عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:23 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يشترون الضّلالة ويريدون أن تضلّوا السّبيل واللّه أعلم بأعدائكم وكفى باللّه وليًّا وكفى باللّه نصيرًا}.
اختلف أهل التّأويل في معنى قوله جلّ ثناؤه: {ألم تر إلى الّذين} فقال قومٌ: معناه: ألم تخبر
وقال آخرون: معناه: ألم تعلم.
والصّواب من القول في ذلك: ألم تر بقلبك يا محمّد علمًا إلى الّذين أوتوا نصيبًا. وذلك أنّ الخبر والعلم لا يجلّيان رؤيةً، ولكنّه رؤية القلب بالعلم لذلك كما قلنا فيه.
وأمّا تأويل قوله: {إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب} فإنّه يعني: إلى الّذين أعطوا حظًّا من كتاب اللّه، فعلموه.
وذكر أنّ اللّه عنى بذلك طائفةً من اليهود الّذين كانوا حوالي مهاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يشترون الضّلالة ويريدون أن تضلّوا السّبيل} فهم أعداء اللّه اليهود، اشتروا الضّلالة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة: {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب} إلى قوله: {يحرّفون الكلم عن مواضعه} قال: نزلت في رفاعة بن زيد بن السّائب اليهوديّ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان رفاعة بن زيد بن التّابوت من عظمائهم، يعني: من عظماء اليهود، إذا كلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لوى لسانه وقال: راعنا سمعك يا محمّد حتّى نفهمك. ثمّ طعن في الإسلام وعابه فأنزل اللّه: {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يشترون الضّلالة} إلى قوله: {فلا يؤمنون إلا قليلا}.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق بإسناده عن ابن عبّاسٍ، مثله). [جامع البيان: 7/97-99]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يشترون الضّلالة ويريدون أن تضلّوا السّبيل واللّه أعلم بأعدائكم وكفى باللّه وليًّا وكفى باللّه نصيرًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {يشترون الضّلالة} اليهود الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يختارون الضّلالة، وذلك الأخذ على غير طريق الحقّ وركوب غير سبيل الرّشد والصّواب،على العلم منهم بقصد السّبيل ومنهج الحقّ. وإنّما عنى اللّه بوصفهم باشترائهم الضّلالة مقامهم على التّكذيب لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وتركهم الإيمان به، وهم عالمون أنّ السّبيل الحقّ الإيمان به وتصديقه بما قد وجدوا من صفته في كتبهم الّتي عندهم.
وأمّا قوله: {ويريدون أن تضلّوا السّبيل} فانه يعني بذلك تعالى ذكره: ويريد هؤلاء اليهود الّذين وصفهم جلّ ثناؤه بأنّهم أوتوا نصيبًا من الكتاب أن تضلّوا أنتم يا معشر أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم المصدّقين به أن تضلّوا السّبيل، يقول: أن تزولوا عن قصد الطّريق، ومحجّة الحقّ، فتكذّبوا بمحمّدٍ، وتكونوا ضلاّلاً مثلهم.
وهذا من اللّه تعالى ذكره تحذيرٌ منه عباده المؤمنين أن يستنصحوا أحدًا من أعداء الإسلام في شيءٍ من أمر دينهم، أو أن يسمعوا شيئًا من طعنهم في الحقّ). [جامع البيان: 7/99-100]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يشترون الضّلالة ويريدون أن تضلّوا السّبيل (44) واللّه أعلم بأعدائكم وكفى باللّه وليًّا وكفى باللّه نصيرًا (45)
قوله تعالى: ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، يعني: زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق، فحدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ مولى آل زيدٍ بن ثابتٍ، عن عكرمة مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كان رفاعة بن زيد بن التّابوت من عظماء اليهود إذا كلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لوى لسانه وقال: ارعنا سمعك يا محمّد حتّى نفهمك ثمّ طعن في الإسلام وعابه، فأنزل اللّه تعالى فيه ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيباً من الكتاب.
قوله تعالى: نصيباً
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيباً يعني: حظّاً.
قوله تعالى: من الكتاب
- وبه عن أبي مالكٍ قوله: من الكتاب قال: من التّوراة.
قوله تعالى: يشترون الضّلالة
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية قوله: اشتروا الضّلالة يقول: اختاروا الضّلالة.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة قوله: اشتروا الضّلالة قال: استحبّوا الضّلالة.
