عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:50 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا رآك الّذين كفروا إن يتّخذونك إلاّ هزوًا أهذا الّذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرّحمن هم كافرون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وإذا رآك} يا محمّد {الّذين كفروا} باللّه {إن يتّخذونك إلاّ هزوًا} يقول: ما يتّخذونك إلاّ سخريًّا، يقول بعضهم لبعضٍ: {أهذا الّذي يذكر آلهتكم} يعني بقوله: {يذكر آلهتكم} بسوءٍ، ويعيبها، تعجّبًا منهم من ذلك. يقول اللّه تعالى ذكره: فيعجبون من ذكرك يا محمّد آلهتهم الّتي لا تضرّ ولا تنفع بسوءٍ. {وهم بذكر الرّحمن} الّذي خلقهم وأنعم عليهم، ومنه نفعهم، وبيده ضرّهم، وإليه مرجعهم بما هو أهله منهم، أن يذكروه به {كافرون}.
والعرب تضع الذّكر موضع المدح والذّمّ، فيقولون: سمعنا فلانًا يذكر فلانًا، وهم يريدون سمعناه يذكره بقبيحٍ، ويعيبه، ومن ذلك قول عنترة:
لا تذكري مهري وما أطعمته = فيكون جلدك مثل جلد الأجرب
يعني بذلك: لا تعيبي مهري وسمعناه يذكر بخيرٍ). [جامع البيان: 16/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 36
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم على أبي سفيان وأبي جهل وهما يتحدثان فلما رآه أبو جهل ضحك وقال لأبي سفيان: هذا نبي بني عبد مناف، فغضب أبو سفيان فقال: ما تنكرون أن يكون لبني عبد مناف نبي، فسمعها النّبيّ صلى الله عليه وسلم فرجع إلى أبي جهل فوقع به وخوفه وقال: ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك، وقال لأبي سفيان: أما إنك لم تقل ما قلت إلا حمية فنزلت هذه الآية {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا} الآية). [الدر المنثور: 10/293-294]

