عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 12:28 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ المجرمين في عذاب جهنّم خالدون (74) لا يفتّر عنهم وهم فيه مبلسون (75) وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظّالمين}.
يقول تعالى ذكره {إنّ المجرمين} وهم الّذين اجترموا في الدّنيا الكفر باللّه، فأجرموا به في الآخرة {في عذاب جهنّم خالدون} يقول: هم فيه ماكثون). [جامع البيان: 20/647]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال أحمد بن منيعٍ: حدثنا الهيثم بن خارجة، ثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن عبد العزيز بن عبيد اللّه، عن عبادة بن نسيٍّ، عن جنادة ابن أبي أميّة قال: لمّا نزل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه الجابية. قال لمعاذٍ رضي الله عنه: يا معاذ. ما عروة هذا الأمر؟ قال: قلت: الإخلاص يا أمير المؤمنين، والطّاعة ثمّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " ثلاثٌ من فعلهنّ فقد أجرم، من اعتقد لواءً في غير حقٍّ، أو عقّ والدته، أو مشى مع ظالمٍ ينصره. [فقد أجرم، يقول الله تبارك وتعالى: {إنّا من الجّرمين منتقمون} ] ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/202]

تفسير قوله تعالى: (لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى مبلسون قال أي مستسلمون). [تفسير عبد الرزاق: 2/202]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {لا يفتّر عنهم} يقول: لا يخفّف عنهم العذاب وأصل الفتور: الضّعف، {وهم فيه مبلسون} يقول: وهم في عذاب جهنّم مبلسون، والهاء في فيه من ذكر العذاب ويذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: وهم فيها مبلسون والمعنى: وهم في جهنّم مبلسون، والمبلس في هذا الموضع: هو الآيس من النّجاة الّذي قد قنط فاستسلم للعذاب والبلاء.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وهم فيه مبلسون} أي مستسلمون.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {وهم فيه مبلسون} قال: آيسون.
- وقال آخرون بما: حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {وهم فيه مبلسون} متغيّرٌ حالهم.
وقد بيّنّا فيما مضى معنى الإبلاس بشواهده، وذكر المختلفين فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 20/647-648]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {إن المجرمين}
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {وهم فيه مبلسون} قال: مستسلمون). [الدر المنثور: 13/236]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظّالمين} يقول تعالى ذكره: وما ظلمنا هؤلاء المجرمين بفعلنا بهم ما أخبرناكم أيّها النّاس أنّا فعلنا بهم من التّعذيب بعذاب جهنّم {ولكن كانوا هم الظّالمين} بعبادتهم في الدّنيا غير من كان عليهم عبادته، وكفرهم باللّه، وجحودهم توحيده). [جامع البيان: 20/648]

تفسير قوله تعالى: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، قال: سأل علي هلالًا الهجري: ما تجدون الحقب الواحد؟ قال: نجده في كتاب الله المنزل ثمانين سنة، كل سنة اثني عشر شهرًا، كل شهر ثلاثون يومًا، وكل يوم ألف سنة.
- قرأ على سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، يذكره عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال: إن أهل النار، يدعون مالكًا فلا يجيبهم أربعين عامًا، ثم يرد عليهم: {إنكم ماكثون} [سورة الزخرف: 77]، قال: فكانت والله دعوتهم على مالك ورب مالك، قال: ثم يدعون ربهم، فيقولون: {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قومًا ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} [سورة المؤمنون: 106-107] قال: فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين، قال: ثم يرد عليهم: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} قال: فو الله ما تكلم القوم بعدها بكلمة وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم، فشبه أصواتهم بأصوات الحمير، أولها زفير وآخرها شهيق). [الزهد لابن المبارك: 2/589]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم بن أبي عمر بن أبي ليلى أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني أو ذكر لي: أن أهل النار استغاثوا بالخزنة، فقال الله: {وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب} [سورة غافر:49 - 50] فسألوا يومًا واحدًا يخفف عنهم فيه العذاب، فرد عليهم: {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى} فردت عليهم الخزنة: {قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} قال: فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا مالكًا وهو عليهم وله مجلس في وسطها، وجسور تمر عليها ملائكة العذاب فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: {يا مالك ليقض علينا ربك}[سورة الزخرف:77] قال: سألوا الموت، فسكت عنهم لا يجيبهم ثمانين سنة، قال: والسنة ستون وثلاثمائة يوم، والشهر ثلاثون يومًا، واليوم كألف سنة مما تعدون، ثم لحظ إليهم بعد الثمانين فقال: {إنكم ماكثون}، فلما سمعوا منه ما سمعوا وأيسوا مما قاله، قال بعضهم لبعض: يا هؤلاء، قد نزل بكم من البلاء والعذاب ما قد ترون، فهلم فلنصبر، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا، فأجمعوا رأيهم على الصبر، قال: فصبروا فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [سورة إبراهيم: 21- 22]، أي من منجى، قال: فقام إبليس عند ذلك فقال: {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} إلى قوله: {ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي} يقول: بمغن عنكم شيئًا {وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل} قال: فلما سمعوا مقالتهم مقتوا أنفسهم، قال: فنودوا: {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} [سورة غافر: 10-12] إلى قوله: {فهل إلى خروج من سبيل} قال: فرد عليهم: {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير} قال فهذه واحدة، قال: فنودوا الثانية: {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنا موقنون}[سورة السجدة: 12] قال: فرد عليهم {ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هداها} يقول: لو شئت لهديت الناس جميعًا فلم يختلف منهم أحدٌ {ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا}، يقول: بما تركتم أن تعملوا لي ليومكم هذا، {إنا نسيناكم} إنا تركناكم، {وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} هذه اثنتان، قال: فنادوا الثالثة {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} [سورة إبراهيم: 45- 46] فرد عليهم: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، قال: هذه الثالثة، قال: ثم نادوا الرابعة: {ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل} [سورة فاطر: 37] قال: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} ثم مكث عنهم ما شاء الله، ثم ناداهم: { ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون} [سورة المؤمنون: 105-108]، قال: فلما سمعوا صوته قالوا: الآن يرحمنا، فقالوا عند ذلك: {غلبت علينا شقوتنا} أي الكتاب الذي كتب علينا، {وكنا قومًا ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}فقال عند ذلك: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم، وأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجه بعض، فأطبقت عليهم.
