الموضوع: سورة المائدة
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 6 رجب 1434هـ/15-05-2013م, 11:06 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

قوله تعالى:{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِ‌بُونَ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْ‌ضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْ‌جُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْ‌ضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَ‌ةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(33)}

قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شِهَاب الزهري (ت: 124هـ): (وقال في سورة المائدة: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض}.
[نسخت بالاستثناء بعدها في] قوله تعالى: { إلا الذين تابوامن قبل أن تقدروا عليهم}.
يقول: فلا سبيل لكم عليهم بعد التوبة. أراد بذلك الرجل المسلم الذي يكون منه الفساد ثم يتوب من قبل أن يظفر به رب الأمر. وأما الكفار الذين يفسدون في الأرض وهم في دار الحرب فهؤلاء لا تقبل توبتهم، فإنهم لو كانت توبتهم صادقة للحقوا ببلاد المسلمين. ) [الناسخ والمنسوخ للزهري: 36]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية الثالثة: قوله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله} [33 / المائدة / 5] نسخت بالاستثناء منها فيما بعدها بقوله تعالى: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} فصارت ناسخة لها .[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 35-37]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (بابٌ ذكر الآية الخامسةقال جلّ وعزّ: {إنّما جزاء الّذين يحاربون اللّه ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض} [المائدة: 33]
فقال قومٌ: هذه ناسخةٌ لما كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فعله في أمر العرنيّين من التّمثيل بهم وسمل أعينهم وتركهم حتّى ماتوا فممّن قال هذا محمّد بن سيرين قال:
«لمّا فعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذلك وعظ ونسخ هذا الحكم»، واستدلّ على ذلك بأحاديث صحاحٍ فمن ذلك
ما حدّثناه أحمد بن شعيبٍ أبو عبد الرّحمن، قال أخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثيرٍ، عن الوليد، عن الأوزاعيّ، عن يحيى، عن أبي قلابة عن أنسٍ،: " أنّ نفرًا من عكلٍ قدموا على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأسلموا فاجتووا المدينة فأمرهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يخرجوا إلى إبل الصّدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها ففعلوا فقتلوا راعيها واستاقوها فبعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في طلبهم قافةً فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ولم يحسمهم وسمل أعينهم وتركهم حتّى ماتوا، فأنزل اللّه جلّ وعزّ: {إنّما جزاء الّذين يحاربون اللّه ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتّلوا أو يصلّبوا} [المائدة: 33] الآية "
قال أبو عبد الرّحمن، وأخبرني الفضل بن سهلٍ، قال حدّثني يحيى بن غيلان، ثقةً مأمونًا قال حدّثني يزيد بن زريعٍ، عن سليمان التّيميّ، عن أنسٍ، قال: «إنّما سمل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أعين أولئك لأنّهم سملوا أعين الرّعاء»
قال أبو جعفرٍ: وهذا من أحسن حديثٍ يروى في هذا الباب وأغربه وأصحّه وفيه حجّةٌ للشّافعيّ في القصاص
فأمّا الحديث الأوّل فيحتجّ به من جعل الآية ناسخةً وفيه من الغريب قوله: فاجتووا المدينة قال أبو زيدٍ يقال اجتويت البلاد إذا كرهتها
وإن كانت موافقةً لك في بدنك، واستوبلتها إذا لم تكن توافقك في بدنك وإن كنت محبًّا لها
وفيه وسمل أعينهم، قال أبو عبيدٍ: السّمل أن تفقأ العين بحديدةٍ محماةٍ أو بغير ذلك يقال: سملتها أسملها سملًا وقد يكون السّمل بالشّوك كما قال أبو ذؤيبٍ يرثي بنين له ماتوا:



