عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 05:11 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والكبر من التكبر وكبر الشيء معظمه قال الله جل ثناؤه: {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} وقال قيس ابن خطيم الأوسي:

(تنام عن كبر شأنها فرذا = قامت رويدا تكاد تنغرف)

أي: تثنى ويقال كبر سياسة الناس في المال ويقال الولاء للكبر وهو أكبر ولد الرجل). [إصلاح المنطق: 33]

تفسير قوله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
دون النساء ولو باتت بأطهار
معناه أنه يجتنبها، في طهرها، وهو الوقت الذي يستقيم له غشيانها فيه، وأهل الحجاز يرون " الأقراء " الطهر، وأهل العراق يرونه الحيض، وأهل المدينة يجعلون عدد النساء الأطهار، ويحتجون بقول الأعشى:

وفي كل أنت جاشم غزوة = تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مؤرثه مالاً، وفي الحي رفعة = لما ضاع فيها من قروء نسائكا
وقوله: " ولو باتت بأطهار "، فـ " لو " أصلها في الكلام أن تدل على وقوع الشيء لوقوع غيره، تقول: لو جئتني لأعطيك، ولو كان زيد هناك لضربته، ثم يتسع فتصير في معنى " إن " الواقعة للجزاء تقول: أنت لا تكرمني ولو أكرمتك، تريد " وإن " قال الله عز وجل: {وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين} [يوسف: 107]، فأما قوله عز وجل: {فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به} [آل عمران: 91] فإن تأويله عند أهل اللغة: لا يقبل أن يتبرأ به وهو مقيم على الكفر، ولا يقبل إن افتدى به، فـ " لو " في معنى " إن " وإنما منع " لو " أن تكون من حروف المجازاة فتجزم كما تجزم " إن " أن حروف المجازاة إنما تقع لما لم يقع، ويصير الماضي معها في معنى المستقبل تقول: إن جئتني أعطيتك، وإن قعدت عني زرتك، فهذا لم يقع.، وإن كان لفظ الماضي لما أحدثته فيه " إن " وكذلك متى أتيتني أتيتك.، و " لو " تقع في معنى الماضي، تقول: لو جئتني أمس لصادفتني، ولو ركبت إلي أمس لألفيتني، فلذلك خرجت من حروف الجزاء، فإذا أدخلت معها " لا " صار معناها أن الفعل يمتنع لوجود غيره، فهذا خلاف ذلك المعنى، ولا تقع إلا على الأسماء، ويقع الخبر محذوفًا لأنه لا يقع فيها الاسم إلا وخبره مدلول عليه، فاستغني عن ذكره، لذلك تقول: لولا عبد الله لضربتك، والمعنى في هذا المكان: من قرابتك، أو صداقتك، أو نحو ذلك، فهذا معناها في هذا الوضع، ولها موضع آخر تكون فيه على غير هذا المعنى، وهي " لولا " التي تقع في معنى " هلا " للتحضيض، ومن ذلك قوله: {لولا إذ سمعتوه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا} [النور: 12] أي هلا، وقال الله عز وجل: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم} [المائدة: 63] فهذه لا يليها إلا الفعل.، لأنها للأمر والتحضيض، مظهرًا أو مضمرًا، كما قال:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم = بني ضوطري لولا الكمي المقنعا
أي هلا تعدون الكمي المقنعا، " ولولا " الأولى لا يليها إلا الاسم على ما ذكرت لك.، ولا بد في جوابها من اللام أو معنى اللام، تقول: لولا زيدٌ فعلت، والمعنى لفعلت، وزعم سيبويه أن " زيدًا " من حديث " لولا " واللام والفعل حديثٌ معلقٌ بحديث " لولا "، وتأويله أنه للشرط الذي وجب من أجلها وامتنع لحال الاسم بعدها، و" لو " لا يليها إلا الفعل مضمرًا أو مظهرًا.، لأنها تشارك حروف الجزاء في ابتداء الفعل وجوابه، تقول: لو جئتني لأعطيتك، فهذا ظهور الفعل، وإضماره، قوله عز وجل: {قل لو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربي} [الإسراء: 100] والمعنى والله أعلم: لو تملكون أنتم.، فهذا الذي رفع " أنتم " ولما أضمر ظهر بعده ما يفسره، ومثل ذلك: " لو ذات سوارٍ لطمتني " أراد لو لطمتني ذات سوارٍ، ومثله:
ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي = جعلت لهم فوق العرانين ميسمًا
وكذلك قول جرير:
لو غيركم علق الزبير بحبله = أدى الجوار إلى بني العوام
فنصب بفعل مضمر يفسره ما بعده، لأنها للفعل، وهو في التمثيل: لو علق الزبير غيركم، وكذلك كل شيء للفعل نحو: الاستفهام، والأمر، والنهي، وحروف الفعل نحو: " إذ وسوف " وهذا مشروح في الكتاب " المقتضب " على حقيقة الشرح). [الكامل: 1/360-364] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ}.
قال: قال الكسائي: هذا استثناء يعرض. قال: ومعنى يعرض استثناء منقطع. ومن قال ظلم قال: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} وهو الذي منع القرى فرخص له أن يذكر مظلمته.
وقوله عز وجل: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} قال: من تدخل في الجحد على النكرة في الابتداء، ولا تدخل في المعارف، وكأنه قال: أن نتخذ من دونك أولياء. دخولها وخروجها واحد. ومن قال أن نتخذ،
ثم أدخلها على المفعول الثاني فهو قبيح، وهو جائز، ما كان ينبغي لآبائنا ولأوليائنا أن يفعلوا هذا.
وقوله عز وجل: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ} الآية. قال: هذا ستر ستره الله على الإسلام، أنه لا يقبل في الزنى إلا أربعة. ويقول بعضهم: لأن الحد يقام على اثنين: على الرجل والمرأة.
وفي قوله عز وجل: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} يوم القيامة وهم قد كفروا في الدنيا، ما لهم ألا يقع بهم العذاب. وموضع أن رفع.
{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} يقولون: لا صلة. ويقول الفراء: ما ينبغي لنا. فجاء بها على المعنى، لأنه معنى ينبغي). [مجالس ثعلب: 101-102] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) }

