عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 04:15 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد (197) لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلًا من عند اللّه وما عند اللّه خيرٌ للأبرار (198)}
يقول تعالى: لا تنظروا إلى ما هؤلاء الكفّار مترفون فيه، من النّعمة والغبطة والسّرور، فعمّا قليلٍ يزول هذا كلّه عنهم، ويصبحون مرتهنين بأعمالهم السّيّئة، فإنّما نمدّ لهم فيما هم فيه استدراجًا، وجميع ما هم فيه {متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد}
وهذه الآية كقوله تعالى: {ما يجادل في آيات اللّه إلا الّذين كفروا فلا يغررك تقلّبهم في البلاد} [غافرٍ:4]، وقال تعالى: {إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون. متاعٌ في الدّنيا ثمّ إلينا مرجعهم ثمّ نذيقهم العذاب الشّديد بما كانوا يكفرون} [يونس:69، 70]، وقال تعالى: {نمتّعهم قليلا ثمّ نضطرّهم إلى عذابٍ غليظٍ} [لقمان:24]، وقال تعالى: {فمهّل الكافرين أمهلهم رويدًا} [الطّارق:17]، أي: قليلًا وقال تعالى: {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} [القصص:61]). [تفسير القرآن العظيم: 2/192]


تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهكذا لمّا ذكر حال الكفّار في الدّنيا وذكر مآلهم إلى النّار قال بعده: " {لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلًا} أي: ضيافةً من عند اللّه {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار}
وقال ابن مردويه: حدّثنا أحمد بن نصرٍ أخبرنا أبو طاهرٍ سهل بن عبد اللّه، أنبأنا هشام بن عمّار، أنبأنا سعيد بن يحيى، أنبأنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن محارب بن دثار، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّما سمّوا الأبرار لأنّهم برّوا الآباء والأبناء، كما أنّ لوالديك عليك حقًّا، كذلك لولدك عليك حقٌّ".
كذا رواه ابن مردويه عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أحمد بن جناب، حدّثنا عيسى بن يونس، عن عبيد اللّه بن الوليد الوصّافيّ عن محارب بن دثارٍ عن ابن عمر قال: إنّما سمّاهم اللّه أبرارًا لأنّهم برّوا الآباء والأبناء، كما أنّ لوالديك عليك حقًّا، كذلك لولدك عليك حقٌّ، وهذا أشبه واللّه أعلم.
ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا هشامٌ الدّستوائي، عن رجلٍ، عن الحسن قال: الأبرار الّذين لا يؤذون الذّرّ.
وقال ابن أبي حاتمٍ أيضًا: حدّثنا أحمد بن سنانٍ، حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود قال: قال عبد اللّه -يعني ابن مسعودٍ-: ما من نفس برّة ولا فاجرةٍ إلّا الموت خيرٌ لها، لئن كان برًّا لقد قال اللّه: {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار}
وكذا رواه عبد الرّزّاق، عن الأعمش، عن الثّوريّ، به، وقرأ: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ} [آل عمران:178].
وقال ابن جريرٍ: حدّثني المثنّى، حدّثنا إسحاق، حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن فرج بن فضالة، عن لقمان، عن أبي الدّرداء أنّه كان يقول: ما من مؤمنٍ إلّا والموت خيرٌ له، وما من كافرٍ إلّا والموت خيرٌ له، ومن لم يصدّقني فإنّ اللّه يقول: {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار} ويقول: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/192-193]


رد مع اقتباس