عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 04:32 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {حم (1) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({حم (1) تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم (2) غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب ذي الطّول لا إله إلّا هو إليه المصير (3) }
أمّا الكلام على الحروف المقطّعة، فقد تقدّم في أوّل "سورة البقرة" بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقد قيل: إنّ {حم} اسمٌ من أسماء اللّه عزّ وجلّ، وأنشدوا في ذلك
يذكّرني حاميم والرمح شاجر = فهلا تلا حاميم قبل التّقدّم...
وقد ورد في الحديث الّذي رواه أبو داود والتّرمذيّ، من حديث الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن المهلّب بن أبي صفرة قال: حدّثني من سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إن بيّتم اللّيلة فقولوا: حم، لا ينصرون" وهذا إسنادٌ صحيحٌ.
واختار أبو عبيدٍ أن يروى: "فقولوا: حم، لا ينصروا" أي: إن قلتم ذلك لا ينصروا، جعله جزاءً لقوله: فقولوا). [تفسير ابن كثير: 7/ 127]

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم} أي: تنزيل هذا الكتاب -وهو القرآن- من اللّه ذي العزّة والعلم، فلا يرام جنابه، ولا يخفى عليه الذّرّ وإن تكاثف حجابه). [تفسير ابن كثير: 7/ 127]

تفسير قوله تعالى: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {غافر الذّنب وقابل التّوب} أي: يغفر ما سلف من الذّنب، ويقبل التّوبة في المستقبل لمن تاب إليه وخضع لديه.
وقوله: {شديد العقاب} أي: لمن تمرّد وطغى وآثر الحياة الدّنيا، وعتا عن أوامر اللّه، وبغى [وقد اجتمع في هذه الآية الرّجاء والخوف]. وهذه كقوله تعالى: {نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم وأنّ عذابي هو العذاب الأليم} [الحجر: 49،50] يقرن هذين الوصفين كثيرًا في مواضع متعدّدةٍ من القرآن؛ ليبقى العبد بين الرّجاء والخوف.
وقوله: {ذي الطّول} قال ابن عبّاسٍ: يعني: السّعة والغنى. وكذا قال مجاهدٌ وقتادة.
وقال يزيد بن الأصم: {ذي الطّول} يعني: الخير الكثير.
وقال عكرمة: {ذي الطّول} ذي المنّ.
وقال قتادة: [يعني] ذي النّعم والفواضل.
والمعنى: أنّه المتفضّل على عباده، المتطوّل عليهم بما هو فيه من المنن والأنعام، الّتي لا يطيقون القيام بشكر واحدةٍ منها، {وإن تعدّوا نعمت اللّه لا تحصوها [إنّ الإنسان لظلومٌ كفّارٌ]} [إبراهيم: 34].
وقوله: {لا إله إلا هو} أي: لا نظير له في جميع صفاته، فلا إله غيره، ولا ربّ سواه {إليه المصير} أي: المرجع والمآب، فيجازي كلّ عاملٍ بعمله، {وهو سريع الحساب} [الرّعد: 41].
وقال أبو بكر بن عيّاشٍ: سمعت أبا إسحاق السّبيعي يقول: جاء رجلٌ إلى عمر بن الخطّاب [رضي اللّه عنه] فقال: يا أمير المؤمنين إنّي قتلت، فهل لي من توبةٍ؟ فقرأ عليه {حم. تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم. غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب} وقال: اعمل ولا تيأس.
رواه ابن أبي حاتمٍ -واللّفظ له- وابن جريرٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا موسى بن مروان الرّقّي، حدّثنا عمر -يعني ابن أيّوب-أخبرنا جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصمّ قال: كان رجلٌ من أهل الشّام ذو بأسٍ، وكان يفد إلى عمر بن الخطّاب [رضي اللّه عنه]، ففقده عمر فقال: ما فعل فلان بن فلانٍ؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين، يتابع في هذا الشّراب. قال: فدعا عمر كاتبه، فقال: اكتب: "من عمر بن الخطّاب إلى فلان ابن فلانٍ، سلامٌ عليك، [أمّا بعد]: فإنّي أحمد إليك اللّه الّذي لا إله إلّا هو، غافر الذّنب وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلّا هو إليه المصير". ثمّ قال لأصحابه: ادعوا اللّه لأخيكم أن يقبل بقلبه، وأن يتوب اللّه عليه. فلمّا بلغ الرّجل كتاب عمر جعل يقرؤه ويردّده، ويقول: غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب، قد حذّرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي.
ورواه الحافظ أبو نعيمٍ من حديث جعفر بن برقان، وزاد: "فلم يزل يردّدها على نفسه، ثمّ بكى ثمّ نزع فأحسن النّزع فلمّا بلغ عمر [رضي اللّه عنه] خبره قال: هكذا فاصنعوا، إذا رأيتم أخاكم زلّ زلّة فسدّدوه ووفّقوه، وادعوا اللّه له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانًا للشّيطان عليه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عمر بن شبّة، حدّثنا حمّاد بن واقدٍ -أبو عمر الصّفّار-، حدّثنا ثابتٌ البنانيّ، قال: كنت مع مصعب بن الزّبير في سواد الكوفة، فدخلت حائطًا أصلّي ركعتين فافتتحت: {حم} المؤمن، حتّى بلغت: {لا إله إلا هو إليه المصير} فإذا رجلٌ خلفي على بغلةٍ شهباء عليه مقطّعات يمنيّةٌ فقال: إذا قلت: {غافر الذّنب} فقل: "يا غافر الذنب، اغفر لي ذنبي".
وإذا قلت: {وقابل التّوب}، فقل: "يا قابل التّوب، اقبل توبتي". وإذا قلت: {شديد العقاب}، فقل: "يا شديد العقاب، لا تعاقبني". قال: فالتفتّ فلم أر أحدًا، فخرجت إلى الباب فقلت: مرّ بكم رجلٌ عليه مقطّعاتٌ يمنيّةٌ؟ قالوا: ما رأينا أحدًا فكانوا يرون أنّه إلياس.
ثمّ رواه من طريقٍ أخرى، عن ثابتٍ، بنحوه. وليس فيه ذكر إلياس). [تفسير ابن كثير: 7/ 127-129]

رد مع اقتباس