تفسير قوله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وفي حديث آخر: قوله: «اللهم إنا نعوذ بك من الألس والألق، والكبر والسخيمة».
...
وأما الألق، فإني لا أحسبه أراد إلا الأولق، والأولق: الجنون قال الأعشى:
وتصبح من غب السرى وكأنما = ألم بها من طائف الجن أولق
يصف ناقته يقول: هي من سرعتها كأنها مجنونة، وإن كان أراد الكذب فهو الولق.
ويروى عن عائشة رحمها الله أنها كانت تقرأ: {إذ تَلِقُونَه بألسنتكم} يقال من هذا: قد ولقت ألق ولقا). [غريب الحديث: 5/549-550]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) }

تفسير قوله تعالى: {يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) }

تفسير قوله تعالى: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) }

قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والقرا يكتب بالألف وهو الظهر
لأنه يثنى قروين ويقال قريين، ويقال فرس قرواء بينة القرا إذا طال ظهرها، وربما كتب بالياء لإشارة العرب إلى الياء بالكسر، وقد كتبوا (ما زكى منكم من أحد) بالياء وأصله الواو ونرى أن ذلك لكسرة الكاف). [المقصور والممدود: 54-55]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وخسا وزكا مقصوران يكتبان بالألف لأن أصل زكا زكوت وأصل خسا الهمز فتكتبان بألف ولا يجريان لأنهما معرفة). [المقصور والممدود: 68]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
فأقسم بالله لا يأتلي = وأقسمت إن نلته لا يؤوب
لا يأتلي: لا يقصر من قولك ما ألوت في حاجتك أي ما قصرت. ويؤوب: يرجع إلى أهله. العرب تقول: لا دريت ولا ائتليت، أي لا قصرت في أن تدري، هذا قول الفراء، وقال الأصمعي: ائتليت افتعلت من ألوت أي: استطعت فاحتج بقول الشاعر:
فمن يبتغي مسعاة قومي فليرم = صعودًا إلى الجوزاء هل هو مؤتل
أي: هل هو مستطيع، وروى الأصمعي:
أقسم ينذر نذرًا دمي = وأقسمت إن جئته لا يؤوب).
[شرح المفضليات: 513]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) }

