عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 07:10 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عمّا يشركون (1)}
يخبر تعالى عن اقتراب السّاعة ودنوّها معبّرًا بصيغة الماضي الدّالّ على التّحقّق والوقوع لا محالة [كما قال تعالى]: {اقترب للنّاس حسابهم وهم في غفلةٍ معرضون} [الأنبياء: 1]، وقال: {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر} [القمر: 1].
وقوله: {فلا تستعجلوه} أي: قرب ما تباعد فلا تستعجلوه.
يحتمل أن يعود الضّمير على اللّه، ويحتمل أن يعود على العذاب، وكلاهما متلازمٌ، كما قال تعالى: {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجلٌ مسمًّى لجاءهم العذاب وليأتينّهم بغتةً وهم لا يشعرون يستعجلونك بالعذاب وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين} [العنكبوت: 53، 54].
وقد ذهب الضّحّاك في تفسير هذه الآية إلى قولٍ عجيبٍ، فقال في قوله: {أتى أمر اللّه} أي: فرائضه وحدوده.
وقد ردّه ابن جريرٍ فقال: لا نعلم أحدًا استعجل الفرائض والشّرائع قبل وجودها بخلاف العذاب فإنّهم استعجلوه قبل كونه، استبعادًا وتكذيبًا.
قلت: كما قال تعالى: {يستعجل بها الّذين لا يؤمنون بها والّذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنّها الحقّ ألا إنّ الّذين يمارون في السّاعة لفي ضلالٍ بعيدٍ} [الشّورى: 18].
وقال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عيّاشٍ، عن محمّد بن عبد اللّه -مولى المغيرة بن شعبة -عن كعب بن علقمة، عن عبد الرّحمن بن حجيرة، عن عقبة بن عامرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "تطلع عليكم عند السّاعة سحابةٌ سوداء من المغرب مثل التّرس، فما تزال ترتفع في السّماء، ثمّ ينادي منادٍ فيها: يا أيّها النّاس. فيقبل النّاس بعضهم على بعضٍ: هل سمعتم؟ فمنهم من يقول: نعم. ومنهم من يشكّ. ثمّ ينادي الثّانية: يا أيّها النّاس. فيقول النّاس بعضهم لبعضٍ: هل سمعتم؟ فيقولون: نعم. ثمّ ينادي الثّالثة: يا أيّها النّاس، أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "فوالّذي نفسي بيده، إن الرّجلين لينشران الثّوب فما يطويانه أبدًا، وإنّ الرّجل ليمدّنّ حوضه فما يسقي فيه شيئًا أبدًا، وإنّ الرّجل ليحلب ناقته فما يشربه أبدًا -قال -ويشتغل الناس".
ثمّ إنّه تعالى نزّه نفسه عن شركهم به غيره، وعبادتهم معه ما سواه من الأوثان والأنداد، تعالى وتقدّس علوًّا كبيرًا، وهؤلاء هم المكذّبون بالسّاعة، فقال: {سبحانه وتعالى عمّا يشركون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 555-556]

تفسير قوله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ينزّل الملائكة بالرّوح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنّه لا إله إلّا أنا فاتّقون (2)}
{ينزل الملائكة بالرّوح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنّه لا إله إلا أنا فاتّقون}
يقول تعالى: {ينزل الملائكة بالرّوح} أي: الوحي كما قال تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا} [الشّورى: 52].
وقوله: {على من يشاء من عباده} وهم الأنبياء، كما قال: {اللّه أعلم حيث يجعل رسالته} [الأنعام: 124]، وقال: {اللّه يصطفي من الملائكة رسلا ومن النّاس} [الحجّ: 75]، وقال: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التّلاق يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار} [غافرٍ: 15، 16].
وقوله: {أن أنذروا} أي: لينذروا {أنّه لا إله إلا أنا} [كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنّه لا إله إلا أنا}] {فاعبدون} [الأنبياء: 25]، وقال في هذه [الآية]: {فاتّقون} أي: فاتّقوا عقوبتي لمن خالف أمري وعبد غيري). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 556]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({خلق السّماوات والأرض بالحقّ تعالى عمّا يشركون (3) خلق الإنسان من نطفةٍ فإذا هو خصيمٌ مبينٌ (4)}
يخبر تعالى عن خلقه العالم العلويّ وهو السّماوات، والعالم السّفليّ وهو الأرض بما حوت، وأنّ ذلك مخلوقٌ بالحقّ لا للعبث، بل {ليجزي الّذين أساءوا بما عملوا ويجزي الّذين أحسنوا بالحسنى} [النّجم: 31].
ثمّ نزّه نفسه عن شرك من عبد معه غيره [من الأصنام الّتي لا تخلق شيئًا وهم يخلقون فكيف ناسب أن يعبد معه غيره]، وهو المستقلّ بالخلق وحده لا شريك له، فلهذا يستحقّ أن يعبد وحده لا شريك له). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 556]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ نبّه على خلق جنس الإنسان {من نطفةٍ} أي: ضعيفةٍ مهينةٍ، فلمّا استقلّ ودرج إذا هو يخاصم ربّه تعالى ويكذّبه، ويحارب رسله، وهو إنّما خلق ليكون عبدًا لا ضدًا، كما قال تعالى: {وهو الّذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا وكان ربّك قديرًا * ويعبدون من دون اللّه ما لا ينفعهم ولا يضرّهم وكان الكافر على ربّه ظهيرًا} [الفرقان: 54، 55]، وقال: {أولم ير الإنسان أنّا خلقناه من نطفةٍ فإذا هو خصيمٌ مبينٌ وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميمٌ قل يحييها الّذي أنشأها أوّل مرّةٍ وهو بكلّ خلقٍ عليمٌ} [يس: 77، 79].
وفي الحديث الّذي رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن بسر بن جحّاش قال: بصق رسول اللّه في كفّه، ثمّ قال: "يقول اللّه: ابن آدم، أنّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتّى إذا سوّيتك فعدلتك مشيت بين برديك وللأرض منك وئيدٌ، فجمعت ومنعت، حتّى إذا بلغت الحلقوم قلت: أتصدق. وأنّى أوان الصّدقة؟"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 556-557]

رد مع اقتباس