فالعين بعدهم كأنّ حداقهـاسملت بشوكٍ فهي عورٌ تدمع

وبعض من يقول إنّها محكمةٌ غير ناسخةٍ يقول الحكمان قائمان جميعًا ويحتجّ بالحديث أنّ السّمل كان قصاصًا وهو أحسن ما قيل فيه
وقال أبو الزّناد لمّا فعل ذلك صلّى الله عليه وسلّم وعظ ونهى عن المثلة فلم يعد
وقال غيره: إنّما فعل ذلك على الاجتهاد كما فعل في الغنائم حتّى نزلت {لولا كتابٌ من اللّه سبق} [الأنفال: 68] الآية
وقال آخر لا يجوز أن يفعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شيئًا من هذا وما أشبهه إلّا بوحيٍ منزّلٍ أو إلهامٍ من اللّه جلّ وعزّ لقوله جلّ وعزّ: {وما ينطق عن الهوى} [النجم: 3] ولفرضه طاعته
وقال السّدّيّ: إنّما أراد أن يفعل فنهي عن ذلك وأمر بالحدود
قال أبو جعفرٍ: وقد ذكرنا الحديث بغير ما قال
فأمّا ما في الآية من قوله جلّ وعزّ أو؛ ومن اختلاف العلماء في تخيير الإمام أن يفعل أيّ هذه شاء ومن قول بعضهم بل ذلك على التّرتيب فنذكر
منه ما تكمل به الفائدة في علم الآية إن شاء اللّه واختلف العلماء في من يلزمه اسم محاربة اللّه جلّ وعزّ ورسوله صلّى الله عليه وسلّم على خمسة أقوالٍ:
فمنهم من قال المحارب للّه جلّ وعزّ ورسوله هو المشرك المعاند دين اللّه فأمّا من كان مسلمًا وخرج متلصّصًا فلا يلزمه هذا الاسم وهذا القول مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ وهو يروى عن الحسن، وعطاءٍ
ومن العلماء من قال المحارب للّه جلّ وعزّ ورسوله المرتدّ وهذا قول عروة بن الزّبير
كما قرئ على عبد اللّه بن أحمد بن عبد السّلام، عن أبي الأزهر، قال: حدّثنا روح بن عبادة، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني هشام بن عروة، عن أبيه، قال: «إذا خرج المسلم فشهر سلاحه ثمّ تلصّص ثمّ جاء تائبًا أقيم عليه الحدّ، ولو ترك لبطلت العقوبات إلّا أن يلحق ببلاد الشّرك ثمّ يأتي تائبًا فيقبل منه»
وقال قومٌ: المحارب للّه ولرسوله من المسلمين من فسق فشهر سلاحه وخرج على المسلمين يحاربهم وردّوا على من قال لا يكون المحارب للّه جلّ وعزّ ورسوله إلّا مشركًا بحديث معاذٍ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
((من عادى وليًّا من أولياء اللّه جلّ وعزّ فقد نادى اللّه جلّ وعزّ بالمحاربة))
قال أبو جعفرٍ حدّثنا أحمد بن محمّدٍ الأزديّ، قال: حدّثنا الحسين بن الحكم الحبريّ، قال: حدّثنا أبو غسّان، مالك بن إسماعيل، عن السّدّيّ، عن صبيحٍ، مولى أمّ سلمة، عن زيد بن أرقم، «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال لعليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه وفاطمة والحسن، والحسين رضي اللّه عنهم أنا سلمٌ لمن سالمتم، وحربٌ لمن حاربتم» أفلا ترى قول رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لمن ليس بكافرٍ وتسميته إيّاه محاربًا
وقد ردّ أبو ثورٍ وغيره على من قال إنّ الآية في المشركين بأشياء بيّنةٍ
قال قد أجمع العلماء على أنّ المشرك إذا فعل هذه الأشياء ثمّ أسلم قبل أن يتوب منها أنّه لا يقام عليه شيءٍ من حدودها لقول اللّه جلّ وعزّ {قل للّذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: 38] فهذا كلامٌ بيّنٌ حسنٌ
وقال غيره لو كانت الآية في المشركين لوجب في أسرى المشركين أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض، وهذا لا يقوله أحدٌ
وقال بعض العلماء الآية عامّةٌ في المشركين والمسلمين فهذه أربعة أقوالٍ
والقول الخامس: أن تكون الآية عامّةً على ظاهرها إلّا أن يدلّ دليلٌ على خارجٍ منها فيخرج بالدّليل فقد دلّ ما ذكرناه على أنّ أهل الحرب من المشركين خارجون منها فهذا أحسن ما قيل فيها، وهو قول أكثر الفقهاء
ثمّ اختلفوا فيمن لزمه اسم المحاربة أيكون الإمام مخيّرًا فيه أم تكون عقوبته على قدر جنايته
فقال قومٌ: الإمام مخيّرٌ فيه على أنّه يجتهد وينظر للمسلمين
