عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 07:03 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وهل أتاك حديث موسى (9) إذ رأى نارًا فقال لأهله امكثوا إنّي آنست نارًا لعلّي آتيكم منها بقبسٍ أو أجد على النّار هدًى (10)}
من هاهنا شرع، تبارك وتعالى، في ذكر قصّة موسى [عليه السّلام] وكيف كان ابتداء الوحي إليه وتكليمه إيّاه، وذلك بعد ما قضى موسى الأجل الّذي كان بينه وبين صهره في رعاية الغنم وسار بأهله قيل: قاصدًا بلاد مصر بعدما طالت الغيبة عنها أكثر من عشر سنين، ومعه زوجته، فأضلّ الطّريق، وكانت ليلةً شاتيةً، ونزل منزلًا بين شعابٍ وجبالٍ، في بردٍ وشتاءٍ، وسحاب وظلام وضبابٍ، وجعل يقدح بزندٍ معه ليوري نارًا، كما جرت له العادة به، فجعل لا يقدح شيئًا، ولا يخرج منه شررٌ ولا شيءٌ. فبينا هو كذلك، إذ آنس من جانب الطّور نارًا، أي: ظهرت له نارٌ من جانب الجبل الّذي هناك عن يمينه، فقال لأهله يبشّرهم: {إنّي آنست نارًا لعلّي آتيكم منها بقبسٍ} أي: شهابٍ من نارٍ. وفي الآية الأخرى: {أو جذوةٍ من النّار} [القصص: 29] وهي الجمر: الّذي معه لهبٌ، {لعلّكم تصطلون} [القصص: 29] دلّ على وجود البرد، وقوله: {بقبسٍ} دلّ على وجود الظّلام.
وقوله: {أو أجد على النّار هدًى} أي: من يهديني الطّريق، دلّ على أنّه قد تاه عن الطّريق، كما قال الثّوريّ، عن أبي سعدٍ الأعور، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله: {أو أجد على النّار هدًى} قال: من يهديني إلى الطّريق. وكانوا شاتّين وضلّوا الطّريق، فلمّا رأى النّار قال: إن لم أجد أحدًا يهديني إلى الطّريق آتكم بنارٍ توقدون بها). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 275-276]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلمّا أتاها نودي يا موسى (11) إنّي أنا ربّك فاخلع نعليك إنّك بالواد المقدّس طوًى (12) وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى (13) إنّني أنا اللّه لا إله إلّا أنا فاعبدني وأقم الصّلاة لذكري (14) إنّ السّاعة آتيةٌ أكاد أخفيها لتجزى كلّ نفسٍ بما تسعى (15) فلا يصدّنّك عنها من لا يؤمن بها واتّبع هواه فتردى (16)}
يقول تعالى: {فلمّا أتاها} أي: النّار واقترب منها، {نودي يا موسى} وفي الآية الأخرى: {نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه} [القصص: 30] وقال هاهنا {إنّي أنا ربّك} أي: الّذي يكلّمك ويخاطبك، {فاخلع نعليك} قال عليّ بن أبي طالبٍ، وأبو ذرٍّ، وأبو أيّوب، وغير واحدٍ من السّلف: كانتا من جلد حمارٍ غير ذكيٍّ.
وقيل: إنّما أمره بخلع نعليه تعظيمًا للبقعة.
قال سعيد بن جبيرٍ: كما يؤمر الرّجل أن يخلع نعليه إذا أراد أن يدخل الكعبة.
وقيل: ليطأ الأرض المقدّسة بقدميه حافيًا غير منتعلٍ. وقيل: غير ذلك، واللّه أعلم.
وقوله: {طوًى} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: هو اسمٌ للوادي.
وكذا قال غير واحدٍ، فعلى هذا يكون عطف بيانٍ.
وقيل: عبارة عن الأمر بالوطء بقدميه.
وقيل: لأنّه قدّس مرّتين، وطوى له البركة وكرّرت: والأوّل أصحّ، كقوله {إذ ناداه ربّه بالواد المقدّس طوًى} [النّازعات: 16]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 276-277]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأنا اخترتك} كقوله {إنّي اصطفيتك على النّاس برسالاتي وبكلامي} [الأعراف: 144] أي: على جميع النّاس من الموجودين في زمانه.