قال: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قوله: {هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون} [سورة المرسلات: 35- 36] ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 590-592]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي الحسن عن ابن عباس في قوله ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال مكث عنهم ألف سنة ثم قال إنكم ماكثون قال سفيان الثوري وفي حرف ابن مسعود ونادوا يا مال ليقض علينا ربك). [تفسير عبد الرزاق: 2/202]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه قال سمعت رسول الله وهو على المنبر يقرأ ونادوا يا مالك). [تفسير عبد الرزاق: 2/202]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عطاء بن السّائب عن أبي الحسن عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك قال إنكم ماكثون} قال: مكث عنهم ألف سنةٍ ثم قال: {إنكم ماكثون} [الآية: 77]). [تفسير الثوري: 273-274]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: كان أصحاب عبد اللّه يقرءونها (يا مال) يعني مالك [الآية: 77]). [تفسير الثوري: 274]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(باب قوله: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك، قال: إنّكم ماكثون} [الزخرف: 77]
- حدّثنا حجّاج بن منهالٍ، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، قال: سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقرأ على المنبر: " {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} [الزخرف: 77] "). [صحيح البخاري: 6/130]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله ونادوا يا مالك)
ظاهرها أنهم بعد ما طال إبلاسهم تكلّموا والمبلس السّاكت بعد اليأس من الفرج فكان فائدة الكلام بعد ذلك حصول بعض فرجٍ لطول العهد أو النّداء يقع قبل الإبلاس لأنّ الواو لا تستلزم ترتيبا
- قوله عمرو هو ابن دينارٍ قوله عن صفوان بن يعلى عن أبيه هو يعلى بن أميّة المعروف بابن منية قوله يقرأ على المنبر ونادوا يا مالك كذا للجميع بإثبات الكاف وهي قراءة الجمهور وقرأ الأعمش ونادوا يا مال بالتّرخيم ورويت عن عليٍّ وتقدّم في بدء الخلق أنّها قراءة ابن مسعودٍ قال عبد الرّزّاق قال الثّوريّ في حرف ابن مسعودٍ ونادوا يا مال يعني بالتّرخيم وبه جزم ابن عيينة ويذكر عن بعض السّلف أنّه لمّا سمعها قال ما أشغل أهل النّار عن التّرخيم وأجيب باحتمال أنّهم يقتطعون بعض الاسم لضعفهم وشدّة ما هم فيه). [فتح الباري: 8/568]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ قوله: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} (الزخرف: 77) الآية)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {ونادوا} أي: الكفّار في النّار ينادون لمالك خازن النّار {ليقض علينا ربك} أي: ليمتنا فنستريح، فيجيبهم مالك بعد ألف سنة: إنّكم ماكثون في العذاب، وفي تفسير الجوزيّ: ينادون مالكًا أربعين سنة فيجيبهم بعدها إنّكم ماكثون. ثمّ ينادون رب العزّة ربنا أخرجنا منها فلا يجيبهم مثل عمر الدّنيا، ثمّ يقول: اخسئوا فيها ولا تكلمون.
- حدّثنا حجّاج بن منهالٍ حدّثنا سفيان بن عيينة عن عمروٍ عن عطاءٍ عن صفوان ابن يعلى عن أبيه قال سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وعمرو هو ابن دينار، وعطاء هو ابن أبي رباح ويعلى بن أميّة والحديث قد مضى في كتاب بدء الدّنيا في باب صفة النّار فإنّه أخرجه هناك عن قتيبة بن سعيد عن سفيان عن عمرو بن دينار إلى آخره). [عمدة القاري: 19/160]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قوله: {ونادوا}) ولأبي ذر باب بالتنوين ونادوا ({يا مالك ليقض علينا ربك}) ليمتنا لنستريح {قال} مالك مجيبًا لهم بعد ألف سنة أو أربعين أو مائة {إنكم ماكثون} [الزخرف: 77] مقيمون في العذاب لا خلاص لكم منه بموت ولا بغيره وسقط قوله قال إنكم
ماكثون لغير أبي ذر وابن عساكر وقال الآية.
- حدّثنا حجّاج بن منهالٍ، حدّثنا سفيان بن عيينة عن عمرٍو عن عطاءٍ عن صفوان بن يعلى، عن أبيه قال: سمعت النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقرأ على المنبر {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} وقال قتادة: {مثلًا للآخرين} عظةً لمن بعدهم. وقال غيره: {مقرنين} ضابطين يقال: فلانٌ مقرنٌ لفلانٍ ضابطٌ له. والأكواب: الأباريق الّتي لا خراطيم لها. وقال قتادة: {في أم الكتاب} جملة الكتاب أصا الكتاب. {أوّل العابدين} أي ما كان فأنا أوّل الآنفين. وهما لغتان، رجلٌ عابدٌ وعبدٌ. وقرأ عبد اللّه: {وقال الرّسول يا ربّ} ويقال أوّل العابدين الجاحدين. من عبد يعبد {أفنضرب عنكم الذّكر صفحًا أن كنتم قومًا مسرفين} [الزخرف: 5] مشركين واللّه لو أنّ هذا القرآن رفع حيث ردّه أوائل هذه الأمّة لهلكوا. {فأهلكنا أشدّ منهم بطشًا ومضى مثل الأوّلين} [الزخرف: 8] عقوبة الأوّلين. {جزءًا} عدلًا.
