عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 04:06 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير * ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون * وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون}
وهذه أيضا آية بين فيها أن الأوثان لا مدخل لها في هذا الأمر. وقرأ جمهور القراء والناس بضم الضاد في "ضعف"، وقرأ عاصم، وحمزة بفتحها، وهي قراءة ابن مسعود وأبي رجاء، والضم أصوب، وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح فردها عليه بالضم، وقال كثير من اللغويين: ضم الضاد في البدن وفتحها في العقل، وروي عن عبد الرحمن، والجحدري، والضحاك أنهم ضموا الضاد في الأول والثاني، وفتحوا "ضعفا"، وقرأ عيسى بن عمر: "من ضعف" بضمتين، وهذه الآية إنما يراد بها حال الجسم، والضعف الأول هو كون الإنسان من ماء مهين، والقوة بعد ذلك الشبيبة وشدة الأمر، والضعف الثاني الهرم والشح، هذا قول قتادة وغيره). [المحرر الوجيز: 7/ 36]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم أخبر تعالى عن يوم القيامة أن المجرمين يقسمون لجاجا منهم ونشوزا على ما لا علم لهم به; أنهم ما لبثوا تحت التراب غير ساعة، وهذا إتباع لتخيلهم الفاسد، ونظرهم في ذلك الوقت على نحو ما كانوا في الدنيا يتبعون، فيؤفكون عن الحق، أي: يصرفون.
وقيل: المعنى: ما لبثوا في الدنيا، كأنهم استقلوها لما عاينوا من أمر الآخرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا يضعفه قوله تعالى: {كذلك كانوا يؤفكون}؛ إذ لو أراد تقليل الدنيا بالإضافة إلى الآخرة لكان منزعا شديدا، وكان قولهم: "غير ساعة" تجوزا، أي: في القدر والموازنة). [المحرر الوجيز: 7/ 37]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن الذين أوتوا العلم والإيمان أنهم يقفون في تلك الحال على الحق، ويعرفون أنه الوعد المتقرر في الدنيا. وقال بعض المفسرين: إنما أراد: "أوتوا الإيمان والعلم"، ففي الكلام تقديم وتأخير.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا يحتاج إلى هذا، بل ذكر العلم يتضمن الإيمان، ولا يصف الله بعلم من لم يعلم كل ما يوجب الإيمان، ثم ذكر الإيمان بعد ذلك تنبيها عليه وتشريفا لأمره، كما قال: فاكهة ونخل ورمان، فنبه تبارك وتعالى على مكان الإيمان وخصه تشريفا). [المحرر الوجيز: 7/ 37]

تفسير قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون * ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون * كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون * فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون}
هذا إخبار عن هول يوم القيامة وشدة أحواله على الكفرة; في أنهم لا ينفعهم الاعتذار، ولا يعطون عتبى، وهي الرضى، و"يستعتبون" بمعنى: يعتبون، كما تقول: يملك ويستملك، والباب في "استفعل" أنه طلب الشيء، وليس هذا منه; لأن المعنى كان يفسد إذا كان المفهوم منه: ولا يطلب منهم عتبى.
وقرأ عاصم، والأعمش: "ينفع" بالياء، كما قال تعالى: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى}، وحسن هذا أيضا بالتفرقة التي بين الفعل وما أسند إليه، كما قال الشاعر:
وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى ... ثلاث الأثافي والديار البلاقع؟).[المحرر الوجيز: 7/ 38]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن قسوة قلوبهم، وعجرفة طباعهم، في أنه ضرب لهم كل مثل، وبين عليهم بيان الحق، ثم هم مع ذلك عند الآية والمعجزة يكفرون ويلجون ويعمهون في كفرهم، ويصفون أهل الحق بالأباطيل.
ثم أخبر تعالى أن هذا إنما هو من طبعه وختمه على قلوب الجهلة الذين قد حتم عليهم الكفر في الأزل، وذهب أبو عبيدة إلى أنه من قولهم: "طبع السيف"، أي: صدئ أشد صدأ). [المحرر الوجيز: 7/ 38-39]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر، وقوى نفسه لتحقيق الوعد، ونهاه عن الاهتزاز لكلامهم، أو التحرك واضطراب النفس لأقوالهم; إذ هم لا يقين لهم ولا بصيرة.
وقرأ ابن أبي إسحاق، ويعقوب: "يستحقنك" بحاء غير معجمة وقاف، من الاستحقاق، والجمهور على الخاء المعجمة والفاء، من الاستخفاف، إلا أن ابن أبي إسحاق ويعقوب سكنا النون من "يستخفنك". وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان في صلاة الفجر، فناداه رجل من الخوارج بأعلى صوته فقرأ هذه الآية: ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، فعلم علي رضي الله عنه مقصده في هذا، وتعريضه به، فأجابه وهو في الصلاة بهذه الآية: فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون.
كمل تفسير سورة الروم والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم). [المحرر الوجيز: 7/ 39]

رد مع اقتباس