عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 12:16 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (حم (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {حم (1) تنزيلٌ من الرّحمن الرّحيم (2) كتابٌ فصّلت آياته قرآنًا عربيًّا لقومٍ يعلمون (3) بشيرًا ونذيرًا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون}.
قال أبو جعفرٍ: قد تقدّم القول منّا فيما مضى قبل في معنى حم والقول في هذا الموضع كالقول في ذلك). [جامع البيان: 20/375]

تفسير قوله تعالى: (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {تنزيلٌ من الرّحمن الرّحيم} يقول تعالى ذكره: هذا القرآن تنزيلٌ من عند الرّحمن الرّحيم نزّله على نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 20/375]

تفسير قوله تعالى: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {كتابٌ فصّلت آياته} يقول: كتابٌ بيّنت آياته.
- كما حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {فصّلت آياته} قال: بيّنت آياته.
وقوله: {قرآنًا عربيًّا} يقول تعالى ذكره: فصّلت آياته هكذا.
وقد اختلف أهل العربيّة في وجه نصب القرآن، فقال بعض نحويّي البصرة: قوله {كتابٌ فصّلت} الكتاب خبرٌ لمبتدأٍ، أخبر أنّ التّنزيل كتابٌ، ثمّ قال: {فصّلت آياته قرآنًا عربيًّا} شغل الفعل بالآيات حتّى صارت بمنزلة الفاعل، فنصب القرآن، وقال: {بشيرًا ونذيرًا} على أنّه صفةٌ، وإن شئت جعلت نصبه على المدح كأنّه حين ذكره أقبل في مدحه، فقال: ذكرنا قرآنًا عربيًّا بشيرًا ونذيرًا، وذكرناه قرآنًا عربيًّا، وكان فيما مضى من ذكره دليلٌ على ما أضمر.
وقال بعض نحويّي الكوفة: نصب قرآنًا على الفعل: أي فصّلت آياته كذلك قال: وقد يكون النّصب فيه على القطع، لأنّ الكلام تامٌّ عند قوله آياته قال: ولو كان رفعًا على أنّه من نعت الكتاب كان صوابًا، كما قال في موضعٍ آخر: {كتابٌ أنزلناه إليك مباركٌ} وقال: وكذلك قوله: {بشيرًا ونذيرًا} فيه ما في {قرآنًا عربيًّا}.
وقوله: {لقومٍ يعلمون} يقول: فصّلت آيات هذا الكتاب قرآنًا عربيًّا لقومٍ يعلمون اللّسان العربيّ). [جامع البيان: 20/375-376]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني أبو الحسن أحمد بن الخضر الشّافعيّ، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق العقيليّ، ثنا عبيد اللّه بن سعد بن إبراهيم الزّهريّ، ثنا عمّي، حدّثني أبي، عن سفيان الثّوريّ، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن جابرٍ رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم تلا {قرآنًا عربيًّا لقومٍ يعلمون} [فصلت: 3] ثمّ قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «ألهم إسماعيل هذا اللّسان إلهامًا» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/476]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عليّ بن الحسين القاضي ببخارى، ثنا عبد اللّه بن محمود بن شقيقٍ، ثنا أبو تميلة، عن الحسين بن واقدٍ، عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه، {بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ} [الشعراء: 195] قال: «بلسان جرهمٍ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/477]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عليٍّ الحسين بن عليٍّ الحافظ، أنبأ محمّد بن الحسن العسقلانيّ، ثنا أبو عميرٍ عيسى بن محمّدٍ، ثنا ضمرة، عن سعد بن عبد اللّه بن سعدٍ، عن أبيه، عن أبي الدّرداء رضي اللّه عنه، قال: سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم رجلًا قرأ فلحن فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «أرشدوا أخاكم» صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/477]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان الشّيبانيّ، ثنا جدّي، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية، حدّثني عبد اللّه بن سعيدٍ المقبريّ، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه» هذا حديثٌ صحيح الإسناد على مذهب جماعةٍ من أئمّتنا ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/477]

تفسير قوله تعالى: (بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {بشيرًا} لهم يبشّرهم إن هم آمنوا به، وعملوا بما أنزل فيه من حدود اللّه وفرائضه بالجنّة، {ونذيرًا} يقول: ومنذرًا من كذّب به ولم يعمل بما فيه، بأس اللّه في عاجل الدّنيا، وخلود الأبد في نار جهنّم في آجل الآخرة.