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم الأنماطي السلمي مولاهم البصري قال: (حدّثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي ثم المكي الإمام الحجة (عن عمرو) هو ابن دينار (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (عن صفوان بن يعلى عن أبيه) يعلى بن أمية التميمي حليف قريش واسم أمه منية بضم الميم وسكون النون وفتح التحتية أنه (قال: سمعت النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقرأ على المنبر: ({ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك}) وقرئ يا مال بكسر اللام على الترخيم وفيه إشعار بأنهم لضعفهم لا يستطيعون تأدية اللفظ بالتمام.
فإن قلت: كيف قال ونادوا يا مالك بعد ما وصفهم بالإبلاس؟ أجيب: بأنها أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة فتختلف بهم الأحوال فيسكتون أوقاتًا لغلبة اليأس عليهم ويستغيثون أوقاتًا لشدة ما بهم.
وهذا الحديث ذكره في باب صفة النار من بدء الخلق). [إرشاد الساري: 7/333]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ونادوا يا مالك}
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدّثنا سفيان، وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا سفيان، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، قال: سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقرأ على المنبر {ونادوا يا مالك} [الزخرف: 77]. وقال إسحاق:... إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم......). [السنن الكبرى للنسائي: 10/251]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن رافعٍ، قال: حدّثنا حجين بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن ابن الفضل، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لقد رأيتني في الحجر وقريشٌ تسألني عن مسراي، فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربًا ما كربت مثله قطّ، فرفعه الله لي أنظر إليه، فما سألوني عن شيءٍ إلّا أتيتهم به، وقد رأيتني في جماعةٍ من الأنبياء، وإذا موسى صلّى الله عليه وسلّم قائمٌ يصلّي، فإذا رجلٌ ضربٌ جعدٌ كأنّه من رجال شنوءة، وإذا عيسى قائمٌ يصلّي أقرب النّاس به شبهًا عروة بن مسعودٍ الثّقفيّ، وإذا إبراهيم قائمٌ يصلّي أشبه النّاس به صاحبكم - يعني نفسه صلّى الله عليه وسلّم - وحانت الصّلاة فأممتهم، فلمّا فرغت من الصّلاة، قال لي قائلٌ: يا محمّد، هذا مالكٌ صاحب النّار فسلّم عليه، فالتفت إليّ فبدأني بالسّلام "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/251]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك قال إنّكم ماكثون (77) لقد جئناكم بالحقّ ولكنّ أكثركم للحقّ كارهون}.
يقول تعالى ذكره: ونادى هؤلاء المجرمون بعد ما أدخلهم اللّه جهنّم، فنالهم فيها من البلاء ما نالهم، مالكًا خازن جهنّم {يا مالك ليقض علينا ربّك} قالوا: ليمتنا ربّك، فيفرغ من إماتتنا، فذكر أنّ مالكًا لا يجيبهم في وقت قيلهم له ذلك، ويدعهم ألف عامٍ بعد ذلك، ثمّ يجيبهم، فيقول لهم: {إنّكم ماكثون}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن أبي الحسن، عن ابن عبّاسٍ، {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} فأجابهم بعد ألف سنةٍ {إنّكم ماكثون}.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن رجلٍ، من جيرانه يقال له الحسن، عن نوفٍ، في قوله: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} قال: يتركهم مئة سنةٍ ممّا تعدّون، ثمّ يناديهم فيقول: يا أهل النّار إنّكم ماكثون.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن أبي أيّوب، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} قال: فخلّى عنهم أربعين عامًا لا يجيبهم، ثمّ أجابهم: {إنّكم ماكثون} قالوا: {ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون} فخلّى عنهم مثلي الدّنيا، ثمّ أجابهم: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} قال: فواللّه ما نبس القوم بعدها بكلمةٍ، إن كان إلاّ الزّفير والشّهيق.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي أيّوب الأزديّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ أهل جهنّم يدعون مالكًا أربعين عامًا فلا يجيبهم، ثمّ يقول: {إنّكم ماكثون}، ثمّ ينادون ربّهم {ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون} فيدعهم أو يخلّي عنهم مثل الدّنيا، ثمّ يردّ عليهم {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} قال: فما نبس القوم بعد ذلك بكلمةٍ إن كان إلاّ الزّفير والشّهيق في نار جهنّم.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن الحسن، عن نوفٍ {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} قال: يتركهم مئة سنةٍ ممّا تعدّون، ثمّ ناداهم فاستجابوا له، فقال: إنّكم ماكثون.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قوله: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} قال: مالكٌ خازن النّار قال: فمكثوا ألف سنةٍ ممّا تعدّون قال: فأجابهم بعد ألف عامٍ: إنّكم ماكثون.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه تعالى ذكره: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} قال: يميتنا، القضاء هاهنا الموت، فأجابهم {إنّكم ماكثون} ). [جامع البيان: 20/649-651]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ) : (أخبرنا أبو الحسين عليّ بن عبد الرّحمن السّبيعيّ، ثنا الحسين بن الحكم الحيريّ، ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} [الزخرف: 77] قال: " مكث عنهم ألف سنةٍ، ثمّ قال: إنّكم ماكثون «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/487]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد والبخاري، وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن يعلى بن أمية قال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر {ونادوا يا مالك} ). [الدر المنثور: 13/237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن علي أنه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر {ونادوا يا مالك} ). [الدر المنثور: 13/237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن الأنباري عن مجاهد قال: في قراءة عبد الله بن مسعود {ونادوا يا مالك} ). [الدر المنثور: 13/237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن يعلى بن أمية قال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك} ). [الدر المنثور: 13/237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس: {ونادوا يا مالك} قال: مكث عنهم ألف سنة ثم يجيبهم {إنكم ماكثون} ). [الدر المنثور: 13/237]

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لقد جئناكم بالحقّ} يقول: لقد أرسلنا إليكم يا معشر قريشٍ رسولنا محمّدًا بالحقّ.
- كما حدّثني محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {لقد جئناكم بالحقّ} قال: الّذي جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{ولكنّ أكثركم للحقّ كارهون} يقول تعالى ذكره: ولكنّ أكثرهم لما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم من الحقّ والهدى كارهون). [جامع البيان: 20/651]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون قال أم أجمعوا أمرا فإنا مجمعون). [تفسير عبد الرزاق: 2/202]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :( {مبرمون} [الزخرف: 79] : «مجمعون» ). [صحيح البخاري: 6/130]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مبرمون مجمعون وصله الفريابيّ عن مجاهدٍ بلفظه وزاد إن كادوا شرًّا كدناهم مثله). [فتح الباري: 8/567]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 5 الزخرف {أفنضرب عنكم الذّكر صفحا} قال تكذبون بالقرآن فلا تعاقبون فيه
وفي قوله 8 الزخرف {ومضى مثل الأوّلين} قال سننهم
وفي قوله 13 الزخرف {وما كنّا له مقرنين} الإبل والخيل والبغال والحمير
وفي قوله 18 الزخرف {أو من ينشأ في الحلية} قال الجواري جعلتموهن للرحمن ولدا فكيف تحكمون
وفي قوله 20 الزخرف {لو شاء الرّحمن ما عبدناهم} قال الأوثان قال الله 20 الزخرف {ما لهم بذلك من علم إن هم إلّا يخرصون} ما يعلمون قدرة الله على ذلك
وبه في قوله 28 الزخرف {وجعلها كلمة باقية في عقبه} قال لا إله إلّا الله
وبه في قوله 53 الزخرف {فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين} قال يمشون معًا
وفي قوله 56 الزخرف {فجعلناهم سلفا} قال هم قوم فرعون كفارهم سلفا لكفار أمة محمّد
وفي قوله 56 الزخرف {مثلا} قال عبرة لمن بعدهم
وفي قوله 57 الزخرف {إذا قومك منه يصدون} قال يضجون
وبه في قوله 79 الزخرف {أم أبرموا أمرا فإنّا مبرمون} قال مجمعون إن كادوا شرا كدناهم مثله). [تغليق التعليق: 4/306-307] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مبرمون مجمعون
أشار به إلى قوله تعالى: {أم أبرموا أمرا فإنّا مبرمون} (الزخرف: 79) وفسره بقوله: (مجمعون) وقيل: محكمون، والمعنى: أم أحكموا أمرا في المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنّا مبرمون محكمون). [عمدة القاري: 19/159]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مبرمون}) في قوله تعالى: {أم أبرموا أمرًا فإنا مبرمون} [الزخرف: 79] أي (مجمعون) وقيل محكمون). [إرشاد الساري: 7/333]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أم أبرموا أمرًا فإنّا مبرمون (79) أم يحسبون أنّا لا نسمع سرّهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون}.
