عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 08:48 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله إن بيوتنا عورة قال كان المنافقون يقولون إن بيوتنا تلي العدو ولا نأمن على أهالينا فيبعث النبي فلا يجد فيها أحدا). [تفسير عبد الرزاق: 2/114]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {يثرب}
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، عن مالكٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، قال: سمعت أبا الحباب سعيد بن يسارٍ يقول: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أمرت بقريةٍ تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة تنفي النّاس كما ينفي الكير خبث الحديد "
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا اللّيث، عن سعيد بن أبي سعيدٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: «لا إله إلّا الله وحده، أعزّ جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شيء بعده»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/217]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {وإذ قالت طائفةٌ منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريقٌ مّنهم النّبيّ يقولون إنّ بيوتنا عورةٌ وما هي بعورةٍ إن يريدون إلاّ فرارًا (13) ولو دخلت عليهم مّن أقطارها ثمّ سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبّثوا بها إلاّ يسيرًا}.
يعني تعالى ذكره بقوله {وإذ قالت طائفةٌ منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم} وإذ قال بعضهم: يا أهل يثرب ويثرب: اسم أرضٍ، فيقال: إنّ مدينة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في ناحيةٍ من يثرب.
وقوله (لا مقام لكم فارجعوا) بفتح الميم من مقامٍ. يقول: لا مكان لكم، تقومون فيه، كما قال الشّاعر:
فأيّيّ ما وأيك كان شرًّا = فقيّد إلى المقامة لا يراها
قوله: {فارجعوا} يقول: فارجعوا إلى منازلكم أمرهم بالهرب من عسكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والفرار منه وترك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقيل: إنّ ذلك من قيل أوس بن قيظيٍّ ومن وافقه على رأيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني يزيد بن رومان {وإذ قالت طائفةٌ منهم يا أهل يثرب} إلى: {فرارًا} يقول: أوس بن قيظيٍّ، ومن كان على ذلك من رأيه من قومه.
والقراءة على فتح الميم من قوله (لا مقام لكم) بمعنى: لا موضع قيامٍ لكم، وهي القراءة الّتي لا أستجيز القراءة بخلافها لإجماع الحجّة من القرّاء عليها. وذكر عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ أنّه قرأ ذلك {لا مقام لكم} بضمّ الميم، يعني: لا إقامة لكم.
وقوله: {ويستأذن فريقٌ منهم النّبيّ يقولون إنّ بيوتنا عورةٌ وما هي بعورةٍ} يقول تعالى ذكره: ويستأذن بعضهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الإذن بالانصراف عنه إلى منزله، ولكنّه يريد الفرار والهرب من عسكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ويستأذن فريقٌ منهم النّبيّ}. إلى قوله {إلاّ فرارًا} قال: هم بنو حارثة، قالوا: بيوتنا مخليّةٌ، نخشى عليها السّرق.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {إنّ بيوتنا عورةً} قال: نخشى عليها السّرق.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ويستأذن فريقٌ منهم النّبيّ يقولون إنّ بيوتنا عورةً وما هي بعورةٍ} وإنّها ممّا يلي العدوّ، وإنّا نخاف عليها السّرّاق، فبعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فلا يجد بها عدوًّا، قال اللّه {إن يريدون إلاّ فرارًا} يقول: إنّما كان قولهم ذلك {إنّ بيوتنا عورةٌ} إنّما كان يريدون بذلك الفرار.