قوله تعالى: الضّلالة
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: الضّلالة أي: الكفر). [تفسير القرآن العظيم: 3/963-964]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: يريدون أن تضلّوا السّبيل (44) واللّه أعلم بأعدائكم وكفى باللّه وليًّا وكفى بالله نصيرا
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق، وحدّثني محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة قال: وكان كردم بن زيدٍ حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيبٍ، ورافع بن أبي رافعٍ، وبحر بن عمرٍو، وحييّ بن أخطب، ورفاعة بن زيدٍ يأتون رجالا من الأنصار يخالطونهم وينصحون لهم من أصحاب محمّدٍ، فيقولون: لا تنفقوا أموالكم فإنّا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النّفقة فإنّكم لا تدرون ما يكون، فأنزل اللّه تعالى: ويريدون أن تضلّوا السّبيل واللّه أعلم بأعدائكم وكفى باللّه وليّاً وكفى باللّه نصيراً). [تفسير القرآن العظيم: 3/964-965] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء اليهود إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه وقال: ارعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ثم طعن في الإسلام وعابه، فأنزل الله فيه {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة} إلى قوله {فلا يؤمنون إلا قليلا}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عكرمة في قوله {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} إلى قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال: نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت اليهودي والله أعلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وهيب بن الورد قال: قال الله يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت فلا أمحقك فيمن أمحق وإذا ظلمت فاصبر وارض بنصرتي فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك). [الدر المنثور: 4/463-464]

تفسير قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمّ أخبر اللّه جلّ ثناؤه عن عداوة هؤلاء اليهود الّذين نهى المؤمنين أن يستنصحوهم في دينهم إيّاهم، فقال جلّ ثناؤه: {واللّه أعلم بأعدائكم} يعني بذلك تعالى ذكره: واللّه أعلم منكم بعداوة هؤلاء اليهود أيّها المؤمنون، يقول: فانتهوا إلى طاعتي فيمّا نهيتكم عنه من استنصاحهم في دينكم، فإنّي أعلم بما هم عليه لكم من الغشّ والعداوة والحسد وأنّهم إنّما يبغونكم الغوائل، ويطلبون أن تضلّوا عن محجّة الحقّ فتهلكوا.
وأمّا قوله: {وكفى باللّه وليًّا وكفى باللّه نصيرًا} فإنّه يقول: فباللّه أيّها المؤمنون فثقوا، وعليه فتوكّلوا، وإليه فارغبوا دون غيره، يكفكم ما أهمّكم وينصركم على أعدائكم.
{وكفى باللّه وليًّا} يقول: وكفاكم وحسبكم باللّه ربّكم وليًّا يليكم ويلي أموركم بالحياطة لكم والحراسة من أن يستفزّكم أعداؤكم عن دينكم أو يصدّوكم عن اتّباع نبيّكم {وكفى باللّه نصيرًا} يقول: وحسبكم باللّه ناصرًا لكم على أعدائكم وأعداء دينكم، وعلى من بغاكم الغوائل، وبغى دينكم العوج). [جامع البيان: 7/100-101]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: يريدون أن تضلّوا السّبيل (44) واللّه أعلم بأعدائكم وكفى باللّه وليًّا وكفى بالله نصيرا
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق، وحدّثني محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة قال: وكان كردم بن زيدٍ حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيبٍ، ورافع بن أبي رافعٍ، وبحر بن عمرٍو، وحييّ بن أخطب، ورفاعة بن زيدٍ يأتون رجالا من الأنصار يخالطونهم وينصحون لهم من أصحاب محمّدٍ، فيقولون: لا تنفقوا أموالكم فإنّا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النّفقة فإنّكم لا تدرون ما يكون، فأنزل اللّه تعالى: ويريدون أن تضلّوا السّبيل واللّه أعلم بأعدائكم وكفى باللّه وليّاً وكفى باللّه نصيراً.
قوله تعالى: وكفى باللّه وليّاً وكفى باللّه نصيرا
- ذكره أبي، ثنا، بن ميسرة، ثنا صالح بن أبي خالدٍ، وأخبرني عثمان بن زائدة قال: سمعت وهيب بن وردٍ يقول: قال اللّه عزّ وجلّ: ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت، فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظلمت فاصبر، وارض بنصرتي فإنّ نصري لك خيرٌ من نصرتك لنفسك). [تفسير القرآن العظيم: 3/964-965]

تفسير قوله تعالى: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن في قوله تعالى واسمع غير مسمع كما تقول اسمع غير مسموع منك). [تفسير عبد الرزاق: 1/163]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة قال كانت اليهود تقول للنبي راعنا سمعك يستهزئون بذلك وكانت في اليهود قبيحة قال الله تعالى وراعنا ليا بألسنتهم واللي تحريكهم ألسنتهم بذلك وطعنا في الدين). [تفسير عبد الرزاق: 1/163]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فلا يؤمنون إلا قليلا لا يؤمن منهم إلا قليل قال معمر وقال الكلبي لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/164]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {اسمع وانظرنا} قال: يقولون: لا تعجل علينا سوف نتّبعك إن شاء الله). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 84]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {أنظرنا} أفهمنا لا تعجل علينا). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 84]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من الّذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمعٍ وراعنا ليًّا بألسنتهم وطعنًا في الدّين ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرًا لهم وأقوم ولكن لعنهم اللّه بكفرهم فلا يؤمنون إلاّ قليلاً}
ولقوله جلّ ثناؤه: {من الّذين هادوا يحرّفون الكلم} وجهان من التّأويل: أحدهما: أن يكون معناه:
ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب من الّذين هادوا يحرّفون الكلم فيكون قوله: {من الّذين هادوا} من صلة الّذين. وإلى هذا القول كانت عامّة أهل العربيّة من أهل الكوفة يوجّهون. قوله: {من الّذين هادوا يحرّفون}.
والآخر منهما: أن يكون معناه: من الّذين هادوا من يحرّف الكلم عن مواضعه. فتكون من محذوفةً من الكلام اكتفاءً بدلالة قوله: {من الّذين هادوا} عليها.
وذلك أنّ من لو ذكرت في الكلام كانت بعضًا لمن، فاكتفى بدلالة من عليها، والعرب تقول: في مبتدأ الكلام منّا من يقول ذلك، ومنّا لا يقوله، بمعنى: منّا من يقول ذاك، ومنّا من لا يقوله، فتحذف من اكتفاءً بدلالة من عليه، كما قال ذو الرّمّة:
فظلّوا ومنهم دمعه سابقٌ له = وآخر يثني دمعة العين بالمهل
يعني: ومنهم من دمعه. وكما قال اللّه تبارك وتعالى: {وما منّا إلاّ له مقامٌ معلومٌ} وإلى هذا المعنى كانت عامّة أهل العربيّة من أهل البصرة يوجّهون تأويل قوله: {من الّذين هادوا يحرّفون الكلم} غير أنّهم كانوا يقولون: المضمر في ذلك القوم، كأنّ معناه عندهم: من الّذين هادوا قومٌ يحرّفون الكلم، ويقولون: نظير قول النّابغة:
كأنّك من جمال بني أقيشٍ = يقعقع خلف رجليه بشنّ
يعني: كأنّك جملٌ من جمال أقيشٍ
فأمّا نحويّو الكوفيين، فينكرون أن يكون المضمر مع من إلاّ من أو ما أشبهها.
والقول الّذي هو أولى بالصّواب عندي في ذلك قول من قال قوله: {من الّذين هادوا} من صلة الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب، لأنّ الخبرين جميعًا والصّفتين من صفة نوعٍ واحدٍ من النّاس، وهم اليهود الّذين وصف اللّه صفتهم في قوله: {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب} وبذلك جاء تأويل أهل التّأويل، فلا حاجة بالكلام إذ كان الأمر كذلك إلى أن يكون فيه متروكٌ
وأمّا تأويل قوله: {يحرّفون الكلم عن مواضعه} فإنّه يقول: يبدّلون معناها ويغيّرونها عن تأويله.
والكلم جماع كلمةٍ. وكان مجاهدٌ يقول: عنى بالكلم: التّوراة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يحرّفون الكلم عن مواضعه} تبديل اليهود التّوراة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
وأمّا قوله: {عن مواضعه،} فإنّه يعني: عن أماكنه، ووجوهه الّتي، هي وجوهه.
وأمّا تأويل قوله: {ويقولون سمعنا وعصيّنا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: من الّذين هادوا يقولون: سمعنا يا محمّد قولك، وعصينا أمرك. كما:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {سمعنا وعصينا} قال: قالت اليهود: سمعنا ما، تقول، ولا نطيعك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {سمعنا وعصينا}، قالوا: قد سمعنا، ونحن، لا نطيعك). [جامع البيان: 7/101-104]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واسمع غير مسمعٍ}
وهذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه عن اليهود الّذين كانوا حوالي مهاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في عصره، أنّهم كانوا يسبّون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ويؤذونه بالقبيح من القول، ويقولون له: اسمع منّا غير مسمعٍ، كقول القائل للرّجل يسبّه: اسمع لا أسمعك اللّه.