تفسير قوله تعالى: (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني شبيب عن شعبة عن الحكم أنّ سلمان الفارسيّ قال: أوّل ما خلق اللّه من آدم وجهه ورأسه، فجعل ينظر وهو يخلق؛ قال: وبقيت رجلاه، فلمّا كان بعد العصر [قال]: يا ربّ، عجّل قبل اللّيل، قال: فأنزلت: {خلق الإنسان من عجلٍ}). [الجامع في علوم القرآن: 2/26]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى خلق الإنسان من عجل قال خلق الإنسان عجولا). [تفسير عبد الرزاق: 2/24]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: {خلق الانسان من عجل} قال: آدم [الآية: 37]). [تفسير الثوري: 201]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجلٍ سأريكم آياتي فلا تستعجلون (37) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}.
يقول تعالى ذكره: {خلق الإنسان} يعني آدم {من عجلٍ}.
واختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: من عجلٍ في بنتيه، وخلقه، كان من العجلة، وعلى العجلة.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قوله: {خلق الإنسان من عجلٍ} قال: لمّا نفخ فيه الرّوح في ركبتيه ذهب لينهض، فقال اللّه: {خلق الإنسان من عجلٍ}.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا نفخ فيه يعني في آدم الرّوح، فدخل في رأسه عطس، فقالت الملائكة: قل الحمد للّه، فقال: الحمد للّه. فقال اللّه له: رحمك ربّك فلمّا دخل الرّوح في عينيه نظر إلى ثمار الجنّة، فلمّا دخل في جوفه اشتهى الطّعام، فوثب قبل أن تبلغ الرّوح رجليه عجلان إلى ثمار الجنّة، فذلك حين يقول: {خلق الإنسان من عجلٍ} يقول: خلق الإنسان عجولاً.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {خلق الإنسان من عجلٍ} قال: خلق عجولاً.
وقال آخرون: معناه: خلق الإنسان من عجلٍ، أي من تعجيلٍ في خلق اللّه إيّاه، ومن سرعةٍ فيه، وعلى عجلٍ. وقالوا: خلقه اللّه في آخر النّهار يوم الجمعة قبل غروب الشّمس على عجلٍ في خلقه إيّاه قبل مغيبها.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {خلق الإنسان من عجلٍ} قال: قول آدم حين خلق بعد كلّ شيءٍ آخر النّهار من يوم خلق الخلق، فلمّا أحيا الرّوح عينيه ولسانه ورأسه ولم تبلغ أسفله قال: يا ربّ، استعجل بخلقي قبل غروب بالشّمس.
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال مجاهدٌ: {خلق الإنسان من عجلٍ} قال آدم حين خلق بعد كلّ شيءٍ، ثمّ ذكر نحوه، غير أنّه قال في حديثه: استعجل بخلقي فقد غربت الشّمس.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {خلق الإنسان من عجلٍ} قال: على عجل آدم آخر ذلك اليوم من ذلك اليوم، يريد يوم الجمعة، وخلقه على عجلٍ، وجعله عجولاً.
وقال بعض أهل العربيّة من أهل البصرة ممّن قال نحو هذه المقالة: إنّما قال: {خلق الإنسان من عجلٍ} وهو يعني أنّه خلقه من تعجيلٍ من الأمر، لأنّه قال: {إنّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} قال: فهذا العجل. وقوله: {فلا تستعجلون} إنّي {سأريكم آياتي}.
وعلى قول صاحب هذه المقالة، يجب أن يكون كلّ خلق اللّه خلق على عجلٍ، لأنّ كلّ ذلك خلق بأن قيل له: كن، فكان. فإذا كان ذلك كذلك، فما وجه خصوص الإنسان إذًا بذكر أنّه خلق من عجلٍ دون الأشياء كلّها، وكلّها مخلوقٌ من عجلٍ؟ وفي خصوص اللّه تعالى ذكره الإنسان بذلك الدّليل الواضح، على أنّ القول في ذلك غير الّذي قاله صاحب هذه المقالة.
وقال آخرون منهم: هذا من المقلوب، وإنّما هو خلق العجل من الإنسان، وخلقت العجلة من الإنسان. وقالوا: ذلك مثل قوله: {ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة}، إنّما هو: لتنوء العصبة بها متثاقلةً. وقالوا: هذا وما أشبهه في كلام العرب كثيرٌ مشهورٌ. قالوا: وإنّما كلّم القوم بما يعقلون. قالوا: وذلك مثل قولهم: عرضت النّاقة على الحوض يريدون: عرضت الحوت على الناقه، وكقولهم: إذا طلعت الشّعرى، واستوت العود على الحرباء، أي استوت الحرباء على العود، كقول الشّاعر:
وتركب خيلاً لا هوادة بينها = وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر
وكقول ابن مقبلٍ:
حسرت كفّي عن السّربال آخذه = فردًا يجرّ على أيدي المفدّينا
يريد: حسرت السّربال عن كفّي، ونحو ذلك من المقلوب.
وفي إجماع أهل التّأويل على خلاف هذا القول الكفاية المغنية عن الاستشهاد على فساده بغيره.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القول في تأويل ذلك عندنا الّذي ذكرناه عمّن قال معناه: خلق الإنسان من عجلٍ في خلقه، أي على عجلٍ وسرعةٍ في ذلك وإنّما قيل ذلك كذلك، لأنّه بودر بخلقه مغيب الشّمس في آخر ساعةٍ من نهار يوم الجمعة، وفي ذلك الوقت نفخ فيه الرّوح.
وإنّما قلنا: ذلك أولى الأقوال الّتي ذكرناها في ذلك بالصّواب، لدلالة قوله تعالى: {سأريكم آياتي فلا تستعجلون} عليّ ذلك، وأنّ أبا كريبٍ:
- حدّثنا قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبى هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ في الجمعة لساعةً " يقلّلها قال: " لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ يسأل اللّه فيها خيرًا إلاّ أتاه اللّه إيّاه " فقال عبد اللّه بن سلامٍ: قد علمت أيّ ساعةٍ هي، هي آخر ساعات النّهار من يوم الجمعة. قال اللّه: {خلق الإنسان من عجلٍ سأريكم آياتي فلا تستعجلون}.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا المحاربيّ، وعبدة بن سليمان، وأسد بن عمرٍو، عن محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو سلمة، عن أبى هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه وذكر كلام عبد اللّه بن سلامٍ بنحوه.
فتأويل الكلام إذا كان الصّواب في تأويل ذلك ما قلنا بما به استشهدنا خلق الإنسان من تعجيلٍ ولذلك يستعجل ربّه بالعذاب. {سأريكم آياتي فلا تستعجلون} أيّها المستعجلون ربّهم بالآيات القائلون لنبيّهم محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: بل هو شاعرٌ، فليأتنا بآيةٍ كما أرسل الأوّلون، آياتي كما أريتها من قبلكم من الأمم الّتي أهلكتها بتكذيبها الرّسل، إذ أتتها الآيات: {فلا تستعجلون} يقول: فلا تستعجلوا ربّكم، فإنّا سنأتيكم بها، ونريكموها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {خلق الإنسان من عجلٍ} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار: {خلق الإنسان من عجلٍ} بضمّ الخاء على مذهب ما لم يسمّ فاعله. وقرأه حميدٌ الأعرج: ( خلق ) بفتحها، بمعنى: خلق اللّه الإنسان.
والقراءة الّتي عليها قرّاء الأمصار، هي القراءة الّتي لا أستجيز خلافها). [جامع البيان: 16/270-275]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد خلق الإنسان من عجل قال خلق آدم عليه السلام حين خلق بعد كل شيء في آخر النهار من يوم خلق الخلق فلما أحيى الروح عينيه ولسانه ورأسه ولم يبلغ أسفله قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس). [تفسير مجاهد: 410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 37 - 38.
أخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة قال: لما نفخ في آدم الروح ماد في رأسه فعطس فقال: الحمد لله، فقالت الملائكة: يرحمك الله فذهب لينهض قبل أن تمور في رجليه فوقع فقال الله: {خلق الإنسان من عجل} ). [الدر المنثور: 10/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال: أول ما نفخ فيه الروح نفخ في رأسه ثم في ركبتيه فذهب ليقوم قال: {خلق الإنسان من عجل} ). [الدر المنثور: 10/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {خلق الإنسان من عجل} قال: آدم حين خلق بعد كل شيء آخر النهار من يوم خلق الخلق فلما أجرى الروح في عينيه ولسانه ورأسه ولم يبغ أسفله قال: يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس). [الدر المنثور: 10/294-295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: نفخ الرب تبارك وتعالى الروح في نافوخ آدم فأبصر ولم يعقل حتى إذا بلغ الروح قلبه ونظر فرأى الجنة ففعرف أنه إن قام دخلها ولم يبلغ الروح أسفله فتحرك فذلك قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} ). [الدر المنثور: 10/295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {خلق الإنسان من عجل} قال: خلق عجولا، والله أعلم). [الدر المنثور: 10/295]

تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} يقول تعالى ذكره: ويقول هؤلاء المستعجلون ربّهم بالآيات والعذاب لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: متى هذا الوعد؟ يقول: متى يجيئنا هذا الّذي تعدنا من العذاب إن كنتم صادقين، فيما تعدوننا به من ذلك؟
وقيل: {هذا الوعد} والمعنى: الموعود، لمعرفة السّامعين معناه. وقيل: {إن كنتم صادقين} كأنّهم قالوا ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وللمؤمنين به.
و ( متى ) في موضع نصبٍ، لأنّ معناه: أيّ وقتٍ هذا الوعد، وأيّ يومٍ هو؟ فهو نصب على الظّرف لأنّه وقتٌ). [جامع البيان: 16/276]

تفسير قوله تعالى: (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لو يعلم الّذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون}.
يقول تعالى ذكره: لو يعلم هؤلاء الكفّار المستعجلون عذاب ربّهم ماذا لهم من البلاء حين تلفح وجوههم النّار، وهم فيها كالحون، فلا يكفّون عن وجوههم النّار الّتي تلفحها، ولا عن ظهورهم، فيدفعونها عنها بأنفسهم {ولاهم ينصرون} يقول: ولا لهم ناصرٌ ينصرهم، فيستنقذهم حينئذٍ من عذاب اللّه، لما أقاموا على ما هم عليه مقيمون من الكفر باللّه، ولسارعوا إلى التّوبة منه والإيمان باللّه، ولما استعجلوا لأنفسهم البلاء). [جامع البيان: 16/276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 39 - 41.
أخرج البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما منكم أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه حجاب يحجبه ولا ترجمان يترجم له فيقول: ألم أوتك مالا فيقول: بلى، فيقول: ألم أرسل إليك رسولا فيقول: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار وينظر عن يساره فلا يرى إلا النار وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار فليتق أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة). [الدر المنثور: 10/295-296]

تفسير قوله تعالى: (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل تأتيهم بغتةً فتبهتهم فلا يستطيعون ردّها ولا هم ينظرون}.
يقول تعالى ذكره: لا تأتي هذه النّار الّتي تلفح وجوه هؤلاء الكفّار الّذين وصف أمرهم في هذه السّورة حين تأتيهم عن علمٍ منهم بوقتها، ولكنّها تأتيهم مفاجأةً لا يشعرون بمجيئها {فتبهتهم} يقول: فتغشاهم فجأةً، وتلفح وجوههم معاينةً كالرّجل يبهت الرّجل في وجهه بالشّيء، حتّى يبقى المبهوت كالحيران منه {فلا يستطيعون ردّها} يقول: فلا يطيقون حين تبغتهم فتبهتهم دفعها عن أنفسهم {ولا هم ينظرون} يقول: ولا هم وإن لم يطيقوا دفعها عن أنفسهم يؤخّرون بالعذاب بها لتوبةٍ يحدثونها، وإنابةٍ ينيبون، لأنّها ليست حين عملٍ، وساعة توبةٍ وإنابةٍ، بل هي ساعة مجازاةٍ وإثابةٍ). [جامع البيان: 16/276-277]


رد مع اقتباس