و [قد] قيل: إنّ اللّه تعالى قال: يا موسى، أتدري لم خصصتك بالتّكليم من بين النّاس؟ [قال: لا. قال:] لأنّي لم يتواضع لي أحدٌ تواضعك.
وقوله: {فاستمع لما يوحى} أي: اسمع الآن ما أقول لك وأوحيه إليك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 277]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّني أنا اللّه لا إله إلا أنا} هذا أوّل واجبٍ على المكلّفين أن يعلموا أنّه لا إله إلّا اللّه، وحده لا شريك له.
وقوله: {فاعبدني} أي: وحّدني وقم بعبادتي من غير شريكٍ، {وأقم الصّلاة لذكري} قيل: معناه: صلّ لتذكرني. وقيل: معناه: وأقم الصّلاة عند ذكرك لي.
ويشهد لهذا الثّاني ما قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، حدّثنا المثنّى بن سعيدٌ، عن قتادة، عن أنسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم قال: "إذا رقد أحدكم عن الصّلاة، أو غفل عنها، فليصلّها إذا ذكرها؛ فإنّ اللّه تعالى قال: {وأقم الصّلاة لذكري}.
وفي الصّحيحين عن أنسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من نام عن صلاةٍ أو نسيها، فكفّارتها أن يصلّيها إذا ذكرها، لا كفّارة لها إلّا ذلك"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 277]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّ السّاعة آتيةٌ} أي: قائمةٌ لا محالة، وكائنةٌ لا بدّ منها.
وقوله: {أكاد أخفيها} قال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: إنّه كان يقرؤها: "أكاد أخفيها من نفسي"، يقول: لأنّها لا تخفى من نفس اللّه أبدًا.
وقال سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: من نفسه. وكذا قال مجاهدٌ، وأبو صالحٍ، ويحيى بن رافعٍ.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {أكاد أخفيها} يقول: لا أطلع عليها أحدًا غيري.
وقال السّدّيّ: ليس أحدٌ من أهل السموات والأرض إلّا قد أخفى اللّه عنه علم السّاعة، وهي في قراءة ابن مسعودٍ: "إنّي أكاد أخفيها من نفسي"، يقول: كتمتها عن الخلائق، حتّى لو استطعت أن أكتمها من نفسي لفعلت.
وقال قتادة: {أكاد أخفيها} وهي في بعض القراءة أخفيها من نفسي، ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقرّبين، ومن الأنبياء والمرسلين.
قلت: وهذا كقوله تعالى: {قل لا يعلم من في السّماوات والأرض الغيب إلا اللّه} [النّمل: 65] وقال: {ثقلت في السّماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتةً} [الأعراف: 187] أي: ثقل علمها على أهل السّموات والأرض.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة حدّثنا منجاب، حدّثنا أبو نميلة، حدّثني محمّد بن سهلٍ الأسديّ، عن وقاء قال: أقرأنيها سعيد بن جبيرٍ (أكاد أخفيها)، يعني: بنصب الألف وخفض الفاء، يقول: أظهرها، ثمّ [قال] أما سمعت قول الشّاعر.
دأب شهرين، ثمّ شهرًا دميكًا = بأريكين يخفيان غميرًا
وقال الأسديّ: الغمير: نبتٌ رطبٌ، ينبت في خلال يبسٍ. والأريكين: موضعٌ، والدّميك: الشّهر التّامّ. وهذا الشّعر لكعب بن زهيرٍ.
وقوله سبحانه وتعالى: {لتجزى كلّ نفسٍ بما تسعى} أي: أقيمها لا محالة، لأجزي كلّ عاملٍ بعمله، {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره} [الزّلزلة: 7، 8] و {إنّما تجزون ما كنتم تعملون} [الطّور: 16]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 277-278]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فلا يصدّنّك عنها من لا يؤمن بها واتّبع هواه فتردى} المراد بهذا الخطاب آحاد المكلّفين، أي: لا تتّبعوا [سبيل] من كذّب بالسّاعة، وأقبل على ملاذّه في دنياه، وعصى مولاه، واتّبع هواه، فمن وافقهم على ذلك فقد خاب وخسر {فتردى} أي: تهلك وتعطب قال اللّه تعالى: {وما يغني عنه ماله إذا تردّى} [اللّيل: 11]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 278]

رد مع اقتباس