عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 08:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (واختلف المفسرون في قوله تعالى: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} فقالت فرقة: العابدون: هو من العبادة، ثم اختلفوا في معنى الآية بعد ذلك، فقال قتادة والسدي والطبري: المعنى: قل لهم يا محمد: إن كان للرحمن ولد -كما تقولون- فأنا أول من يعبد على ذلك، ولكن ليس له شيء من ذلك تعالى وجل. قال الطبري: فهذا إلطاف في الخطاب، ونحوه قوله تعالى: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقوله تعالى في مخاطبة الكفار: "أين شركائي".
وقال مجاهد: المعنى: إن كان لله تعالى ولد في قولكم فأنا أول من عبد الله وحده وكذبكم، وقال قتادة أيضا، وزهير بن محمد، وابن زيد: "إن" نافية بمعنى: "ما"، فكأنه تعالى قال: قل ما كان للرحمن ولد، وهنا هو الوقف على هذا التأويل، ثم يبتدئ: فأنا أول العابدين، قاله أبو حاتم، وقالت فرقة: العابدون: من عبد الرجل إذا أنف وأنكر الشيء، وقال الشاعر:
متى يشأ ذو الود يصرم خليله ... ويعبد عليه لا محالة ظالما
ومنه حديث عثمان وعلي رضى الله عنهما في المرجومة حين قال علي: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا، قال: فما عبد عثمان أن بعث إليها لترد، والمعنى: إن جعلتم للرحمن ولدا وكان ذلك في قولكم فأنا أول الآنفين المنكرين لذلك.
وقرأ الجمهور: "ولد" بفتح الواو واللام، وقرأ ابن مسعود، وابن وثاب، وطلحة، والأعمش: "ولد" بضم الواو وسكون اللام، وقرأ أبو عبد الرحمن: "أول العبدين"، وهي على هذا المعنى، قال أبو حاتم: العبد -بكسر الباء-: الشديد الغضب. وقال أبو عبيدة: معناه: أول الجاحدين، والعرب تقول: "عبدني حقي"، أي جحدني). [المحرر الوجيز: 7/ 564-565]

تفسير قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون * فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون * وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم * وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون}
لما قال: فأنا أول العابدين نزه الرب تعالى عن هذه المقالة التي قالوها، و "سبحان" تنزيه، وخص السماوات والأرض والعرش لأنها أعظم المخلوقات). [المحرر الوجيز: 7/ 565-566]

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فذرهم يخوضوا} مهادنة ما وترك، وهي منسوخة بآية السيف، وقرأ الجمهور: " حتى يلاقوا"، وقرأ أبو جعفر، وابن محيصن: "حتى يلقوا". وقال الجمهور: اليوم الذي توعدهم به هو يوم القيامة، وقال عكرمة وغيره: هو يوم بدر). [المحرر الوجيز: 7/ 566]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} آية حكم بعظمته وإخبار بألوهيته، أي: هو النافذ أمره في كل شيء، وقرأ عمر بن الخطاب، وأبي بن كعب، والحكم بن أبي العاص، وجابر بن زيد، وأبو الشيخ، وبلال بن أبي بردة، ويحيى بن يعمر، وابن السميفع: "وهو الذي في السماء الله وفي الأرض الله"، و"الحكيم": المحكم). [المحرر الوجيز: 7/ 566]

تفسير قوله تعالى: {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"تبارك": تفاعل، من البركة، أي: تزيدت بركاته وله ملك السماوات والأرض وما بينهما حصر لجميع الموجودات المحسوسات. وعلم الساعة معناه: علم تحديد قيامها والوقف على تعيينه وحصره، وهذا هو الذي استأثر الله بعلمه، وإلا فنحن عندنا علم الساعة، أنها واقعة ذات أهوال وصفات ما، والمصدر في قوله تعالى: {علم الساعة} مضاف إلى المفعول، وقرأ أكثر القراء: "وإليه يرجعون" بالياء من تحت. وقرأ نافع، وعاصم، وأبو عمرو "وإليه ترجعون" بالتاء من فوق مضمومة، وقرأ الأسود، والأعمش: "يحشرون" بالياء من تحت). [المحرر الوجيز: 7/ 566]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون * ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون * وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون * فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون}
قوله تعالى: {ولا يملك الذين} الآية مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وسلم، و"الذين": هم المعبودون، والضمير في: "يدعون" هو للكفار الذين عبدوا غير الله تعالى، فأعلم تعالى أن كل من عبد من دون الله فإنه لا يملك شفاعة عند الله يوم القيامة، وقرأ الجمهور: "يدعون" بالياء من تحت. وقرأ ابن وثاب: "تدعون" بالتاء من فوق، ثم استثنى تعالى من هذه الأخبار، واختلف الناس في المستثنى، فقال قتادة: استثنى ممن عبد من دون الله: عيسى وعزيرا والملائكة عليهم السلام، والمعنى: فإنهم يملكون شفاعة بأن يمكنهم الله تعالى إياهم، إذ هم ممن شهد بالحق وهم يعلمون في كل أحوالهم، فالاستثناء -على هذا التأويل- متصل، وقال مجاهد وغيره: استثنى من في المشفوع فيهم، كأنه قال: لا يشفع هؤلاء الملائكة وعزير وعيسى إلا فيمن شهد بالحق وهم يعلمون بالتوحيد، فالاستثناء -على هذا التأويل- منفصل، كأنه تعالى قال: لكن من شهد بالحق يشفع فيهم هؤلاء، والتأويل الأول أصوب، والله تعالى أعلم). [المحرر الوجيز: 7/ 566-567]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أظهر تعالى عليهم الحجة من أقوالهم وإقرارهم بأن الله تعالى هو خالقهم وموجدهم بعد العدم، ثم وقفهم -على جهة التقرير والتوبيخ- بقوله: {فأنى يؤفكون}، أي فلأي جهة يصرفون؟). [المحرر الوجيز: 7/ 567]

تفسير قوله تعالى: {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور القراء: "وقيله يا رب" بالنصب، وهو مصدر كالقول، والضمير فيه لمحمد صلى الله عليه وسلم، وحكى مكي قولا أنه لعيسى عليه السلام، وهو ضعيف، واختلف الناس في الناصب له،
فقالت فرقة: هو معطوف على قوله تعالى: {سرهم ونجواهم}،
وقالت فرقة: العامل فيه "يكتبون"، أي: أقوالهم وأفعالهم وقيله.
وقالت فرقة: الناصب له ما في قوله تعالى: {وعنده علم الساعة} من قوة الفعل، أي: ويعلم قيله، ونزل قوله تعالى: {وقيله يا رب} بمنزلة: وشكوى محمد عليه الصلاة والسلام واستغاثته من كفرهم وعتوهم.
وقرأ عاصم، وحمزة، وابن وثاب، والأعمش: و"قيله يا رب" بالخفض عطفا على "الساعة". وقرأ الأعرج، وأبو قلابة، ومجاهد: "وقيله يا رب" بالرفع على الابتداء، والخبر في قوله: {يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون} أي: قيله هذا القول، أو يكون التقدير: وقيله يا رب مسموع ومتقبل، فـ "يا رب" -على هذا- منصوب الموضع بـ "قيله"، وقرأ أبو قلابة: "يا رب" بفتح الباء المشددة، وأراد: يا ربا، على لغة من يقول: يا غلاما، ثم حذف الألف تخفيفا واتباعا لخط المصحف). [المحرر الوجيز: 7/ 567]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فاصفح عنهم} موادعة منسوخة بآيات السيف، وقوله تعالى: "سلام" تقديره: وقل أمري سلام، أي: مسالمة، وقالت فرقة: المعنى: وقل سلام عليكم، على جهة الموادعة والملاينة، والنسخ قد أتى على هذا السلام، سواء كان تحية أو عبارة عن الموادعة، وقرأ جمهور القراء: "يعلمون" بالياء. وقرأ نافع، وابن عامر، -في رواية هشام عنه- والحسن، والأعرج، وأبو جعفر: "تعلمون" بالتاء من فوق.
كمل تفسير سورة الزخرف والحمد لله رب العالمين). [المحرر الوجيز: 7/ 567-568]


رد مع اقتباس