عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 07:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 28 إلى 53]

{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34) أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37) فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40) ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53) }

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ضرب لكم مثلا من أنفسكم} [الروم: 28] ثمّ ذكر ذلك المثل فقال: {هل لكم} [الروم: 28]، يعني: ألكم.
{من ما ملكت أيمانكم} [الروم: 28] قال السّدّيّ: يعني: عبيدكم.
{من شركاء في ما رزقناكم فأنتم} [الروم: 28] وهم.
{فيه سواءٌ} [الروم: 28]، يعني: شرعًا سواءً، أي: هل يشارك أحدكم مملوكه في زوجته وماله فأنتم فيه سواءٌ.
{تخافونهم} [الروم: 28] تخافون لائمتهم.
{كخيفتكم أنفسكم} [الروم: 28] كخيفة بعضكم بعضا، أي: أنّه ليس أحدٌ منكم هكذا، فأنا أحقّ ألا يشرك بعبادتي غيري، فكيف تعبدون دوني غيري تشركونه في إلهيّتي وربوبيّتي، وهي مثل قوله: {واللّه فضّل بعضكم على بعضٍ في الرّزق فما الّذين فضّلوا برادّي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواءٌ} [النحل: 71].
[تفسير القرآن العظيم: 2/654]
قال: {كذلك نفصّل الآيات} [الروم: 28] نبيّن الآيات.
{لقومٍ يعقلون} [الروم: 24] وهم المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 2/655]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كخيفتكم أنفسكم...} نصبت الأنفس؛ لأن تأويل الكاف والميم في {خيفتكم} مرفوع, ولو نويت به - بالكاف والميم - أن يكون في تأويل نصبٍ رفعت ما بعدها. تقول في الكلام: عجبت من موافقتك كثرة شرب الماء، عجبت من اشترائك عبداً لا تحتاج إليه, فإذا وقع مثلها في الكلام , فأجره بالمعنى لا باللفظ. والعرب تقول: عجبت من قيامكم أجمعون وأجمعين، وقيامكم كلّكم , وكلّكم. فمن خفض أتبعه اللفظ؛ لأنه خفض في الظاهر , ومن رفع ذهب إلى التأويل, ومثله : {لإيلاف قريشٍ إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف}, أوقعت الفعل من قريش على {رحلة}. والعرب تقول: عجبت من تساقطها بعضها فوق بعض، وبعضها، على مثل ذلك: هذا إذا كنوا, فإذا قالوا : سمعت قرع أنيابه بعضها بعضاً , خفضوا {بعض}, وهو الوجه في الكلام؛ لأن الذي قبله اسم ظاهر، فاتبعوه إيّاه, لو رفعت {بعضها} كان على التأويل). [معاني القرآن: 2/324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {ضرب لكم مثلًا من أنفسكم} مفسر في كتاب «تأويل المشكل»).
[تفسير غريب القرآن: 341]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله تعالى: {ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصّل الآيات لقوم يعقلون (28)}
هذا مثل ضربه اللّه عزّ وجلّ لمن جعل له شريكا من خلقه. فأعلم عزّ وجلّ : أنّ مملوك الإنسان ليس بشريكه في ماله , وزوجته، وأنه لا يخاف من مملوكه أن يرثه , فقال: ضرب لكم مثلا من أنفسكم : أن جعلتم ما هو ملك لله من خلقه مثل اللّه، وأنتم كلكم بشر، ليس مماليككم بمنزلتكم في أموالكم، فاللّه عزّ وجلّ أجدر ألّا يكون يعدل به خلقه. {كذلك نفصّل الآيات}: موضع الكاف نصب.). [معاني القرآن: 4/183-184]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {ضرب لكم مثلا من أنفسكم}
قال قتادة : هذا مثل ضربه الله عز وجل للمشركين , فقال: {هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء} , أي : هل يرضى أحدكم أن يكون مملوكه في ماله ونفسه مثله , فإذا لم ترضوا بهذا , فكيف جعلتم لله جل وعز شريكاً؟!. قال أبو جعفر : هذا قول حسن : أي : هل يرضى أحدكم أن يجعل مملوكه مثل نفسه , أي : مثل شريكه الحر الذي لا يقطع أمرا دونه , كما قال تعالى: {ولا تلمزوا أنفسكم}, أي : لا يعب بعضكم بعضًا وكذا قوله تعالى: {كخيفتكم أنفسكم} , وكما قال جل وعز: {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا} , وكما قال تعالى: {فاقتلوا أنفسكم} وقيل ك: ما يخاف من قبلكم إنفاقها , أي : فأنتم لا تجعلون مماليككم مثلكم , وأنتم كلكم أرقاء لله جل وعز , فكيف تجعلون لله جل وعز شريكا , وليس كمثله شيء؟!.). [معاني القرآن: 5/257-259]

تفسير قوله تعالى: (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (29) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {بل اتّبع الّذين ظلموا أهواءهم بغير علمٍ} [الروم: 29] أتاهم من اللّه بعبادة الأوثان.
{فمن يهدي من أضلّ اللّه} [الروم: 29]، أي: لا أحد يهديه.
{وما لهم من ناصرين} [الروم: 29] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/655]