كما:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {واسمع غير مسمعٍ} قال: هذا قول أهل الكتاب يهود، كهيئة ما يقول للأنسان: اسمع لا سمعت، أذًى لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وشتمًا له واستهزاءً به.
- حدّثت عن المنجاب، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: {واسمع غير مسمعٍ} قال: يقولون لك: واسمع لا سمعت.
وقد روي عن مجاهدٍ والحسن أنّهما كانا يتأوّلان في ذلك بمعنى: واسمع غير مقبولٍ منك. ولو كان ذلك معناه لقيل: واسمع غير مسموعٍ، ولكن معناه: واسمع لا تسمع، ولكن قال اللّه تعالى ذكره: {ليًّا بألسنتهم وطعنًا في الدّين} فوصفهم بتحريف الكلام بألسنتهم والطّعن في الدّين بسبّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم
وأمّا القول الّذي ذكرته عن مجاهدٍ والحسن.
- فحدثنا ابن حميد قال حدثنا حكام عن عنبسة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن أبى بزة عن مجاهد {واسمع غير مسمعٍ} يقول غير مقبول ما تقول.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {واسمع غير مسمعٍ} قال: غير مستمعٍ.
قال ابن جريجٍ عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ: {واسمع غير مسمعٍ} غير مقبولٍ ما تقول.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {واسمع غير مسمعٍ} قال: كما تقول: اسمع غير مسموعٍ منك.
- وحدّثنا موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: كان ناسٌ منهم يقولون: {واسمع غير مسمعٍ} كقولك: اسمع غير صاغٍ). [جامع البيان: 7/104-106]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وراعنا ليًّا بألسنتهم وطعنًا في الدّين} يعني بقوله: {وراعنا} أي راعنا سمعك، افهم عنّا وأفهمنا.
وقد بيّنّا تأويل ذلك في سورة البقرة بأدلّته بما فيه الكفاية عن إعادته.
ثمّ أخبر اللّه جلّ ثناؤه عنهم أنّهم يقولون ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {ليًّا بألسنتهم} يعني: تحريكًا منهم ألسنتهم بتحريفٍ منهم لمعناه إلى المكروه من معنييه، واستخفافًا منهم بحقّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {وطعنًا في الدّين} كما:
- حدّثني الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: قال قتادة: فكانت في اليهود يقولون للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: راعنا سمعك. يستهزئون بذلك، فكانت اليهود قبيحةً، فقال: راعنا سمعك ليًّا بألسنتهم؛ واللّيّ: تحريكهم ألسنتهم بذلك {وطعنًا في الدّين}.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {راعنا ليًّا بألسنتهم} كان الرّجل من المشركين يقول: أرعني سمعك. يلوي بذلك لسانه، يعني: يحرّف معناه.
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {من الّذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه} إلى: {وطعنًا في الدّين} فإنّهم كانوا يستهزئون ويلوون ألسنتهم برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ويطعنون في الدّين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {وراعنا ليًّا بألسنتهم وطعنًا في الدّين} قال: {راعنا} طعنهم في الدّين، وليّهم بألسنتهم ليبطلوه ويكذّبوه. قال: والرّاعن: الخطأ من الكلام.
- حدّثت عن المنجاب، قال: حدّثنا بشرٌ، حدّثنا: أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ليًّا بألسنتهم} قال: تحريفًا بالكذب). [جامع البيان: 7/106-108]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرًا لهم وأقوم}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: ولو أنّ هؤلاء اليهود الّذين وصف اللّه صفتهم قالوا لنبيّ اللّه: سمعنا يا محمّد قولك، وأطعنا أمرك، وقبلنا ما جئتنا به من عند اللّه، واسمع منّا، وانظرنا ما نقول، وانتظرنا نفهم عنك ما تقول لنا {لكان خيرًا لهم وأقوم} يقول: لكان ذلك خيرًا لهم عند اللّه وأقوم، يقول: وأعدل وأصوب في القول. وهو من الاستقامة من قول اللّه: {وأقوم قيلاً} بمعنى: وأصوب قيلاً. كما:.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرًا لهم} قال: يقولون: اسمع منّا فإنّا قد سمعنا وأطعنا. وانظرنا فلا تعجل علينا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن عكرمة، ومجاهدٍ، قوله: {وانظرنا} قال: اسمع منّا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وانظرنا} قال: أفهمنا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: {وانظرنا} قال: أفهمنا.
- حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبى نحيح عن مجاهد مثله.
قال أبو جعفرٍ: وهذا الّذي قاله مجاهدٌ وعكرمة من توجيههما معنى: {وانظرنا} إلى: اسمع منّا، وتوجيه مجاهدٍ ذلك إلى: أفهمنا، ما لا نعرف في كلام العرب، إلاّ أن يكون أراد بذلك من توجيهه إلى أفهمنا: انتظرنا نفهم ما تقول، أو انتظرنا نقل حتّى تسمع منّا، فيكون ذلك معنًى مفهومًا وإن كان غير تأويل الكلمة ولا تفسيرٍ لها، فلا نعرف انظرنا في كلام العرب إلاّ بمعنى: انتظرنا وانظر إلينا، فأمّا انظرنا بمعنى انتظرنا، فمنه قول الحطيئة:
وقد نظرتكم اعساء صادره = للخمس طال بها حوزى وإتنساسي
وأمّا انظرنا بمعنى: انظر إلينا، فمنه قول عبد اللّه بن قيس الرّقيّات:
ظاهرات الجمال والحسن ينظر = ن كما ينظر الأراك الظّباء
بمعنى كما ينظر إلى الأراك الظّباء). [جامع البيان: 7/108-110]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولكن لعنهم اللّه بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا}
يعني بذلك: ولكنّ اللّه تبارك وتعالى أخزى هؤلاء اليهود الّذين وصف صفتهم في هذه الآية فأقصاهم وأبعدهم من الرّشد، واتّباع الحقّ بكفرهم، يعني بجحودهم نبوّة نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وما جاءهم به من عند ربّهم من الهدى والبيّنات {فلا يؤمنون إلاّ قليلاً} يقول: فلا يصدّقون بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وما جاءهم به من عند ربّهم، ولا يقرّون بنبوّته إلاّ قليلاً، يقول: لا يصدّقون بالحقّ الّذي جئتهم به يا محمّد إلاّ إيمانًا قليلاً.
كما:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {فلا يؤمنون إلاّ قليلاً} قال: لا يؤمنون هم إلا قليلا.
وقد بيّنّا وجه ذلك بعلله في سورة البقرة). [جامع البيان: 7/110-111]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (من الّذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمعٍ وراعنا ليًّا بألسنتهم وطعنًا في الدّين ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرًا لهم وأقوم ولكن لعنهم اللّه بكفرهم فلا يؤمنون إلّا قليلًا (46)
قوله تعالى: من الّذين هادوا يحرّفون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: يحرّفون الكلم عن مواضعه: تبديل اليهود التّوراة.
قوله تعالى: الكلم
- حدّثني أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ يحرّفون الكلم عن مواضعه يعني: يحرّفون حدود اللّه في التّوراة.
قوله تعالى: عن مواضعه
- أخبرنا أبو زيدٍ القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال:
سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: يحرّفون الكلم عن مواضعه قال: لا يضعونه على ما أنزل اللّه.
قوله تعالى: ويقولون سمعنا وعصينا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: سمعنا وعصينا: سمعنا ما تقول ولا نطيعك.
قوله تعالى: واسمع
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: واسمع غير مسمعٍ يقولون للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: اسمع.
قوله تعالى: غير مسمع
[الوجه الأول]
- وبه عن ابن عبّاسٍ في قوله: واسمع غير مسمعٍ قال يقولون للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم اسمع لا سمعت.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: واسمع غير مسمعٍ قال: غير مقبولٍ ما تقول.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن الحسن واسمع غير مسمعٍ قال: كان يقول: اسمع غير مسمعٍ منك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ اسمع غير مسمعٍ: كقولك اسمع غير صاغرٍ.
قوله تعالى: وراعنا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: وراعنا قال: كانوا يقولون للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أرعنا سمعك، وإنّما راعنا كقولك: خاطنا.
وروي عن أبي العالية، وأبي مالكٍ وعطيّة والرّبيع بن أنسٍ وقتادة نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وراعنا خلافٌ- وروي عن عطاءٍ نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن بشّارٍ، ثنا سرور بن المغيرة الواسطيّ، عن عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن قوله: وراعنا قال: الرّاعن من القول: السخري منه.