فممّن قال هذا من الفقهاء مالك بن أنسٍ وهو مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ وهو قول سعيد بن المسيّب، وعمر بن عبد العزيز، ومجاهدٍ، والضّحّاك وممّن قال العقوبة على قدر الجناية وليس إلى الإمام في ذلك خيارٌ الحسن، وعطاءٌ، وسعيد بن جبيرٍ وأبو مجلزٍ وهو مرويٌّ أيضًا عن ابن عبّاسٍ إلّا أنّه من رواية الحجّاج بن أرطأة عن عطيّة عن ابن عبّاسٍ،
والحجّاج وعطيّة ليسا بذاك عند أهل الحديث
وقال بهذا من الفقهاء الأوزاعيّ والشّافعيّ وهو قول أصحاب الرّأي، سفيان، وأبي حنيفة وأبي يوسف غير أنّهم اختلفوا في التّرتيب في أكثر الآية فما علمت أنّهم اتّفقوا إلّا فيمن خرج فقتل فإنّ أصحاب التّرتيب أجمعوا على قتله وسنذكر اختلافهم
فأمّا أصحاب التّخيير الّذين قالوا ذلك إلى الإمام فحجّتهم ظاهر الآية وأنّ أو في العربيّة كذا معناها إذا قلت خذ دينارًا أو درهمًا ورأيت زيدًا، أو عمرًا
واحتجّوا بقول اللّه جلّ وعزّ {فكفّارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبةٍ} [المائدة: 89] وكذا {ففديةٌ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نسكٍ} [البقرة: 196] أنّه لا اختلاف أنّ هذا على التّخيير وكذا ما اختلفوا فيه مردودٌ إلى ما أجمعوا عليه وإلى لغة الّذين نزل القرآن بلغتهم
فعارضهم من يقول بالتّرتيب بحديث عثمان وابن مسعودٍ وعائشة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
((لا يحلّ دم امرئٍ مسلمٍ إلّا بإحدى ثلاثٍ كفرٍ بعد إيمانٍ أو زنًا بعد إحصانٍ أو قتل نفسٍ بغير نفسٍ))
فعارضهم الآخرون بأشياء منها أنّ المحارب مضمومٌ إلى هذه الثّلاثة كما ضممتم إليها أشياء ليست كفرًا وكما قال جلّ وعزّ: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه} [الأنعام: 145] الآية، فضممتم إليها تحريم كلّ ذي نابٍ من السّباع وكلّ ذي مخلبٍ من الطّير
واحتجّ بعضهم بأنّ لآية المحاربة حكمًا آخر واستدلّ على ذلك بأنّ الأمر للمحارب ليس إلى الوليّ وإنّما هو إلى الإمام واحتجّ بأنّ عائشة رضي اللّه عنها قد روت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذكر المحارب
كما قرئ على أحمد بن شعيبٍ، عن العبّاس بن محمّدٍ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، عن إبراهيم بن طهمان، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن عبيد بن عميرٍ، عن عائشة، رضي اللّه عنها أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: " لا يحلّ دم امرئٍ مسلمٍ إلّا بإحدى ثلاث خصالٍ: زانٍ محصنٌ يرجم، أو رجلٌ قتل متعمّدًا فيقتل، أو رجلٌ خرج من الإسلام فيحارب فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض "
واحتجّوا أيضًا بأنّ أكثر التّابعين على أنّ الإمام مخيّرٌ وكذا ظاهر الآية
كما قرئ على إبراهيم بن موسى الجوزيّ بمدينة السّلام عن يعقوب الدّورقيّ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن عاصمٍ الأحول، عن الحسن، وعن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، في قول اللّه تعالى
{إنّما جزاء الّذين يحاربون اللّه ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتّلوا
أو يصلّبوا} [المائدة: 33] الآية قالا: «الإمام مخيّرٌ فيه»
وحدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قال: وقوله تعالى: {إنّما جزاء الّذين يحاربون اللّه ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض} [المائدة: 33] قال: " من شهر السّلاح في فئة الإسلام وأفسد السّبيل فظهر عليه وقدر فإمام المسلمين مخيّرٌ فيه إن شاء قتله وإن شاء صلبه وإن شاء قطع يده ورجله قال: أو ينفوا من الأرض قال: يهربوا ويخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب فإن تابوا من قبل أن يقدر عليهم فاعلموا أن اللّه غفورٌ رحيمٌ "
ثمّ قال بهذا من التّابعين سعيد بن المسيّب، ومجاهدٌ والضّحّاك وهو
قول إبراهيم النّخعيّ، وعمر بن عبد العزيز