وقوله: {فأعرض أكثرهم} يقول تعالى ذكره: فاستكبر عن الإصغاء له وتدبّر ما فيه من حجج اللّه، وأعرض عنه أكثر هؤلاء القوم الّذين أنزل اللّه إليهم هذا القرآن بشيرًا لهم ونذيرًا، وهم قوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: فهم لا يصغون له فيسمعوه إعراضًا عنه واستكبارًا). [جامع البيان: 20/376]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله قلوبنا غلف قال هو كقوله {قلوبنا في أكنة}). [تفسير عبد الرزاق: 1/51]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن جريج عن مجاهد في قوله قلوبنا في أكنة قال كالجعبة للنبل). [تفسير عبد الرزاق: 2/183]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا قلوبنا في أكنّةٍ ممّا تدعونا إليه وفي آذاننا وقرٌ ومن بيننا وبينك حجابٌ فاعمل إنّنا عاملون}.
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المعرضون عن آيات اللّه من مشركي قريشٍ إذ دعاهم محمّدٌ نبيّ اللّه إلى الإقرار بتوحيد اللّه وتصديق بما في هذا القرآن من أمر اللّه ونهيه، وسائر ما أنزل فيه {قلوبنا في أكنّةٍ} يقول: في أغطيةٍ {ممّا تدعونا} يا محمّد {إليه} من توحيد اللّه، وتصديقك فيما جئتنا به، لا نفقه ما تقول {وفي آذاننا وقرٌ} وهو الثّقل، لا نسمع ما تدعونا إليه استثقالاً لما يدعو إليه وكراهةً له.
وقد مضى البيان قبل عن معاني هذه الأحرف بشواهده، وذكر ما قال أهل التّأويل فيه، فكرهنا إعادة ذلك في هذا الموضع.
- وقد حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {قلوبنا في أكنّةٍ} قال: كالجعبة للنبل.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {وقالوا: قلوبنا في أكنّةٍ} قال: عليها أغطيةٌ {وفي آذاننا وقرٌ} قال: صممٌ.
وقوله: {ومن بيننا وبينك حجابٌ} يقولون: ومن بيننا وبينك يا محمّد ساترٌ، لا نجتمع من أجله نحن وأنت، فيرى بعضنا بعضًا، وذلك الحجاب هو اختلافهم في الدّين، لأنّ دينهم كان عبادة الأوثان، ودين محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم عبادة اللّه وحده لا شريك له، فذلك هو الحجاب الّذي زعموا أنّه بينهم وبين نبيّ اللّه، وذلك هو خلاف بعضهم بعضًا في الدّين.
وقوله: {فاعمل إنّنا عاملون} يقول: قالوا له صلّى اللّه عليه وسلّم: فاعمل يا محمّد بدينك وما تقول إنّه الحقّ، إنّنا عاملون بديننا، وما تقول إنّه الحقّ، ودع دعاءنا إلى ما تدعونا إليه من دينك، فإنّا ندع دعاءك إلى ديننا وأدخلت من في قوله {ومن بيننا وبينك حجابٌ} والمعنى: وبيننا وبينك حجابٌ، توكيدًا للكلام). [جامع البيان: 20/377-378]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وقالوا قلوبنا في أكنة يعني كالجعبة للنبل). [تفسير مجاهد: 569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 5.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وقالوا قلوبنا في أكنة} قالوا: كالجعبة للنبل). [الدر المنثور: 13/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري في حديثه من طريق عبد القدوس عن نافع بن الأزرق عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله {وقالوا قلوبنا في أكنة} الآية، قال: أقبلت قريش إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال لهم ما يمنعكم من الإسلام فتسودوا العرب فقالوا: يا محمد ما نفقه ما تقول ولا نسمعه وإن على قلوبنا لغلفا، وأخذ أبو جهل ثوبا فمده فيما بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد {قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب}، قال لهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أدعوكم إلى خصلتين، أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله، فلما سمعوا شهادة أن لا إله إلا الله (ولو على أدبارهم نفورا) (الإسراء 46)
وقالوا (أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب) (ص 5) وقال بعضهم لبعض (امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق أأنزل عليه الذكر من بيننا) (ص 7).
