الموضوع: نزول المعوذتين
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10 شعبان 1434هـ/18-06-2013م, 11:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

أسباب نزول المعوذتين

هل حادثة سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم صحيحة؟
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (سَحَرَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ من بني زُريق يقال له: لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُخيَّل إليه أنَّه يفعل الشيءَ وما فعله ). وذكرت القصة.
والحديث رواه جمع من الأئمة في مصنفاتهم وهو حديث صحيح لا مطعن فيه.
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: (سَحَرَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ من اليهود). رواه أحمد وعبد بن حميد والطحاوي والطبراني.
والحديث صحيح الإسناد، وصححه الحافظ العراقي، وقال الألباني: هو على شرط مسلم.
في الحديث الأول أن الذي سحره رجل من بني زريق.
وفي الحديث الثاني: الذي سحره رجل من اليهود.
والجمع بينهما ما بينته روايات صحيحة في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: (سحر رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يهوديٌّ من يهود بني زريق).
وبنو زريق بطن مشهور من الخزرج وهم من الأنصار، وقد أسلم أكثرهم بعد هجرة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم .
وكان لهم مسجد معروف في عهد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ؛ ففي صحيح البخاري من حديث ابن عمر أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم سابق بين الخيل التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق.
وكان كل من الأوس والخزرج لهم حلفاء من اليهود في الجاهلية.
قال ابن عباس: ( كانت المرأة تكون مِقْلاتاً فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوِّده [تلتمس بذلك طول بقائه، فجاء الإسلام ، وفيهم منهم] فلما أُجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار؛ فقالوا : لا ندع أبناءنا ؛ فأنزل الله عزَّ وجلَّ {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الْغَيِّ} [فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : « خيروا أصحابكم ، فإن اختاروكم ، فهم منكم ، وإن اختاروهم ، فهم منهم »]). رواه أبو داود والسياق له، والطحاوي وما بين المعكوفين له، ورواه أيضاً البيهقي وابن حبان بألفاظ مقاربة.
وقول اليهود: ( لا ندع أبناءنا ) يريدون أبناءهم من الرضاعة، ممن أرضعوهم فتهودوا من الأوس والخزرج قبل مجيء الإسلام.
فلذلك كان لبيد بن الأعصم يهودياً وهو من بني زريق.
وفي رواية في صحيح البخاري أن الذي سحره لبيد بن الأعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقاً.
فيكون هذا الخبيث قد جمع أوصاف الخبث فهو يهودي منافق ساحر.
وقول عائشة: (حتى كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُخيَّل إليه أنَّه يفعل الشيءَ وما فعله)
جاء مفسراً من رواية أخرجها البخاري في صحيحه من طريق سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سُحِرَ حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن.
قال سفيان: (وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا).
وقد أنكر هذه الحادثة بعض المعتزلة ، وزعموا أن الإقرار بها قدح في عصمة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، وفيه موافقة للكفار في قولهم فيما حكى الله عنهم: {وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً}
وأجاب أهل العلم عن إيراد المعتزلة بأن المسحور في هذه الآية المراد به الذي أصابه جنون بسبب السحر فخبَّله السحر وأذهب عقله، أمَّا الذي لم يؤثر السحر في عقله وإدراكه ومنطقه فغير مراد هنا ولا حجة لهم في المنع من تصديق قوله بسبب هذا السحر.
والسحر الذي وقع للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم غير مؤثر في عقله وتبليغه الرسالة بلا خلاف بين أهل العلم.
قال السهيلي (ت:581هـ): (الحديث ثابت خرَّجه أهل الصحيح ، ولا مطعن فيه من جهة النقل، ولا من جهة العقل، لأن العصمة إنما وجبت لهم في عقولهم وأديانهم، وأما أبدانهم فإنهم يُبتلون فيها، ويُخلَصُ إليهم بالجراحة والضرب والسموم والقتل، والأُخذة التي أُخِّذَها رسول الله صلى الله عليه من هذا الفنِّ ، إنما كانت في بعض جوارحه دون بعض)ا.هـ.
الأُخذَة:السحر.
قال ابن القيم: (اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة واحدة، والقصة مشهورة عند أهل التفسير والسنن والحديث والتاريخ والفقهاء ، وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأيامه من المتكلمين)ا.هـ.
يقصد بالمتكلمين المعتزلة، وهم الذين اشتهر عنهم إنكار هذه القصة.
ومِنَ المعتزلة ومَن وافقهم في بعض أصولهم من ينكر هذه الحادثة لإنكاره حقيقة السحر أصلاً كما فعل ذلك الجصاص والنحاس، ونُقِل ذلك عن القاضي عبد الجبار وأبي بكر الأصم.
ومنهم من أعرض عن ذكرها في تفسيره كما فعل الزمخشري.
والماوردي حكى القولين وتوقف، وهو موافق للمعتزلة في بعض أصولهم.
ولا خلاف بين السلف في ثبوت هذه القصة ، كما أنه لا خلاف في أنها غير مؤثرة في تبليغه صلَّى الله عليه وسلَّم للرسالة).
[جامع أسئلة التفسير وعلوم القرآن:؟؟]