- حدّثنا محمّد بن سنانٍ القزّاز، قال: حدّثنا عبد اللّه بن حمران، قال: حدّثنا عبد السّلام بن شدّادٍ أبو طالوت، عن أبيه، في هذه الآية: {إنّ بيوتنا عورةٌ وما هي بعورةٍ} قال: ضائعةٌ). [جامع البيان: 19/42-44]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إن بيوتنا عورة قالوا نخشى عليها السرق). [تفسير مجاهد: 516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن مردويه عن ابن عباس قال: انزل الله في شأن الخندق وذكر نعمه عليهم وكفايته إياهم عدوهم بعد سوء الظن ومقالة من تكلم من أهل النفاق {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها} وكانت الجنود التي أتت المسلمين، أسد، وغطفان، وسليما، وكانت الجنود التي بعث الله عليهم من الريح الملائكة فقال {إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم} فكان الذين جاؤهم من فوقهم بني قريظة والذين جاؤهم من أسفل منهم قريشا وأسدا وغطفان فقال: {هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا (11) وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا} يقول: معتب بن قشير ومن كان معه على رأيه {وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي} يقول أوس بن قيظي ومن كان معه على مثل رأيه {ولو دخلت عليهم من أقطارها} إلى {وإذا لا تمتعون إلا قليلا} ثم ذكر يقين أهل الايمان حين أتاهم الاحزاب فحصروهم وظاهرهم بنو قريظة فاشتد عليهم البلاء فقال: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب} إلى {إن الله كان غفورا رحيما} قال: وذكر الله هزيمة المشركين وكفايته المؤمنين فقال: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم} ). [الدر المنثور: 11/739-740] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عروة بن الزبير ومحمد بن كعب القرظي قالا: قال معتب بن قشير: كان محمدا يرى أن يأكل من كنز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن ان يذهب إلى الغائطن وقال أوس بن قيظي في ملأ من قومه من بني حارثة {إن بيوتنا عورة} وهي خارجة من المدينة: إئذن لنا فنرجع إلى نسائنا وأبنائنا وذرارينا فأنزل الله على رسوله حين فرغ منهم ما كانوا فيه من البلاء يذكر نعمته عليهم وكفايته اياهم بعد سوء الظن منهم ومقالة من قال من أهل النفاق {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها} فكانت الجنود قريشا وغطفان وبني قريظة وكانت الجنود التي أرسل عليهم مع الريح الملائكة {إذ جاؤوكم من فوقكم} بنو قريظة {ومن أسفل منكم} قريش، وغطفان، إلى قوله {ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا} يقول: معتب بن قشير وأصحابه {وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب} يقول: أوس بن قيظي ومن كان معه على ذلك من قومه). [الدر المنثور: 11/740-741]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عروة بن الزبير ومحمد بن كعب القرظي قالا: قال معتب بن قشير: كان محمدا يرى أن يأكل من كنز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن ان يذهب إلى الغائط، وقال أوس بن قيظي في ملأ من قومه من بني حارثة {إن بيوتنا عورة} وهي خارجة من المدينة: إئذن لنا فنرجع إلى نسائنا وأبنائنا وذرارينا فأنزل الله على رسوله حين فرغ منهم ما كانوا فيه من البلاء يذكر نعمته عليهم وكفايته اياهم بعد سوء الظن منهم ومقالة من قال من أهل النفاق {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها} فكانت الجنود قريشا وغطفان وبني قريظة وكانت الجنود التي أرسل عليهم مع الريح الملائكة {إذ جاؤوكم من فوقكم} بنو قريظة {ومن أسفل منكم} قريش، وغطفان، إلى قوله {ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا} يقول: معتب بن قشير وأصحابه {وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب} يقول: أوس بن قيظي ومن كان معه على ذلك من قومه). [الدر المنثور: 11/740-741] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى {وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النّبيّ يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا}
