عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 07:33 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماءً فتصبح الأرض مخضرّةً إنّ اللّه لطيفٌ خبيرٌ (63) له ما في السّماوات وما في الأرض وإنّ اللّه لهو الغنيّ الحميد (64) ألم تر أنّ اللّه سخّر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السّماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ (65) وهو الّذي أحياكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم إنّ الإنسان لكفورٌ (66)}.
وهذا أيضًا من الدّلالة على قدرته وعظيم سلطانه، فإنّه يرسل الرّياح، فتثير سحابًا، فيمطر على الأرض الجرز الّتي لا نبات فيها، وهي هامدةٌ يابسةٌ سوداء قحلةٌ، {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت} [الحجّ: 5].
وقوله: {فتصبح الأرض مخضرّةً}، الفاء هاهنا للتّعقيب، وتعقيب كلّ شيءٍ بحسبه، كما قال: {خلقنا النّطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغةً فخلقنا المضغة عظامًا} [المؤمنون: 14]، وقد ثبت في الصّحيحين: "أنّ بين كلّ شيئين أربعين يومًا" ومع هذا هو معقّبٌ بالفاء، وهكذا هاهنا قال: {فتصبح الأرض مخضرّةً} أي: خضراء بعد يبسها ومحولها.
وقد ذكر عن بعض أهل الحجاز: أنّها تصبح عقب المطر خضراء، فاللّه أعلم.
وقوله: {إنّ اللّه لطيفٌ خبيرٌ} أي: عليمٌ بما في أرجاء الأرض وأقطارها وأجزائها من الحبّ وإن صغر، لا يخفى عليه خافيةٌ، فيوصّل إلى كلٍّ منه قسطه من الماء فينبته به، كما قال لقمان: {يا بنيّ إنّها إن تك مثقال حبّةٍ من خردلٍ فتكن في صخرةٍ أو في السّماوات أو في الأرض يأت بها اللّه إنّ اللّه لطيفٌ خبيرٌ} [لقمان: 16]، وقال: {ألا يسجدوا للّه الّذي يخرج الخبء في السّماوات والأرض} [النّمل: 25]، وقال تعالى: {وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبينٍ} [الأنعام: 59]، وقال {وما يعزب عن ربّك من مثقال ذرّةٍ} الآية [يونس: 61]؛ ولهذا قال أميّة بن [أبي] الصّلت -أو: زيد بن عمرو بن نفيل- في قصيدته:
وقولا له: من ينبت الحبّ في الثّرى = فيصبح منه البقل يهتزّ رابيا?...
ويخرج منه حبّه في رؤوسه = ففي ذاك آياتٌ لمن كان واعيا). [تفسير ابن كثير: 5/ 449-450]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {له ما في السّماوات وما في الأرض وإنّ اللّه لهو الغنيّ الحميد} أي: ملكه جميع الأشياء، وهو غنيٌّ عمّا سواه، وكلّ شيءٍ فقيرٌ إليه، عبدٌ لديه). [تفسير ابن كثير: 5/ 450]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ألم تر أنّ اللّه سخّر لكم ما في الأرض} أي: من حيوانٍ، وجمادٍ، وزروعٍ، وثمارٍ. كما قال: {وسخّر لكم ما في السّماوات وما في الأرض جميعًا منه} [الجاثية: 13] أي: من إحسانه وفضله وامتنانه، {والفلك تجري في البحر بأمره} أي: بتسخيره وتسييره، أي: في البحر العجاج، وتلاطم الأمواج، تجري الفلك بأهلها بريحٍ طيّبةٍ، ورفقٍ وتؤدةٍ، فيحملون فيها ما شاءوا من تجائر وبضائع ومنافع، من بلدٍ إلى بلدٍ، وقطرٍ إلى قطرٍ، ويأتون بما عند أولئك إلى هؤلاء، كما ذهبوا بما عند هؤلاء إلى أولئك، ممّا يحتاجون إليه، ويطلبونه ويريدونه، {ويمسك السّماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه} أي: لو شاء لأذن للسّماء فسقطت على الأرض، فهلك من فيها، ولكن من لطفه ورحمته وقدرته يمسك السّماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه؛ ولهذا قال: {إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ} أي: مع ظلمهم، كما قال في الآية الأخرى: {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب} [الرّعد: 6]). [تفسير ابن كثير: 5/ 450-451]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وهو الّذي أحياكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم إنّ الإنسان لكفورٌ}، كقوله: {كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتًا فأحياكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم ثمّ إليه ترجعون} [البقرة: 28]، وقوله: {قل اللّه يحييكم ثمّ يميتكم ثمّ يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} [الجاثية: 26]، وقوله: {قالوا ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} [غافرٍ: 11] ومعنى الكلام: كيف تجعلون [مع] اللّه أندادًا وتعبدون معه غيره، وهو المستقلّ بالخلق والرّزق والتّصرّف، {وهو الّذي أحياكم} أي: خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئًا يذكر، فأوجدكم {ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} أي: يوم القيامة، {إنّ الإنسان لكفورٌ} أي: جحودٌ). [تفسير ابن كثير: 5/ 451]

رد مع اقتباس