهذا هو الثالث والعشرون
الرابع والعشرون: الاستغناء بالجمع عن الإفراد نحو: {لا بيع فيه ولا خلال} أي ولا خلة كما في الآية الأخرى وجمع مراعاة للفاصلة
الخامس والعشرون: إجراء غير العاقل مجرى العاقل نحو: {رأيتهم لي ساجدين} {كل في فلك يسبحون}
السادس والعشرون: إمالة ما لا يمال كآي طه والنجم
السابع والعشرون: الإتيان بصيغة المبالغة كقدير وعليم مع ترك ذلك في نحو: {هو القادر} و{عالم الغيب} ومنه: {وما كان ربك نسيا}
الثامن والعشرون: إيثار بعض أوصاف المبالغة على بعض نحو: {إن هذا لشيء عجاب} أو ثر على عجيب لذلك
التاسع والعشرون: الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه نحو: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى}
الثلاثون: إيقاع الظاهر موضع المضمر نحو: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين} وكذا آية الكهف
الحادي والثلاثون: وقوع مفعول موقع فاعل كقوله: {حجابا مستورا} {كان وعده مأتيا} أي ساترا وآتيا
الثاني والثلاثون: وقوع فاعل موقع مفعول نحو: {في عيشة راضية} {من ماء دافق}
الثالث والثلاثون: الفصل بين الموصوف والصفة نحو: {أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى} إن أعرب أحوى صفة المرعى أي حالا
الرابع والثلاثون: إيقاع حرف مكان غيره نحو: {بأن ربك أوحى لها} والأصل إليها
الخامس والثلاثون: تأخير الوصف غير الأبلغ عن الأبلغ ومنه: {الرحمن الرحيم} {رءوف رحيم} لأن الرأفة أبلغ من الرحمة
السادس والثلاثون: حذف الفاعل ونيابة المفعول نحو: {وما لأحد عنده من نعمة تجزي}
السابع والثلاثون: إثبات هاء السكت نحو: {ما ليه} {سلطانيه} {ماهيه}
الثامن والثلاثون: الجمع بين المجرورات نحو: {ثم لا تجد لك به علينا تبيعا} فإن الأحسن الفصل بينها إلا أن مراعاة الفاصلة اقتضت عدمه وتأخير {تبيعا}
التاسع والثلاثون: العدول عن صيغة المضي إلى صيغة الاستقبال نحو: {ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون} والأصل قتلتم
الأربعون: تغيير بنية الكلمة نحو: {وطور سينين} والأصل سيناء
تنبيه:
قال ابن الصائغ لا يمتنع في توجيه الخروج عن الأصل في الآيات المذكورة أمور أخرى مع وجه المناسبة فإن القرآن العظيم كما جاء في الأثر لا تنقضي عجائبه). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (فائدة: قال الإمام السيوطي في الإتقان ألّف الإمام شمس الدين ابن الصائغ الحنفي كتابًا سماه إحكام الرآي في أحكام الآي قال فيه: إعلم أن المناسبة أمر مطلوب في اللغة العربية يُرتَكب لها أمور في مخالفة الأصول، قال: وقد تتبعت الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاةً للمناسبة فعثُرْتُ منها على نيِّفٍ عن الأربعين حكمًا:
أحدها: تقديم المعمول إما على العامل نحو {أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} قيل: ومنه {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أو على معمول آخِّرَ أصله التقديم نحو {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} إذا أعْرَبْنا الكبرى مفعول نرى أو على الفاعل نحو: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} ومنه تقديم خبر كان على اسمها نحو: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
الثاني: تقديم ما هو متأخِّر في الزمان نحو {فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} ولولا مراعاة الفواصل لقُدِّمت الأولى كقوله: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ}.
الثالث: تقديم الفاضل على الأفضل نحو {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى}.
الرابع: تقديم الضمير على ما يفسره نحو: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى}.
الخامس: تقديم الصفة الجملة على الصفة المفردة، نحو {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا}.
السادس: حذف ياء المنقوص المعرَّف نحو {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} {يَوْمَ التَّنَادِ}.
السابع: حذف ياء الفعل غير المجزوم نحو {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}.
الثامن: حذف ياء الإضافة نحو {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}.
التاسع: زيادة حرف المد نحو {الظُّنُونَا} و {الرَّسُولَا} و{السَّبِيلا} ومنه إبقائه مع الجازم نحو {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى} على القول بأنه نهيٌ.
العاشر: صرف ما لا ينصرف نحو {قَوَارِيرَا قَوَارِيرًَا}.
الحادي عشر:إيثار تذكير اسم الجنس نحو {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}.
الثاني عشر: إيثار تأنيثه نحو {أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} ومثل هذين في القمر
{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} ، وفي الكهف {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}.
الثالث عشر: الاقتصار على أحد الوجهين الجائزين اللَّذين قرئ بهما في السبع في غير ذلك كقوله تعالى: {فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} ، ولم يجيء رشدًا في السبع وكذا {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} لأن الفواصل في السورتين محركة الوسط وقد جاء {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ} بهما وبهذا يبطل ترجيحُ الفارسي قراءة التحريك بالإجماع عليه ونظير ذلك قراءة (تَبَّتْ [يَدَا] أَبِي لَهَبٍ) إلا بالفتح لمراعاة الفاصلة.
إيراد الجملة التي رُدَّ بها ما قبلها على غير وجه المطابقة في الاسمية والفعلية كقوله تعالى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} لم يطابق بين قولهم {آمَنَّا} وبين ما ورد به فيقول لم يؤمنوا وما آمنوا لذلك.