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإذ قالت طائفة منهم} مقال من المنافقين). [الدر المنثور: 11/746]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريبق ابن المبارك عن هارون بن موسى قال أمرت رجلا فسأل الحسن رضي الله عنه لا مقام لكم أو لا مقام لكم قال كلتهما عربية قال بن المبارك رضي الله عنه المقام المنزل حيث هو قائم والمقام الإقامة). [الدر المنثور: 11/746]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ابي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لا مقام لكم} قال لا مقاتل لكم ههنا ففروا ودعوا هذا الرجل). [الدر المنثور: 11/746]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله لا مقام لكم فارجعوا فروا ودعوا محمدا صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 11/747]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك وأحمد وعبد الرزاق والبخاري ومسلم، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد). [الدر المنثور: 11/747]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله هي طابة هي طابة هي طابة). [الدر المنثور: 11/747]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تدعونها يثرب فإنها طيبة يعني المدينة ومن قال يثرب فليستغفر الله ثلاث مرات هي طيبة هي طيبة هي طيبة). [الدر المنثور: 11/747]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا قال إلى المدينة عن قتال أبي سفيان ويستأذن فريق منهم النّبيّ قال جاءه رجلان من الأنصار ومن بين حارثة أحدهما يدعى أبا عرابة بن أوس والآخر يدعى أوس بن قيظي فقال يا رسول الله إن بيوتنا عورة يعنون أنها ذليلة الحيطان وهي في أقصى المدينة ونحن نخاف السرق فائذن لنا فقال الله ما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا). [الدر المنثور: 11/748]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه والبهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله {ويستأذن فريق منهم النبي} قال هم بنو حارثة قالوا بيتنا مخلية نخشى عليها السرق وأخرجد ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال إن الذين قالوا بيتنا عورة يوم الخنذق بنو حارثة بن الحارث). [الدر المنثور: 11/748]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله في قوله {إن بيوتنا عورة} نخاف عليها السرق). [الدر المنثور: 11/748]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن في قوله من أقطارها قال نواحيها وقوله سئلوا الفتنة يعني الشرك). [تفسير عبد الرزاق: 2/114]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {أقطارها} [الأحزاب: 14] : جوانبها. {الفتنة لآتوها} [الأحزاب: 14] : لأعطوها "). [صحيح البخاري: 6/116]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أقطارها جوانبها هو قول أبي عبيدة قوله الفتنة لآتوها لأعطوها هو قول أبي عبيدة أيضًا وهو على قراءة آتوها بالمدّ وأمّا من قرأها بالقصر وهي قراءة أهل الحجاز فمعناه جاءوها). [فتح الباري: 8/518]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أقطارها جوانبها. الفتنة لأتوها لأعطوها
أشار به إلى قوله تعالى: {لو دخلت عليهم من أقطارها ثمّ سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلاّ يسيرا} (الأحزاب: 14) وفسّر: (أقطارها) بقوله: (جوانبها) أي: نواحيها، والأقطار جمع قطر بالضّمّ وهو: النّاحية. قوله: (ولو دخلت) أي: لو دخل الأحزاب المدينة ثمّ أمروهم بالشرك لأشركوا، وهو معنى قوله: {ثمّ سئلوا الفتنة} أي: الشّرك {وما تلبثوا} أي: اجتنبوا عن الإجابة إلى الشّرك إلاّ قليلا أي: لبثاً يسيرا حتّى عذبوا، قاله السّديّ. قوله: (لآتوها) قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: لأتوها، بالقصر أي: لجاؤوها وفعلوها ورجعوا عن الإسلام وكفروا، وقرأ الباقون بالمدّ أي: لأعطوها). [عمدة القاري: 19/116]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أقطارها}) في قوله تعالى: {ولو دخلت عليهم من أقطارها} [الأحزاب: 14] هي (جوانبها) ثم سئلوا ({الفتنة لآتوها}) أي (لأعطوها) والمعنى ولو دخل عليهم المدينة أو البيوت من جوانبها ثم سئلوا الردّة ومقاتلة المسلمين لأعطوها ولم يمتنعوا وسقط لفظ باب لغير أبي ذر). [إرشاد الساري: 7/293]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله {ولو دخلت عليهم من أقطارها} يقول: ولو دخلت المدينة على هؤلاء القائلين {إنّ بيوتنا عورةٌ}. {من أقطارها}، يعني: من جوانبها ونواحيها، وأحدها: قطرٌ، وفيها لغةٌ أخرى: قترٌ، وأقتارٌ؛ ومنه قول الرّاجز:
إن شئت أن تدهن أو تمرا = فولّهنّ قترك الأشرّا
وقوله: {ثمّ سئلوا الفتنة} يقول: ثمّ سئلوا الرّجوع من الإيمان إلى الشّرك {لآتوها} يقول: لفعلوا ورجعوا عن الإسلام وأشركوا.
وقوله: {وما تلبّثوا بها إلاّ يسيرًا} يقول: وما احتبسوا عن إجابتهم إلى الشّرك إلاّ يسيرًا قليلاً، ولأسرعوا إلى ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولو دخلت عليهم من أقطارها} أي لو دخل عليهم من نواحي المدينة {ثمّ سئلوا الفتنة} أي الشّرك {لآتوها} يقول: لأعطوه، {وما تلبّثوا بها إلاّ يسيرًا} يقول: إلاّ أعطوه طيّبةٌ به أنفسهم ما يحتبسونه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولو دخلت عليهم من أقطارها} يقول: لو دخلت المدينة عليهم من نواحيها {ثمّ سئلوا الفتنة لآتوها} سئلوا أن يكفروا لكفروا قال: وهؤلاء المنافقون لو دخلت عليهم الجيوش، والّذين يريدون قتالهم ثمّ سئلوا أن يكفروا لكفروا؛ قال: والفتنة: الكفر، وهي الّتي يقول اللّه {الفتنة أشدّ من القتل} أي الكفر يقول: يحملهم الخوف منهم وخبث الفتنة الّتي هم عليها من النّفاق على أن يكفروا به.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله {لآتوها} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة وبعض قرّاء مكّة: (لأتوها) بقصر الألف، بمعنى جاؤوها. وقرأه بعض المكّيّين وعامّة قرّاء الكوفة والبصرة: {لآتوها}، بمدّ الألف، بمعنى: لأعطوها، لقوله {ثمّ سئلوا الفتنة} وقالوا: إذا كان سؤالٌ كان إعطاءٌ، والمدّ أحبّ القراءتين إليّ لما ذكرت، وإن كانت الأخرى جائزةٌ). [جامع البيان: 19/45-46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن مردويه عن ابن عباس قال: انزل الله في شأن الخندق وذكر نعمه عليهم وكفايته إياهم عدوهم بعد سوء الظن ومقالة من تكلم من أهل النفاق {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها} وكانت الجنود التي أتت المسلمين، أسد، وغطفان، وسليما، وكانت الجنود التي بعث الله عليهم من الريح الملائكة فقال {إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم} فكان الذين جاؤهم من فوقهم بني قريظة والذين جاؤهم من أسفل منهم قريشا وأسدا وغطفان فقال: {هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا (11) وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا} يقول: معتب بن قشير ومن كان معه على رأيه {وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي} يقول أوس بن قيظي ومن كان معه على مثل رأيه {ولو دخلت عليهم من أقطارها} إلى {وإذا لا تمتعون إلا قليلا} ثم ذكر يقين أهل الايمان حين أتاهم الاحزاب فحصروهم وظاهرهم بنو قريظة فاشتد عليهم البلاء فقال: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب} إلى {إن الله كان غفورا رحيما} قال: وذكر الله هزيمة المشركين وكفايته المؤمنين فقال: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم} ). [الدر المنثور: 11/739-740] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا (14) ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤلا (15) قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا (16) قل من ذا الذي يعصمكم ممن الله إن أراد بكم سوء أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا (17) قد يعلم الله الموقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة {ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها} قال: لأعطوها يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على المدينة). [الدر المنثور: 11/749]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ولو دخلت عليهم من أقطارها} قال: من نواحيها {ثم سئلوا الفتنة لآتوها} قال: لو دعوا إلى الشرك لأجابوا، وخ ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولو دخلت عليهم من أقطارها} قال: من أطرافها {ثم سئلوا الفتنة} يعني الشرك). [الدر المنثور: 11/749]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولو دخلت عليهم من أقطارها} أي لو دخل عليهم من نواحي المدينة {ثم سئلوا الفتنة} قال: الشرك {لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا} يقول: لأعطوه طيبة به أنفسهم {وما تلبثوا بها إلا يسيرا} {ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل} قال: كان ناس غابوا عن وقعة بدر ورأوا ما أعطى الله سبحانه أهل بدر من الفضيلة والكرامة قالوا: لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلن فساق الله اليهم ذلك حتى كان في ناحية المدينة فصنعوا ما قص الله عليكم، وفي قوله {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم} قال: لن تزدادوا على آجالكم التي أجلكم الله وذلك قليل وإنما الدنيا كلها قليل). [الدر المنثور: 11/749-750]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {ولقد كانوا عاهدوا اللّه من قبل لا يولّون الأدبار وكان عهد اللّه مسئولاً}.
يقول تعالى ذكره: ولقد كان هؤلاء الّذين يستأذنون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الانصراف عنه، ويقولون {إنّ بيوتنا عورةٌ} عاهدوا اللّه من قبل ذلك أن لا يولّوا عدوّهم الأدبار إن لقوهم في مشهدٍ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم معهم، فما أوفوا بعهدهم {وكان عهد اللّه مسئولاً} يقول: فيسأل اللّه ذلك من أعطاه إيّاه من نفسه.
وذكر أنّ ذلك نزل في بني حارثة لما كان من فعلهم في الخندق بعد الّذي كان منهم بأحدٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني يزيد بن رومان، {ولقد كانوا عاهدوا اللّه من قبل لا يولّون الأدبار، وكان عهد اللّه مسئولاً} وهم بنو حارثة، وهم الّذين همّوا أن يفشلوا يوم أحدٍ مع بني سلمة حين همّا بالفشل يوم أحدٍ، ثمّ عاهدوا اللّه لا يعودون لمثلها، فذكر اللّه لهم الّذي أعطوه من أنفسهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ولقد كانوا عاهدوا اللّه من قبل لا يولّون الأدبار وكان عهد اللّه مسئولاً} قال: كان ناسٌ غابوا عن وقعة بدرٍ، ورأوا ما أعطى اللّه أصحاب بدرٍ من الكرامة والفضيلة، فقالوا: لئن أشهدنا اللّه قتالاً لنقاتلنّ، فساق اللّه ذلك إليهم حتّى كان في ناحية المدينة). [جامع البيان: 19/46-47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولو دخلت عليهم من أقطارها} أي لو دخل عليهم من نواحي المدينة {ثم سئلوا الفتنة} قال: الشرك {لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا} يقول: لأعطوه طيبة به أنفسهم {وما تلبثوا بها إلا يسيرا} {ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل} قال: كان ناس غابوا عن وقعة بدر ورأوا ما أعطى الله سبحانه أهل بدر من الفضيلة والكرامة قالوا: لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلن فساق الله اليهم ذلك حتى كان في ناحية المدينة فصنعوا ما قص الله عليكم، وفي قوله {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم} قال: لن تزدادوا على آجالكم التي أجلكم الله وذلك قليل وإنما الدنيا كلها قليل). [الدر المنثور: 11/749-750] (م)

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش عن أبي رزينٍ قال: قرأ الربيع بن خثيم هذه الآية {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذًا لا تمتعون إلا قليلا} قال: بينهم وبين ذلك القليل [الآية: 16].
سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن أبي رزينٍ عن الرّبيع بن خثيمٍ مثله). [تفسير الثوري: 241]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو معاوية، ووكيع، عن الأعمش، عن أبي رزينٍ، عن الرّبيع بن خثيمٍ {وإذًا لا تمتّعون إلاّ قليلاً} قال: القليل ما بينهم وبين الأجل). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 269]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل، وإذًا لا تمتّعون إلاّ قليلاً (16) قل من ذا الّذي يعصمكم مّن اللّه إن أراد بكم سوءًا أو أراد بكم رحمةً ولا يجدون لهم مّن دون اللّه وليًّا ولا نصيرًا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل} يا محمّد لهؤلاء الّذين يستأذنوك في الانصراف عنك ويقولون {إنّ بيوتنا عورةٌ}، {لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل} يقول: لأنّ ذلك أو ما كتب اللّه منهما واصلٌ إليكم بكلّ حالٍ كرهتم أو أحببتم {وإذًا لا تمتّعون إلاّ قليلاً} يقول: وإذا فررتم من الموت أو القتل لم يزد فراركم ذلك في أعماركم وآجالكم، بل إنّما تمتّعون في هذه الدّنيا إلى الوقت الّذي كتب لكم، ثمّ يأتيكم ما كتب لكم وعليكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذًا لا تمتّعون إلاّ قليلاً} وإنّما الدّنيا كلّها قليلٌ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن أبي رزينٍ، عن ربيع بن خيثمٍ، {وإذًا لا تمتّعون إلاّ قليلاً} قال: إلى آجالهم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن أبي رزينٍ، عن ربيع بن خيثمٍ، {وإذًا لا تمتّعون إلاّ قليلاً} قال: ما بينهم وبين الأجل.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى وعبد الرّحمن قالا: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن الأعمش، عن أبي رزينٍ، عن الرّبيع بن خيثمٍ مثله، إلاّ أنّه قال: ما بينهم وبين آجالهم.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصورٍ، عن أبي رزينٍ، أنّه قال في هذه الآية {فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيرًا}، قال: ليضحكوا في الدّنيا قليلاً، وليبكوا في النّار كثيرًا.