فأمّا الرّواية الأخرى عن ابن عبّاسٍ فأنّ ذلك على قدر جناياتهم فقد ذكرنا أنّها من رواية الحجّاج، عن عطيّة، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه تعالى {إنّما جزاء الّذين يحاربون اللّه ورسوله} [المائدة: 33]، قال:
«إذا خرج وأظهر السّلاح وقتل قتل وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله وإن أخذ المال وقتل قتل ثمّ صلب»
وهذا قول قتادة وعطاءٍ الخراسانيّ وزعم إسماعيل بن إسحاق أنّه لم يصحّ إلّا عنهما يعني من المتقدّمين لأنّ الرّواية عن ابن عبّاسٍ ضعيفةٌ عنده وعند أهل الحديث
وقال الأوزاعيّ إذا خرج وقتل قتل فإن أخذ المال وقتل صلب وقتل مصلوبًا وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله
وقال اللّيث بن سعدٍ إذا أخذ المال وقتل صلب وقتل بالحربة مصلوبًا
وقال أبو يوسف إذا أخذ المال وقتل صلب وقتل على الخشبة
وقال أبو حنيفة إذا قتل قتل وإذا أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلافٍ وإذا أخذ المال وقتل فالسّلطان مخيّرٌ فيه إن شاء قطع يده ورجله وقتله وإن شاء لم يقطع يده ورجله وقتله وصلبه
قال أبو يوسف: القتل يأتي على كلّ شيءٍ
وقال الشّافعيّ: «إذا أخذ المال قطعت يده اليمنى وحسمت، ثمّ قطعت رجله اليسرى وحسمت وخلّي وإذا قتل قتل وإذا أخذ المال وقتل قتل وصلب وروي عنه أنّه قال يصلب ثلاثة أيّامٍ
قال وإن حضر وكثر وهيب فكان رداءً للعدوّ عزّر وحبس»
قال أبو جعفرٍ: اختلف الّذين قالوا بالتّرتيب واختلف عن بعضهم حتّى وقع
في ذلك اضطرابٌ كثيرٌ فممّن اختلف عنه ابن عبّاسٍ كما ذكرناه والحسن فروي عنه التّخيير والتّرتيب وأنّه قال
إذا خرج وقتل قتل فإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله ونفي وإن أخذ المال وقتل قتل
وقال أحمد بن محمّد بن حنبلٍ: «إن قتل قتل وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله»
وقال قومٌ لا ينبغي أن يصلب قبل القتل فيحال بينه وبين الصّلاة والأكل والشّرب
وحكي عن الشّافعيّ أنّه قال أكره أن يقتل مصلوبًا لنهي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن المثلة
وقال أبو ثورٍ: «الإمام مخيّرٌ على ظاهر الآية»
واحتجّ غيره بأنّ الّذين قالوا بالتّخيير معهم ظاهر الآية وأنّ الّذين قالوا بالتّرتيب وإن اختلفوا فإنّك تجد في أقوالهم أنّهم يجمعون عليه حدّين فيقولون يقتل ويصلب ويقول بعضهم يصلب ويقتل، ويقول بعضهم تقطع يده ورجله وينفى، وليس كذا الآية، ولا كذا معنى أو في اللّغة
فأمّا معنى أو ينفوا من الأرض ففيه أقوالٌ منها عن ابن عبّاسٍ ما ذكرناه أنّهم يهربون حتّى يخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب، وهذا أيضًا محكيٌّ معناه عن الشّافعيّ أنّهم يخرجون من بلدٍ إلى بلدٍ ويحاربون، وكذا قال الزّهريّ محمّد بن مسلمٍ
وقال سعيد بن جبيرٍ «ينفون من بلدٍ إلى بلدٍ وكلّما أقاموا في بلدٍ نفوا منه»
وقال الشّعبيّ «ينفيه السّلطان الّذي أحدث هذا في عمله عن عمله» وقال مالك بن أنسٍ رحمه اللّه «ينفى من البلد الّذي أحدث فيه هذا إلى غيره
ثمّ يحبس فيه» ويحتجّ لمالكٍ بأنّ الزّاني كذا ينفى وقال الكوفيّون لمّا قال اللّه جلّ وعزّ {أو ينفوا من الأرض} [المائدة: 33] وقد علم أنّه لا بدّ أن يستقرّوا في الأرض لم يكن شيءٌ أولى بهم من الحبس لأنّه إذا حبس فقد نفي من الأرض إلّا من موضع استقراره
واختلف العلماء أيضًا في الآية السّادسة فمنهم من قال إنّها منسوخةٌ ومنهم من قال: هي محكمةٌ
).[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/232-315]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الثّالثة قوله تعالى {إنّما جزاء الّذين يحاربون الله ورسوله} الآية نسخها الله تعالى بالاستثناء وهو قوله تعالى {إلّا الّذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} الآية). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 79-84]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) :(قوله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله}.
