عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 08:58 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وقفّينا} أي: أردفنا من يقفوه.
{وأيّدناه بروح القدس} أي: شدّدناه وقوّيناه، ورجل ذو أيد وذو آد: أي قوة، والله تبارك وتعالى ذو الأيد، قال العجاج:

من أن تبدّلت بآدى آدا
{والسّماء بنيناها بأيدٍ} أي: بقوة). [مجاز القرآن: 1/ 45-46]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({وقفينا}: أردفنا، من قفا أثره يقفو.
{وأيدناه}: قويناه، يقال: رجل ذو أيد، ومنه {والسماء بنيناها بأيد} أي: بقوة). [غريب القرآن وتفسيره: 75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وقفّينا من بعده بالرّسل} أي: أتبعناه بهم وأردفناه إيّاهم، وهو من القفا مأخوذ، ومنه يقال: "قفوت الرجل" إذا سرت في أثره). [تفسير غريب القرآن: 57]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولقد آتينا موسى الكتاب وقفّينا من بعده بالرّسل وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناه بروح القدس أفكلّما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذّبتم وفريقا تقتلون}
{ولقد آتينا موسى الكتاب} يعني: التوراة.
وقوله {وقفّينا من بعده بالرّسل} أي: أرسلنا رسولا يقفو رسولا في دعائه إلى توحيد اللّه والقيام بشرائع دينه، يقال من ذلك: "فلان يقفو فلانا" إذا أتبعه.
وقوله عزّ وجلّ: {وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات}
معنى {آتينا}: أعطينا، ومعنى {البيّنات}: الآيات التي يعجز عنها المخلوقون مما أعطيه عيسى -صلى الله عليه وسلم- من إحيائه الموتى وإبرائه الأكمه والأبرص.
وقوله عزّ وجلّ: {وأيّدناه بروح القدس}
معني "أيّدنا" في اللغة: قوينا وشددنا، قال الشاعر:

من أن تبدّلت بآد آدا
يريد :من أن تبدلت بأيد آدا، يريد بقوة قوة الأد والأيد القوة.
وقوله عزّ وجلّ {بروح القدس} "روح القدس": جبريل عليه السلام، و"القدس": الطهارة، وقد بيّناه.
وقوله عزّ وجلّ: {أفكلّما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم} نصب "كلما" كنصب سائر الظروف، ومعنى {استكبرتم}: أنفتم وتعظمتم من أن تكونوا أتباعا، لأنهم كانت لهم رياسة، وكانوا متبوعين فآثروا الدنيا على الآخرة). [معاني القرآن: 1/ 168-169]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): (و"القدس": الطهر، ومنه قولنا: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، أي: طُهْرٌ طُهْرٌ).
[ياقوتة الصراط:175-176]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({وقفينا من بعده بالرسل} أي: أتبعناه وأردفناه، من قفوت أثره). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 30]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({وَقَفَّيْنَا}: أتبعنا، {وَأَيَّدْنَاهُ}: قويناه). [العمدة في غريب القرآن: 79]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فقليلاً مّا يؤمنون...} يقول القائل: هل كان لهم قليلٌ من الإيمان أو كثيرٌ؟
ففيه وجهان من العربية:
أحدهما: ألاّ يكونوا آمنوا قليلا ولا كثيرا، ومثله مما تقوله العرب بالقلّة على أن ينفوا الفعل كلّه قولهم: قلّ ما رأيت مثل هذا قطّ، وحكى الكسائي عن العرب: مررت ببلادٍ قلّ ما تنبت إلاّ البصل والكرّاث، أي: ما تنبت إلاّ هذين، وكذلك قول العرب: ما أكاد أبرح منزلي؛ وليس يبرحه وقد يكون أن يبرحه قليلا.
والوجه الآخر: أن يكونوا يصدقون بالشيء قليلا ويكفرون بما سواه -بالنبي صلى الله عليه وسلم- فيكونون كافرين؛ وذلك أنه يقال: من خلقكم؟ ومن رزقكم؟ فيقولون الله تبارك وتعالى، ويكفرون بما سواه: بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآيات الله، فذلك قوله: {قليلاً ما يؤمنون}. وكذلك قال المفسرون في قول الله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} على هذا التفسير). [معاني القرآن: 1/ 59-60]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({قلوبنا غلفٌ} كل شيء في غلاف، ويقال: سيفٌ أغلف، وقوسٌ غلفاء، ورجل أغلف: إذا لم يختتن.
{قلوبنا في أكنّةٍ} أي: في أغطية واحدها كنان، قال عمر بن أبي ربيعة:

تحت عينٍ كنانها ...... ظلّ بردٍ مرحّل
{لعنهم الله} أي: أطردهم وأبعدهم، قالوا: ذئبٌ لعين، أي: مطرود مبعد، وقال الشمّاخ:

ذعرت به القطا ونفيت عنه ...... مقام الذئب كالرجل اللّعين
يريد: مقام الذئب اللعين كالرجل). [مجاز القرآن: 1/ 46]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وقالوا قلوبنا غلفٌ بل لّعنهم اللّه بكفرهم فقليلاً مّا يؤمنون}
قال: {فقليلاً مّا يؤمنون} وتفسيره: "فقليلاً يؤمنون" و"ما" زائدة، كما قال: {فبما رحمةٍ مّن اللّه لنت لهم} يقول: "فبرحمةٍ من اللّه"، وقال: {إنّه لحقٌّ مّثل ما أنّكم تنطقون} أي: لحقٌّ مثل أنّكم تنطقون وزيادة "ما" في القرآن والكلام نحو ذا كثير، قال:

لو بأبانين جاء يخطبها ...... خضّب ما أنف خاطبٍ بدم
أي: خضّب بدمٍ أنف خاطبٍ). [معاني القرآن: 1/ 103]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الأعرج "قلوبنا غلف"، يحرك اللام.
الحسن وأبو عمرو {غلف} بإسكان اللام.
إذا حرك اللام جاز على شيئين:
على غلاف وغلف، مثل: فراش وفرش، وكتاب وكتب.
وجاز أن يكون حركه وهو يريد جميع أغلف وغلف؛ وهو الأغرل، فيمن قال: صفر وحمر؛ وهي قليلة شاذة مسموعة.
ومن قال {غلف} فأسكن فحسنة، يكون جمع أغلف، مثل: أحمر وحمر، وأصفر وصفر بإسكان الفاء؛ وحسن أن يكون جمع غلاف وغلف، فيمن أسكن فراشًا وفرشًا، وكتابًا وكتبًا). [معاني القرآن لقطرب: 253]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله "قلوبنا غلف" كان ابن عباس يقول "قلوبنا غلف" قال: قالوا يا محمد، قلوبنا غلف؛ أي أوعية لكل علم، فهي لا تسمع حديثًا إلا وعته، إلا
[معاني القرآن لقطرب: 322]
حديثك لا تعقله ولا تعيه؛ ولو كنت صادقا كما تقول فهمته وعقلته؛ فكأنه في معنى قول ابن عباس على الغلاف لأنه وعاء.
[عن محمد بن صالح]:
وأما قوله {لعنهم الله} فالمعنى في "لعنه الله" فيماس معنا: طرده وأبعده؛ والذئب اللعين: الطريد.
وقال يونس في قول الشماخ:
ذعرت به القطا ونفيت عنه = مقام الذئب كالرجل اللعين
قال: قال بعضهم: الذئب، وقال بعضهم: الذي ينصب في الزرع كأنه مثال). [معاني القرآن لقطرب: 323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({قلوبنا غلف} أي: في أغطية، ومنه قلب أغلف، ورجل أغلف: إذا كان غير مختون.
{لعنهم الله}: أطردهم الله وأبعدهم، يقال: ذئب لعين، أي: مطرود). [غريب القرآن وتفسيره: 75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قلوبنا غلفٌ} جمع أغلف، أي: كأنّها في غلاف لا تفهم عنك ولا تعقل شيئا مما تقول، وهو مثل قوله: {قلوبنا في أكنّةٍ ممّا تدعونا إليه}، يقال: غلّفت السيف: إذا جعلته في غلاف، فهو سيف أغلف، ومنه قيل لمن لم يختن: أغلف.
ومن قرأه (غُلُفٌ) أراد جمع غلاف، أي: هي أوعية للعلم). [تفسير غريب القرآن:57-58]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم اللّه بكفرهم فقليلا ما يؤمنون}
تقرأ على وجهين (غُلْف) و(غُلُف)، وأجود القراءتين (غُلْف) بإسكان اللام، لأن له شاهدا من القرآن، ومعنى (غُلْف): ذوات غلف، الواحد منها أَغْلَف وغُلْف مثل أحمر وحُمْر، فكأنهم قالوا: قلوبنا في أوعية، والدليل على ذلك قوله: {وقالوا قلوبنا في أكنّة ممّا تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب}.
ومن قرأ (غُلُف) فهو جمع غلاف وغُلُف، مثل: مثال ومُثُل، وحِمار وحُمُر، فيكون معنى هذا: إن قلوبنا أوعية للعلم،
والأول أشبه؛ ويجوز أن تسكن (غُلُف) فيقال: غُلْف، كما يقال في جمع مثال: مُثْل.
فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن الأمر على خلاف ما قالوا فقال: {بل لعنهم اللّه بكفرهم} معنى {لعنهم} في اللغة: أبعدهم،
فالتأويل -واللّه أعلم-: بل طبع اللّه على قلوبهم، كما قال: {ختم اللّه على قلوبهم}، ثم أخبر عزّ وجلّ أن ذلك مجازاة منه لهم على كفرهم، فقال: {بل لعنهم اللّه بكفرهم}، واللعن -كما وصفنا-: الإبعاد، قال الشّمّاخ:

وماء قد وردت لوصل أروى ...... عليه الطير كالورق اللّجين
ذعرت به القطا ونفيت عنه
...... مقام الذئب كالرجل اللّعين

). [معاني القرآن: 1/ 169-170]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): (و"اللعن": الطرد من الخير). [ياقوتة الصراط: 176]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( و(غُلْف) جمع "أغلف" أي: كأنها في غلاف، مغلقة لا تفهم ولا تعقل عنك شيئا، ومن قرأ (غُلُف) جمع غلاف، أي: غلف للعلم، أي: أوعية، ويجوز أن يكون من أسكن اللام أراد: جمع غلاف، وأسكن تخفيفا).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 31]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({غُلْفٌ}: في أغطية، {لَّعَنَهُمُ}: باعدهم). [العمدة في غريب القرآن:79-80]


رد مع اقتباس