هل كانت تلك الحادثة هي سبب نزول المعوذتين؟
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (المسألة الثالثة: هل كانت تلك الحادثة هي سبب نزول المعوذتين؟
هذه المسألة وقع فيها لبس في كثير من كتب التفسير ، وهذا اللبس له أسباب سأبينها بإذن الله تعالى
لكن أمثل ما يستدل به في هذه المسألة ما أخرجه عبد بن حميد والطحاوي في مشكل الآثار كلاهما من طريق أحمد بن يونس قال: حدثنا: أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حَيَّان عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود.
قال: فاشتكى فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين، وقال: إن رجلا من اليهود سحرك، والسحر في بئر فلان.
قال: فأرسل علياً فجاءَ به.
قال: فأمرَه أن يحلَّ العُقَدَ، وتُقْرَأ آية؛ فجعلَ يقرأ ويحلُّ حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما أنشط من عقال.
قال: فما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك اليهوديِّ شيئا مما صنع به.
قال: ولا أراه في وجهه).
قوله: (فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين) هذا مما تفرد به أحمد بن يونس عن أبي معاوية ، وهو ثقة ثبت، روى عنه البخاري ومسلم في صحيحهما بلا واسطة، وقال الإمام أحمد لرجل يطلب الحديث: اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام.
وهذه الزيادة اختُلف فيها:
فمن صححها اعتبرها من زيادة الثقة كما فعل الألباني رحمه الله .
ومن نظر إلى مخالفتها لسائر طرق الحديث أعلها بالمخالفة.
فإن حديث زيد بن أرقم روي من أربعة طرق هذا بيانها:
الطريقُ الأوَّل: طريق جرير عن الأعمش عن ثمامة بن عقبة عن زيد بن أرقم، وقد أخرجه الطبراني في معجمه الكبير من طريق إسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وعلي بن المديني ثلاثتهم عن جرير به، وأخرجه الحاكم في مستدركه من طريق أحمد بن حنبل عن جرير به، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وليس فيه ذكر نزول المعوذتين، وهو أقرب إلى رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
الطريق الثاني: طريق شيبان عن الأعمش عن ثمامة عن زيد بن أرقم بمثل رواية جرير أخرجه الطبراني في الكبير.
الطريق الثالث: طريق سفيان الثوري عن الأعمش عن ثمامة عن زيد بن أرقم أخرجه ابن سعد في الطبقات، والبزار في مسنده، وفي إسناده عندهما موسى بن مسعود وهو أبو حذيفة النهدي، وليس فيه ذكر نزول المعوذتين.
الطريق الرابع: طريق أبي معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم، واختلف فيه فرواه ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي والطبراني وأبو الشيخ الأصبهاني والبغوي من طرق عن أبي معاوية عن الأعمش به، وليس فيه عند جميعهم ذكر نزول المعوذتين.
ورواه عبد بن حميد والطحاوي في مشكل الآثار كلاهما من طريق أحمد بن يونس عن أبي معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم وذكر فيه نزول المعوذتين.
فهذه الزيادة تفرد بها أحمد بن يونس وهو إمام ثقة، لكنه خولف في هذه الزيادة فقد حدَّث بهذا الحديث عن أبي معاوية: أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة وهناد بن السري ولم يذكروا هذه الزيادة.
فمن اعتبر هذه الزيادة مخالفة حكم عليها بالشذوذ لمخالفة أحمد بن يونس بقية الرواة عن أبي معاوية ثم مخالفة هذه الزيادة لطرق الحديث الأخرى، ومن اعتبرها من باب زيادة الثقة صححها كما فعل الألباني رحمه الله). [جامع أسئلة التفسير وعلوم القرآن:؟؟]


رد مع اقتباس