عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 01:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يشترون الضّلالة ويريدون أن تضلّوا السّبيل (44) واللّه أعلم بأعدائكم وكفى باللّه وليًّا وكفى باللّه نصيرًا (45) من الّذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمعٍ وراعنا ليًّا بألسنتهم وطعنًا في الدّين ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرًا لهم وأقوم ولكن لعنهم اللّه بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا (46)}.
يخبر تعالى عن اليهود عليهم لعائن اللّه المتتابعة إلى يوم القيامة، أنّهم يشترون الضّلالة بالهدى ويعرضون عمّا أنزل اللّه على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ويتركون ما بأيديهم من العلم عن الأنبياء الأوّلين في صفة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ليشتروا به ثمنًا قليلًا من حطام الدّنيا {ويريدون أن تضلوا السّبيل} أي يودّون لو تكفرون بما أنزل عليكم أيّها المؤمنون وتتركون ما أنتم عليه من الهدى والعلم النّافع). [تفسير القرآن العظيم: 2/323]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والله أعلم بأعدائكم} أي: هو يعلم بهم ويحذّركم منهم {وكفى بالله وليًّا وكفى بالله نصيرًا} أي: كفى به وليًّا لمن لجأ إليه ونصيرًا لمن استنصره). [تفسير القرآن العظيم: 2/323]

تفسير قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {من الّذين هادوا} "من" هذه لبيان الجنس كقوله: {فاجتنبوا الرّجس من الأوثان}
وقوله: {يحرّفون الكلم عن مواضعه} أي: يتأوّلون على غير تأويله، ويفسّرونه بغير مراد اللّه، عزّ وجلّ، قصدًا منهم وافتراءً {ويقولون سمعنا وعصينا} أي يقولون سمعنا ما قلته يا محمّد ولا نطيعك فيه. هكذا فسّره مجاهدٌ وابن زيدٍ، وهو المراد، وهذا أبلغ في عنادهم وكفرهم، أنّهم يتولّون عن كتاب اللّه بعد ما عقلوه، وهم يعلمون ما عليهم في ذلك من الإثم والعقوبة.
وقوله {واسمع غير مسمعٍ} أي: اسمع ما نقول، لا سمعت. رواه الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ. وقال مجاهدٌ والحسن: واسمع غير مقبولٍ منك.
قال ابن جريرٍ: والأوّل أصحّ. وهو كما قال. وهذا استهزاءٌ منهم واستهتار، عليهم لعنة الله [والملائكةالناس أجمعين].
{وراعنا ليًّا بألسنتهم وطعنًا في الدّين} أي: يوهمون أنّهم يقولون: راعنا سمعك بقولهم: "راعنا" وإنّما يريدون الرّعونة. وقد تقدّم الكلام في هذا عند قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} [البقرة:104].
ولهذا قال تعالى عن هؤلاء اليهود الّذين يريدون بكلامهم خلاف ما يظهرونه: {ليًّا بألسنتهم وطعنًا في الدّين} يعني: بسبّهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
ثمّ قال تعالى: {ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرًا لهم وأقوم ولكن لعنهم اللّه بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا} أي: قلوبهم مطرودةٌ عن الخير مبعدةٌ منه، فلا يدخلها من الإيمان شيءٌ نافعٌ لهم وقد تقدّم الكلام على قوله تعالى: {فقليلا ما يؤمنون} [البقرة:88] والمقصود: أنّهم لا يؤمنون إيمانًا نافعًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/323-324]

رد مع اقتباس