وهبط جبريل فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول: أليس يزعم هؤلاء أن على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقر فليس يسمعون قولك كيف (وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا) (الإسراء 46) لو كان كما زعموا لم ينفروا ولكنهم كاذبون يسمعون ولا ينتفعون بذلك كراهية له، فلما كان من الغد أقبل منهم سبعون رجلا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أعرض علينا الإسلام فلما عرض عليهم الإسلام أسلموا عن آخرهم فتبسم النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الحمد الله ألستم بالأمس تزعمون أن على قلوبكم غلفا وقلوبكم في أكنة مما ندعوكم إليه وفي آذانكم وقرا وأصبحتم اليوم مسلمين فقالوا: يا رسول الله كذبنا والله بالأمس لو كان كذلك ما اهتدينا أبدا ولكن الله الصادق والعباد الكاذبون عليه وهو الغني ونحن الفقراء إليه). [الدر المنثور: 13/86-87]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ فاستقيموا إليه واستغفروه وويلٌ للمشركين (6) الّذين لا يؤتون الزّكاة وهم بالآخرة هم كافرون}.
يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لهؤلاء المعرضين عن آيات اللّه من قومك: أيّها القوم، ما أنا إلاّ بشرٌ من بني آدم مثلكم في الجنس والصّورة والهيئة، لست بملكٍ {يوحى إليّ} يوحي اللّه إليّ أنّ لا معبود لكم تصلح عبادته إلاّ معبودٌ واحدٌ {فاستقيموا إليه} يقول: فاستقيموا إليه بالطّاعة، ووجّهوا إليه وجوهكم بالرّغبة والعبادة دون الآلهة والأوثان {واستغفروه} يقول: وسلوه العفو لكم عن ذنوبكم الّتي سلفت منكم بالتّوبة من شرككم، يتب عليكم ويغفر لكم). [جامع البيان: 20/378]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى الذين لا يؤتون الزكاة قال كان يقال الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها برئ ونجا ومن لم يقطعها هلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/184]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وويلٌ للمشركين (6) الّذين لا يؤتون الزّكاة وهم بالآخرة هم كافرون} يقول تعالى ذكره: وصديد أهل النّار، وما يسيل منهم للمدّعين للّه شريكًا العابدين الأوثان دونه الّذين لا يؤتون الزّكاة.
فاختلف أهل التّأويل في ذلك، فقال بعضهم: معناه: الّذين لا يعطون اللّه الطّاعة الّتي تطهّرهم، وتزكّي أبدانهم، ولا يوحّدونه؛ وذلك قولٌ يذكر عن ابن عبّاسٍ.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وويلٌ للمشركين (6) الّذين لا يؤتون الزّكاة} قال: هم الّذين لا يشهدون أنّ لا إله إلاّ اللّه.
- حدّثني سعيد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا حفصٌ، قال: حدّثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، قوله: {وويلٌ للمشركين (6) الّذين لا يؤتون الزّكاة} الّذين لا يقولون لا إله إلاّ اللّه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: الّذين لا يقرّون بزكاة أموالهم الّتي فرض اللّه فيها، ولا يعطونها أهلها وقد ذكرنا أيضًا قائلي ذلك قبل.
- وقد حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وويلٌ للمشركين (6) الّذين لا يؤتون الزّكاة} قال: لا يقرّون بها ولا يؤمنون بها وكان يقال: إنّ الزّكاة قنطرة الإسلام، فمن قطعها نجا، ومن تخلّف عنها هلك؛ وقد كان أهل الرّدّة بعد نبيّ اللّه قالوا: أما الصّلاة فنصلّي، وأمّا الزّكاة فواللّه لا نغصب أموالنا؛ قال: فقال أبو بكرٍ: واللّه لا أفرّق بين شيءٍ جمع اللّه بينه؛ واللّه لو منعونا عقالاً ممّا فرض اللّه ورسوله لقاتلناهم عليه.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وويلٌ للمشركين الّذين لا يؤتون الزّكاة} قال: لو زكّوا وهم مشركون لم ينفعهم.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القول في ذلك ما قاله الّذين قالوا: معناه: لا يؤدّون زكاة أموالهم؛ وذلك أنّ ذلك هو الأشهر من معنى الزّكاة، وأنّ في قوله: {وهم بالآخرة هم كافرون} دليلاً على أنّ ذلك كذلك، لأنّ الكفّار الّذين عنوا بهذه الآية كانوا لا يشهدون أنّ لا إله إلاّ اللّه، فلو كان قوله: {الّذين لا يؤتون الزّكاة} مرادًا به الّذين لا يشهدون أنّ لا إله إلاّ اللّه لم يكن لقوله: {وهم بالآخرة هم كافرون} معنًى، لأنّه معلومٌ أنّ من لا يشهد أنّ لا إله إلاّ اللّه لا يؤمن بالآخرة، وفي اتّباع اللّه قوله: {وهم بالآخرة هم كافرون} قوله {الّذين لا يؤتون الزّكاة} ما ينبئ عن أنّ الزّكاة في هذا الموضع معنيٌّ بها زكاة الأموال.