قال ابن سيرين: هذه الآية نسخت فعل النبي عليه السلام بالعرنيين حين سمل أعينهم ومثّل بهم وتركهم في الحرّة حتى ماتوا، فلم يمثّل النبي عليه السلام بأحد بعد هذه الآية.
وقيل: إن فعله صلى الله عليه وسلم ليس بمنسوخ؛ لأنه إنما فعل بهم مثل ما فعلوا بالرّعاء.
وقيل: الآية نزلت في قوم من أهل الكتاب نقضوا العهد، وأفسدوا في الأرض، فأعلم الله نبيّه الحكم فيهم، وهو مروي عن ابن عباس.
وقال الحسن: نزلت الآية في قوم ارتدّوا واستاقوا المواشي وقتلوا الرّعاء يعني العرنيين، فأخذهم النبي عليه السلام فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرّة حتى ماتوا.
والإمام عند مالك مخيّرٌ فيمن وقع عليه اسم الحرابة أنه إذا قدر عليه يجتهد في عقوبته، ويفعل ما رأى، وهو قول عمر بن عبد العزيز، ومجاهد، والضحاك، وروي مثله عن ابن عباس، وبه قال ابن المسيّب.
وقال الشافعي: لا يخيّر الإمام في ذلك، وعقوبة المحارب على قدر جنايته، وبه قال الحسن والأوزاعيّ وعطاء وابن جبير، وروي مثله عن ابن عباسٍ أيضًا وهو قول أهل العراق.
والنفي عن مالك: حبسه أو إخراجه من ذلك البلد إلى غيره وحبسه فيه. وقال الشافعي: ينفى من ديار الإسلام. وقال الكوفيون: النفي: الحبس.
). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 255-279]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية الخامسة: قوله تعالى: {إنّما جزاء الّذين يحاربون اللّه ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتّلوا}.
هذه الآية محكمةٌ عند الفقهاء. واختلفوا هل هذه العقوبة على التّرتيب أم على التّخيير.
فمذهب أحمد بن حنبلٍ في جماعةٍ أنّها على التّرتيب، وأنّهم إذا قتلوا وأخذوا المال، أو قتلوا ولم يأخذوا قتلوا وصلبوا وإن أخذوا المال ولم يقتلوا، قطّعت أيديهم وأرجلهم من خلافٍ وإن لم يأخذوا المال نفوا.
وقال مالكٌ: الإمام مخيّرٌ في إقامة أيّ الحدود شاء سواءٌ قتلوا أم لم يقتلوا، أخذوا المال أو لم يأخذوا.
وقد ذهب بعض مفسّري القرآن ممّن لا فهم له، أنّ هذه الآية منسوخةٌ بالاستثناء بعدها، وقد بيّنّا فساد هذا القول في مواضع.
). [نواسخ القرآن: 297-322]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (السادس: قوله عز وجل: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله} الآية [المائدة: 33].
قالوا: هو منسوخ بقوله: {إلا الذين تابوا}الآية [المائدة: 34] وهذا ظاهر الفساد، وقد تقدم له نظائر.
). [جمال القراء: 1/295-302]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس