عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25 محرم 1439هـ/15-10-2017م, 09:42 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاث اعتبارات

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: (
[الثاني والثلاثونَ]: أنَّ الاسمَ والصفةَ مِنْ هذا النوعِ لهُ ثلاثُ اعتباراتٍ:
- اعتبارٌ مِنْ حيث هوَ، معَ قَطْعِ النظَرِ عنْ تَقييدِهِ بالربِّ تَبَارَكَ وتعالَى أو العَبْدِ.
- الاعتبارُ الثاني: اعتبارُهُ مُضافاً إلَى الربِّ مُخْتَصًّا بهِ.
- الثالثُ: اعتبارُهُ مُضَافاً إلَى العبدِ مُقَيَّداً بهِ.
· فما لَزِمَ الاسمَ لذاتِهِ وحقيقتِهِ كانَ ثابتاً للربِّ والعبدِ، وللربِّ منهُ ما يَليقُ بكمالِهِ، وللعبدِ منهُ ما يَليقُ بهِ، وهذا كاسمِ السميعِ الذي يَلْزَمُهُ إدراكُ المسموعاتِ، والبصيرِ الذي يَلْزَمُهُ رؤيَةُ الْمُبْصَرَاتِ، والعليمِ والقديرِ وسائرِ الأسماءِ، فإنَّ شَرْطَ صِحَّةِ إطلاقِها حصولُ معانيها وحقائقِها للموصوفِ بها، فما لَزِمَ هذهِ الأسماءَ لذاتِها فإثباتُهُ للربِّ تعالَى لا مَحذورَ فيهِ بوجهٍ، بلْ ثَبَتَتْ لهُ علَى وجهٍ لا يُماثلُهُ فيهِ خَلْقُهُ ولا يُشابِهُهُمْ.
- فمَنْ نَفاهُ عنهُ لإطلاقِهِ علَى المخلوقِ أَلْحَدَ في أسمائِهِ، وجَحَدَ صفاتِ كمالِهِ.
- ومَنْ أَثْبَتَهُ لهُ علَى وجهٍ يُمَاثِلُ فيهِ خلْقَهُ فقدْ شَبَّهَهُ بخَلْقِهِ، ومَنْ شَبَّهَ اللهَ بخلْقِهِ فقدْ كَفَرَ.
- ومَنْ أَثْبَتَهُ لهُ علَى وجهٍ لا يُماثِلُ فيهِ خَلْقَهُ، بلْ كما يَليقُ بجلالِهِ وعظمتِهِ، فقدْ بَرِئَ مِنْ فَرْثِ التشبيهِ ودمِ التعطيلِ، وهذا طريقُ أهلِ السُّنَّةِ.
· وما لَزِمَ الصفةَ لإضافتِها إلَى العبدِ وَجَبَ نفيُهُ عن اللهِ، كما يَلْزَمُ حياةَ العبدِ مِن النومِ والسِّنَةِ والحاجةِ إلَى الغذاءِ، ونحوِ ذلكَ، وكذلكَ ما يَلْزَمُ إرادتَهُ مِنْ حركةِ نفسِهِ في جَلْبِ ما يَنتفِعُ بهِ ودَفْعِ ما يَتَضَرَّرُ بهِ، وكذلكَ ما يَلْزَمُ عُلُوَّهُ مِن احتياجِهِ إلَى ما هوَ عالٍ عليهِ، وكونِهِ مَحمولاً بهِ مُفْتَقِراً إليهِ مُحاطاً بهِ، كلُّ هذا يَجِبُ نفيُهُ عن القُدُّوسِ السلامِ تَبارَكَ وتعالَى ([74]).
· وما لَزِمَ صفةً مِنْ جهةِ اختصاصِهِ تعالَى بها فإنَّهُ لا يَثْبُتُ للمخلوقِ بوجهٍ، كعلْمِهِ الذي يَلْزَمُهُ القِدَمُ والوجوبُ والإحاطةُ بكلِّ معلومٍ، وقُدرتِهِ وإرادتِهِ وسائرِ صفاتِهِ، فإنَّ ما يَخْتَصُّ بهِ منها لا يُمْكِنُ إثباتُهُ للمخلوقِ.
فإذا أَحَطْتَ بهذه القاعدةِ خُبراً وعَقَلْتَهَا كما يَنبغِي خَلَصْتَ مِن الآفتينِ اللَّتينِ هما أصلُ بلاءِ المتكلِّمينَ: آفةِ التعطيلِ والتشبيهِ، فإنكَ إذا وَفَّيْتَ هذا الْمَقامَ حَقَّهُ مِن التَّصَوُّرِ أَثْبَتَّ للهِ الأسماءَ الْحُسْنَى والصفاتِ العُلَى حقيقةً فخَلَصْتَ مِن التعطيلِ، ونَفيتَ عنها خصائصَ المخلوقينَ ومُشابهتَهم؛ فخَلَصْتَ مِن التشبيهِ.
َتَدَبَّرْ هذا الموضعَ، واجْعَلْهُ جُنَّتَكَ التي تَرجعُ إليها في هذا البابِ. واللهُ الموفِّقُ للصوابِ)([75]) ). [المرتبع الأسنى: ؟؟]


(74) وقال ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى ـ في بدائعِ الفوائدِ (2/82 ـ 83): (وخَصائِصُ المخلوقينَ لا يجوزُ إثباتُها لربِّ العالمينَ، بلِ الصفةُ المُضافةُ إلى اللهِ لا يَلْحَقُه فيها شيءٌ من خَصائِصِهم فإثباتُها له كذلك لا يُحتاجُ معه إلى تأويلٍ، فإنَّ اللهَ ليسَ كمِثْلِه شيءٌ، وقَد تَقَدَّمَ أن خصائصَ المخلوقينَ غيرُ داخلةٍ في الاسمِ العامِّ فضلاً عن دُخولِهَا في الاسمِ الخاصِّ المضافِ إلى الربِّ تعالَى وأنها لا يَدُلُّ اللفظُ عليها بوضعِه حتى يكونَ نَفيُها عن الربِّ تعالَى صَرْفًا للَّفْظِ عن حقيقَتِه، ومَنِ اغتفَرَ دُخولَها في الاسمِ المضافِ إلى الربِّ ثم تَوسَّلَ بذلك إلى نفيِ الصفةِ عنه فقد جَمعَ بينَ التشبيهِ والتعطيلِ، وأمَّا مَن لَمْ يُدْخِلْهَا في مُسَمَّى اللفظِ الخاصِّ ولا أَثْبَتَها للموصوفِ فقولُهُ محضُ التنزيهِ وإثباتُ ما أَثْبَتَ اللهُ لنفسِه، فتأمَّلْ هذه النُّكْتَةَ، ولْتَكُنْ منكَ على ذِكْرٍ في بابِ الأسماءِ والصفاتِ، فإنها تُزِيلُ عنكَ الاضطرابَ والشُّبْهَةَ واللهُ الموفقُ للصوابِ).
(75) بَدائِعُ الفَوائِدِ (1/ 164-166).
وقال ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى ـ كما في مُختصرِ الصواعقِ (301-302): (الوجهُ الخامسَ عَشَرَ: إن هذا النقصَ اللازمَ للصفةِ ليس هو من مَوضوعِها ولا مُسمَّى لفظِها، وإنما هو مِن خُصوصِ الإضافةِ، فالقَدْرُ الممدوحُ الذي هو موضوعُ الصفةِ والنقصُ اللازمُ غيرُ داخلٍ في موضوعِها، وكذلك لا دَلالَةَ في لَفظِها على العَدَمِ.
والوُجودُ غايةُ الكمالِ الذي لا كَمالَ فَوْقَه، وإنما ذلك من لوازمِ إضافَتِها ونِسْبَتِها إلى الربِّ سبحانَهُ، فإذًا موضوعُ لفظِها مُطلَقُ المَعنَى الممدوحِ، وخصوصُ الإضافةِ غيرُ داخلٍ في اللفظِ المُطلقِ، وعلى هذا فإذَا استُعْمِلَتْ في حقِّ الربِّ تعالَى كَانَتْ حَقِيقَةً، وإذا استُعْمِلَتْ لِلعَبْدِ كانَتْ حَقيقةً.
فتدبَّرْ هذا، فإنه فَصْلُ الخطابِ فيما يُطلَقُ على الربِّ والعبدِ، واعْتَبِرْ هذا فيما يُطْلَقُ على المخلوقِ نفسِه فإنه حقيقةُ معَ دَلالتِه على غايةِ المدحِ في مَحَلٍّ، وغايةِ الذمِّ في مَحَلٍّ آخَرَ.
(مِثالُه) قولُكَ: هذا كلامُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ وهَدْيُه وسَمْتُه، وهذا كلامُ الصِّدِّيقِ: وهذا كلامُ المُفتَرِي فهذا حقيقةٌ وهذا حقيقةٌ، وهما في غايةِ التضَادِّ والاختلافِ، وهذا التعريفُ بالإضافةِ نظيرُ التعريفِ باللامِ يَنْصَرِفُ إلى كُلِّ مَحلٍّ بحَسَبِه {فعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} هو مُوسَى. و{لاَ تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ} هو محمدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فرسولٌ دالٌّ على القَدْرِ المُشترَكِ واللامُ تدُلُّ على تعريفِه وتعيينِه، وكلٌّ مِنَ المَوضعَيْنِ حقيقةٌ، هذا مع أن اللفظَ يُستعمَلُ مُجرَّدًا عن التعريفِ كثيرًا. وأما لفظُ الرحمةِ والسمْعِ والبصَرِ واليَدِ والوَجهِ والكلامِ فلا تَكادُ تُستَعْمَلُ إلا مضافةً إلى مَحَلِّهَا، فلزومُ الإضافةِ فيها نحوُ لُزومِها في الأسماءِ والأعلامِ، ولا سِيَّمَا المضافةُ إلى الربِّ كقولِه: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} {إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ} {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} {إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فهذه الإضافةُ تمنَعُ أن يَدْخُلَ في اسمِ الصفةِ شيءٌ من خصائصِ المخلوقينَ بوجهٍ من الوجوهِ، فالمحذوفُ الذي أوجبَ لهم دعوَى المجازِ فيها مُنتفٍ بالإضافةِ قَطعًا فلا وجهَ لدَعْوَى المجازِ فيها البتةَ، وهذا ظاهرٌ جدًّا فإنها بإضافتِها الخاصةِ دَلَّتْ على ما لا تَسَعُهُ العبارةُ مِن الكمالِ الذي لا نَقْصَ فيه بوجهٍ من الوجوهِ).

رد مع اقتباس