عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 05:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا * ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما * يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا}
"إذ" يحتمل أن تكون ظرفا لسطر الأحكام المتقدمة في الكتاب، كأنه قال: كانت هذه الأحكام مسطرة ملقاة إلى الأنبياء إذ أخذنا عليهم الميثاق في التبليغ والشرائع، فيكون "إذ" متعلقا بقوله: {كان ذلك في الكتاب مسطورا}. ويحتمل أن تكون في موضع نصب بإضمار فعل تقديره: واذكر إذ، وهذا التأويل أبين من الأول:
وهذا الميثاق المشار إليه قال الزجاج وغيره: إنه الذي أخذ عليهم وقت استخراج البشر من صلب آدم كالذر، قالوا: فأخذ الله تبارك وتعالى حينئذ ميثاق النبيين بالتبليغ وبتصديق بعضهم بعضا، وبجميع ما تتضمنه النبوة، وروي نحوه عن أبي بن كعب. وقالت فرقة: بل أشار إلى أخذ الميثاق على كل واحد منهم عند بعثه، وإلى إلقاء الرسالة إليه وأوامرها ومعتقداتها.
وذكر الله تعالى النبيين جملة، ثم خصص بالذكر أفرادا منهم تشريفا وتعظيما، إذ هؤلاء الخمسة صلى الله عليهم وسلم هم أصحاب الكتب والشرائع والحروب الفاصلة على التوحيد وأولو العزم، ذكره الثعلبي، وقدم ذكر محمد صلى الله عليه وسلم على مزيته في الزمن تشريفا خاصا له أيضا، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "كنت أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث".
وكرر أخذ الميثاق لمكان الصفة التي وصف بها، و"غليظا" إشعار بحرمة هذا الميثاق وقوتها،
واللام في قوله تعالى: "ليسأل" متعلقة بـ"أخذنا"، ويحتمل أن تكون لام كي، أي: بعثت الرسل وأخذت عليها المواثيق في التبليغ لكي يجعل الله خلقه فرقتين، فرقة صادقة يسألها عن صدقها، على معنى إقامة الحجة والتقرير، كما قال لعيسى عليه السلام: قلت للناس اتخذوني؟ فتجيبه كأنها قد صدقت الله في إيمانها وجميع أفعالها، فيثيبها على ذلك، وفرقة كفرت فينالها ما أعد لها من العذاب الأليم، ويحتمل أن تكون اللام في قوله: "ليسأل" لام الصيرورة، أي: أخذ المواثيق على الأنبياء ليصير الأمر إلى كذا، والأول أصوب.
والصدق في هذه الآية يحتمل أن يكون المضاد للكذب في القول، ويحتمل أن يكون من صدق الأفعال واستقامتها، ومنه: عود صدق، وصدقني السيف والمال، وقال مجاهد: "الصادقين" في هذه الآية أراد بهم الرسل، أي: يسألهم عن تبليغهم، وقال أيضا: أراد المؤدين المبلغين عن الرسل. وهذا كله محتمل). [المحرر الوجيز: 7/ 93-95]

رد مع اقتباس