الموضوع: سورة التوبة
عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 24 محرم 1434هـ/7-12-2012م, 03:14 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (..... قال اللّه جلّ وعزّ: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم} [التوبة: 80] من العلماء من قال: هي منسوخةٌ بقوله تعالى: {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا} [التوبة: 84] الآية
وفي رواية جويبرٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرّةً فلن يغفر اللّه لهم} [التوبة: 80] فقال: " لأزيدنّ على السّبعين فنسختها: {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر اللّه لهم إنّ اللّه لا يهدي القوم الفاسقين} [المنافقون: 6] "
فهذا قولٌ:
ومن العلماء من قال: ليست بمنسوخةٍ وإنّما هذا على التّهديد لهم
أي لو استغفر لكم رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ما غفر لكم فقال قائلٌ: هذا القول لا يجوز أن يستغفر رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لمنافقٍ لأنّ المنافق كافرٌ بنصّ كتاب اللّه قال جلّ ثناؤه: {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] إلى قوله {ذلك بأنّهم آمنوا ثمّ كفروا} [المنافقون: 3]، وقال من احتجّ بأنّها منسوخةٌ الآثار تدلّ على ذلك
كما روى الزّهريّ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن ابن عبّاسٍ، عن عمر بن الخطّاب، {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا} [التوبة: 84] قال: " لمّا مات عبد اللّه بن أبيّ ابن سلولٍ أتى ابنه وقومه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فكلّموه أن يصلّي عليه ويقوم على قبره فجاء رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ليصلّي عليه قال عمر رضي اللّه عنه فقمت بينه وبين الجنازة فقلت: يا رسول اللّه تصلّي عليه وهو الفاعل كذا وكذا يوم كذا وكذا وهو الرّاجع بثلث النّاس يوم أحدٍ وهو القائل يوم كذا وكذا كذا وهو الّذي يقول لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا؟ فجعل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " أخّر عنّي يا عمر وجعل عمر يردّد قوله فقال رسول اللّه
صلّى الله عليه وسلّم: «أخّر عنّي يا عمر فلو أنّي أعلم أنّي لو استغفرت لهم أكثر من سبعين مرّةً غفر لهم لاستغفرت لهم» فصلّى عليه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ووقف على قبره حتّى دفن فما لبثنا إلّا ليالي حتّى نزلت هذه الآية {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره إنّهم كفروا باللّه ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنّما يريد اللّه أن يعذّبهم بها في الدّنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} [التوبة: 85] قال فكان عمر يعجب من جرأته على رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في ذلك اليوم وما أنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك من القرآن
قال أبو جعفرٍ: فقالوا في هذا الحديث إنّه صلّى عليه بعد كلام عمر إيّاه وإن كان كلام عمر قد أحمد منه بعد ذلك حتّى قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم:
((ما بعث اللّه قطّ نبيًّا إلّا وفي أمّته محدّثٌ فإن يكن في أمّتي فهو عمر رضي اللّه عنه))
فقيل معنى محدّثٍ ينطق على لسانه بالحقّ
وفي حديث عبيد اللّه بن عمر عن نافعٍ، عن ابن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال لعمر ذلك اليوم إنّ اللّه تعالى لم ينهني عن الصّلاة عليهم وإنّما خيّرني
قال أبو جعفرٍ: ففي هذا الحديث التّوقيف من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أنّ أو هاهنا للتّخيير أعني من قوله: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} [التوبة: 80] فإن قيل فكيف يجوز أن يستغفر عليه السّلام لمنافقٍ؟ فالجواب عن هذا أن يستغفر له على ظاهره على أنّه مسلمٌ، وباطنه إلى اللّه تعالى
وقد قيل ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا ناسخٌ لفعله عليه السّلام لا للآية الأخرى
وقد توهّم بعض النّاس أنّ قوله تعالى {ولا تصلّ على أحدٍ منهم} [التوبة: 84] ناسخٌ لقوله تعالى {وصلّ عليهم إنّ صلاتك سكنٌ لهم} [التوبة: 103] قال أبو جعفرٍ: وهذا غلطٌ عظيمٌ ولهذا كره العلماء أن يجترئ أحدٌ على تفسير كتاب اللّه تعالى حتّى يكون عالمًا بأشياء منها الآثار
ولا اختلاف بين أهل الآثار أنّ قوله تعالى {وصلّ عليهم} [التوبة: 103] ليس هم الّذين قيل فيهم {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا} [التوبة: 84] ويدلّك على ذلك أنّ بعد {وصلّ عليهم} [التوبة: 103] {ألم يعلموا أنّ اللّه هو يقبل التّوبة عن عباده} [التوبة: 104] فكيف لا يصلّى على من تاب؟
وأهل التّأويل يقولون نزلت {وصلّ عليهم} [التوبة: 103] في أبي لبابة وجماعةٍ معه ربطوا أنفسهم في السّواري لأنّهم تخلّفوا عن غزوة تبوك إلى أن تاب اللّه جلّ وعزّ عليهم). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/396-469]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {وصلّ عليهم إنّ صلاتك سكنٌ لهم}.
قال بعض المؤلّفين لناسخ القرآن ومنسوخه: هذا منسوخٌ بقوله: {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا} وهو غلطٌ لأن الصّلاتين مختلفتان لا تنسخ إحداهما الأخرى .
وقوله: {وصلّ عليهم}: إنّما هو أمرٌ بالدّعاء للمؤمنين الذين تابوا من تخلّفهم عن رسول الله في غزوة تبوك، كأبي لبابة وأصحابه، وأصل الصّلاة: الدعاء لم يرد به الصّلاة على الموتى، ألا ترى إلى قوله: {إنّ صلاتك سكنٌ لهم} [التوبة: 103]، أي: إن دعواتك يا محمد تسكن إليها قلوبهم
وقوله: {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا}، إنما هو نهيٌ عن الصلاة على موتى المنافقين، فالآيتان مختلفتان في المعنى مختلفتان فيمن نزلتا فيه، فلا تنسخ إحداهما الأخرى، إلا إن حملت الصّلاة على الموتى على أنها دعاءٌ فيحتمل المعنى ذلك فيجوز النّسخ على ما ذكرنا).[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه:307 - 322]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس