عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 08:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 57 إلى 76]

{قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57)}

تفسير قوله تعالى: {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى {57} فلنأتينّك بسحرٍ مثله فاجعل بيننا وبينك موعدًا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانًا سوًى {58}} [طه: 57-58] قال مجاهدٌ: منصفًا بينهم.
وقال قتادة: مكانًا عدلًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/264]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فاجعل بيننا وبينك موعداً...}

يقول: اضرب بيننا أجلا فضرب. وقوله: {مكاناً سوًى} و{سوى} وأكثر كلام العرب سواء بالفتح والمدّ إذا كان في معنى نصفٍ وعدلٍ فتحوه ومدّوه،
كقول الله {تعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم} والكسر والضمّ بالقصر عربيّان ولا يكونان إلا مقصورين وقد قرئ بهما). [معاني القرآن: 2/182،181]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مكاناً سوًى} يضم أوله ويكسر وهو منقوص يجري مجرى عدًى وعدى، والمعنى النصف، والوسط فيما بين القريتين.
وقال موسى ابن جابر الحنفي:

وإنّ أبانا كان حلّ ببلدةٍ= سوى بين قيس قيس عيلان والفزر
والفزر سعد بن زيد مناة). [مجاز القرآن: 2/20]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مكانا سوى}: تضم أوله وتكسر وكذلك طوى. المكان النصف فيما بين الفريقين). [غريب القرآن وتفسيره: 247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مكاناً سوىً} أي وسطا بين قريتين). [تفسير غريب القرآن: 279]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (سِوى وسُوى،
سوى وسوى: بمعنى غير، وهما جميعا في معنى بدل. وهي مقصورة. وقد جاءت ممدودة مفتوحة الأول، وهي في معنى غير.
قال ذو الرّمّة:
وماءٍ تجافَى الغيثُ عنه فما به = سواء الحمام الحضَّن الخُضْر حاضر
يريد غير الحمام.
وسواء- مفتوحة الأول ممدود- بمعنى: وسط. قال: {فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ}، أي في وسطه.
وقد جاءت أيضا بمعنى: وسط، مكسورة الأوّل مقصورة، قال الله تعالى: {مَكَانًا سُوًى}، أي وسطا). [تأويل مشكل القرآن: 521]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلنأتينّك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى}
{مكانا سوى}وتقرأ سوى بالضم ومعناه منصفا، أي مكانا يكون النصف فيما بيننا وبينك، وقد جاء في اللغة " سواء " في هذا المعنى، تقول:
هذا مكان سواء أي متوسط بين المكانين، ولكن لم يقرأ إلا بالقصر سوى وسوى). [معاني القرآن: 3/360]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سُـوىً}: نصف بين الفريقين). [العمدة في غريب القرآن: 201]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال موعدكم يوم الزّينة} [طه: 59] سعيدٌ، عن قتادة قال: يوم زينةٍ واعدوه فيه.
قال: {وأن يحشر النّاس ضحًى} [طه: 59] يعني أهل مصر في تفسير السّدّيّ.
سعيدٌ، عن قتادة قال: يوم يجتمعون لذلك الميعاد الّذي واعدوه فيه.
وقال الحسن: يوم عيدٍ كان لهم، يجتمعون فيه ضحًى.
وقال بعضهم: {وأن يحشر النّاس ضحًى} [طه: 59] يعني: نهارًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/265]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يوم الزّينة...}

ذكر أنه جعل موعدهم يوم عيد، ويقال: يوم سوق كانت تكون لهم يتزيّنون فيها.
وقوله: {وأن يحشر النّاس ضحًى} يقول: إذا رأيت الناس يحشرون من كل ناحيةٍ ضحىً فذلك الموعد. وموضع {أن} رفع تردّ على اليوم، وخفضٌ ترد على الزينة أي يوم يحشر الناس). [معاني القرآن: 2/182]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {موعدكم يّوم الزّينة} مجازه يوم العيد). [مجاز القرآن: 2/20]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأن يحشر النّاس ضحىً} أي يساق الناس فيجتمعون من كل فج). [مجاز القرآن: 2/20]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قال موعدكم يوم الزّينة} يعني يوم العيد.
{وأن يحشر النّاس ضحًى} للجمع في العيد). [تفسير غريب القرآن: 279،280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {قال موعدكم يوم الزّينة وأن يحشر النّاس ضحى}
وتقرأ {يوم الزينة}، فالرفع على خبر الابتداء، والمعنى وقت موعدكم يوم الزينة ومن قرأ (يوم) فمنصوب على الظرف، المعنى يقع يوم الزينة.
وقوله: {وأن يحشر النّاس ضحى} موضع (أن) رفع، المعنى موعدكم حشر الناس ضحى، وتأويله إذا رأيتم الناس قد حشروا ضحى.
وقيل يوم الزينة يوم عيد كان لهم، وقيل إنه كان يوم عاشوراء.
ويجوز أن يكون في موضع خفض عطفا على الزينة.
المعنى موعدكم يوم الزينة ويوم حشر الناس). [معاني القرآن: 3/360]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَوْمُ الزِّينَةِ}: يوم العيد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 153]

تفسير قوله تعالى: {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فتولّى فرعون فجمع كيده} [طه: 60] يعني: ما جمع من سحرةٍ.
{ثمّ أتى} [طه: 60] قال: ثمّ جاء). [تفسير القرآن العظيم: 1/265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {فجمع كيده} أي حيله). [تفسير غريب القرآن: 280]


تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على اللّه كذبًا فيسحتكم بعذابٍ} [طه: 61] حدّثني الحسن بن دينارٍ، عن الحسن قال: فيستأصلكم بعذابٍ.
{وقد خاب من افترى} [طه: 61] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/265]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فيسحتكم...}