تفسير قوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) }

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
سفى فوقهن الترب ضاف كأنه = على الفَرْج والحاذين قنو مذلل
...
الفرج: ما بين الفخذين). [شرح ديوان كعب بن زهير: 54] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (مرّت أعرابيّةٌ بقوم من بني نمير، فأداموا النظر إليها، فقالت: يا بني نمير، واللّه ما أخذتم بواحدةٍ من اثنتين: لا بقول اللّه: {قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم}. ولا بقول جرير:
فغضّ الطّرف إنك من نميرٍ = فلا كعبًا بلغت ولا كلابا
فاستحيا القوم من كلامها وأطرقوا). [عيون الأخبار: 10/85]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومن حرف من الأضداد، تكون لبعض الشيء، وتكون لكله، فكونها للتبعيض لا يحتاج فيه إلى شاهد، وكونها بمعنى (كل)، شاهده قول الله عز وجل: {ولهم فيها من كل الثمرات}، معناه كل الثمرات، وقوله عز وجل: {يغفر لكم من ذنوبكم}، معناه يغفر لكم ذنوبكم. وقوله عز وجل: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}، معناه: وعدهم الله كلهم مغفرة؛ لأنه قدم وصف قوم يجتمعون في استحقاق هذا الوعد. وقول الله عز وجل في غير هذا الموضع: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير}، معناه: ولتكونوا كلكم أمة تدعو إلى الخير، قال الشاعر:
أخو رغائب يعطاها ويسألها = يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
أراد: يأبى الظلامة لأنه نوفل زفر. ومستحيل أن تكون
(مِنْ) هاهنا تبعيضا إذ دخلت على ما لا يتبعض، والعرب تقول: قطعت من الثوب قميصا، وهم لا ينوون أن القميص قطع من بعض الثوب دون بعض؛ إنما يدلون بـ(من) على التجنيس، كقوله عز وجل: {فاجتبوا الرجس من الأوثان} معناه: فاجتنبوا الأوثان التي هي رجس، واجتنبوا الرجس من جنس الأوثان؛ إذ كان يكون من هذا الجنس ومن غيره من الأجناس.
وقال الله عز وجل: {وننزل من القرآن ما هو شفاء}، فـ (مِنْ)، ليست هاهنا تبعيضا؛ لأنه لا يكون بعض القرآن شفاء وبعضه غير شفاء، فـ(مِنْ) تحتمل تأويلين: أحدهما التجنيس، أي ننزل الشفاء من جهة القرآن، والتأويل الآخر أن تكون (من) مزيدة للتوكيد، كقوله: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}، وهو يريد يغضوا أبصارهم، وكقول ذي الرمة:

إذا ما امرؤ حاولن يقتتلنه = بلا إحنة بين النفوس ولا ذحل
تبسمن عن نور الأقاحي في الثرى = وفترن من أبصار مضروجة نجل
أراد: وفترن أبصار مضروجة.
وكان بعض أصحابنا يقول: من ليست مزيدة للتوكيد في قوله: {من كل الثمرات}، وفي قوله: {من أبصارهم} وفي قوله: {يغفر لكم من ذنوبكم}. وقال: أما قوله: {من كل الثمرات}، فإن (من) تبعيض، لأن العموم في جميع الثمرات لا يجتمع لهم في وقت واحد؛ إذ كان قد تقدم منها ما قد أكل، وزال وبقي منها ما يستقبل ولا ينفد أبدا، فوقع التبعيض لهذا المعنى.
قال: وقوله: {يغضوا من أبصارهم} معناه: يغضوا بعض أبصارهم. وقال: لم يحظر علينا كل النظر، إنما حظر علينا بعضه، فوجب التبعيض من أجل هذا التأويل.
قال: وقوله: {يغفر لكم من ذنوبكم} من هاهنا مجنسة، وتأويل الآية: يغفر لكم من إذنابكم، وعلى إذنابكم، أي يغفر لكم من أجل وقوع الذنوب منكم، كما يقول الرجل: اشتكيت من دواء شربته، أي من أجل الدواء.
وقال بعض المفسرين: من في قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة} مبعضة، لأنه ذكر أصحاب نبيه صلى الله عليه، وكان قد ذكر
قبلهم الذين كفروا فقال: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية}. وقال بعد: {منهم}؛ أي من هذين الفريقين، ومن هذين الجنسين). [كتاب الأضداد: 252-255] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والإربة والأرب والإرب الحاجة ومنه قول عائشة: كان أملككم لإربه [في حديث النبي عليه السلام]. ويقال المأربة والمأربة وجمعها مآرب من قول الله عز وجل: {ولي فيها مآرب أخرى} ). [الغريب المصنف: 3/984]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في المخنث الذي كان يدخل على أزواجه فقال لعبد الله بن أبي أمية أخي أم سلمة: إن فتح الله علينا الطائف غدا دللتك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يدخل هذا عليكن)).
قال: حدثناه ابن علية عن روح بن القاسم عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما في حديث يروى عن الليث بن سعد بإسناد له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((ألا أراك تعقل هذا؟ لا يدخل ذا عليكن)).
...
....
وفيه من الفقه دخوله كان على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإنه وإن كان مخنثا فهو رجل يجب عليهن الاستتار منه، وإنما وجهه عندنا أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم من غير أولي الإربة من الرجال لقول الله عز وجل: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن ...} إلى قوله: {أو التابعين غير أولي
الإربة من الرجال} فلهذا كان ترك النبي صلى الله عليه وسلم إياه أن يدخل على أزواجه.
فلما وصف الذي وصف من المرأة علم أنه ليس من أولئك فأمر بإخراجه.
ألا تراه يقول له: ((ألا أراك تعقل ما ههنا؟)) فعند ذلك نهى عن دخوله عليهن.
وكذلك يروى عن الشعبي أو سعيد بن جبير أنه قال في {غير أولي الإربة من الرجال} قال: هو المعتوه.
وهذا عندي أولى من قول مجاهد.
قال: حدثناه ابن علية عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {غير أولي الإربة من الرجال}، قال: الذي لا أرب له في النساء.
قال مجاهد: مثل فلان.
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا، ألا ترى أنه قد يكون لا أرب له في النساء وهو مع هذا يعقل أمرهن ويعرف مساويهن من محاسنهن.
والذي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان عنده لا يعقل هذا، فلما رآه قد عقله أمر بإخراجه). [غريب الحديث: 2/96-102]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لأربه.
حدثناه أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم بن صبيح
عن مسروق عن عائشة.
قولها: لأربه، هكذا يروى في الحديث، وهو في الكلام المعروف لإربه، والإرب: الحاجة، أو لإربته، والإربة: الحاجة أيضا قال الله تبارك وتعالى: {غير أولي الأربة من الرجال} فإن كان هذا محفوظا، ففيه ثلاث لغات: الأرب والإربة والإرب.
وقد يكون الإرب -في غير هذا- العضو ويقال له: إرب، ويقال منه: قطعته إربا إربا.
والإرب أيضا: الخب والمكر، ومنه: الرجل يؤارب صاحبه، ومنه قول قيس بن الخطيم:
أربت بدفع الحرب حتى رأيتها = على الدفع لا تزداد غير تقارب
فقد يكون قوله: " أربت " من معنيين: يكون من الأريب وهو العاقل العالم بالأشياء، يقول: كنت حاذقا بدفعها حتى رأيتها على الدفع لا تزداد إلا قربا فقاتلت حينئذ.
ويكون " أربت " من الإرب وهو المكر والخديعة قال الأصمعي ذاك أو بعضه.
وفي هذا الحديث من الفقه قولها: ولكنه كان أملككم لأربه أنه لم يكره القبلة، إنما كره ما يخاف منها. وكذلك المباشرة). [غريب الحديث: 5/368-370]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول ما أربك إلى هذا أي ما حاجتك إليه ولي في هذا الشيء أرب وإربة ومأربة أي حاجة قال الله جل ثناؤه: {ولي فيها مآرب أخرى} وقال: {غير أولي الإربة من الرجال} أي غير ذوي الحاجة من الرجال إلى النساء). [إصلاح المنطق: 295] (م)

قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
سفى فوقهن الترب ضاف كأنه = على الفَرْج والحاذين قنو مذلل
...
الفرج: ما بين الفخذين). [شرح ديوان كعب بن زهير: 54] (م)


رد مع اقتباس