وقوله: {وهم بالآخرة هم كافرون} يقول: وهم بقيام السّاعة، وبعث اللّه خلقه أحياءً من قبورهم، من بعد بلائهم وفنائهم منكرون). [جامع البيان: 20/379-380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 6 - 8
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وويل للمشركين (6) الذين لا يؤتون الزكاة} قال: لا يشهدون أن لا إله إلا الله، وفي قوله {لهم أجر غير ممنون} قال: غير منقوص). [الدر المنثور: 13/87-88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي، وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وويل للمشركين (6) الذين لا يؤتون الزكاة} قال: لا يقولوا لا إله إلا الله). [الدر المنثور: 13/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في قوله {الذين لا يؤتون الزكاة} قال: كان يقال الزكاة قنطرة الإسلام من قطعها برئ ونجا ومن لم يقطعها هلك، والله أعلم). [الدر المنثور: 13/88]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {لهم أجرٌ غير ممنونٍ} [فصلت: 8] : «محسوبٍ»). [صحيح البخاري: 6/128]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهد لهم أجر غير ممنون محسوبٍ سقط هذا من رواية النّسفيّ وقد وصله الفريابيّ من طريق مجاهدٍ به وروى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله غير ممنونٍ قال غير منقوصٍ وهو بمعنى قول مجاهدٍ محسوبٌ والمراد أنّه يحسب فيحصى فلا ينقص منه شيءٌ). [فتح الباري: 8/559]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد ممنون محسوب أقواتها أرزاقها في كل سماء أمرها ممّا أمر به نحسات مشائيم وقيضنا لهم قرناء قرناهم بهم تتنزل عليهم الملائكة عند الموت اهتزت بالنبات وربت ارتفعت من أكمامها حين تطلع ليقولن هذا لي أي بعملي أنا محقوق بهذا
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 8 فصلت {أجر غير ممنون} قال غير محسوب). [تغليق التعليق: 4/302] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ: {لهم أجرٌ غير ممنونٍ} (فصلت: 8) محسوب
ويروي قال: غير محسوب، رواه عبد بن حميد في تفسيره عن عمرو بن سعد عن سفيان عن ابن جريج عن مجاهد، وروى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، في قوله: غير ممنون، قال: غير منقوص). [عمدة القاري: 19/152]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي ({ممنون}) ولأبي ذر والأصيلي {لهم أجر غير ممنون} [فصلت: 8] أي غير (محسوب) وقال ابن عباس غير مقطوع وقيل غير ممنون به عليهم). [إرشاد الساري: 7/327]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لهم أجرٌ غير ممنونٍ (8) قل أئنّكم لتكفرون بالّذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادًا ذلك ربّ العالمين}.
يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين صدّقوا اللّه ورسوله، وعملوا بما أمرهم اللّه به ورسوله، وانتهوا عمّا نهياهم عنه، وذلك هو الصّالحات من الأعمال {لهم أجرٌ غير ممنونٌ} يقول: لمن فعل ذلك أجرٌ غير منقوصٍ عمّا وعدهم أن يأجرهم عليه.
وقد اختلف في تأويل ذلك أهل التّأويل، وقد بيّنّاه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
- وقد حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {لهم أجرٌ غير ممنونٍ} قال بعضهم: غير منقوصٍ وقال بعضهم: غير ممنونٍ عليهم.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أجرٌ غير ممنونٍ} يقول: غير منقوصٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، قوله: {لهم أجرٌ غير ممنونٍ} قال: محسوبٌ). [جامع البيان: 20/381]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله غير ممنون قال غير محسوب). [تفسير مجاهد: 569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 6 - 8
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وويل للمشركين (6) الذين لا يؤتون الزكاة} قال: لا يشهدون أن لا إله إلا الله، وفي قوله {لهم أجر غير ممنون} قال: غير منقوص). [الدر المنثور: 13/87-88] (م)


رد مع اقتباس