عرض مشاركة واحدة
  #60  
قديم 7 صفر 1439هـ/27-10-2017م, 09:13 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

أنواع مسائل إعراب القرآن
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (أنواع مسائل إعراب القرآن
مسائل الإعراب منها مسائل بيّنة عند النحاة والمفسّرين لا يختلفون فيها، ومنها مسائل مشكلة على بعضهم يختلف فيها كبار النحاة،
وهذا الاختلاف على صنفين:
الصنف الأول: الاختلاف الذي لا أثر له على المعنى، وإنما يختلفون فيه لاختلافهم في بعض أصول النحو وتطبيقات قواعده، وتخريج ما أشكل إعرابه، كاختلافهم في قوله تعالى: {إن هذان لساحران}.
فقد اختلف النحاة في إعراب "هذان" اختلافاً كثيراً على أقوال عديدة.
قال أبو إسحاق الزجاج: (وهذا الحرف من كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ مُشْكِل على أهل اللغة، وقد كثر اختلافهم في تفسيره، ونحن نذكر جميع ما قاله النحويون ونخبر بما نظن أنه الصواب واللَّه أعلم).
ثم خلص بعد بحثه المسألة إلى قوله: (والذي عندي - واللّه أعلم - وكنتُ عرضتُه على عالميَنا محمد بن يزيد وعلى إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد القاضي فقَبِلاه وذكرا أنّه أجود ما سمعاه في هذا، وهو أنّ "إنْ" قد وقعت موقع "نعم"، وأنَّ اللام وقعت موقعها، وأن المعنى هذان لهما ساحران)ا.هـ.
محمّد بن يزيد هو المبرّد شيخ الزجاج.
وأفرد شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة في هذه المسألة بسط القول فيها بسطاً حسناً، وناقش الأقوال والعلل، وخلص من بحث بقوله: (فهذه القراءة هي الموافقة للسماع والقياس ولم يشتهر ما يعارضها من اللغة التي نزل بها القرآن)ا.هـ.
وليس المقصود هنا تفصيل الكلام في هذه المسألة، وإنما المراد التنبيه على الصنف الأول من أصناف الاختلاف في مسائل الإعراب في القرآن، وأنّ
الاختلاف في هذا الصنف من المسائل ليس له أثر على المعنى سوى الفوارق البيانية التي تقتضيها معاني الحروف والأساليب.
والصنف الثاني: الاختلاف الذي له أثر على المعنى، وهذا له أمثلة كثيرة:
منها: اختلاف العلماء في إعراب "مَن" في قوله تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} ؛ فمَن جعلها فاعلاً ذهب إلى أنّ المراد هو الله تعالى لأنه الخالق.
ومن جعلها مفعولاً ذهب إلى أن المعنى: ألا يعلم اللهُ الذين خلقهم.
قال ابن القيّم رحمه الله: (وقد اختلف في إعراب {من خلق} هل هو على النصب أو الرفع؟
فإن كان مرفوعا فهو استدلال على علمه بذلك لخلقه له، والتقدير: أنه يعلم ما تضمنته الصدور، وكيف لا يعلم الخالق ما خلقَه، وهذا الاستدلال في غاية الظهور والصحة؛ فإن الخلق يستلزم حياة الخالق وقدرته وعلمه ومشيئته.
وإن كان منصوبا؛ فالمعنى ألا يعلم مخلوقَه، وذكر لفظة {من} تغليبا ليتناول العلمُ العاقلَ وصفاته.
وعلى التقديرين فالآية دالة على خلق ما في الصدور كما هي دالة على علمه سبحانه به)ا.هـ.
ومنها: اختلافهم في إعراب "نافلة" في قوله تعالى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة}
فمن أعربها نائب مفعول مطلق؛ ذهب إلى أنّ المراد بالنافلة الهبة.
ومن أعربها حالاً من يعقوب ذهب إلى أن المراد بالنافلة الزيادة، أي وهبنا له إسحاق، وزدناه يعقوب زيادة.
قال الأمين الشنقيطي: (وقوله: نافلة فيه وجهان من الإعراب؛ فعلى قول من قال: النافلة العطية فهو ما ناب عن المطلق من {وهبنا} أي: وهبنا له إسحاق ويعقوب هبة، وعليه النافلة مصدرٌ جاء بصيغة اسم الفاعل كالعاقبة والعافية.
وعلى أن النافلة بمعنى الزيادة فهو حال من {يعقوب} أي: وهبنا له يعقوب في حال كونه زيادة على إسحاق)ا.هـ.
والأمثلة على الصنفين كثيرة جداً، والذي يتّصل بالتفسير اللغوي هو الصنف الثاني دون الأوّل.
ومن فوائد معرفة الإعراب أنّه يعين على استكشاف علل بعض الأقوال الخاطئة في التفسير.
ومن أمثلة ذلك قول الرازي في معنى "ما" في قوله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم} إذ قال: (هنا يجوز أن تكون {ما} استفهاما للتعجب تقديره: فبأي رحمة من الله لنت لهم)ا.هـ.
وقد ردّه ابن هشام في قواعد الإعراب من وجهين؛ فقال: (والتوجيه المذكور في الآية باطل لأمرين:
أحدهما: أن (ما) الاستفهامية إذا خُفضت وجب حذف ألفها نحو: {عم يتساءلون}.
الثاني: أن خفض {رحمة} حينئذ يشكل؛ لأنه لا يكون بالإضافة، إذ ليس في أسماء الاستفهام ما يضاف إلا (أي) عند الجميع، و(كم) عند الزجاج.
- ولا بالإبدال من (ما) لأنَّ المبدل من اسم الاستفهام، لابد أن يقرن بهمزة الاستفهام، نحو: كيف أنت، أصحيح أم سقيم؟
- ولا صفة لأن (ما) لا توصف إذا كانت شرطية أو استفهامية.
- ولا بياناً لأنَّ ما لا يوصف لا يعطف عليه عطف البيان كالمضمرات)ا.هـ). [طرق التفسير:169 - 173]

رد مع اقتباس