عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {والشّمس وضحاها * والقمر إذا تلاها * والنّهار إذا جلّاها * واللّيل إذا يغشاها * والسّماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفسٍ وما سوّاها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسّاها * كذّبت ثمود بطغواها * إذ انبعث أشقاها * فقال لهم رسول اللّه ناقة اللّه وسقياها * فكذّبوه فعقروها فدمدم عليهم ربّهم بذنبهم فسوّاها * ولا يخاف عقباها}
أقسم اللّه تعالى بالشمس؛ إما على التنبيه منها، وإما على تقدير: وربّ الشمس.
و(الضّحى) بضمّ الضاد والقصر: ارتفاع الضوء وكماله، وبهذا فسّر مجاهدٌ، وقال قتادة: «هو النهار كلّه».
وقال مقاتلٌ:« ضحاها: حرّها، كقوله تعالى في (طه): {ولا تضحى}»
و(الضّحاء) ـ بفتح الضاد والمدّ ـ: ما فوق ذلك إلى الزوال). [المحرر الوجيز: 8/ 627]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والقمر يتلو الشمس من أول الشهر إلى نصفه في الغروب، تغرب هي ثمّ يغرب هو، ويتلوها في النصف الآخر بنحوٍ آخر، وهو أن تغرب هي فيطلع هو.
وقال الحسن بن أبي الحسن: {تلاها}: «تبعها دأبًا في كلّ وقتٍ؛ لأنّه يستضيء منها، فهو يتلوها لذلك».
قال القاضي أبو محمّدٍ: «فهذا اتّباعٌ لا يختصّ بنصفٍ أولٍ من الشهر ولا بآخرٍ». وقاله الفرّاء أيضًا، وقال الزّجّاج وغيره: {تلاها} «معناه: امتلأ واستدار فكان لها تابعًا في المنزلة من الضياء والقدر؛ لأنّه ليس في الكواكب شيءٌ يتلو الشمس في هذا المعنى غير القمر».
قال قتادة: «إنما ذلك ليلة البدر، تغيب هي فيطلع هو»). [المحرر الوجيز: 8/ 627-628]

تفسير قوله تعالى: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(النّهار) في ظاهر هذه السورة والتي بعدها أنه من طلوع الشمس، وكذلك قال الزّجّاج في كتاب (الأنواء) وغيره، واليوم من طلوع الفجر، ولا يختلف أنّ نهايتهما مغيب الشمس.
والضمير في {جلاّها} يحتمل أن يعود على الشمس، ويحتمل أن يعود على الأرض وعلى الظّلمة، وإن كان لم يجئ لذلك ذكرٌ، فالمعنى يقتضيه. قاله الزّجّاج.
وجلّى معناه: كشف وضوّأ، والفاعل لـ(جلّى) - على هذه التأويلات - النهار، ويحتمل أن يكون الفاعل اللّه تعالى، كأنه قال: والنهار إذا جلّى اللّه الشمس، فأقسم بالنهار في أكمل حالاته). [المحرر الوجيز: 8/ 628]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(يغشى) معناه: يغطّي، والضمير للشمس على تجوّزٍ في المعنى، أو للأرض). [المحرر الوجيز: 8/ 628]

تفسير قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما بناها} وكلّ ما بعده من نظائره في السورة يحتمل أن تكون (ما) فيه بمعنى (الذي). قاله أبو عبيدة، أي: ومن بناها، وهو قول الحسن ومجاهدٍ؛ لأنّ (ما) تقع عامّةً لمن يعقل ولما لا يعقل، فيجيء القسم بنفسه تعالى، ويحتمل أن تكون (ما) في جميع ذلك مصدريّةً. قاله قتادة، والمبرّد، والزّجّاج، كأنه تعالى قال: والسماء وبنيانها). [المحرر الوجيز: 8/ 628]

تفسير قوله تعالى: {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(طحا) بمعنى (دحا)، و(طحا) أيضًا في اللغة بمعنى: ذهب كلّ مذهبٍ، ومنه قول علقمة بن عبدة:
طحا بك قلبٌ في الحسان طروب بعيد الشّباب عصر حان مشيب). [المحرر الوجيز: 8/ 628]

تفسير قوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(النّفس) التي أقسم اللّه بها اسم الجنس، و(تسويتها) إكمال عقلها ونظرها، ولذلك ربط الكلام بقوله تعالى: {فألهمها فجورها}… الآية. فالفاء تعطي أنّ التسوية هي هذا الإلهام.
ومعنى قوله تعالى: {فألهمها فجورها} أي: عرّفها طرق ذلك، وجعل لها قوّةً يصحّ معها اكتساب الفجور واكتساب التقوى). [المحرر الوجيز: 8/ 628-629]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وجواب القسم في قوله تعالى: {قد أفلح} والتقدير: لقد أفلح، والفاعل بـ(زكّى) يحتمل أن يكون هو اللّه تعالى، وقاله ابن عبّاسٍ وغيره، كأنه تعالى قال: قد أفلحت الفرقة أو الطائفة التي زكّاها اللّه تعالى.
و(من) تقع على جمعٍ أو أفرادٍ، ويحتمل أن يكون الفاعل بـ (زكّى) الإنسان، وعليه تقع (من). وقاله الحسن وغيره، كأنّه تعالى قال: قد أفلح من زكّى نفسه، أي: اكتسب الزكاة التي قد خلقها اللّه تعالى له.
و{زكّاها} معناه: طهّرها ونمّاها بالخيرات). [المحرر الوجيز: 8/ 629]

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{دسّاها} معناه: أخفاها وحقّرها، أي: حقّر قدرها بالمعاصي والبخل بما يحبّ، يقال: دسا يدسو ودسًّا - بشدّ السين - يدسّي، وأصله دسّس، ومنه قول الشاعر:
ودسّست عمرًا في التّراب فأصبحت.......حلائله يبكين للفقد ضعّفا
وروي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا قرأ هذه الآية قال: «اللّهمّ آت نفسي تقواها، وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليّها ومولاها».
وهذا الحديث يقوّي أنّ المزكّي هو اللّه تعالى. وقال ثعلبٌ: معنى الآية: وقد خاب من دسّاها في أهل الخير بالرياء، وليس منهم في حقيقته). [المحرر الوجيز: 8/ 629]


رد مع اقتباس