عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 02:19 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا * استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا}
الضمير في قوله تعالى: "وأقسموا" لكفار قريش، كانت قبل الإسلام تأخذ على اليهود والنصارى في تكذيب بعضهم بعضا، وتقول لو جاءنا نحن رسول لكنا أهدى من هؤلاء وهؤلاء. وجهد أيمانهم منصوب على المصدر، أي: بغاية اجتهادهم، وإحدى الأمم يريدون اليهود والنصارى، و"النفور": البعد عن الشيء والفزع منه والاستبشاع له).[المحرر الوجيز: 7/ 228]

تفسير قوله تعالى: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"استكبارا" قيل فيه: بدل من النفور، وقيل: مفعول من أجله، أي: نفروا من أجل الاستكبار، وأضاف "المكر" إلى "السيئ" وهو صفة، كما قيل: "دار الآخرة، ومسجد الجامع، وجانب الغربي"، وقرأ الجمهور بكسر الهمزة من "السيئ" وأسكنها حمزة وحده، وهو في الثانية برفع الهمزة كالجماعة، ولحن هذه القراءة الزجاج، ووجهها أبو علي الفارسي بوجوه، منها أن يكون أسكن لتوالي الحركات، كما قال: قلت صاحب قومعلى أن المبرد روى هذا: "قلت صاح قوم". وكما قال امرؤ القيس:
فاليوم أشرب غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل
على أن المبرد قد رواه: "فاليوم فاشرب"، وكما قال جرير:
سيروا بني العم فالأهواز منزلكم ... ونهر تيرى فلن تعرفكم العرب
وقرأ ابن مسعود: "ومكرا سيئا"، قال أبو الفتح: يعضده تنكير ما قبله من قوله: "استكبارا". و"يحيق" معناه: يحيط ويحل وينزل، ولا يستعمل إلا في المكروه، وقوله: {إلا بأهله} معناه أنه لا بد أن يحيق بهم إما في الدنيا وإلا ففي الآخرة، فعاقبته الفاسدة لهم، وإن حاق في الدنيا بغيرهم أحيانا فعاقبة ذلك على أهله، وقال كعب الأحبار لابن عباس رضي الله عنهما: إن في التوراة: "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها"، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: "أنا أوجدك هذا في كتاب الله، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
و"ينظرون" معناه: ينتظرون. و"السنة": الطريقة والعادة. وقوله تعالى: {فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا} أي: لتعذيبه الكفرة المكذبين، وفي هذا توعد بين). [المحرر الوجيز: 7/ 228-230]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا * ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا}
لما توعدهم تعالى في الآية قبلها بسنة الأولين، وأنه لا يبدلها ولا يحولها في الكفرة، وقفهم في هذه الآية على رؤيتهم لما رأوا من ذلك في طريق الشام وغيره، كديار ثمود ونحوها، و"يعجزه" معناه يفوته ويفلته، و"من" في قوله: {من شيء} زائدة مؤكدة، وعليما قديرا صفتان لائقتان بهذا الموضع; لأن معهما لا يتعذر شيء). [المحرر الوجيز: 7/ 230]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم بين تعالى الوجه في إمهاله من أمهل من عباده، أن ذلك إنما هو لأن الآخرة من وراء الجميع، وفيها يستوفى جزاء كل أحد، ولو كان عز وجل يجازي على الذنوب في الدنيا لأهلك الجميع. وقوله: {من دابة} مبالغة، والمراد بنو آدم لأنهم المجازون، وقيل: المراد الجن، وقيل: كل ما دب من الحيوان إذ أكثره إنما هو لمنفعة ابن آدم وبسببهم. والضمير في "ظهرها" عائد على الأرض المتقدم ذكرها، ولو لم يتقدم لها ذكر لأمكن في هذا الموضع لبيان الأمر، ولكانت كقوله تعالى: {حتى توارت بالحجاب} ونحوه، و"الأجل المسمى" يوم القيامة. وباقي الآية توعد، وفيه وعد للمؤمنين.
كمل تفسير سورة فاطر والحمد لله رب العالمين). [المحرر الوجيز: 7/ 230]

رد مع اقتباس