قوله تعالى: ليا بألسنتهم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: ليّاً بألسنتهم قال: تحريفاً بالكذب.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ليّاً بألسنتهم قال: يلوون ألسنتهم.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا يعقوب بن إسماعيل بن حمّاد بن زيدٍ، ثنا أبو قتيبة، ثنا يحيى بن أيّوب، عن الشّعبيّ في قوله: ليّاً بألسنتهم قال: لهم نحن نفهم إيّاه عن مواضعه.
قوله تعالى: وطعناً في الدّين
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءةً، أخبرني محمّد بن شعيبٍ، أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه قوله: ليّاً بألسنتهم وطعناً في الدّين:
يلوي بذلك لسانه ويطعن في الدّين.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ محمّد بن عمرٍو، أنبأ سلمة، عن محمّد ابن إسحاق، وحدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة قال: كان رفاعة بن زيد بن التّابوت، وكان من عظماء اليهود إذا كلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لوى لسانه وقال: ارعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك، ثمّ طعن في الإسلام وعابه، فأنزل اللّه تعالى فيهم: ليّاً بألسنتهم وطعناً في الدّين.
قوله تعالى: ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان: قول اللّه تعالى: سمعنا وأطعنا:... سمعنا للقرآن الّذي جادّ من اللّه، وأطعنا: أقرّوا للّه أن يطيعوه في أمره ونهيه.
قوله تعالى: واسمع وانظرنا
- حدّثنا حجّاجٌ، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: انظرنا: أفهمنا.
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن جعفرٍ، ثنا مسلم بن خالدٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله في قوله: واسمع وانظرنا قال: يقولون: أفهمنا لا تعجل علينا سوف نتّبعك إن شاء اللّه.
قوله تعالى: لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم اللّه بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال محمّد بن إسحاق، حدّثني مولى آل زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة، ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرًا لهم وأقوم ولكن لعنهم اللّه بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا نزلت في رفاعة بن زيد بن التّابوت وكان من عظماء اليهود). [تفسير القرآن العظيم: 3/965-968]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم بن الحسن بن علي الكسائي قال ثنا آدم بن أبي إياس قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه يعني تبديل اليهود التوراة). [تفسير مجاهد: 159]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل سمعنا وعصينا أي سمعنا ما تقول يا محمد فلا نطيعك). [تفسير مجاهد: 159-160]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله واسمع غير مسمع يقول غير مقبول ما تقول يا محمد). [تفسير مجاهد: 160]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وراعنا يقول خلافا لقولك يا محمد ليا بألسنتهم أي يلوون ألسنتهم). [تفسير مجاهد: 160]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وانظرنا أفهمنا بين لنا). [تفسير مجاهد: 160]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {لا تقولوا راعنا} [البقرة: 104])
- عن ابن عبّاسٍ في قوله {لا تقولوا راعنا} [البقرة: 104] قال: «كانوا يقولون للنّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - راعنا سمعك، وإنّما راعنا كقولك عاطنا {واسمع غير مسمعٍ} [النساء: 46] للنّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: يقولون لا سمعت، واسمع للنّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - لا سمعت. قال: {ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرًا لهم} [النساء: 46]».
رواه الطّبرانيّ وفيه بشر بن الحارث، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/5]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} يعني يحرفون حدود الله في التوراة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال: تبديل اليهود التوراة {ويقولون سمعنا وعصينا} قالوا: سمعنا ما تقول ولا نطعيك {واسمع غير مسمع} قال: غير مقبول ما تقول {ليا بألسنتهم} قال: خلافا يلوون به ألسنتهم {واسمع وانظرنا} قال: أفهمنا لا تعجل علينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال: لا يضعونه على ما أنزله الله.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله {واسمع غير مسمع} يقولون: اسمع لا سمعت، وفي قوله {وراعنا} قال: كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: راعنا سمعك وإنما راعنا كقولك عاطنا، وفي قوله {ليا بألسنتهم} قال: تحريفا بالكذب.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن السدي قال: كان ناس منهم يقولون: اسمع غير مسمع كقولك: اسمع غير صاغر، وفي قوله {ليا بألسنتهم} قال: بالكلام شبه الاستهزاء {وطعنا في الدين} قال: في دين محمد عليه السلام.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة قال: اللي تحريكهم ألسنتهم بذلك). [الدر المنثور: 4/464-466]


رد مع اقتباس