عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 10:09 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون}
هذا تعديد نعمة الله في المطر، وقوله: {ومنه شجر} أي: يكون منه بالتدريج،
[المحرر الوجيز: 5/332]
إذ يسقي الأرض فينبت عن هذا السقي الشجر، وهذا من التجوز، كما قال الشاعر:
أسنمة الآبال في ربابه
وكما سمى الآخر العشب سماء في قوله:
إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
قال أبو إسحاق: يقال لكل ما ينبت على الأرض: شجر، وقال عكرمة: لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه مسحت، يعني الكلأ.
و"تسيمون" معناه: ترعون أنعامكم، وسومها من الرعي، وتسرحونها، ويقال للأنعام: السائمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في سائمة الغنم الزكاة"، يقال: أسام الرجل ماشيته إسامة إذا أرسلها ترعى، وسومها أيضا فسامت هي، ومن ذلك قول الأعشى:
ومشى القوم بالعماد إلى الرز ... حى، وأعيا المسيم أين المساق
[المحرر الوجيز: 5/333]
ومنه قول الآخر:
مثل ابن بزعة أو كآخر مثله ... أولى لك ابن مسيمة الأجمال
أي: راعية الأجمال. وفسر المتأولون "تسيمون" بـ "ترعون"). [المحرر الوجيز: 5/334]

تفسير قوله تعالى: {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "ينبت" بالياء، على معنى: ينبت الله، يقال: نبت الشجر وأنبته الله، ويقال: أنبت الشجر بمعنى نبت، وكان الأصمعي يأبى ذلك ويتهم قصيدة زهير التي فيها:
حتى إذا أنبت البقل
وقرأ أبو بكر عن عاصم: "ننبت" بنون العظمة، وخص عز وجل ذكر هذه الأربعة لأنها أشرف ما ينبت وأجمعها للمنافع، ثم عم بقوله: {من كل الثمرات}، ثم أحال القول على الفكرة في تصاريف النبات والأشجار، وهي موضع عبرة في ألوانها واطراد خلقها وتناسب ألطافها فسبحان الخلاق العظيم). [المحرر الوجيز: 5/334]

تفسير قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وسخر لكم الليل والنهار} الآية. قرأ الجمهور بإعمال "سخر" في
[المحرر الوجيز: 5/334]
جميع ما ذكر، ونصب "مسخرات" على الحال المؤكدة، كما قال تعالى: {هو الحق مصدقا} وكما قال الشاعر:
أنا ابن دارة معروفا بها نسبي
ونحو هذا، وقرأ ابن عامر: "والشمس والقمر والنجوم مسخرات" برفع هذا كله، وقرأ حفص عن عاصم "والنجوم مسخرات" بالرفع، ونصب ما قبل ذلك، والمعنى في هذه الآية أن هذه المخلوقات مسخرات على رتبة قد استمر بها انتفاع البشر من السكون بالليل والمعايش وغير ذلك بالنهار، وأما منافع الشمس والقمر فأكثر من أن تحصى، وأما النجوم فهدايات، ولهذا الوجه اعتدت في جملة النعم على بني آدم، ومن النعمة بها ضياؤها أحيانا، قال الزجاج: وعلم عدد السنين والحساب بها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي هذا نظر.
وقرأ ابن مسعود، والأعمش، وطلحة بن مصرف: "والرياح مسخرات" في موضع "والنجوم". ثم قال: {إن في ذلك لآيات} لعظم الأمر، لأن كل واحد مما ذكر آية في نفسه لا يشترك مع الآخر، وقال في الآية قبل: "لآية" لأن شيئا واحدا يعم تلك الأربعة وهو النبات، وكذلك في ذكر ما ذرأ ليسارته بالإضافة، وأيضا فإنه بمعنى "آيات"، واحد يراد به الجمع). [المحرر الوجيز: 5/335]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى
[المحرر الوجيز: 5/335]
الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون}
وما ذرأ لكم في الأرض معناه: بث ونشر، و"الذرية" من هذا في أحد الأقوال في اشتقاقها، وقوله: "ألوانه" معناه: أصنافه، كما تقول: هذه ألوان من الثمر ومن الطعام، ومن حيث كانت هذه المبثوثات في الأرض أصنافا عدت في النعمة، وظهر الانتفاع بها أنه على وجوه، ولا يظهر ذلك من حيث هي متلونة حمرة وصفرة وغير ذلك، ويحتمل أن يكون التنبيه على اختلاف الألوان حمرة وصفرة، والأول أبين). [المحرر الوجيز: 5/336]

رد مع اقتباس