عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 09:38 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({تبارك الّذي بيده الملك وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ (1) الّذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملًا وهو العزيز الغفور (2) الّذي خلق سبع سمواتٍ طباقًا ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوتٍ فارجع البصر هل ترى من فطورٍ (3) ثمّ ارجع البصر كرّتين ينقلب إليك البصر خاسئًا وهو حسيرٌ (4) ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وجعلناها رجومًا للشّياطين وأعتدنا لهم عذاب السّعير (5) }
يمجّد تعالى نفسه الكريمة، ويخبر أنّه بيده الملك، أي: هو المتصرّف في جميع المخلوقات بما يشاء لا معقّب لحكمه، ولا يسأل عمّا يفعل لقهره وحكمته وعدله. ولهذا قال: {وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 176]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {الّذي خلق الموت والحياة} واستدلّ بهذه الآية من قال: إنّ الموت أمرٌ وجوديٌّ لأنّه مخلوقٌ. ومعنى الآية: أنّه أوجد الخلائق من العدم، ليبلوهم ويختبرهم أيّهم أحسن عملًا؟ كما قال: {كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتًا فأحياكم} [البقرة: 28] فسمّى الحال الأوّل -وهو العدم-موتًا، وسمّى هذه النّشأة حياةً. ولهذا قال: {ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} [البقرة: 28].
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا صفوان، حدّثنا الوليد، حدّثنا خليد، عن قتادة في قوله: {الّذي خلق الموت والحياة} قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول:
«إنّ اللّه أذلّ بني آدم بالموت، وجعل الدّنيا دار حياةٍ ثمّ دار موتٍ، وجعل الآخرة دار جزاءٍ ثمّ دار بقاءٍ».
ورواه معمر، عن قتادة.
وقوله: {ليبلوكم أيّكم أحسن عملا} أي: خيرٌ عملًا كما قال محمّد بن عجلان:
«ولم يقل أكثر عملًا».
ثمّ قال: {وهو العزيز الغفور} أي: هو العزيز العظيم المنيع الجناب، وهو مع ذلك غفورٌ لمن تاب إليه وأناب، بعدما عصاه وخالف أمره، وإن كان تعالى عزيزًا، هو مع ذلك يغفر ويرحم ويصفح ويتجاوز). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 176]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {الّذي خلق سبع سماواتٍ طباقًا} أي: طبقةً بعد طبقةٍ، وهل هنّ متواصلاتٌ بمعنى أنّهنّ علويّاتٌ بعضهم على بعضٍ، أو متفاصلاتٌ بينهنّ خلاءٌ؟ فيه قولان، أصحّهما الثّاني، كما دلّ على ذلك حديث الإسراء وغيره.
وقوله: {ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوتٍ} أي: بل هو مصطحبٌ مستوٍ، ليس فيه اختلافٌ ولا تنافرٌ ولا مخالفةٌ، ولا نقصٌ ولا عيبٌ ولا خللٌ؛ ولهذا قال: {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ} أي: انظر إلى السّماء فتأمّلها، هل ترى فيها عيبًا أو نقصًا أو خللًا؛ أو فطورًا؟.
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، والثّوريّ، وغيرهم في قوله: {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ} أي: شقوقٍ.
وقال السّدّيّ: {هل ترى من فطورٍ} أي: من خروق. وقال ابن عبّاسٍ في روايةٍ: {من فطورٍ} أي: من وهيّ. وقال قتادة: {هل ترى من فطورٍ} أي: هل ترى خللا يا ابن آدم؟). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 176-177]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال قتادة: {هل ترى من فطورٍ} أي: هل ترى خللا يا ابن آدم؟، وقوله: {ثمّ ارجع البصر كرّتين} قال: مرّتين. {ينقلب إليك البصر خاسئًا} قال ابن عبّاسٍ:
«ذليلًا؟» وقال مجاهدٌ، وقتادة: «صاغرًا».
{وهو حسيرٌ}
قال ابن عبّاسٍ: يعني: وهو كليلٌ. وقال مجاهدٌ، وقتادة، والسّدّيّ: الحسير: المنقطع من الإعياء.
ومعنى الآية: إنّك لو كرّرت البصر، مهما كرّرت، لانقلب إليك، أي: لرجع إليك البصر، {خاسئًا} عن أن يرى عيبًا أو خللًا {وهو حسيرٌ} أي: كليلٌ قد انقطع من الإعياء من كثرة التّكرّر، ولا يرى نقصًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 177]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ولمّا نفى عنها في خلقها النّقص بيّن كمالها وزينتها فقال: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح} وهي الكواكب الّتي وضعت فيها من السّيّارات والثّوابت.
وقوله: {وجعلناها رجومًا للشّياطين} عاد الضّمير في قوله: {وجعلناها} على جنس المصابيح لا على عينها؛ لأنّه لا يرمي بالكواكب الّتي في السّماء، بل بشهبٍ من دونها، وقد تكون مستمدّةً منها، واللّه أعلم.
وقوله: {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} أي: جعلنا للشّياطين هذا الخزي في الدّنيا، وأعتدنا لهم عذاب السّعير في الأخرى، كما قال: في أوّل الصّافّات: {إنّا زيّنّا السّماء الدّنيا بزينةٍ الكواكب وحفظًا من كلّ شيطانٍ ماردٍ لا يسّمّعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كلّ جانبٍ دحورًا ولهم عذابٌ واصبٌ إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهابٌ ثاقبٌ} [الصّافّات: 6 -10].
قال قتادة: إنّما خلقت هذه النّجوم لثلاث خصالٍ: خلقها اللّه زينةً للسّماء، ورجومًا للشّياطين، وعلاماتٍ يهتدى بها، فمن تأوّل فيها غير ذلك فقد قال برأيه وأخطأ حظّه، وأضاع نصيبه، وتكلّف ما لا علم له به. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 177]


رد مع اقتباس