عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل لا يعلم من في السّموات والأرض الغيب إلا اللّه وما يشعرون أيّان يبعثون (65) بل ادّارك علمهم في الآخرة بل هم في شكٍّ منها بل هم منها عمون (66)}.
يقول تعالى آمرًا رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول معلّمًا لجميع الخلق: أنّه لا يعلم أحدٌ من أهل السّموات والأرض الغيب. وقوله: {إلا اللّه} استثناءٌ منقطعٌ، أي: لا يعلم أحدٌ ذلك إلّا اللّه، عزّ وجلّ، فإنّه المنفرد بذلك وحده، لا شريك له، كما قال: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} الآية [الأنعام: 59]، وقال: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت إنّ اللّه عليمٌ خبيرٌ} [لقمان: 34]، والآيات في هذا كثيرةٌ.
وقوله: {وما يشعرون أيّان يبعثون} أي: وما يشعر الخلائق السّاكنون في السّموات والأرض بوقت السّاعة، كما قال: {ثقلت في السّموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتةً} [الأعراف: 187]، أي: ثقل علمها على أهل السّموات والأرض.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عليّ بن الجعد، حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ، عن مسروق، عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: من زعم أنّه يعلم -يعني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم -ما يكون في غدٍ فقد أعظم على اللّه الفرية؛ لأنّ اللّه تعالى يقول: {لا يعلم من في السّموات والأرض الغيب إلا اللّه}.
وقال قتادة: إنّما جعل اللّه هذه النّجوم لثلاث خصلاتٍ: جعلها زينةً للسّماء، وجعلها يهتدى بها، وجعلها رجومًا [للشّياطين]، فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال برأيه، وأخطأ حظّه، وأضاع نصيبه وتكلّف ما لا علم له به. وإنّ ناسًا جهلة بأمر اللّه، قد أحدثوا من هذه النّجوم كهانةً: من أعرس بنجم كذا وكذا، كان كذا وكذا. ومن سافر بنجم كذا وكذا، كان كذا وكذا. ومن ولد بنجم كذا وكذا، كان كذا وكذا. ولعمري ما من نجمٍ إلّا يولد به الأحمر والأسود، والقصير والطّويل، والحسن والدّميم، وما علم هذا النّجم وهذه الدّابّة وهذا الطّير بشيءٍ من الغيب! وقضى اللّه: أنّه لا يعلم من في السّموات والأرض الغيب إلّا اللّه، وما يشعرون أيّان يبعثون.
رواه ابن أبي حاتمٍ عنه بحروفه، وهو كلامٌ جليلٌ متينٌ صحيحٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 207]

تفسير قوله تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {بل ادّارك علمهم في الآخرة بل هم في شكٍّ منها} أي: انتهى علمهم وعجز عن معرفة وقتها.
وقرأ آخرون: "بل أدرك علمهم"، أي: تساوى علمهم في ذلك، كما في الصّحيح لمسلمٍ: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل -وقد سأله عن وقت السّاعة- ما المسؤول عنها بأعلم من السّائل أي: تساوى في العجز عن درك ذلك علم المسؤول والسائل.
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {بل ادّرك علمهم في الآخرة} أي: غاب.
وقال قتادة: {بل ادّارك علمهم في الآخرة} يعني: يجهّلهم ربّهم، يقول: لم ينفذ لهم إلى الآخرة علمٌ، هذا قولٌ.
وقال ابن جريج، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ: "بل أدرك علمهم في الآخرة" حين لم ينفع العلم، وبه قال عطاءٌ الخراسانيّ، والسّدّيّ: أنّ علمهم إنّما يدرك ويكمل يوم القيامة حيث لا ينفعهم ذلك، كما قال تعالى: {أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظّالمون اليوم في ضلالٍ مبينٍ} [مريم: 38].
وقال سفيان، عن عمرو بن عبيدٍ، عن الحسن أنّه كان يقرأ: "بل أدرك علمهم" قال: اضمحلّ علمهم في الدّنيا، حين عاينوا الآخرة.
