عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 04:15 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: (لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد (197) لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً من عند اللّه وما عند اللّه خيرٌ للأبرار (198)
نزلت لا يغرّنّك في هذه الآية، منزلة: لا تظن أن حال الكفار حسنة فتهتم لذلك، وذلك أن المغتر فارح بالشيء الذي يغتر به، فالكفار مغترون بتقلبهم والمؤمنون مهتمون به، لكنه ربما يقع في نفس مؤمن أن هذا الإملاء للكفار إنما هو لخير لهم، فيجيء هذا جنوحا إلى حالهم ونوعا من الاغترار فلذلك حسنت لا يغرّنّك ونظيره قول عمر لحفصة: لا يغرنك إن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، المعنى: لا تغتري بما يتم لتلك من الإدلال فتقعي فيه فيطلقك النبي صلى الله عليه وسلم، والخطاب للنبي عليه السلام، والمراد أمته وللكفار في ذلك حظ، أي لا يغرنكم تقلبهم، وقرأ ابن أبي إسحاق ويعقوب: «لا يغرنك» بسكون النون خفيفة، وكذلك «لا يصدنك ولا يصدنكم ولا يغرنكم» - وشبهه، و «التقلب»: التصرف في التجارات والأرباح والحروب وسائر الأعمال). [المحرر الوجيز: 2/453-454]

تفسير قوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن قلة ذلك المتاع، لأنه منقض صائر إلى ذل وقل وعذاب). [المحرر الوجيز: 2/454]

تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ أبو جعفر بن القعقاع: «لكنّ الذين»، بشد النون، وعلى أن الّذين في موضع نصب اسما ل «لكنّ»، ونزلًا: معناه تكرمة، ونصبه على المصدر المؤكد، وقرأ الحسن: «نزلا» ساكنة الزاي، وقوله تعالى: وما عند اللّه خيرٌ للأبرار يحتمل أن يريد: خير مما هؤلاء فيه من التقلب والتنعم، ويحتمل أن يريد: خير مما هم فيه في الدنيا، وإلى هذا ذهب ابن مسعود فإنه قال: ما من مؤمن ولا كافر إلا والموت خير له، أما الكافر فلئلا يزداد إثما، وأما المؤمن فلأن ما عند الله خير للأبرار.
قال أبو محمد: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، فقال القاضي ابن الطيب: هذا هو بالإضافة إلى ما يصير إليه كل واحد منهما في الآخرة، فالدنيا على المؤمن المنعم سجن بالإضافة إلى الجنة، والدنيا للكافر الفقير المضيق عليه في حاله وصحته جنة بالإضافة إلى جهنم، وقيل: المعنى أنها سجن المؤمن لأنها موضع تبعه في الطاعات وصومه وقيامه، فهو فيها كالمعنت المنكل، وينتظر الثواب في الأخرى التي هي جنته، والدنيا جنة الكافر، لأنها موضع ثوابه على ما عسى أن يعمل من خير، وليس ينتظر في الآخرة ثوابا، فهذه جنته، وهذا القول عندي كالتفسير والشرح للأول). [المحرر الوجيز: 2/454]


رد مع اقتباس