الخامس عشر: إيرادُ أحد القسمين غيرَ مطابق للآخر كذلك نحو {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} ولم يقل{الَّذِينَ كَذَبُوا}.
السادس عشر: إيراد أحد جزئي الجملتين على غير الوجه الذي أورد نظيرُها من الجملة الأخرى نحو {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ}.
السابع عشر: إيثار أغرب اللفظين نحو {قِسْمَةٌ ضِيزَى} ولم يقل جائرة
{لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ} ولم يقل: جهنم أو النار وقال في المدثر: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} وفي سأل {إِنَّهَا لَظَى} وفي القارعة {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} لمراعاة فواصل كل سورة.
الثامن عشر: اختصاص كل من [المشركين](1) بموضع نحو {وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}وفي سورة طه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُوْلِي النُّهَى}.
التاسع عشر: حذف المفعول نحو {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ومنه حذف متعلق [أفعل] التفضيل نحو {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} {خَيْرٌ وَأَبْقَى}.
العشرون: الاستغناء بالإفراد عن التثنية نحو {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}.
الحادي والعشرون: الاستغناء به عن الجمع نحو: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} ولم يقل أئمة كما قال: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ} {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} أي أنهار.
الثاني والعشرون: الاستغناء بالتثنية عن الإفراد {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، قال الفراء: أراد جنة واحدة كقوله: {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} فثنى لأجل الفاصلة قال: والقوافي تحتمل من الزيادة والنقصان ما لا يحتمله سائر الكلام ونظير ذلك قول الفراء أيضًا في قوله تعالى: {إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} فإنهما رجلان قُدارُ وآخر معه ولم يقل: أشقياها للفاصلة وقد أنكر ذلك ابن قتيبة وأغلظ فيه وقال: إنما يجوز في رؤوس الآي زيادة هاء السكت أو ألف أو حذف همز أو حرف فأما أن يكون الله وَعَدَ بجنتين فتجعلهما جنة واحدة لآجل رؤوس الآي فمعاذ الله، وكيف هذا وهو يصفها صفات الإثنين قال: {ذَوَاتَا أَفْنَان} ، ثم قال فيها فيهما وأما ابن الصائغ فإنه نقل عن الفراء أنه أراد جنات فأطلق الاثنين على الجمع لآجل الفاصلة ثم قال وهذا غير بعيد قال: وإنما عاد الضمير بعد ذلك بصيغة التثنية مراعاة للفظ وهذا هو الثالث والعشرون.
الرابع والعشرون: الاستغناء بالجمع عن الإفراد نحو {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ} أي ولا خُلَّة كما في الآية الأخرى وجمع مراعاة للفاصلة.
الخامس والعشرون: إجراء غير العاقل نُجرى العاقل نحو {رَأَيْتُهُمْ لِي
سَاجِدِينَ} {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.
السادس والعشرون: إمالةَ ما لا يُمالُ كآي طه والنجم الخ.
السابع والعشرون:الآتيان بصيغة المبالغة كقدير وعليم مع ترك ذلك في نحو {هُوَ الْقَادِر} {عَالِمُ الْغَيْبِ} ومنه {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}.
الثامن والعشرون: إيثار بعض أوصاف المبالغة على بعض نحو {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} أوثر على عجيب لذلك.
التاسع والعشرون: الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه نحو {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى}.
الثلاثون: إيقاع الظاهر موقع المضمر نحو {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} وكذا آية الكهف.
الحادي والثلاثون: وقوع مفعول موقع فاعل نحو {حِجَابًا مَسْتُورًا} {كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} أي سائرًا وآتيًا.
الثاني والثلاثون: وقوع فاعل موقع مفعول نحو {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}.
الثالث والثلاثون: الفصل بين الموصوف والصفة نحو {أَخْرَجَ الْمَرْعَى}
{فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} إن أعرب {أحوى} صفة {المرعى} أو حالًا.
الرابع والثلاثون: إيقاع حرف مكان غيره نحو {رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} والأصل إليها.
الخامس والثلاثون: تأخير الوصف غير الأبلغ عن الأبلغ ومنه {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} لأن الرأفة أبلغ من الرحمة.
السادس والثلاثون: حذف الفاعل ونيابة المفعول عنه نحو {وَمَا لِأَحَدٍ [عِنْدَهُ] مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى}.
السابع والثلاثون: إثبات هاء السكت نحو {مَالِيَه} و{سُلطًانِيَه} و{مَاهِيَه}.
الثامن والثلاثون: الجمع بين المجرورات نحو {ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} فإن الأحسن الفصل بينها إلا أن مراعاة الفاصلة اقتضت عدمه وتأخير {تبيعًا}.
التاسع والثلاثون: العدول عن صيغة المُضيِّ إلى صيغة الاستقبال نحو {فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} والأصل قتلتم.
الأربعون: تَغيير بِنْيَة الكلمة نحو {وَطُورِ سِينِينَ} والأصل سيناء.
تنبيه: قال ابن الصائغ: لا يمتنع في توجيه الخروج عن الأصل في الآيات المذكورة أمورٌ أخرى مع وجه المناسبة فإن القرآن العظيم كما جاء في الأثر {لا تنقضي عجائبه} انتهى).
[القول الوجيز: 124-144]
- قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلِيّ مُوسَى (ت:1429هـ): (1) هكذا في جميع النسخ والصواب [المشتركين]). ). [التعليق على القول الوجيز:؟؟]


رد مع اقتباس