عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين}
حكيت في هذه الآية مقالة قالها بعض قريش، وهي أنهم لا يؤمنون بالقرآن ولا بما بين يديه من التوراة والإنجيل والزبور، فكأنهم كذبوا بجميع كتب الله، وإنما فعلوا هذا لما وقع الاحتجاج عليهم بما في التوراة من أمر محمد عليه الصلاة والسلام. وقالت فرقة: "الذي بين يديه" هي الساعة والقيامة، وهذا خطأ لم يفهم قائله أمر "بين اليد" في اللغة وأنه المتقدم في الزمن، وقد بينا معناه فيما تقدم.
ثم أخبر الله تبارك وتعالى نبيه عن حالة الظالمين في صيغة التعجيب من حالهم، وجواب "لو" محذوف، ويرجع بعضهم إلى بعض أي يريد: يتحاورون ويتجادلون، ثم فسر ذلك الجدل بأن الأتباع والضعفاء من الكفرة يقولون للكفار وللرؤوس - على جهة التذنيب والتوبيخ ورد اللائمة عليهم -: لولا أنتم لآمنا نحن واهتدينا، أي: أنتم أغويتمونا وأمرتمونا بالكفر،
فقال لهم الرؤساء - على جهة التقرير والتكذيب -: أنحن صددناكم عن الهدى؟ بل كنتم مجرمين، أي: دخلتم في الكفر ببصائركم، وأجرمتم بنظر منكم، ودعوتنا لم تكن ضربة لازب عليكم; لأنا دعوناكم بغير حجة ولا برهان، وهذا كله يتضمنه اللفظ).[المحرر الوجيز: 7/ 187-188]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون}
هذه مراجعة من الأتباع للرؤساء حين قالوا لهم: إنما كفرتم ببصائر أنفسكم، فقال المستضعفون: بل كفرنا بمكركم بنا بالليل والنهار، وأضاف المكر إلى الليل والنهار من حيث هو فيهما، ولتدل هذه الإضافة على الدؤوب والزمان، كما قالوا: ليل نائم ونهار صائم، وأنشد سيبويه:
فنام ليلي وتجلى همي
وهذه قراءة الجمهور، وقرأ قتادة بن دعامة: "بل مكر" منونا "الليل والنهار" بتنوين (مكر) نصبا، وذكر عن يحي بن يعمر، وكأن معناها الإحالة على طول الأمل والاغترار بالأيام، مع أمر هؤلاء الرؤساء بالكفر. و"الند" المثيل والشبيه، والضمير في قوله: "وأسروا" عام جميع من تقدم ذكره من المستضعفين والمستكبرين، و"أسروا" معناه: اعتقدوها في نفوسهم، ومعتقدات النفس كلها سر، لا يعقل غير ذلك، وإنما يظهر ما يصدر عنها من كلام أو قرينة. وقال بعض الناس: "أسروا": أظهروا، وهي من الأضداد، وهذا كلام من لم يعتبر المعنى، أما نفس الندامة فلا تكون إلا مستسرة ضرورة، وأما الظاهر عنها فغيرها، ولم يثبت قط في لغة أن "أسر" من الأضداد.
وقوله تعالى: {لما رأوا العذاب} أي: وافوه وتيقنوا حصولهم فيه. وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 7/ 188-189]

رد مع اقتباس