يقول تعالى ذكره: أم أبرم هؤلاء المشركون من قريشٍ أمرًا فأحكموه، يكيدون به الحقّ الّذي جئناهم به، فإنّا محكمون لهم ما يخزيهم، ويذلّهم من النّكال.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أم أبرموا أمرًا فإنّا مبرمون} قال: مجمعون: إن كادوا شرًّا كدنا مثله.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {أم أبرموا أمرًا فإنّا مبرمون} قال: أم أجمعوا أمرًا فإنّا مجمعون.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أم أبرموا أمرًا فإنّا مبرمون} قال: أم أحكموا أمرًا فإنّا محكمون لأمرنا). [جامع البيان: 20/651-652]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون يقول أم أجمعوا أمرا فإنا مجمعون يقول إن كادوا شرا كدناهم مثله). [تفسير مجاهد: 584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون} قال: أم أجمعوا أمرا فإنا مجمعون إن كادوا شرا كدناهم مثله). [الدر المنثور: 13/238]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أم يحسبون أنّا لا نسمع سرّهم ونجواهم} يقول: أم يظنّ هؤلاء المشركون باللّه أنّا لا نسمع ما أخفوا عن النّاس من منطقهم، وتسارّوا بينهم وتناجوا به دون غيرهم، فلا نعاقبهم عليه لخفائه علينا؟
وقوله: {بلى ورسلنا لديهم يكتبون} يقول تعالى ذكره: بلى نحن نعلم ما تناجوا به بينهم، وأخفوه عن النّاس من سرّ كلامهم، وحفظتنا لديهم، يعني عندهم يكتبون ما نطقوا به من منطقٍ، وتكلّموا به من كلامٍ
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في نفر ثلاثةٍ تداروا في سماع اللّه تبارك وتعالى كلام عباده.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عمرو بن سعيد بن يسارٍ القرشيّ قال: حدّثنا أبو قتيبة قال: حدّثنا عاصم بن محمّدٍ العمريّ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ قال: بينا ثلاثةٌ بين الكعبة وأستارها، قرشيّان وثقفيّ، أو ثقفيّان وقرشيّ، فقال واحدٌ من الثّلاثة: أترون اللّه يسمع كلامنا؟ فقال الأوّل: إذا جهرتم سمع، وإذا أسررتم لم يسمع قال الثّاني: إن كان يسمع إذا أعلنتم، فإنّه يسمع إذا أسررتم قال: فنزلت {أم يحسبون أنّا لا نسمع سرّهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون}.
وبمثل الّذي قلنا في معنى قوله: {بلى ورسلنا لديهم يكتبون} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {بلى ورسلنا لديهم يكتبون} قال: الحفظة.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {بلى ورسلنا لديهم يكتبون} أي عندهم). [جامع البيان: 20/652-653]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: بينا ثلاثة بين الكعبة وأستارها قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي فقال واحد منهم: ترون الله يسمع كلامنا فقال واحد: إذا جهرتم سمع وإذا أسررتم لم يسمع فنزلت {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم} الآية). [الدر المنثور: 13/238]


رد مع اقتباس