وقال في هذه الآية: {وإذًا لا تمتّعون إلاّ قليلاً} قال: إلى آجالهم. أحد هذين الحديثين رفعه إلى ربيع بن خيثمٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن الأعمش، عن أبي رزينٍ، عن الرّبيع بن خيثمٍ {وإذًا لا تمتّعون إلاّ قليلاً} قال: الأجل.
ورفع قوله: {تمتّعون} ولم ينصب بإذن، للواو الّتي معها، وذلك أنّه إذا كان قبلها واوٌ كان معنى إذًا التّأخير بعد الفعل، كأنّه قيل: ولو فرّوا لا يمتّعون إلاّ قليلاً إذًا، وقد ينصب بها أحيانًا، وإن كان معها واوٌ، لأنّ الفعل متروكٌ، فكأنّها لأوّل الكلام). [جامع البيان: 19/47-49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن مردويه عن ابن عباس قال: انزل الله في شأن الخندق وذكر نعمه عليهم وكفايته إياهم عدوهم بعد سوء الظن ومقالة من تكلم من أهل النفاق {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها} وكانت الجنود التي أتت المسلمين، أسد، وغطفان، وسليما، وكانت الجنود التي بعث الله عليهم من الريح الملائكة فقال {إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم} فكان الذين جاؤهم من فوقهم بني قريظة والذين جاؤهم من أسفل منهم قريشا وأسدا وغطفان فقال: {هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا (11) وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا} يقول: معتب بن قشير ومن كان معه على رأيه {وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي} يقول أوس بن قيظي ومن كان معه على مثل رأيه {ولو دخلت عليهم من أقطارها} إلى {وإذا لا تمتعون إلا قليلا} ثم ذكر يقين أهل الايمان حين أتاهم الاحزاب فحصروهم وظاهرهم بنو قريظة فاشتد عليهم البلاء فقال: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب} إلى {إن الله كان غفورا رحيما} قال: وذكر الله هزيمة المشركين وكفايته المؤمنين فقال: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم} ). [الدر المنثور: 11/739-740] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولو دخلت عليهم من أقطارها} أي لو دخل عليهم من نواحي المدينة {ثم سئلوا الفتنة} قال: الشرك {لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا} يقول: لأعطوه طيبة به أنفسهم {وما تلبثوا بها إلا يسيرا} {ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل} قال: كان ناس غابوا عن وقعة بدر ورأوا ما أعطى الله سبحانه أهل بدر من الفضيلة والكرامة قالوا: لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلن فساق الله اليهم ذلك حتى كان في ناحية المدينة فصنعوا ما قص الله عليكم، وفي قوله {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم} قال: لن تزدادوا على آجالكم التي أجلكم الله وذلك قليل وإنما الدنيا كلها قليل). [الدر المنثور: 11/749-750] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الربيع بن خثيم رضي الله عنه في قوله {وإذا لا تمتعون إلا قليلا} قال: ما بينهم وبين الأجل). [الدر المنثور: 11/750]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قل من ذا الّذي يعصمكم من اللّه إن أراد بكم سوءًا أو أراد بكم رحمةً} يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لهؤلاء الّذين يستأذنونك ويقولون {إنّ بيوتنا عورةٌ} هربًا من القتل: من ذا الّذي يمنعكم من اللّه إن هو أراد بكم سوءًا في أنفسكم من قتلٍ أو بلاءٍ أو غير ذلك، أو عافيةٍ وسلامةٍ؟ وهل ما يكون بكم في أنفسكم من سوءٍ أو رحمةٍ إلاّ من قبله؟!
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني يزيد بن رومان، {قل من ذا الّذي يعصمكم من اللّه إن أراد بكم سوءًا أو أراد بكم رحمةً} أي أنّه ليس الأمر إلاّ ما قضيت.
وقوله: {ولا يجدون لهم من دون اللّه وليًّا ولا نصيرًا} يقول تعالى ذكره: ولا يجد هؤلاء المنافقون إن أراد اللّه بهم سوءًا في أنفسهم وأموالهم من دون اللّه وليًّا يليهم بالكفاية ولا نصيرًا ينصرهم من اللّه فيدفع عنهم ما أراد اللّه بهم من سوء ذلك). [جامع البيان: 19/49]


رد مع اقتباس