وسحت أكثر وهو الاستئصال: يستأصلكم بعذاب. وقال الفرزدق:
والعرب تقول سحت وأسحت بمعنى واحد. قال: قيل للفراء: إن بعض الرواة يقول: ما به من المال إلا مسحت أو مجلّف:
قال ليس هذا بشيء ... حدثني. أبو جعفر الرؤاسيّ عن أبي عمرو بن العلاء قال: مرّ الفرزدق بعبد الله بن أبي إسحاق الحضرميّ النحويّ فأنشده هذه القصيدة.
عزفت بأعشاش وما كدت تعزف =حتى انتهى على هذا البيت
وعضّ زمان يابن مروان لم يدع =من المال إلاّ مسحت أو مجلّف
فقال عبد الله للفرزدق: علام رفعت؟ فقال له الفرزدق: على ما يسوءك). [معاني القرآن: 2/183،182]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فيسحتكم بعذابٍ} مجازه: فيهلككم، وفيه لغتان سحت الدهر، والجدب بني فلانٍ، وقوم يقولون: أسحته بالألف
وقال الفرزدق:
وعضّ زمانٍ يا بن مروان لم يدع=من المال إلاّ مسحتٌ أو مجلّف
والمسحت المهلك، والمجلف: الذي قد بقي منه بقيةٌ، ولم يدع، أي لم يبق وقال سويد بن أبي كاهل:
أرّق العين خيالٌ لم يدع=من سليمى ففوادي منتذع
لم يدع أي لم يستقر). [مجاز القرآن: 2/21,20]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فيسحتكم بعذاب}: يهلككم وبعضهم يقول فيسحتكم بعذاب بضم التاء والمعنى واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فيسحتكم بعذابٍ} أي يهلككم ويستأصلكم. يقال: سحته اللّه وأسحته.
{وقد خاب من افترى} أي كذب). [تفسير غريب القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على اللّه كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى}
{ويلكم} منصوب على أن ألزمهم اللّه ويلا، ويجوز أن يكون منصوبا على النداء كما قال تعالى: {يا ويلتى أألد وأنا عجوز}
و{يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.
وقوله: {فيسحتكم بعذاب}.
ويقرأ {فيسحتكم} - بضم الياء وكسر الحاء، يقال سحته، وأسحته إذا استأصله وأهلكه،
قال الفرزدق:
وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع=من المال إلاّ مسحتا أو مجلّف
معنى لم يدع لم يستقر - من الدعة من المال، وأكثر الرواية إلاّ مسحتا.
فهذا على أسحت فهو مسحت). [معاني القرآن: 3/361،360]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فيسحتكم} أي: يستأصلكم). [ياقوتة الصراط: 347]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَيُسْحِتَكُمْ بعذاب}: أي يهلككم).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 153]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَيُسْحِتَكم}: يستأصلـكم). [العمدة في غريب القرآن: 202]

تفسير قوله تعالى: {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فتنازعوا أمرهم بينهم وأسرّوا النّجوى} [طه: 62] سعيدٌ، عن قتادة قال: قالت السّحرة عند ذلك: إن كان هذا الرّجل ساحرًا فإنّا سنغلبه، وإن يكن من السّماء كما زعم فله أمره). [تفسير القرآن العظيم: 1/265]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فتنازعوا أمرهم بينهم...}

يعني السحرة قال بعضهم لبعض: إن غلبنا موسى اتّبعناه وأسرّوها من فرعون وأصحابه). [معاني القرآن: 2/183]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فتنازعوا أمرهم بينهم} أي تناظروا.
{وأسرّوا النّجوى} أي تراجعوا الكلام). [تفسير غريب القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فتنازعوا أمرهم بينهم وأسرّوا النّجوى}
يعنى به السحرة، قالوا بينهم: إن غلبنا موسى آمنا به، وكان الأمر له). [معاني القرآن: 3/361]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قالوا إن هذان لساحران} [طه: 63] سعيدٌ، عن قتادة قال: يعنون موسى وهارون.
{يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى} [طه: 63] سعيدٌ، عن قتادة قال: كانت طريقتهم المثلى يومئذٍ بنو إسرائيل.
كانوا أكثر
[تفسير القرآن العظيم: 1/265]
القوم عددًا وأموالًا، فقال فرعون: إنّما يريدان أن يذهبا بهم لأنفسهما.
وقال الحسن: ويذهبا بعيشكم الأمثل يعني بني إسرائيل.
وكان بنو إسرائيل في القبط بمنزلة أهل الجزية فينا، يأخذون منهم الخراج ويستعبدونهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/266]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إن هذان لساحران...}

قد اختلف فيه القراء فقال بعضهم: هو لحن ولكنا نمضي عليه لئلاّ نخالف الكتاب. ... حدثني أبو معاوية الضرير،
عن هاشم بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة أنها سئلت عن قوله في النساء {لكن الراسخون في العلم منهم .... والمقيمين الصلاة} وعن قوله في المائدة {إن الذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئون} وعن قوله: {إنّ هذان لساحران} فقالت: يا بن أخي هذا كان خطأ من الكاتب. وقرأ أبو عمرو {إنّ هذين لساحران} واحتجّ أنه بلغه عن بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن في المصحف لحناً وستقيمه العرب.
... ولست أشتهي على (أن أخالف الكتاب وقرأ بعضهم {إن هذان لساحران}
خفيفة وفي قراءة عبد الله: (وأسروا النجوى أن هذان ساحران) وفي قراءة أبيّ (إن ذان إلاّ ساحران) فقراءتنا بتشديد (إنّ) وبالألف على جهتين.
إحداهما على لغة بني الحارث بن كعب: يجعلون الاثنين في رفعهما ونصبهما وخفضهما بالألف وأنشدني رجل من الأسد عنهم. يريد بني الحارث:
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى =مساغاً لناباه الشجاع لصمّما
قال: وما رأيت أفصح من هذا الأسديّ وحكى هذا الرجل عنهم: هذا خطّ يدا أخي بعينه. وذلك - وإن كان قليلاً - أقيس؛ لأنّ العرب قالوا: مسلمون فجعلوا الواو تابعة للضمّة (لأن الواو لا تعرب) ثم قالوا: رأيت المسلمين فجعلوا الياء تابعة لكسرة الميم. فلمّا رأوا أن الياء من الاثنين لا يمكنهم كسر ما قبلها، وثبت مفتوحاً: تركوا الألف تتبعه،
فقالوا: رجلان في كل حال. وقد اجتمعت العرب على إثبات الألف في كلا الرجلين في الرفع والنصب والخفض وهما اثنان، إلاّ بني كنانة فإنهم يقولون: رأيت كلى الرجلين ومررت بكلى الرجلين. وهي قبيحة قليلة، مضوا على القياس.
والوجه الآخر أن تقول: وجدت الألف (من هذا دعامة وليست بلام فعل، فلمّا ثنيت زدت عليها نوناً ثم تركت الألف) ثابتة على حالها لا تزول على كلّ حال؛ كما قالت العرب (الذي) ثم زادوا نوناً تدلّ على الجماع، فقالوا: الذين في رفعهم ونصبهم وخفضهم كما تركوا (هذان) في رفعه ونصبه وخفضه. وكنانة يقولون (اللّذون) ). [معاني القرآن: 2/184،183]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويذهبا بطريقتكم المثلى...}
الطريقة: الرجال الأشراف وقوله (المثلى) يريد الأمثل يذهبون بأشرافكم فقال المثلى ولم يقل المثل مثل (الأسماء الحسنى) وإن شئت جعلت (المثلى) مؤنّثة لتأنيث الطريقة. والعرب تقول للقوم: هؤلاء طريقة قومهم وطرائق قومهم: أشرافهم، وقوله: {كنّا طرائق قدداً} من ذلك. ويقولون للواحد أيضاً: هذا طريقة قومه ونظورة قومه وبعضهم: ونظيرة قومه، ويقولون للجمع بالتوحيد والجمع: هؤلاء نظورة قومهم ونظائر قومهم). [معاني القرآن: 2/185]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ هذان لساحران} قال أبو عمرو وعيسى ويونس " إنّ هذين لساحران " في اللفظ وكتب " هذان " كما يزيدون وينقصون في الكتاب واللفظ صواب، وزعم أبو الخطاب أنه سمع قوماً من بني كنانة وغيرهم يرفعون الاثنين في موضع الجر والنصب، قال بشر بن هلال " إنّ " بمعنى الابتداء والإيجاب، ألا ترى أنها تعمل فيما يليها ولا تعمل فيما بعد الذي بعدها فترفع الخبر ولا تنصبه كما تنصب الاسم فكان مجازه " إنّ [مجاز القرآن: 2/21]
{هذان لساحران} مجاز كلامين، مخرجه: إنه أي نعم، ثم قلت: هذان ساحران، ألا ترى أنهم يرفعون المشرك كقوله:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله=فإنيّ وقيّارٌ بها لغريب
وقوله:
إنّ شرخ الشّباب والشّعر الأسود=ما لم يعاص كان جنونا
وقوله:
إنّ السيوف غدوّها ورواحها=تركت هوزان مثل قرن الأعضب
ويقول بعضهم " إنّ الله وملائكته يصلون على النّبي " فيرفعون ملائكته على شركة الابتداء ولا يعملون فيها " إن "، وقال سمعت الفصحاء من المحرمين يقولون: إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك له.
وقرأها قومٌ على تخفيف نون " إن " وإسكانها وهو يجوز لأنهم قد أدخلوا اللام في الابتداء وهي فضل، قال:
أم الحليس لعجوزٌ شهربه وزعم قومٌ أنه لا يجوز لأنه إذا خفف نون " إن " فلا بد له من أن يدخل إلا فيقول: إن هذان إلا ساحران). [مجاز القرآن: 2/23،22]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بطريقتكم} مجازه بسنتكم ودينكم وما أنتم عليه، ويقال فلان حسن الطريقة). [مجاز القرآن: 2/23]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {المثلى} تأنيث الأمثل، يقال: خذ المثلى منهما، للأنثى، وخذ الأمثل منهما، إذا كان ذكراً). [مجاز القرآن: 2/23]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم مّن أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى}
وقال: {إن هذان لساحران} خفيفة في معنى ثقيلة. وهي لغة لقوم يرفعون ويدخلون اللام ليفرقوا بينها وبين التي تكون في معنى "ما" ونقرؤها ثقيلة وهي لغة لبني الحارث بن كعب.
وقال: {المثلى} تأنيث "الأمثل" مثل: "القصوى" و"ألأقصى"). [معاني القرآن: 3/5،4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {المثلى}: تأنيث الأمثل. يقال: خذ الأمثل والمثلى، ويقال قد مثل الرجل إذا صار فاضلا). [غريب القرآن وتفسيره: 247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بطريقتكم المثلى} يعني الأشراف. يقال: هؤلاء طريقة قومهم، أي أشرافهم. ويقال: أراد سنتكم ودينكم. والمثلي مؤنث أمثل، مثل كبرى وأكبر). [تفسير غريب القرآن: 280]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب ما ادّعي على القرآن من اللحن، وأما ما تعلَّقوا به من حديث عائشة رضي الله عنها في غَلَطِ الكاتب، وحديث عثمان رضي الله عنه: أرى فيه لَحْناً- فقد تكلم النحويون في هذه الحروف، واعتلُّوا لكلِّ حرف منها، واستشهدوا الشعرَ: فقالوا: في قوله سبحانه: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} وهي لغة بلحرث بن كعب يقولون: مررت برجلان، وقبضت منه درهمان، وجلست بين يداه، وركبت علاه. وأنشدوا:
تزوّد منَّا بين أذناه ضربة = دعته إلى هابي التراب عقيم
أي موضع كثير التراب لا ينبت.
وأنشدوا:
أيَّ قلوصِ راكبِ تراها = طارُوا علاهنَّ فَطِرْ عَلاها
على أنَّ القراءَ قد اختلفوا في قراءة هذا الحرف: فقرأه أبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر: «إنّ هذين لساحران» وذهبا إلى أنه غلط من الكاتب كما قالت عائشة.
وكان عاصم الجحدريّ يكتب هذه الأحرف الثلاثة في مصحفه على مثالها في الإمام، فإذا قرأها، قرأ: «إنَّ هذين لساحران»، وقرأ {المقيمون الصلاة}،
وقرأ {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ}.
وكان يقرأ أيضا في سورة البقرة: {والصابرون فى البأساء والضراء} ويكتبها: الصابرين.
وإنما فرق بين القراءة والكتاب لقول عثمان رحمة الله: أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها فأقامه بلسانه، وترك الرسم على حاله.
وكان الحجَّاجُ وكَّلَ عاصماً وناجِيَةَ بنَ رُمْحٍ وعليَّ بنَ أصمعَ بتَتَبُّعِ المصاحفِ، وأمرهم أن يقطعوا كل مصحف وجدوه مخالفاً لمصحف عثمان، ويعطوا صاحبه ستين درهماً.
خبّرني بذلك أبو حاتم عن الأصمعيِّ قال: وفي ذلك يقول الشاعر:
وإلا رسومُ الدّار قفراً كأنّها = كتابٌ مَحَاهُ البَاهليُّ بنُ أَصْمَعَا
وقرأ بعضهم: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} اعتباراً بقراءة أُبيّ لأنها في مصحفه: «إن ذان إلا ساحران» وفي مصحف عبد الله: (وأسرّوا النّجوى أن هذان ساحران) منصوبة بالألف يجعل (أن هذان) تبيينا للنجوى). [تأويل مشكل القرآن: 50-52]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى}
{إن هذان لساحران}.
يعنون موسى وهارون. وهذا الحرف من كتاب اللّه عزّ وجلّ مشكل على أهل اللغة، وقد كثر اختلافهم في تفسيره، ونحن نذكر جميع ما قاله النحويون ونخبر بما نظن أنه الصواب واللّه أعلم، وقبل شرح إعرابه نخبر بقراءة القراء أما قراءة أهل المدينة والأكمه في القراءة فبتشديد (إنّ) والرفع في (هذان) وكذلك قرأ أهل العراق حمزة وعاصم - في رواية أبي بكر بن عياش والمدنيون.
وروي عن عاصم: إن هذان بتخفيف (إن)، ويصدّق ما قرأه عاصم في هذه القراءة ما يروى عن أبيّ فإنه قرأ: ما هذان إلّا ساحران، وروي أيضا عنه أنه قرأ: إن هذان إلا ساحران، ورويت عن الخليل أيضا: إن هذان لساحران - بالتخفيف -.
والإجماع أنه لم يكن أحد بالنحو أعلم من الخليل.
وقرأ أبو عمرو وعيسى بن عمر: إنّ هذين لساحران، بتشديد " إنّ " ونصب هذين.
فهذه الرواية فيه.
فأما احتجاج النحويين فاحتجاج أبي عمرو في مخالفته المصحف في هذا أنه روي أنه من غلط الكاتب، وأن في الكتاب غلطا ستقيمه العرب بألسنتها، يروى ذلك عن عثمان بن عفان وعن عائشة - رحمهما اللّه -.
وأما الاحتجاج في أنّ هذان بتشديد أن ورفع هذان فحكى أبو عبيدة عن أبي الخطاب وهو رأس من رؤساء الرواة، أنها لغة لكنانة، يجعلون ألف الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد، يقولون أتاني الزيدان.
ورأيت الزيدان، ومررت بالزيدان، وهؤلاء ينشدون:
فأطرق إطراق الشّجاع ولو رأى=مساغا لناباه الشّجاع لصمّما
وهؤلاء أيضا يقولون: ضربته بين أذناه، ومن يشتري مني الخفّان وكذلك روى أهل الكوفة أنها لغة لبني الحرث بن كعب.
قال النحويون القدماء: ههنا هاء مضمرة، المعنى إنه هذان لساحران،
وقالوا أيضا أن معنى (إن) معنى (نعم)، المعنى نعم هذان لساحران.
وينشدون:
ويقلن شيب قد علّا=ك وقد كبرت فقلت إنّه
ويحتجون بأن هذه اللام - أصلها - أن تقع في الابتداء، وأن وقوعها في الخبر جائز، وينشدون في ذلك:
خالي لأنت ومن جرير خاله=ينل العلاء ويكرم الأخوالا
وأنشدوا أيضا:
أمّ الحليس لعجوز شهربه=ترضى من الشاة بعظم الرّقبه
قالوا: المعنى لأنت خالي، والمعنى لأم الحليس عجوز.
وقال الفراء في هذا: إنهم زادوا فيها النون في التثنية وتركوا الألف على حالها في الرفع والنصب والجر كما فعلوا في الذي، فقالوا الّذين في الرفع والنصب والجر.
فهذا جميع ما احتج به النحويون.
والذي عندي - واللّه أعلم - وكنت عرضته على عالمينا - محمد بن يزيد وعلى إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد القاضي فقبلاه وذكرا أنّه أجود ما سمعاه في هذا، وهو " أنّ) قد وقعت موقع " نعم "، وأن اللام وقعت موقعها، وأن المعنى هذان لهما ساحران.
والذي يلي هذه في الجودة مذهب بني كنانة في ترك ألف التثنية على هيئة واحدة، لأن حق الألف أن تدل على الاثنين، وكان حقها ألا تتغيّر كما لم تتغير ألف رحى وعضى، ولكن كان نقلها إلى الياء في النصب والخفض أبين وأفضل للتمييز بين المرفوع والمنصوب والمجرور.
فأمّا قراءة عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء فلا أجيزها لأنها خلاف المصحف، وكل ما وجدته إلى موافقة المصحف أقرب لم أجز مخالفته، لأن اتباعه سنة.
وما عليه أكثر القراء، ولكني أستحسن {إن هذان لساحران} بتخفيف (إن) وفيه إمامان: عاصم والخليل، وموافقة أبيّ في المعنى وأن خالفه اللفظ، ويستحسن أيضا (إنّ هذان) بالتشديد، لأنه مذهب أكثر القراء، وبه يقرأ وهو قوي في العربية.
قوله تعالى: {ويذهبا بطريقتكم المثلى}.
معناه في قول النحويين بجماعتكم الأشراف. والمثلى تأنيث الأمثل.
ومعنى الأمثل والمثلى معنى " ذو الفضل " الذي يستحق أن يقال فيه هذا أمثل قومه.
وفي التفسير: {بطريقتكم المثلى} بأشرافكم، والعرب تقول للرجل الفاضل هذا طريقة قومه، ونظيرة قومه، ونظورة قومه.
كل هذا للرجل الفاضل.
وإنما تأويله هذا الذي ينبغي أن يجعله قومه قدوة ويسلكوا طريقته.
والذي قال أيضا: هذا نظورة قومه ونظيرة قومه، معناه هذا الذي ينبغي أن ينظر إليه قومه وأن يتبعوه.
والذي عندي - واللّه أعلم - أن في الكلام محذوفا يدل عليه ما بقي.
إنما المعنى يذهبا بأهل طريقتكم المثلى، كما قال اللّه عزّ وجلّ:
{واسأل القرية الّتي كنّا فيها}، معناه واسأل أهل القرية، وكذلك قول العرب: هذا طريقة قومه معناه هذا صاحب طريقة قومه.
وقوله عزّ وجلّ: {واصطنعتك لنفسي} تأويله اخترتك لإقامة حجتي، وجعلتك بيني وبين خلقي حتى صرت في الخطاب عني والتبليغ عني بالمنزلة التي أكون بها لو خاطبتهم واحتججت عليهم). [معاني القرآن: 3/365-361]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {المثلى} أي: الفضلى). [ياقوتة الصراط: 347]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {المُثْلى}: تأنيث الأمثل). [العمدة في غريب القرآن: 202]

تفسير قوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فأجمعوا كيدكم} [طه: 64] يعني: سحركم، يقوله بعضهم لبعضٍ.
{ثمّ ائتوا صفًّا} [طه: 64] أي: تعالوا جميعًا.
{وقد أفلح اليوم من استعلى} [طه: 64] من ظهر في تفسير قتادة.
وقال الكلبيّ: من غلب). [تفسير القرآن العظيم: 1/266]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فأجمعوا كيدكم...}

الإجماع: الإحكام والعزيمة على الشيء. تقول أجمعت الخروج وعلى الخروج مثل أزمعت قال الشاعر:
يا ليت شعري والمنى لا تنفع =هل أغدون يوماً وأمري مجمع
يريد قد أحكم وعزم عليه. ومن قرأ {فأجمعوا} يقول: لا تتركوا من كيدكم شيئاً إلاّ جئتم به.
وقوله: {من استعلى} من غلب). [معاني القرآن: 2/185]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ثمّ ائتوا صفّاً} أي صفوفاً وله موضع آخر من قولهم: هل أتيت الصفّ اليوم يعني المصلى الذي يصلي فيه.
قال أبو عبيدة، قال أبو العرب الكليبي، ما استطعت أن آتي الصف أمس يعني المصلى). [مجاز القرآن: 2/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأجمعوا كيدكم} أي حيلكم.
{ثمّ ائتوا صفًّا} أي جميعا. وقال أبو عبيدة: الصفّ: المصلي.
وحكي عن بعضهم أنه قال: ما استطعت أن آتي الصفّ اليوم، أي المصلّي). [تفسير غريب القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فأجمعوا كيدكم ثمّ ائتوا صفّا وقد أفلح اليوم من استعلى}
وقرئت {فاجمعوا كيدكم}، فمن قرأ فأجمعوا بقطع الألف، فمعناه ليكن عزمكم - كلكم على الكيد مجمعا عليه أي لا تختلفوا فتختلوا.
ومن قرأ (فاجمعوا) فمعناه جيئوا بكل كيد تقدرون عليه، ولا تبقوا منه شيئا.
وقوله: {ثمّ ائتوا صفّا}.
معناه ائتوا الموضع الذي تجتمعون فيه لعيدكم وصلاتكم، يقال: أتيت صفّا بمعنى أتيت المصلّى، ويجوز أن يكون {ثمّ ائتوا صفّا} ثم ائتوا مصطفين مجتمعين ليكون أنظم لأموركم،
وأشد لهيئتكم.
{وقد أفلح اليوم من استعلى}.
ومعنى {من استعلى} من علا بالغلبة). [معاني القرآن: 3/365]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وقد أفلح} أي: قد ظفر). [ياقوتة الصراط: 348]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من استعلى} أي: من غلب). [ياقوتة الصراط: 348]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ثم ائتوا صَفًّا}: أي جميعاً، قيل: الصف: المصلى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 153]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إمّا أن تلقي وإمّا أن نّكون أوّل من ألقى...}
و (أن) في موضع نصب. والمعنى اختر إحدى هاتين. ولو رفع إذ لم يظهر الفعل كان صواباً، كأنه خبر، كقول الشاعر:
فسيرا فإمّا حاجةٌ تقضيانها = وإمّا مقيلٌ صالح وصديق
ولو رفع قوله: {فإمّا منٌّ بعد وإمّا فداءٌ} كان أيضاً صواباً. ومذهبه كمذهب قوله: {فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ} والنصب في قوله: {إمّا أن تلقي} وفي قوله: {فإمّا منّاً بعد وإمّا فداءً} أجود من الرفع؛ لأنه شيء ليس بعامّ؛ مثل ما ترى من معنى قوله: {فإمساكٌ} و{فصيام ثلاثة أيّامٍ} لمّا كان المعنى يعمّ الناس في الإمساك بالمعروف وفي صيام الثلاثة الأيام في كفّارة اليمين كان كالجزاء فرفع لذلك. والاختيار إنما هي فعلة واحدة، ومعنى (أفلح) عاش ونجا). [معاني القرآن: 2/186،185]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قالوا يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون أوّل من ألقى {65} قال بل ألقوا} [طه: 65-66] فألقوا حبالهم وعصيّهم.
{فإذا حبالهم وعصيّهم يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى} [طه: 66] حيّاتٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/266]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى...}

{أنّها} في موضع رفع. ومن قرأ (تخيّل) أو (تخيّل) فإنها في موضع نصب لأن المعنى تتخيل بالسعي لهم وتخيّل كذلك، فإذا ألقيت الباء نصبت؛ كما تقول: أردت بأن أقوم ومعناه: أردت القيام، فإذا ألقيت الباء نصبت. قال الله {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} ولو ألقيت الباء نصبت فقلت: ومن يرد فيه إلحادا بظلمٍ). [معاني القرآن: 2/186]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيّهم يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى}
ولم يقل ههنا " فألقوا " فإذا حبالهم، لأنه قد جاء في موضع آخر، {فألقوا حبالهم وعصيّهم}.
ويجوز في عصيّ عصيّ، والكسر أكثر، والأصل الضم إلا أن الكسر يثقل بعد الضم فلذلك اختير كسر العين.
ويروى في التفسير أنّ السّحرة كانوا يومئذ سبعين ألف ساحر معهم سبعون ألف حبل وسبعون ألف عصا، فأوحى الله إلى موسى حين خيّل إليه من سحرهم أنها تسعى أن يلقي عصاة فإذا هي ثعبان مبين فاغر فاه فابتلع جميع تلك الحبال، وقرئت {فإذا حبالهم وعصيّهم يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى}.
وموضع أن على هذه القراءة رفع، المعنى يخيل إليه سعيها، ويقرأ " تخيّل " بالتاء، وموضع أن على هذه القراءة يجوز أن يكون نصبا، ويجوز أن يكون رفعا، فأمّا النصب فعلى معنى يخيل إليه أنها ذات سعي ويجوز أن يكون مرفوعا على البدل على معنى يخيل إليه سعايتها، وأبدل أنها تسعى من المضمر في يخيل لاشتماله على المعنى، ويكون إليه الخبر على هذا التقدير.
ومثل ذلك ما حكاه سيبويه يقال: مالي بهم علم أمرهم، أي مالي علم بأمرهم، ومثل ذلك من الشعر:
تذكّرت تقتد برد مائها
المعنى تذكّرت برد ماء تقتد). [معاني القرآن: 3/366،365]

تفسير قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأوجس في نفسه خيفةً} أي أضمر وأحس منهم خيفةً، أي خوفاً فذهبت الواو فصارت ياء من أجل كسرة الخاء).
[مجاز القرآن: 2/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فأوجس في نفسه}: اضمر في نفسه.
{خيفة} خوفا). [غرائب القرآن:247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأوجس في نفسه خيفةً موسى} أي أضمر خوفا). [تفسير غريب القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فأوجس في نفسه خيفة موسى}
وأصلها خوفة، ولكن الواو قلبت ياء لانكسار ما قبلها.
{وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنّما صنعوا}.
و {تلقف} القراءة بالجزم جواب الأمر، ويجوز الرفع على معنى الحال.
كأنه قال ألقها متلقّفة، على حال متوقّعة، ولم يقرأ بها، ولا ينبغي أن يقرأ بما لم تتقدم به قراءة). [معاني القرآن: 3/367]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فأوجس في نفسه خيفة موسى} قال الإمامان: الخيفة - هاهنا: الخوف، قال: وإنما خاف على بني إسرائيل، الذين آمنوا معه أن يرتدوا لما رأوا من السحر العظيم، ولم يكن خوفه على نفسه ولا على أخيه هارون - عليهما السلام). [ياقوتة الصراط: 349،348]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فأوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً}: أي أضمر خوفاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 153]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَأَوْجَسَ}: أضمر في نفسه). [العمدة في غريب القرآن: 202]

تفسير قوله تعالى: {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فأوجس في نفسه خيفةً موسى {67} قلنا لا تخف إنّك أنت الأعلى {68}} [طه: 67-68] الظّاهر). [تفسير القرآن العظيم: 1/266]

تفسير قوله تعالى: {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وألق ما في يمينك} [طه: 69] يعني العصا.
{تلقف ما صنعوا} [طه: 69] يعني العصا.
وقوله: تلقف، تأكل حبالهم وعصيّهم، فيما حدّثني قرّة بن خالدٍ عن الحسن، تلقفه بفيها.
{إنّما صنعوا كيد ساحرٍ ولا يفلح السّاحر حيث أتى} [طه: 69] حيث كان في قول الحسن.
وقال بعضهم: حيث جاء). [تفسير القرآن العظيم: 1/266]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّما صنعوا كيد ساحرٍ...}

جعلت {ما} في مذهب الذي: إن الذي صنعوا كيد سحر، وقد قرأه بعضهم {كيد ساحرٍ} وكلّ صوابٌ، ولو نصبت (كيد سحر) كان صواباً، وجعلت {إنما} حرفاً واحداً؛
كقوله: {إنّما تعبدون من دون اللّه أوثانا}
وقوله: {ولا يفلح السّاحر حيث أتى} جاء في التفسير أنه يقتل حيثما وجد). [معاني القرآن: 2/186]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا يفلح السّاحر حيث أتى} أي حيث كان). [مجاز القرآن: 2/23]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنّما صنعوا كيد ساحرٍ ولا يفلح السّاحر حيث أتى}
وقال: {السّاحر حيث أتى} وفي حرف ابن مسعود {أين أتى} وتقول العرب: "جئتك من أين لا تعلم" و"من حيث لا تعلم"). [معاني القرآن: 3/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ولا يفلح السّاحر حيث أتى} أي حيث كان). [تفسير غريب القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنّما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح السّاحر حيث أتى}
{إنّما صنعوا كيد ساحر}
ويقرأ (كيد سحر)، ويجوز إنما صنعوا كيد ساحر، ويجوز كيد ساحر بنصب الدال. فمن قرأ " أنما: نصب " أنّما " على معنى تلقف ما صنعوا لأنّ ما صنعوا كيد ساحر،
ولا أعلم أحدا قرأها هنا " أنّما "، والقراءة بالكسر، وهو أبلغ في المعنى.
فأمّا رفع كيد فعلى معنى أن الذي صنعوه كيد ساحر على خبر إنّ و " ما " اسم، ومن قرأ كيد ساحر جعل " ما " تمنع " إنّ " العمل، وتسوّغ للفعل أن يكون بعدها،
وينتصب " كيد ساحر " بـ صنعوا، كما تقول: إنما ضربت زيدا.
وقوله عزّ وجلّ: {ولا يفلح السّاحر حيث أتى}.
قالوا معناه حيث كان، وقيل معناه حيث كان الساحر يجب أن يقتل.
وكذلك مذهب أهل الفقه في السحرة). [معاني القرآن: 3/367]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تلقف} أي: تأخذ). [ياقوتة الصراط: 349]

تفسير قوله تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( وقوله تعالى: {فألقي السّحرة سجّدا قالوا آمنّا بربّ هارون وموسى}
{سجّدا} منصوب على الحال، وهي أيضا حال مقدرة، لأنهم خروا وليسوا ساجدين، إنما خروا مقدرين السجود). [معاني القرآن: 3/367]


تفسير قوله تعالى: {قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فألقي السّحرة سجّدًا قالوا آمنّا بربّ هارون وموسى {70} قال} [طه: 70-71] فرعون.
{آمنتم له} [طه: 71] فرعون يقوله على الاستفهام، أصدقتموه؟ {قبل أن آذن لكم} [طه: 71] أي: قد فعلتم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/266]
{إنّه لكبيركم} [طه: 71] في السّحر.
{الّذي علّمكم السّحر} [طه: 71] وقال السّدّيّ: يعني لعالمكم في علم السّحر، ولم يكن أكبرهم في السّنّ.
{فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ} [طه: 71] اليد اليمنى والرّجل اليسرى.
{ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل} [طه: 71] يعني: على جذوع النّخل.
وهو تفسير السّدّيّ.
{ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابًا وأبقى} [طه: 71] أنا أو موسى). [تفسير القرآن العظيم: 1/267]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم مّن خلافٍ...}

ويصلح في مثله من الكلام عن وعلى والباء.
وقوله: {ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل} يصلح (على) في موضع (في) وإنما صلحت (في) لأنه يرفع في الخشبة في طولها فصلحت (في) وصلحت (على) لأنه يرفع فيها فيصير عليها، وقد قال الله {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان} ومعناه في ملك سليمان. وقوله: {أشدّ عذاباً وأبقى} يقول: وأدوم). [معاني القرآن: 2/187،186]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" لكبيركم " أي معلمكم قال أبو عبيدة سمعت بعض المكيين قال يقول: الغلام لمستأجره كبيرى). [مجاز القرآن: 2/23]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" في جذوع النّخل " أي على جذوع النخل، قال:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلةٍ=فلا عطست شيبان إلّا بأجدعا).
[مجاز القرآن: 2/24،23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («في» مكان «على»
قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}، أي على جذوع النخل.
قال الشاعر:
وهم صلبوا العبديَّ في جذعِ نَخْلَةٍ = فلا عطَسَت شيبانُ إلا بأجْدَعا
وقال عنترة:
بَطَل كَأَنَّ ثيابه في سَرْحَةٍ = يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ لَيْسَ بِتَوْأَمِ
أي على سرحة مِن طُوله). [تأويل مشكل القرآن: 567]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنّه لكبيركم الّذي علّمكم السّحر فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابا وأبقى}
{ولأصلّبنّكم في جذوع} معناه على جذوع النخل، ولكنه جاز أن تقع " في " ههنا لأنه في الجذع على جهة الطول، والجذع مشتمل عليه فقد صار فيه.
قال الشاعر:
وهم صلبوا العبديّ في جذع نخلة=فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
قوله: {ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابا وأبقى} " أيّ " رفعت لأنها وضعت موضع الاستفهام، ولا يعمل ما قبل " أيّ " فيها لأن ما قبلها خبر وهي استفهام، فلو عمل فيها لجاز أن يعمل فيما بعد الألف في قولك: قد علمت أزيد في الدار أم عمرو). [معاني القرآن: 3/368]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا} [طه: 72] وعلى الّذي فطرنا.
{فاقض ما أنت قاضٍ إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} [طه: 72] يقولون افعل في أمرنا ما أنت فاعلٌ {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} [طه: 72] يعني إنّما تفعل في هذه الحياة.... ). [تفسير القرآن العظيم: 1/267]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قالوا لن نّؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا...}

فالذي في موضع خفض: وعلى الذي. ولو أرادوا بقولهم {والذي فطرنا} القسم بها كانت خفضاً وكان صواباً، كأنهم قالوا: لن نؤثرك والله.
وقوله: {فاقض ما أنت قاضٍ}: افعل ما شئت. وقوله: {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} إنما حرف واحد، لذلك نصبت {الحياة} ولو قرأ قارئ برفع (الحياة) لجاز، يجعل (ما) في مذهب الذي كأنه قال: إن الذي تقضيه هذه الدنيا). [معاني القرآن: 2/187]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاقض ما أنت قاضٍ} مجازه: اصنع ما أنت صانع وأنفذ ما أنت منفذ فقد قضي قضاؤك، وقال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما= داود أو صنع السوابغ تبّع
أي صنعهما وأحكمهما). [مجاز القرآن: 2/24]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّما تقضى هذه الحياة الدّنيا} وله موضع آخر في معنى إنما تخلف هذه الحياة الدنيا، كقولك قضيت سفري). [مجاز القرآن: 2/24]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا لن نّؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا فاقض ما أنت قاضٍ إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا}
وقال: {لن نّؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا} يقول: {لن نؤثرك على الّذي فطرنا} ). [معاني القرآن: 3/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فاقض ما أنت قاض}: اصنع ما أنت صانع). [غريب القرآن وتفسيره: 248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} أي إنما يجوز أمرك فيها). [تفسير غريب القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا}
موضع الذي خفض، المعنى لن نؤثرك على اللّه، ويجوز أن يكون " الّذي " خفضا على القسم، ويكون المعنى لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات واللّه، أي نحلف باللّه.
قوله: {فاقض ما أنت قاض}.
أي: اصنع ما أنت صانع، قال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما= داود أو صنع السّوابغ تبّع
وقوله عزّ وجلّ: {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا}.
القراءة بالنصب - الحياة الدّنيا - ويجوز إنما تقضي هذه الحياة الدنيا بالرفع، تأويله أن الذي تقضيه متاع الحياة الدنيا، ولا أعلم أحدا قرأها بالرفع). [معاني القرآن: 3/369،368]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَاقْضِ}: فاصـنَع.
{ما أنتَ قاضٍ}: ما أنت صانع). [العمدة في غريب القرآن: 202]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إنّا آمنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السّحر واللّه خيرٌ وأبقى} [طه: 73] خيرٌ ممّا دعوتنا إليه وأبقى.
وقال بعضهم: منك يا فرعون وأبقى.
سعيدٌ، عن قتادة قال: كانوا أوّل النّهار سحرةً وآخره شهداء). [تفسير القرآن العظيم: 1/267]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وما أكرهتنا عليه من السّحر...}

ما في موضع نصب مردودة على معنى الخطايا. وذكر في التفسير أن فرعون كان أكره السّحرة على تعلّم السّحر). [معاني القرآن: 2/187]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّا آمنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السّحر واللّه خير وأبقى}
{وما أكرهتنا عليه من السّحر}
موضع " ما " نصب، المعنى لتغفر لنا خطايانا وإكراهك إيانا على السحر.
ويروى أن فرعون أكرههم على تعلم السحر.
ومعنى: {واللّه خير وأبقى}.
أي الله خير لنا منك وأبقى عذابا لأنهم قالوا هذا له جواب قوله: {ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابا وأبقى} ). [معاني القرآن: 3/369]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّه من يأت ربّه مجرمًا} [طه: 74] مشركًا.
{فإنّ له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيى} [طه: 74] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ}
.

قوله: {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} أي توفي عليها وتشرف، ويقال: طلع الجبل واطّلع عليه: إذا علا فوقه.
وخصّ الأفئدة، لأنّ الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه. فأخبرنا أنهم في حال من يموت وهم لا يموتون.
وهو كما قال: {فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} يريد أنه في حال من يموت وهو لا يموت). [تأويل مشكل القرآن: 419] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات فأولئك لهم الدّرجات العلى} [طه: 75]
- حدّثني إسماعيل بن مسلمٍ، عن أبي المتوكّل النّاجيّ قال: قال رسول اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 1/267]
صلّى اللّه عليه وسلّم: " الدّرجة في الجنّة فوق الدّرجة كما بين السّماء والأرض، وإنّ العبد ليرفع بصره فيلمع له برقٌ يكاد أن يختطف بصره، فيفزع لذلك فيقول: ما هذا؟ فيقال: هذا نور أخيك فلانٍ، فيقول: أخي فلانٌ، كنّا في الدّنيا نعمل جميعًا، وقد فضّل عليّ هكذا، فيقال له: إنّه كان
أحسن منك عملًا، قال: ثمّ يجعل في قلبه الرّضى حتّى يرضى ".
- قال يحيى: وبلغني عن ليث بن أبي سليمٍ، عن عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ عن ابن عمر قال: إنّ أسفل أهل الجنّة درجةً، للّذي ينظر في ملكه مسيرة ألف سنةٍ وإنّ أرفع أهل الجنّة درجةً للّذي ينظر إلى اللّه غدوةً وعشيًّا). [تفسير القرآن العظيم: 1/268]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {جنّات عدنٍ} [طه: 76] وقد فسّرناه في سورة مريم.
{تجري من تحتها الأنهار} [طه: 76] وقد فسّرنا الأنهار أيضًا في غير هذا الموضع.
{خالدين فيها} [طه: 76] لا يموتون ولا يخرجون منها.
{وذلك جزاء من تزكّى} [طه: 76] يعني: من آمن.
وهو في قول قتادة: من عمل صالحًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/268]


رد مع اقتباس