تفسير قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فأقم وجهك} [الروم: 30]، أي: وجهتك.
{للدّين حنيفًا} [الروم: 30] مخلصًا في تفسير الحسن.
وقال الكلبيّ: مسلمًا.
قوله: {فطرة اللّه الّتي فطر النّاس عليها} [الروم: 30]، يعني: خلق النّاس عليها وهو مثل قوله: {وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى} [الأعراف: 172] قال: وذلك أنّ أوّل ما خلق اللّه تبارك وتعالى القلم، فقال: اكتب، قال: ربّ وما أكتب؟ قال: ما هو كائنٌ، قال: فجرى القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة.
قال: فأعمال العباد تعرض في كلّ يوم اثنين وخميسٍ، فيجدونه على ما في الكتاب، ثمّ مسح اللّه تبارك وتعالى بعد ذلك على ظهر آدم، فأخرج منه كلّ نسمةٍ هو خالقها، فأخرجهم مثل الذّرّ فقال: {ألست بربّكم قالوا بلى} [الأعراف: 172] ثمّ أعادهم في صلب آدم،
[تفسير القرآن العظيم: 2/655]
ثمّ يكتب بعد ذلك العبد في بطن أمّه شقيًّا أو سعيدًا على ما في الكتاب الأوّل، فمن كان في الكتاب الأوّل شقيًّا عمّر حتّى
يجري عليه القلم، فينقض الميثاق الّذي أخذ عليه في صلب آدم بالشّرك فيكون شقيًّا، ومن كان في الكتاب الأوّل سعيدًا عمّر حتّى يجري عليه القلم فيؤمن فيصير سعيدًا، ومن مات صغيرًا من أولاد المؤمنين قبل أن يجري عليه القلم فهم مع آبائهم في الجنّة من ملوك أهل الجنّة لأنّ اللّه تبارك وتعالى يقول: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم} [الطور: 21].
- قال يحيى: وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: توفّي بنيّ رجلٍ من الأنصار، فدنخ في بيته، أي: قعد في بيته، أي: قعد، فافتقده النّبيّ فسأل عنه قال سعدٌ: يا رسول اللّه، توفّي بنيّه فدنخ في بيته، ثمّ لقي سعدٌ الرّجل فقال: أمّا رسول اللّه فذكرك اليوم، فأتى الرّجل النّبيّ عليه السّلام فقال: يا رسول اللّه توفّي بنيّي، فقعدت في بيتي، فقال رسول اللّه: أما
ترضى أن تكفى مئونته في الدّنيا ولا تأتي على بابٍ من أبواب الجنّة إلا وجدته بإزائه ينتظر.
قال: وحدّثنيه الحسن، عن الحسن.
قال يحيى: ومن كان من أولاد المشركين، فمات قبل أن يجري عليه القلم، فليس يكونوا من آبائهم في النّار لأنّهم ماتوا على الميثاق الّذي أخذ عليهم في صلب آدم، ولم ينقضوا الميثاق، فهم خدمٌ لأهل الجنّة.
- حدّثني الرّبيع بن صبيحٍ، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن أطفال المشركين، فقال: لم تكن لهم
[تفسير القرآن العظيم: 2/656]
حسناتٌ، فيجزون بها، فيكونوا من ملوك أهل الجنّة، ولم تكن لهم سيّئاتٌ، فيعاقبوا بها، فيكونوا من أهل النّار، فهم خدمٌ لأهل الجنّة.
- قال الخليل بن مرّة، وهمّام بن يحيى، عن قتادة، عن أبي مراية العجليّ، عن سلمان الفارسيّ، قال: أطفال المشركين خدمٌ لأهل الجنّة
قال الخليل: قال قتادة: فذكرت ذلك للحسن قال: وما تنكرون؟ قومٌ أكرمهم اللّه وأكرم بهم، يعني: أهل الجنّة.
- وحدّثني ابن أبي ذئبٍ، عن الزّهريّ، عن عطاء بن يزيد اللّيثيّ، عن أبي هريرة، أنّ النّبيّ عليه السّلام سئل عن أطفال المشركين، فقال: اللّه أعلم بما كانوا عاملين.
قال يحيى: أي: لو بلغوا.
- وحدّثنا عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه عليه السّلام: " كلّ مولودٍ يولد على الفطرة حتّى يعبّر عنه لسانه، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه، قيل: يا رسول اللّه، فالّذي يموت صغيرًا؟ قال: اللّه أعلم بما كانوا عاملين ".
- وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من في الجنّة، فقال: «النّبيّ في الجنّة، والشّهيد في الجنّة، والمولود في الجنّة، والموءودة في الجنّة».
[تفسير القرآن العظيم: 2/657]
وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: أربعةٌ يرجّون العذر يوم القيامة: من مات قبل الإسلام، ومن أدركه الإسلام وهو هرمٌ قد ذهب عقله، ومن ولدته أمّه لا يسمع الصّوت، والّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ، فكلّ هؤلاء يرجّون العذر يوم القيامة، قال: فيرسل اللّه تبارك وتعالى إليهم رسولا، فيوقد نارًا فيأمرهم أن يقعوا فيها فمن بين واقعٍ ومن بين هاربٍ.
قال يحيى: بلغني أنّه من واقعها نجا من النّار، ومن لم يقعها دخل النّار.
قال يحيى: نرى أنّ الّذي ينجو من النّار: من ولدته أمّه لا يسمع الصّوت، والّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ، والاثنان الآخران ليس لهما عذرٌ: الّذي مات قبل الإسلام، ومن أدركه الإسلام وهو هرمٌ قد ذهب عقله، وهو قول اللّه عزّ وجلّ: {إنّهم ألفوا آباءهم ضالّين {69} فهم على آثارهم يهرعون {70}} [الصافات: 69-70].
- حمّاد بن سلمة، عن حمّاد بن أبي سليمان، أنّ أبا هريرة قال: ثلاثةٌ يحتجّون على اللّه يوم القيامة: رجلٌ مات في الجاهليّة، ورجلٌ أدرك الإسلام هرمًا، ومعتوهٌ أصمّ أبكم.
قوله عزّ وجلّ: {لا تبديل لخلق اللّه} [الروم: 30] لدين اللّه، كقوله: {إنّ عبادي} [الحجر: 42]، أي: المؤمنين {ليس لك عليهم سلطانٌ} [الحجر: 42] وكقوله: {من يهد اللّه فهو المهتد} [الكهف: 17] لا يستطيع أحدٌ أن يضلّه، وكقوله: {إنّه ليس له سلطانٌ على الّذين آمنوا} [النحل: 99].
قال: {ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} [الروم: 30] وهم المشركون). [تفسير القرآن العظيم: 2/658]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فطرت اللّه...}
يريد: دين الله منصوب على الفعل، كقوله: {صبغة الله}, وقوله: {الّتي فطر النّاس عليها} يقول: المولود على الفطرة حتى يكون أبواه اللذان ينصّرانه , أو يهوّدانه, ويقال : فطرة الله , أن الله فطر العباد على هذا: على أن يعرفوا أنّ لهم ربّاً ومدبّراً.). [معاني القرآن: 2/324]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ فطرة الله الّتي فطر النّاس عليها }, أي : صبغة الله التي خلق عليها الناس، وفي الحديث: ((كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه الذين يهودانه , وينصرانه )), أي: على الملة , والصبغة, وهي واحدة وهي العهد الذي كان أخذه الله منهم ونصبوها على موضع المصدر وإن شئت فعلى موضع الفعل قال:

إنّ نزاراً أصبحت نزاراً= دعوة أبرارٍ دعوا أبرارا). [مجاز القرآن: 2/122]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({فأقم وجهك للدّين حنيفاً فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}
وقال: {فطرت اللّه} , فنصبها على الفعل , كأنه قال "فطر الله تلك فطرةً".). [معاني القرآن: 3/27]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({منيبين إليه واتّقوه وأقيموا الصّلاة ولا تكونوا من المشركين}
وقال: {منيبين} على الحال لأنه حين قال: {فأقم وجهك} قد أمره , وأمر قومه حتى ؛ كأنه قال "فأقيموا وجوهكم منيبين".). [معاني القرآن: 3/27] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها}, أي : خلقة اللّه التي خلق الناس عليها، وهي: أن فطرهم جميعا على أن يعلموا أن لهم خالقا ومدبّرا, {لا تبديل لخلق اللّه} , أي : لا تغيير لما فطرهم عليه من ذلك. ثم قال عز من قائل: {ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} ). [تفسير غريب القرآن: 341]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والخلق: الدّين، كقوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}، أي لدين الله. وقال تعالى: {وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}، أي دينه: ويقال: تغيير خلقه بالخصاء وبتك الآذان، وأشباه ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 507] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ:{فأقم وجهك للدّين حنيفا فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون (30)} الحنيف : الذي يميل إلى الشيء , فلا يرجع عنه كالحنف في الرجل , وهو ميلها إلى خارجها خلقة, لا يملك الأحنف إن يردّ حنفه. وقوله عزّ وجلّ :{فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها} {فطرت اللّه}: منصوب بمعنى : اتبع فطرة اللّه، لأن معنى {فأقم وجهك}اتبع الدين القيّم, اتبع فطرة اللّه، ومعنى : فطرة الله : خلقة اللّه التي خلق عليها البشر، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه .)). معناه: أن اللّه عزّ وجلّ فطر الخلق على الإيمان على ما جاء في الحديث، أن اللّه جل ثناؤه أخرج من صلب آدم ذريته كالذّرّ، وأشهدهم على أنفسهم بأنه خالقهم، قال اللّه عزّ وجلّ: {وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى} فكل مولود , فهو من تلك الذرية التي شهدت بأنّ اللّه خالقها. فمعنى {فطرت اللّه}:دين الله الذي فطر الناس عليه. وقوله عزّ وجلّ:{لا تبديل لخلق اللّه} أكثر ما جاء في التفسير أن معناه : لا تبديل لدين اللّه، وما بعده يدل عليه، وهو قوله: {ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}, أي : لا يعلمون بحقيقة ذلك.). [معاني القرآن: 4/184-185]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها}
الفطرة ابتداء الخلق , ومنه فاطر السموات , ومنه فطر ناب البعير , ومنه فطرت البئر, أي: ابتدأت حفرها. أي: ابتدأ خلقهم على أنهم يعلمون أن لهم خالقا ومدبراً. وفي الحديث , عن النبي صلى الله عليه وسلم :((كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه, وينصرانه)). قال الأوزاعي, وحماد بن سلمة هذا مثل قوله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} والمعنى على هذا:كل مولود يولد على العهد الذي أخذ عليه. وفي الحديث: (( أخرجهم أمثال الذر فأخذ عليهم العهد , فكل مولود يولد على ذلك العهد.)), وإن نسب عبادته إلى غير الله جل وعز أو ووصفه بغير صفته حتى يكون أبواه يعلمانه اليهودية , والنصرانية. وقيل : على الخلقة التي تعرفونها لا تميز شيئا .
وقال عبد الله بن المبارك : هذا لمن يكون مسلما يذهب إلى أنه مخصوص .
وقال محمد بن الحسن : هذا من قبل أن تنزل الفرائض , ويؤمر بالجهاد.