وقوله: {بل هم في شكٍّ منها} عائدٌ على الجنس، والمراد الكافرون، كما قال تعالى: {وعرضوا على ربّك صفًّا لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّةٍ بل زعمتم ألّن نجعل لكم موعدًا} [الكهف: 48] أي: الكافرون منكم. وهكذا قال هاهنا: {بل هم في شكٍّ منها} أي: شاكّون في وجودها ووقوعها، {بل هم منها عمون} أي: في عماية وجهلٍ كبيرٍ في أمرها وشأنها). [تفسير ابن كثير: 6/ 207-208]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (68)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الّذين كفروا أئذا كنّا ترابًا وآباؤنا أئنّا لمخرجون (67) لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأوّلين (68) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين (69) ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيقٍ ممّا يمكرون (70)}.
يقول تعالى مخبرًا عن منكري البعث من المشركين: أنّهم استبعدوا إعادة الأجساد بعد صيرورتها عظامًا ورفاتًا وترابًا، ثمّ قال: {لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل} أي: ما زلنا نسمع بهذا نحن وآباؤنا، ولا نرى له حقيقةً ولا وقوعًا.
وقولهم: {إن هذا إلا أساطير الأوّلين}: يعنون: ما هذا الوعد بإعادة الأبدان، {إلا أساطير الأوّلين} أي: أخذه قومٌ عمّن قبلهم، من قبلهم يتلقّاه بعضٌ عن بعضٍ، وليس له حقيقةٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 208]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(قال اللّه تعالى مجيبًا لهم عمّا ظنّوه من الكفر وعدم المعاد: {قل} -يا محمّد- لهؤلاء: {سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين} أي: المكذّبين بالرّسل وما جاءوهم به من أمر المعاد وغيره، كيف حلّت بهم نقم اللّه وعذابه ونكاله، ونجّى اللّه من بينهم رسله الكرام ومن اتّبعهم من المؤمنين، فدلّ ذلك على صدق ما جاءت به الرّسل وصحّته). [تفسير ابن كثير: 6/ 208]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (70)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى مسلّيًا لنبيّه، صلوات اللّه وسلامه عليه: {ولا تحزن عليهم} أي: المكذّبين بما جئت به، ولا تأسف عليهم وتذهب نفسك عليهم حسراتٍ، {ولا تك في ضيقٍ ممّا يمكرون} أي: في كيدك وردّ ما جئت به، فإنّ اللّه مؤيّدك وناصرك، ومظهرٌ دينك على من خالفه وعانده في المشارق والمغارب). [تفسير ابن كثير: 6/ 208-209]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (71) قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (72)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (71) قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الّذي تستعجلون (72) وإنّ ربّك لذو فضلٍ على النّاس ولكنّ أكثرهم لا يشكرون (73) وإنّ ربّك ليعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون (74) وما من غائبةٍ في السّماء والأرض إلا في كتابٍ مبينٍ (75)}
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين، في سؤالهم عن يوم القيامة واستبعادهم وقوع ذلك: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} قال اللّه مجيبًا لهم: {قل} يا محمّد {عسى أن يكون ردف لكم بعض الّذي تستعجلون}. [قال ابن عبّاسٍ أن يكون قرب -أو: أن يقرّب- لكم بعض الّذي تستعجلون]. وهكذا قال مجاهدٌ، والضّحّاك، وعطاءٌ الخراسانيّ، وقتادة، والسّدّيّ.
وهذا هو المراد بقوله تعالى: {ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا} [الإسراء: 51]، وقال تعالى {يستعجلونك بالعذاب وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين} [العنكبوت: 54].
وإنّما دخلت "اللّام" في قوله: {ردف لكم}؛ لأنّه ضمن معنى "عجل لكم" كما قال مجاهدٌ في روايةٍ عنه: {عسى أن يكون ردف لكم}: عجل لكم). [تفسير ابن كثير: 6/ 209]

رد مع اقتباس