قال أبو جعفر : وأولاها القول الأول , وهو قول أهل السنة, وهو موافق للغة, ولا يجوز أن يكون منسوخا لأنه خبر , ولا يكون خاصا , وإنما أشكل معنى الحديث ؛ لأنهم تأولوا الفطرة على الإسلام , وإنما هي: ابتداء الخلق.).
[معاني القرآن: 5/259-261]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
: ({فِطْرَةَ اللَّهِ}: خلق الله.). [العمدة في غريب القرآن: 238]


تفسير قوله تعالى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {منيبين إليه} [الروم: 31] مقبلين إليه بالإخلاص، مخلصين له، وهذا تبعٌ للكلام الأوّل: {فأقم وجهك للدّين} [الروم: 30]، يعني: التّوحيد، وهو تفسير السّدّيّ {حنيفًا} [الروم: 30].
قال: {واتّقوه وأقيموا الصّلاة} [الروم: 31] المفروضة.
{ولا تكونوا من المشركين {31}). [تفسير القرآن العظيم: 2/659]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {منيبين...}
منصوبة على الفعل، وإن شئت على القطع: فأقم وجهك , ومن معك منيبين , مقبلين إليه. وقوله: {ولا تكونوا من المشركين}, {من الّذين فارقوا دينهم} , فهذا وجهٌ.). [معاني القرآن: 2/325]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({منيبين إليه}: أي : راجعين تائبين.). [مجاز القرآن: 2/122]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({منيبين إليه واتّقوه وأقيموا الصّلاة ولا تكونوا من المشركين} وقال: {منيبين} على الحال؛ لأنه حين قال: {فأقم وجهك}, قد أمره , وأمر قومه حتى كأنه قال : "فأقيموا وجوهكم منيبين"). [معاني القرآن: 3/27]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {منيبين إليه} : أي : مقبلين إليه بالطاعة, ويقال: أناب ينيب، إذا رجع عن باطل الذي كان عليه.). [تفسير غريب القرآن: 341]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {منيبين إليه واتّقوه وأقيموا الصّلاة ولا تكونوا من المشركين (31)}
{منيبين}: منصوب على الحال , بقوله: {فأقم وجهك}. زعم جميع النحويين أن معنى هذا : فأقيموا وجوهكم منيبين إليه، لأن مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم يدخل معه فيها الأمة، والدليل على ذلك قوله: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء} وقوله :{منيبين}, معناه : راجعين إليه , إلى كل ما أمر به , ولا يخرجون عن شيء من أمره، فأعلمهم اللّه عزّ وجلّ أن الطريقة المستقيمة في دين الإسلام هي : اتباع الفطرة , والتقوى مع الإسلام , وأداء الفرائض., وأنه لا ينفع ذلك إلا بالإخلاص في التوحيد , فقال:{ولا تكونوا من المشركين (31) من الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كلّ حزب بما لديهم فرحون (32) }). [معاني القرآن: 4/185]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين} : منيبين إليه , أي: راجعين إليه بالطاعة . والمعنى : فأقيموا وجوهكم منيبين إليه.). [معاني القرآن: 5/261]

تفسير قوله تعالى:{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) }

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({من الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا} [الروم: 32] فرقًا.
وقال السّدّيّ: أحزابًا، يعني: أهل الكتاب.
{كلّ حزبٍ} [الروم: 32] كلّ قومٍ.
{بما لديهم} [الروم: 32] بما عندهم، أي: بما هم عليه.
{فرحون} [الروم: 32] يقول: راضون، وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/659]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولا تكونوا من المشركين}{من الّذين فارقوا دينهم} فهذا وجهٌ. وإن شئت استأنفت, فقلت: {من الّذين فارقوا دينهم وكانوا شيعاً كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون}. كأنك قلت: الذين تفرقوا , وتشايعوا , كلّ حزبٍ بما في يده فرح.). [معاني القرآن: 2/325]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({كانوا شيعاً}: أي: أحزاباً فرقا, {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون }, أي : كل شيعة , وفرقة بما عندهم ,{ فتمتعوا فسوف تعلمون}: مجازه مجاز التوعد , والتهدد , وليس بأمر طاعة , ولا فريضة.). [مجاز القرآن: 2/122]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(والفرح: الرضا؛ لأنه عن المسرة يكون، قال الله تعالى: {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون} أي راضون، وقال: {فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} أي رضوا). [تأويل مشكل القرآن: 491]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ولا تكونوا من المشركين (31) من الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كلّ حزب بما لديهم فرحون (32)} {فارقوا دينهم}, وقرئت:{فرّقوا دينهم} {وكانوا شيعا}: فرقا، فأمرهم اللّه عزّ وجلّ بالاجتماع , والألفة , ولزوم الجماعة، والسنة في الهداية، والضلالة : هي الفرقة. وقوله عزّ وجلّ: {كل حزب بما لديهم فرحون} : أي : كل حزب من هذه الجماعة الذين فارقوا دينهم فرح , يظن: أنه هو المهتدي.). [معاني القرآن: 4/185-186]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ومعنى {كل حزب بما لديهم فرحون} : كل يقول: إني على الهدى.). [معاني القرآن: 5/262]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا مسّ النّاس ضرٌّ} [الروم: 33] قال السّدّيّ: والضّرّ هاهنا قحط المطر.
{دعوا ربّهم منيبين إليه} [الروم: 33] مخلصين في الدّعاء.
{ثمّ إذا أذاقهم منه رحمةً} [الروم: 33]، يعني: المطر في تفسير السّدّيّ.
وقال يحيى: {إذا أذاقهم منه رحمةً} [الروم: 33] كشف عنهم ذلك.
{إذا فريقٌ منهم} [الروم: 33]، يعني: المشركين.
{بربّهم يشركون {33}). [تفسير القرآن العظيم: 2/659]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ إذا هم يقنطون }: أي : يئسون .
قال حميد الأرقط:
= قد وجدوا الحجاج غير قانط). [مجاز القرآن: 2/122]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم أعلم اللّه عزّ وجلّ أنهم إذا مسهم ضر دعوا ربهم منيبين إليه، أي: لا يلجأون في شدائدهم إلى من عبدوه مع اللّه عز وجل , إنما يرجعون في دعائهم إليه وحده. {ثمّ إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربّهم يشركون (33)}: أي: إذا أذاقهم رحمة بأن يخلصهم من تلك الشدة التي دعوا فيها الله وحده , مروا بعد ذلك على شركهم.).[معاني القرآن: 4/186]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (ثم قال جل وعز: {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه}
أي : لم يلتجئوا إلا إليه, وتركوا ما كانوا يعبدون من دونه.). [معاني القرآن: 5/262]

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34) }

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ليكفروا بما آتيناهم} [الروم: 34]، يعني: لئلا يكفروا بما آتيناهم.
قال يحيى: أي: فكفروا بما آتيناهم من النّعم حيث أشركوا.
ثمّ قال: {فتمتّعوا} [الروم: 34] إلى موتكم.
{فسوف تعلمون} [الروم: 34] وهذا وعيدٌ وهي تقرأ أيضًا على الياء فيتمتّعوا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/659]
يخبر عنهم {فسوف تعلمون} [الروم: 34] وعيدًا لهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/660]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا فسوف تعلمون}
وقال: {ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا} , فمعناه - والله أعلم - : فعلوا ذلك ليكفروا, وإنما أقبل عليهم , فقال "تمتّعوا" {فسوف تعلمون} ,وقال بعضهم : {فتمتّعوا فسوف يعلمون} , كأنه "فقد تمتّعوا فسوف يعلمون"). [معاني القرآن: 3/27]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقولهم عزّ وجلّ: {ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا فسوف تعلمون (34)} معنى " فتمتعوا " خطاب بعد الإخبار؛ لأنه لمّا قال: " ليكفروا " كان خبرا عن غائب, فكان المعنى : فتمتعوا أيها الفاعلون لهذا , فسوف تعلمون, وليس هذا بأمر لازم أمرهم اللّه به. وهو أمر على جهة الوعيد , والتهدّد، وذلك مستعمل في كلام الناس تقول: إن أسمعتني مكروها , فعلت بك وصنعت , ثم تقول: افعل بي كذا وكذا , فإنك سترى ما ينزل بك، فليس إذا لم يسمعك كان عاصيا لك, فهذا دليل أنه ليس بأمر لازم، وكذلك: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} وكذلك: {اعملوا ما شئتم} لم يخيّروا بين الإيمان , والكفر , ولكنه جرى على خطاب العباد , وحوار العرب الذي تستعمله في المبالغة في الوعيد، ألا ترى أن قوله بعد :{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين نارا أحاط بهم سرادقها}, فهذا مما يؤكد أمر الوعيد.). [معاني القرآن: 186-187]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (ثم قال جل وعز: {ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون}
فخرج من الإخبار إلى المخاطبة, وهذا على التهديد والوعيد , كما قال جل وعز: {وقل الحق من ربكم فمن شاء فيؤمن ومن شاء فليكفر}). [معاني القرآن: 5/262]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أم أنزلنا عليهم سلطانًا} [الروم: 35]، أي: حجّةً.
{فهو يتكلّم} [الروم: 35]، أي: فذلك السّلطان يتكلّم، وهي الحجّة.
{بما كانوا به يشركون} [الروم: 35] وهذا استفهامٌ، أي: لم تنزل عليهم حجّةٌ بذلك، أي: لم يأمرهم أن يشركوا.
وقال السّدّيّ: {أم أنزلنا عليهم سلطانًا} [الروم: 35]، أي: حجّةً في كتابٍ بأنّ مع اللّه شريكًا فإنّهم ليس لهم حجّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/660]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أنزلنا عليهم سلطاناً...}: كتاباً , فهو يأمرهم بعبادة الأصنام, وشركهم.).
[معاني القرآن: 2/325]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {أم أنزلنا عليهم سلطاناً}, أي : عذرا. ويقال: كتاباً, ويقال: برهاناً, {فهو يتكلّم بما كانوا به يشركون}: فهو يدلّهم على الشرك, وهو مجاز.).
[تفسير غريب القرآن: 341-342]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(وقد تبين لمن قد عرف اللغة، أن القول يقع فيه المجاز، فيقال: قال الحائط فمال، وقل برأسك إليّ، أي أمله، وقالت الناقة، وقال البعير.
ولا يقال في مثل هذا المعنى: تكلم، ولا يعقل الكلام إلا بالنطق بعينه، خلا موضع واحد وهو أن تتبين في شيء من الموات عبرة وموعظة فتقول خبّر وتكلم وذكّر؛ لأنه دلّك معنى فيه، فكأنه كلمك، وقال الشاعر:
وَعَظَتكَ أَجْدَاثٌ صُمُتْ = وَنَعَتْكَ أَلْسِنَةٌ خُفُتْ
وَتَكَلَّمَت عَن أَوجهٍ = تَبْلَى وَعَنْ صُوَرٍ سُبُتْ
وَأَرَتْكَ قَبْرَك فِي القُبُو = رِ وَأَنتَ حَيٌّ لَمْ تَمُتْ

وقال الكميت يمدح رجلا:
أخبرت عن فعاله الأرض واستنـ = طَقَ مِنها اليبابَ والمعمورا
أراد أنه حفر فيها الأنهار، وغرس الأشجار، وأثّر الآثار، فلما تبيّنت للناظر صارت كأنها مخبرة.
وقال عوف بن الخرع يذكر الدار:
وقفت بها ما تبينُ الكلامَ = لِسَائِلِهَا القولَ إلا سرارا
يقول: ليست تبين الكلام لمخاطبها، إلا أنّ ظاهر ما يرى دليل على الحال، فكأنه سرار من القول، ولهذا قالت الحكماء: كل صامت ناطق. يريدون أنّ أثر الصنعة فيه يدل على محدثه ومدبّره. ومن هذا قول الله عز وجل: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} أي أنزلنا عليهم برهانا يستدلون به، فهو يدلهم). [تأويل مشكل القرآن: 109-110]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون} روى سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال : (كل سلطان في القرآن , فهو عذر , وحجة) .
قال أبو جعفر : المعنى : أم أنزلنا عليهم كتابا فيه عذر , أو حجة , أو برهان يدلهم على الشرك.). [معاني القرآن: 5/263]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا}: أي : عذراً، أو كتاباً، أو حجة، أو برهان.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا أذقنا النّاس رحمةً} [الروم: 36]، يعني: عافيةً وسعةً.
{فرحوا بها وإن تصبهم سيّئةٌ} [الروم: 36] شدّةٌ وعقوبةٌ {وإن تصبهم سيّئةٌ} [الروم: 36] قال السّدّيّ: {بما قدّمت أيديهم} [الروم: 36]، يعني: القحط والمطر.
قال: {بما قدّمت أيديهم} [الروم: 36] يقول: بذنوبهم.
{إذا هم يقنطون} [الروم: 36] ييأسون من أن يصيبهم رخاءٌ بعد تلك الشّدّة، يعني: المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/660]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({وإذا أذقنا النّاس رحمةً فرحوا بها وإن تصبهم سيّئةٌ بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون}
وقال: {وإن تصبهم سيّئةٌ إذا هم يقنطون}, فقوله: {إذا هم يقنطون} , و الجواب ؛ لأن "إذا" معلقة بالكلام الأول بمنزلة الفاء.). [معاني القرآن: 3/27-28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({وإذا أذقنا النّاس رحمةً} : أي : نعمة, {وإن تصبهم سيّئةٌ}: أي: مصيبة.).
[تفسير غريب القرآن: 342]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}.
الحسنة هاهنا: الخصب والمطر. يقول: إن أصابهم خصب وغيث قالوا: هذا من عند الله. والسيئة: الجدب والقحط. يقول: وإن تصبهم سيئة يقولوا: هذه من عندك. أي بشؤمك، يقول الله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}. ومثل هذا قوله حكاية عن فرعون وملئه: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ} يريد إذا جاءهم الخصب والمطر قالوا: هذا هو ما لم نزل نتعرّفه. {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} أي يتشاءمون بهم. {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} أي ما تطيّروا بموسى- لمجيئه- من عند الله. [تأويل مشكل القرآن: 391] ونحو قوله: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا} أي: خصبا وخيرا {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي جدب وقحط {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} أي بذنوبهم {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 392] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (ثم قال جل وعز: {وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها} أي : نعمة فرحوا بها , وإن تصبهم سيئة , أي: وإن تصبهم مصيبة.). [معاني القرآن: 5/263]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَقْنَطُونَ}: ييأسون.). [العمدة في غريب القرآن: 239]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أولم يروا أنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء} [الروم: 37] يوسّع عليه {ويقدر} [الزمر: 52]، أي: ويقتّر عليه.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون} [الروم: 37]، أي: إنّ في ما يبسط اللّه من الرّزق ويقتّر {لآياتٍ لقومٍ يؤمنون} [الروم: 37]). [تفسير القرآن العظيم: 2/660]

تفسير قوله تعالى: {فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فآت ذا القربى حقّه والمسكين وابن السّبيل} [الروم: 38].
قال الحسن: بعض هذه الآية تطوّعٌ وبعضها فريضةٌ.
فأمّا قوله: {فآت ذا القربى حقّه} [الروم: 38] فهو تطوّعٌ، وهو ما أمره اللّه تبارك وتعالى به من صلة القرابة، وأمّا قوله: {والمسكين وابن السّبيل} [الروم: 38]، يعني: الزّكاة.
قال يحيى: حدّثونا إنّ الزّكاة فرضت بمكّة ولكن لم تكن شيئًا معلومًا.
وقال الكلبيّ في تفسير هذه الآية: أمرت أن تصل القرابة، وتطعم المسكين، وتحسن إلى ابن السّبيل هو الضّيف.
قال: {ذلك خيرٌ للّذين يريدون وجه اللّه وأولئك هم المفلحون} [الروم: 38] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/661]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله:{فآت ذا القربى حقّه والمسكين وابن السّبيل ذلك خير للّذين يريدون وجه اللّه وأولئك هم المفلحون (38)}
جعل اللّه عزّ وجلّ لذي القربى حقّا , وكذلك للمساكين, وابن السّبيل الضّيف , فجعل الضيافة لازمة, فأمّا القرابات , فالمواريث قد بيّنت ما يجب لكل صنف منهم، وفرائض المواريث كأنها قد نسخت هذا , أعني : أمر حق القرابة، وجائز أن يكون للقرابة حق لازم في البر.). [معاني القرآن: 4/187]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل}
قال قتادة: إذا لم تعط ذا قرابتك , وتمشي إليه برجليك , فقد قطعته.). [معاني القرآن: 5/263-264]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما آتيتم من ربًا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند اللّه} [الروم: 39].
قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي الرّوّاد، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ قال: تلك الهديّة تهديها ليهدى لك خيرٌ منها ليس لك فيها أجرٌ، وليس عليك فيها وزرٌ، ونهى عنها النّبيّ عليه السّلام، فقال: {ولا تمنن تستكثر} [المدثر: 6].
- وحدّثني ابن لهيعة عن عبد الرّحمن الأعرج أنّه سمع ابن عبّاسٍ قرأها: لتربوا وبعضهم يقرأها: ليربوا، أي: ليربوا ذلك الرّبا الّذي يربون، والرّبا الزّيادة، أي: يهدون إلى النّاس ليهدوا إليكم أكثر منه.
- وحدّثنا موسى بن عليٍّ، عن أبيه أنّ النّبيّ عليه السّلام، قال: «الهديّة رزق اللّه فمن أهدي إليه شيءٌ، فليقبله وليعط خيرًا منه».
[تفسير القرآن العظيم: 2/661]
- وحدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يردّنّ أحدكم على أخيه الهديّة وليهد له كما أهدي له».
قوله عزّ وجلّ: {وما آتيتم من زكاةٍ تريدون وجه اللّه} [الروم: 39] يريد: تريدون به اللّه: وهو تفسير السّدّيّ.
{فأولئك هم المضعفون} [الروم: 39]، يعني: الّذين يضاعف اللّه تبارك وتعالى لهم الحساب). [تفسير القرآن العظيم: 2/662]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {لّيربو...}
قرأها عاصم , والأعمش , ويحيى بن وثّابٍ بالياء , ونصب الواو, وقرأها أهل الحجاز : {لتربو} أنتم, كلّ صواب , ومن قرأ : {ليربو} كان الفعل للربا, ومن قال : {لتربوا} , فالفعل للقوم الذين خوطبوا. دلّ على نصبه سقوط النّون, ومعناه يقول: وما أعطيتم من شيء , لتأخذوا أكثر منه , فليس ذلك بزاكٍ عند الله . {وما آتيتم مّن زكاةٍ تريدون} بها {وجه اللّه}, فتلك تربو للتضعيف. وقوله: {هم المضعفون}: أهل للمضاعفة؛ كما تقول العرب أصبحتم مسمنين معطشين إذا عطشت إليهم, أو سمنت. وسمع الكسائيّ العرب تقول: أصبحت مقوياً , أي : إبلك قويّة، وأصبحت مضعفاً , أي: إبلك ضعاف , تريد: ضعيفة من الضّعف.). [معاني القرآن: 2/325]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({فلا يربو عند اللّه }: أي : لا يزيد , ولا يمننى.).
[مجاز القرآن: 2/123]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما آتيتم من رباً ليربوا في أموال النّاس}: أي: ليزيدكم من أموال الناس، {فلا يربوا عند اللّه}. قال ابن عباس: (هو الرجل يهدي الشيء، يريد أن يثاب أفضل منه, فذلك الذي لا يربو عند اللّه). {وما آتيتم من زكاةٍ} : أي : من صدقة، {تريدون وجه اللّه فأولئك هم المضعفون} , أي : الذين يجدون التضعيف , والزيادة.). [تفسير غريب القرآن: 342]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(ومنه أن تخاطب الشاهد بشيء ثم تجعل الخطاب له على لفظ الغائب:
كقوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا}. وقوله: {وما آتيتم من رباً ليربوا في أموال النّاس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاةٍ تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون (39)}. وقوله: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} ثم قال: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}. قال الشاعر:
يا دار ميّة بالعلياء فالسّند = أقوت وطال عليها سالف الأبد
وكذلك أيضا تجعل خطاب الغائب للشاهد: كقول الهذليّ:
يا ويحَ نفسي كان جِدَّةُ خالدٍ = وبياضُ وَجْهِكَ للتُّرَابِ الأَعْفَرِ). [تأويل مشكل القرآن: 289-290] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند اللّه وما آتيتم من زكاة تريدون وجه اللّه فأولئك هم المضعفون (39)} يعني : به دفع الإنسان الشيء, ليعوض ما هو أكثر منه، فذلك في أكثر التفسير ليس بحرام، ولكنه لا ثواب لمن زاد على ما أخذ. والرّبا : ربوان، والحرام كل قرض يؤخذ به أكثر منه , أو يجرّ منفعة، فهذا حرام، والذي ليس بحرام هو الذي يهبه الإنسان يستدعي به ما هو أكثر منه، أو يهدي الهديّة يستدعي بها ما هو أكثر منها. وقوله: {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه اللّه} أي : وما أعطيتم من صدقة , لا تطلبون بها المكافأة , وإنما يقصدون بها ما عند اللّه. {فأولئك هم المضعفون}: أي :فأهلها هم المضعفون، أي: هم الذي يضاعف لهم الثواب. يعطون بالحسنة عشرة أمثالها , ويضاعف الله لمن يشاء، وقيل :{المضعفون}كما يقال رجل مقو، أي : صاحب قوة، وموسر , أي: صاحب يسار، وكذلك مضعف، أي : ذو أضعاف من الحسنات.). [معاني القرآن: 4/187-188]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله}
قال مجاهد , وابن عباس : (هو الرجل يهدي إلى الرجل الهدية , فيطلب ما هو أفضل منها , فليس له أجر , ولا عليه إثم) .

قال عكرمة : (الربا : ربوان , فربا حلال وربا حرام , فأما الحلال : فأن يعطي الرجل الآخر شيئا ؛ ليعطيه أكثر منه , فلا يربوا عند الله , والحرام في النسيئة).
وقال إبراهيم : (كان هذا في الجاهلية : يعطي الرجل ذا قرابته المال ؛ ليكثر عنده , فلا يربو عند الله).
ثم قال جل وعز: {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون}
قال ابن عباس : {من زكاة }, (أي: من صدقة) ثم قال : {فأولئك هم المضعفون }, أي : الذين يجدون أضعاف ذلك , أي: ذوو الإضعاف كما تقول رجل مقو , أي : ذو قوة.). [معاني القرآن: 5/264-265]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكونَ (40) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه الّذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} [الروم: 40]، يعني: البعث.
{هل من شركائكم} [الروم: 40] استفهامٌ منه، يعني: ما يعبد من دونه.
{من يفعل من ذلكم من شيءٍ} [الروم: 40] يخلق، أو يرزق، أو يميت، أو يحيي.
{سبحانه} ينزّه نفسه.
{وتعالى} [الروم: 40] ارتفع.
{عمّا يشركون} [الروم: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/662]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({ الله الّذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحيكم هل من شركائكم من يّفعل من ذلكم مّن شيءٍ سبحانه وتعالى عمّا يشركون }: مجازه: من يفعل من ذلكم شيئاً، " من " من حروف الزوائد وقد أثبتنا تفسيره في غير مكان , وجاء " من ذلكم " وهو واحد , وقبله جميع .
قال: { خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحيكم }, والعرب قد تفعل مثل ذلك , قال رؤبة بن العجاج:
فيها خطوط من سوادٍ وبلق= كأنه في الجلد توليع البهق
يريد : كأن ذاك , ولم يرد خطوطاً فيؤنثه , ولا سواداً أو بلقاً فيثنيه , وهذا كله يحاجهم به القرآن , وليس باستفهام بـ " هل " , ومعناه: ما من شركائكم مني فعل ذلك. ومجاز " سبحانه " مجاز موضع التنزيه , والتعظيم , والتبرؤ قال الأعشى:
أقول لمّا جاءني فخره= سبحان من علقمة الفاخر
يتبرؤ من ذلك له ؛ وتعالى , أي : علا عن ذلك.). [مجاز القرآن: 2/123]

تفسير قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ظهر الفساد في البرّ والبحر} [الروم: 41]، يعني: قحط المطر وقلّة النّبات.
{في البرّ} [الروم: 41]، يعني: في البادية، {والبحر} [الروم: 41]، يعني به العمران والرّيف، وهذا تفسير السّدّيّ.
قال: {بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون} [الروم: 41] الفساد، الهلاك، يعني: من أهلك من الأمم السّابقة بتكذيبهم رسلهم كقوله: {وكلًّا تبّرنا تتبيرًا} [الفرقان: 39]، أي: أفسدنا فسادًا {لعلّهم يرجعون} [الروم: 41]، يعني: لعلّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/662]
من بعدهم أن يرجعوا عن شركهم إلى الإيمان ويتّعظون بهم وقوله: {في البرّ والبحر} [الروم: 41].
حدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: أهلكهم اللّه تبارك وتعالى بذنوبهم في برّ الأرض وبحرها بأعمالهم الخبيثة.
{لعلّهم يرجعون} [الروم: 41] قال: يرجع من كان بعدهم ويتّعظون بهم.
قال يحيى، كقوله: {فكلًّا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا} [العنكبوت: 40]، يعني: قوم لوطٍ الّذين كانوا خارجًا من المدينة وأهل السّفر منهم {ومنهم من أخذته الصّيحة} [العنكبوت: 40] ثمود {ومنهم من خسفنا به الأرض} [العنكبوت: 40] قوم لوطٍ، أصاب مدينتهم الخسف، وقارون {ومنهم من أغرقنا} [العنكبوت: 40] قوم نوحٍ، وفرعون وقومه.
وقال مجاهدٌ: {ظهر الفساد في البرّ} [الروم: 41] قتل ابن آدم أخاه {والبحر} [الروم: 41] أخذ الملك السّفن غصبًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/663]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم...} يقول: أجدب البرّ، وانقطعت مادّة البحر بذنوبهم، وكان ذلك ليذاقوا الشدّة بذنوبهم في العاجل.). [معاني القرآن: 2/325]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ظهر الفساد في البرّ والبحر} : أي : أجدب البرّ، وانقطعت مادّة البحر بذنوب الناس.). [تفسير غريب القرآن: 342] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون (41)} ويقرأ بالياء أيضا ِ{ليذيقهم}, أي : ليذيقهم ثواب بعض أعمالهم. ومعناه: ظهر الجدب في البر والقحط في البحر، أي: في مدن البحر. أي : في المدن التي على الأنهار، وكل ذي ماء , فهو بحر.). [معاني القرآن: 4/188]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس}
قال مجاهد : (في البر : قتل ابن آدم أخاه , والبحر : أخذ السفينة غصبا) .

وقال عكرمة , وقتادة : (البر : البوادي , والبحر : القرى) .

قال قتادة : (والفساد : الشرك) .

قال أبو جعفر : والتقدير على هذا , وفي مواضع البحر, أي: التي على البحر .

وأحسن ما قيل في هذه الآية , والله أعلم قول ابن عباس : حدثنا بكر بن سهل , قال : حدثنا عبد الله بن صالح , عن معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس :{ظهر الفساد في البر والبحر }, يقول : (نقصان البركة بأعمال العباد ؛ كي يتوبوا .
والمعنى على هذا ظهر الجدب في البر والبحر بذنوب الناس)). [معاني القرآن: 5/265-266]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
: ({ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر}: أي: أجدب البر، وانقطعت مادة البحر , بذنوب الناس.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 188]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
: ({ظَهَرَ الْفَسَادُ}: الحدث). [العمدة في غريب القرآن: 239]


تفسير قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبل} [الروم: 42] كان عاقبتهم أن دمّر اللّه عليهم ثمّ صيّرهم إلى النّار.
وقوله: {كان أكثرهم مشركين} [الروم: 42]، أي: فأهلكهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/663]

تفسير قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فأقم وجهك} [الروم: 43]، أي: وجهتك.
{للدّين القيّم} [الروم: 43] وهو الإسلام.
وقال السّدّيّ: التّوحيد وهو واحدٌ.
{من قبل أن يأتي يومٌ لا مردّ له من اللّه} [الروم: 43]، يعني: يوم القيامة.
{يومئذٍ يصّدّعون} [الروم: 43]، يعني: يتفرّقون فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير). [تفسير القرآن العظيم: 2/663]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يصّدّعون...}:يتفرقون. قال: وسمعت العرب تقول: صدعت غنمي صدعتين؛ كقولك: فرقتها فرقتين). [معاني القرآن: 2/325]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ يومئذ يّصّدّعون }:أي: يتفرقون , ويتخاذلون). [مجاز القرآن: 2/123]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)
: ({يومئذ يصدعون}: يتفرقون). [غريب القرآن وتفسيره: 297]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فأقم وجهك للدّين القيّم من قبل أن يأتي يوم لا مردّ له من اللّه يومئذ يصّدّعون (43)} معنى {فأقم وجهك}: أقم قصدك , واجعل جهتك اتباع الدين القيّم من قبل أن تأتي الساعة , وتقوم القيامة , فلا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل , أو كسبت في إيمانها خيرا. ومعنى: {يومئذ يصّدّعون}:يتفرقون , فيصيرون : فريقا في الجنة , وفريقا في السّعير.). [معاني القرآن: 4/188]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون} أي: اجعل قصدك إلى الدين القيم من قبل أن يأتي يوم القيامة , فلا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل . ومعنى :{يصدعون }: يتفرقون: فريقا في الجنة , وفريقا في السعير.). [معاني القرآن: 5/267]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {يومئذ يصدعون}, أي: يتفرقون.). [ياقوتة الصراط: 403]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَصَّدَّعُونَ}: يتفرقون.). [العمدة في غريب القرآن: 239]

تفسير قوله تعالى:{مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {من كفر فعليه كفره} [الروم: 44] يثاب عليه النّار.
[تفسير القرآن العظيم: 2/663]
{ومن عمل صالحًا فلأنفسهم يمهدون} [الروم: 44] يوطّئون في الدّنيا القرار في الآخرة بالعمل الصّالح.
عاصم بن حكيمٍ، أنّ مجاهدًا قال: يسوّون المضجع.
- ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «نعمت المطيّة الدّنيا فارتحلوا تبلغكم الآخرة».
وحدّثني الخليل بن مرّة، ذكره بإسنادٍ قال: يقول اللّه تبارك وتعالى: «ادخلوا الجنّة برحمتي واقتسموها بأعمالكم»). [تفسير القرآن العظيم: 2/664]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ من عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون}, من يقع على الواحد والاثنين , والجميع من المذكر والمؤنث , ومجازها هاهنا مجاز الجميع , { ويمهد }: أي : يكتسب , ويعمل, ويستعد , قال سليمان بن يزيد العدوي:
أمهد لنفسك حان السقم والتلف.= ولا تضعينّ نفساً مالها خلف). [مجاز القرآن: 2/124]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({فلأنفسهم يمهدون}: أي : يعملون , ويوطّئون, و«المهاد»: الفراش.).[تفسير غريب القرآن: 342]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون (44)} {فلأنفسهم يمهدون}: أي: لأنفسهم يوطئون. وقوله عزّ وجلّ:{ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصراً}
أي : فرأوا النبت قد اصفر وجفّ. {لظلّوا من بعده يكفرون}:ومعناه : ليظلّنّ، لأن معنى الكلام الشرط, والجزاء, فهم يستبشرون بالغيث , ويكفرون إذا انقطع عنهم الغيث , وجفّ النبات.). [معاني القرآن: 4/188-189]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون} روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : {فلأنفسهم يمهدون} في القبر
قال أبو جعفر : معنى يمهدون في اللغة : يوطئون لأنفسهم بعمل الخير من المهاد , وهو الفراش.). [معاني القرآن: 5/267-268]

تفسير قوله تعالى: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات من فضله} [الروم: 45] فبفضله يدخلهم الجنّة.
قال: {إنّه لا يحبّ الكافرين} [الروم: 45] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/664]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ} [الروم: 46] بالمطر، تفسير مجاهدٍ وغيره.
{وليذيقكم من رحمته} [الروم: 46] وهو المطر.
{ولتجري الفلك} [الروم: 46] السّفن.
{بأمره ولتبتغوا من فضله} [الروم: 46] قال مجاهدٌ: طلب التّجارة في البحر، وهذا تبعٌ للكلام الأوّل في قوله: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ} [الروم: 46] وما ذكر من المطر والسّفر وطلب الفضل.
قال: {ولعلّكم تشكرون} [الروم: 46]، أي: لكي تشكروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/664]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبيّنات} [الروم: 47]
[تفسير القرآن العظيم: 2/664]
أي فكذّبوا.
{فانتقمنا من الّذين أجرموا} [الروم: 47] أشركوا.
{وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين} [الروم: 47] إجابة دعاء الأنبياء على قومهم بالهلاك حين كذّبوهم، فأمروا بالدّعاء عليهم ثمّ استجيب لهم، فأهلكهم اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/665]

تفسير قوله تعالى: {للَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه الّذي يرسل الرّياح فتثير سحابًا فيبسطه في السّماء كيف يشاء ويجعله كسفًا} [الروم: 48]، يعني: قطعًا بعضه على بعضٍ.
{فترى الودق يخرج من خلاله} [الروم: 48] قال مجاهدٌ: المطر.
{يخرج من خلاله} [الروم: 48] من خلال السّحاب.
قال: وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ أنّه كان يقرأ هذا الحرف: يخرج من خلله، أي: من خلل السّحاب.
قوله: {فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون} [الروم: 48] به). [تفسير القرآن العظيم: 2/665]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فتثير سحاباً }: مجازه: تجمع , وتستخرج. { الودق}, والقطر واحد قال:
فلا مزنةٌ ودقت ودقها= ولا أرضٌ أبقل أبقالها

{من خلاله}: أي : من بينه.). [مجاز القرآن: 2/124]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({فترى الودق} : أي: المطر، {يخرج من خلاله}: أي : من بين السحاب.). [تفسير غريب القرآن: 342]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {اللّه الّذي يرسل الرّياح فتثير سحابا فيبسطه في السّماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون (48)}
{ويجعله كسفاً}: أي: قطعاً من السحاب. وقوله: {فترى الودق يخرج من خلاله} أي : فترى المطر يخرج من خلل السحاب، فأعلم عزّ وجلّ : أنه ينشئ السحاب , ويحي الأرض , ويرسل الرياح، وذلك كله دليل على القدرة التي يعجز عنها المخلوقون، وأنه قادر على إحياء الموتى.). [معاني القرآن: 4/189]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله} : ويجعله كسفا , جمع كسفة , وهي القطعة {فترى الودق } , قال مجاهد: أي: القطر يخرج من خلاله , أي: من بين السحاب.).[معاني القرآن: 5/268]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
: ({الْوَدْقَ}: المطر, و{خِلَالِهِ}: أي: من بين السحاب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم} [الروم: 49] المطر.
{من قبله لمبلسين} [الروم: 49] ليائسين من المطر كقوله: {وهو الّذي ينزّل الغيث من بعد ما قنطوا} [الشورى: 28].
قوله عزّ وجلّ: {وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم} [الروم: 49] المطر.
{من قبله} [الروم: 49] وهو كلامٌ من كلام العرب مثنًّى مثل قوله: {وهم بالآخرة هم يوقنون} [النمل: 3] وكقوله: {وهم عن الآخرة هم غافلون} [الروم: 7] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/665]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم مّن قبله لمبلسين}
وقال: {وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم مّن قبله لمبلسين} فرد {مّن قبله} على التوكيد نحو {فسجد الملائكة كلّهم أجمعون} ). [معاني القرآن: 3/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لمبلسين}: أي: يائسين, يقال: أبلس، إذا يئس.).[تفسير غريب القرآن: 342]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله تعالى:{وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم من قبله لمبلسين (49)}
المعنى : أن ينزل عليهم المطر، ويقرأ: {أن ينزل}, ومعنى :{مبلسين} : منقطعين انقطاع آيسين. فأمّا تكرير قوله {من قبل}, ففيه وجهان:
قال قطرب: إن قبل الأولى : للتنزيل، وقبل الثانية : للمطر.

وقال الأخفش وغيره من البصريين: تكرير قبل على جهة التوكيد.
والمعنى : وإن كانوا من قبل تنزيل المطر لمبلسين. والقول كما قالوا ؛ لأن تنزيل المطر بمعنى : المطر، لأن المطر لا يكون إلا بتنزيل , كما أن الرياح لا تعرف إلا بمرورها. قال الشاعر:
مشين كما اهتزّت رماح= تسفّهت أعاليها مرّ الرّياح النّواسم
فمعنى : مر الرياح , كقولك :
= تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم). [معاني القرآن: 4/189-190]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين} في تكرير قبل ههنا ثلاثة أقوال:
أ- قال الأخفش سعيد : هذا على التوكيد , وأكثر النحويين على هذا القول .
ب- وقال قطرب : أي : وإن كانوا من قبل التنزيل : من قبل المطر

ج- والقول الثالث عندي أحسنها : وهو أن يكون المعنى :من قبل السحاب : أي: من قبل رؤية السحاب ليائسين , وقد تقدم ذكر السحاب.). [معاني القرآن: 5/269]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ) : ({لمبلسين}:لمتحيرين.). [ياقوتة الصراط: 404]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لمُبْلِسِينَ}: مبهوتين.). [العمدة في غريب القرآن: 239]

تفسير قوله تعالى:{فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فانظر إلى آثار رحمة اللّه} [الروم: 50]، يعني: المطر.
[تفسير القرآن العظيم: 2/665]
{كيف يحيي الأرض بعد موتها} [الروم: 50]، يعني: النّبات الّذي أنبته اللّه تبارك وتعالى بذلك المطر.
قال: {إنّ ذلك لمحيي الموتى وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ} [الروم: 50]، أي: فالّذي أنبت هذا النّبات، يريد المطر، قادرٌ على أن يبعث الخلق يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/666]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلى آثار رحمت اللّه...} قرأها عاصم , والأعمش : {آثار}, وأهل الحجاز :{أثر}, وكلّ صواب.). [معاني القرآن: 2/326]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحي الأرض بعد موتها إنّ ذلك لمحيي الموتى وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ }: المحيي الموتى هو الله , ولم تقع هذه الصفة على رحمة الله , ولكنها وقعت على أن الله هو محيي الموتى , وهو على كل شيء قدير. والعرب قد تفعل ذلك , فتصف الآخر , وتترك الأول, يقولون: رأيت غلام زيدٍ , أنه عنه لحليم , أي : أن زيداً عن غلامه , وعن غيره لحليم.). [مجاز القرآن: 2/125]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فانظر إلى آثار رحمت اللّه} : يعني: آثار المطر.). [تفسير غريب القرآن: 343]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{فانظر إلى آثار رحمت اللّه كيف يحي الأرض بعد موتها إنّ ذلك لمحي الموتى وهو على كلّ شيء قدير (50)} {أثر رحمت الله}, ويقرأ : {آثار رحمت اللّه}, يعني : آثار المطر الذي هو رحمة من اللّه. {كيف يحي الأرض بعد موتتها}: وإحياؤها أن جعلها تنبت , فكذلك إحياءالموتى، فقال: {إنّ ذلك لمحي الموتى}: ذلك إشارة إلى اللّه عزّ وجلّ.). [معاني القرآن: 4/190]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها} {رحمة الله} : أي : المطر الذي هو من رحمة الله .
{كيف يحيى الأرض بعد موتها}
, وقرأ محمد اليماني : {كيف تحيى الأرض بعد موتها}
والمعنى على قراءته : كيف تحيي الرحمة الأرض , أو الآثار , و{يحييى} بالياء , أي: يحيي الله , أو المطر , أو الأثر , فيمن قرأ هكذا.). [معاني القرآن: 5/269-270]

تفسير قوله تعالى:{وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولئن أرسلنا ريحًا} [الروم: 51] فأهلكنا به ذلك الزّرع.
{فرأوه مصفرًّا} [الروم: 51] وذلك الزّرع مصفرًّا.
{لظلّوا من بعده} [الروم: 51] من بعد ذلك المطر.
{يكفرون} [الروم: 51] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/666]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فرأوه مصفرّاً...}: يخافون هلاكه بعد اخضراره، يعني : الزرع.). [معاني القرآن: 2/326]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({ ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفرّاً }: الهاء هاهنا للأثر , كقولك: فرأوا ألثر مصفراً , ومعناه : النبات.). [مجاز القرآن: 2/125]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون}
قال النحويون : {فرأوه مصفرا }, أي : فرأوا النبات مصفرا , وحقيقته : فرأوا الأثر مصفرا , {لظلوا من بعده يكفرون }: أي: ليظلن , هذا قول الخليل . قال أبو جعفر : وهذا يقع في حروف المجازاة.).[معاني القرآن: 5/270]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فإنّك لا تسمع الموتى} [الروم: 52]، يعني: الكفّار الّذين يموتون على كفرهم.
{ولا تسمع الصّمّ الدّعاء إذا ولّوا مدبرين} [الروم: 52] يقول: إنّ الصّمّ لا يسمعون الدّعاء {إذا ولّوا مدبرين} [الروم: 52] وهذا مثل الكفّار إذا تولّوا عن الهدى لم يسمعوه سمع قبولٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/666]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فإنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصّمّ الدّعاء إذا ولّوا مدبرين (52)} هذا مثل ضربه الله للكفار , كما قال: {صمّ بكم عمي}, فجعلهم في تركهم العمل بما يسمعون , ووعي ما يبصرون بمنزلة الموتى، لأن ما بيّن من قدرته وصنعته التي لا يقدر على مثلها المخلوقون دليل على وحدانيته.). [معاني القرآن: 4/190]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (ثم قال جل وعز: {فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين}
أي : إنهم بمنزلة الموتى , والصم ؛ لأنهم لا يقبلون لمعاندتتهم.). [معاني القرآن: 5/271]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما أنت بهادي العمي} [الروم: 53] عن الهدى {بهادي العمي} [الروم: 53]، يعني: الكفّار.
العمي عن الهدى.
{عن ضلالتهم إن تسمع} [الروم: 53] إن يقبل منك.
{إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} [الروم: 53] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/666]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بهاد العمي عن ضلالتهم...}, و{من ضلالتهم} , كلّ صواب.
ومن قال: {عن ضلالتهم}, كأنه قال: ما أنت بصارفٍ العمى عن الضلالة, ومن قال (من) قال: ما أنت بمانعهم من الضلالة.). [معاني القرآن: 2/326]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلّا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون (53)} وقوله: {إن تسمع إلّا من يؤمن بآياتنا} أي : ما يسمع إلا من يؤمن بآياتنا، وجعل الإسماع ههنا إسماعا إذا قبل وعمل بما سمع، وإذا لم يقبل بمنزلة ما لم يسمع ولم يبصر. وقوله: {وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم} القراءة بالجر في " العمي " والنصب جائز، بهاد العمي عن ضلالتهم, فالقراءة بالجر، فأمّا النصب , فإن كانت فيها رواية، وإلا فليست القراءة بها جائزة؛ لأن كل ما يقرأ به , ولم يتقدم فيه رواية لقراء الأمصار المتقدّمين , فالقراءة به بدعة , وإن جاز في العربية، والعمل في القراءة كلها على اتباع السّنّة). [معاني القرآن: 4/190-191]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} أي : ما تسمع إلا من كان قابلا غير معاند). [معاني القرآن: 5/271]


رد مع اقتباس