عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:36 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {هل أتاك حديث الغاشية * وجوهٌ يومئذٍ خاشعةٌ * عاملةٌ نّاصبةٌ * تصلى نارًا حاميةً * تسقى من عينٍ آنيةٍ * لّيس لهم طعامٌ إلّا من ضريعٍ * لا يسمن ولا يغني من جوعٍ * وجوهٌ يومئذٍ نّاعمةٌ * لسعيها راضيةٌ * في جنّةٍ عاليةٍ * لّا تسمع فيها لاغيةً}.
قال بعض المفسّرين: {هل} بمعنى (قد). وقال الحذّاق: هي على بابها توقيفٌ فائدته تحريك نفس السامع إلى تلقّي الخبر. وقيل: المعنى: هل كان هذا من علمك لولا أن علّمناك؟. ففي هذا التأويل تقرير النّعمة.
و{الغاشية}: القيامة؛ لأنها تغشى العالم كلّه بهولها وتغييرها لبنيته. قاله سفيان وجمهورٌ من المتأوّلين.
وقال ابن جبيرٍ ومحمّد بن كعبٍ: {الغاشية}: النار، وقد قال تعالى: {وتغشى وجوههم النّار}، وقال: {ومن فوقهم غواشٌ}؛ فهي تغشى سكّانها.
والقول الأوّل يؤيّده قوله تعالى: {وجوهٌ يومئذٍ خاشعةٌ}). [المحرر الوجيز: 8/ 596]

تفسير قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والوجوه الخاشعة هي وجوه الكفّار، وخشوعها ذلّها وتغيّرها بالعذاب). [المحرر الوجيز: 8/ 596]

تفسير قوله تعالى: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في قوله تعالى: {عاملةٌ ناصبةٌ}؛ فقال ابن عبّاسٍ، والحسن، وابن جبيرٍ، وقتادة: معناه: عاملةٌ في النار ناصبةٌ فيها. والنّصب: التّعب؛ لأنّها تكبّرت عن العمل لله تعالى في الدّنيا، فأعملها في الآخرة في ناره.
وقال عكرمة والسّدّيّ: المعنى: عاملةٌ في الدنيا ناصبةٌ يوم القيامة، فالعمل على هذا هو مساعي الدّنيا.
وقال ابن عبّاسٍ، وزيد بن أسلم، وابن جبيرٍ: المعنى: هي عاملةٌ في الدنيا ناصبةٌ فيها؛ لأنها على غير هدًى، فلا ثمرة لعاملها إلاّ النّصب، وخاتمته النار. وقالوا: الآية في القسّيسين وعبّاد الأوثان وكلّ مجتهدٍ في كفرٍ.
وقد ذهب إلى هذا المذهب عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه في تأويل الآية، وبكى رحمةً لراهبٍ نصرانيٍّ رآه مجتهداً. وفي الحديث أنّ النبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم] ذكر القدريّة فبكى وقال:
«إنّ فيهم المجتهد».
وقرأ ابن كثيرٍ –في رواية شبلٍ– وابن محيصنٍ: (عاملةً ناصبةً) بالنّصب على الذّمّ، والناصب فعلٌ مضمرٌ تقديره: أذمّ، أو أعني، أو نحو هذا). [المحرر الوجيز: 8/ 596-597]

تفسير قوله تعالى: {تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ السّتّة، وحفصٌ عن عاصمٍ، والأعرج، وطلحة، وأبو جعفرٍ، والحسن: {تصلى} بفتح التاء وسكون الصّاد، على بناء الفعل للفاعل، أي: الوجوه.
وقرأ أبو بكرٍ عن عاصمٍ، وأبو عمرٍو –بخلافٍ عنه– وأبو رجاءٍ، وأبو عبد الرحمن، وابن محيصنٍ– واختلف عن نافعٍ وعن الأعرجٍ-: (تصلى) بضمّ التاء وسكون الصاد، وذلك يحتمل أن يكون من: صليته النار، بمعنى: أصليته، فيكون كتضرب، ويحتمل أن يكون من: أصليته، فيكون كتكرم.
قرأ بعض الناس: (تصلّى) بضمّ التاء وفتح الصاد وشدّ اللام، على التّعدية بالتضعيف، حكاها أبو عمرو بن العلاء.
و(الحامية): المسعّرة التّوقّد المتوهّجة). [المحرر الوجيز: 8/ 597]

تفسير قوله تعالى: {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الآنية): التي قد انتهى حرّها، كما قال تعالى: {وبين حميمٍ آنٍ}؛ قاله ابن عبّاسٍ، والحسن، ومجاهدٌ، وقال ابن زيدٍ: معنى {آنيةٍ}: حاضرةٌ لهم، من قولهم: أنى الشيء. إذا حضر). [المحرر الوجيز: 8/ 597]

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في (الضّريع)؛ فقال الحسن وجماعةٌ من المفسّرين: هو الزّقّوم؛ لأنّ اللّه تعالى قد أخبر في هذه الآية أنّ الكفّار لا طعام لهم إلاّ من ضريعٍ، وقد أخبر أنّ الزّقّوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أنّ الضّريع هو الزّقّوم.
وقال سعيد بن جبيرٍ: الضّريع حجارةٌ في النار.
وقال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة، وعكرمة: الضّريع: شبرق النار.
وقال أبو حنيفة: الضّريع: الشّبرق؛ وهو مرعى سوءٍ، لا تعقد السّائمة عليه شحماً ولا لحماً. ومنه قول ابن عيزارة الهذليّ:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ....... حدباء دامية اليدين حرود
وقال أبو ذؤيبٍ:
رعى الشّبرق الرّيّان حتّى إذا ذوى ....... وعاد ضريعاً بان منه النّحائص
وقيل: الضّريع: العشرق.
وقال النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
«الضّريع: شوكٌ في النّار».
وقال بعض اللّغويّين: الضّريع: يبس العرفج إذا تحطّم.
وقال آخرون: هو رطب العرفج.
وقال الزّجّاج: هو نبتٌ كالعوسج.
وقال بعض المفسّرين: الضّريع نبتٌ في البحر أخضر منتنٌ مجوّفٌ مستطيلٌ، له نورٌ فيه كبيرٌ.
وقال ابن عبّاسٍ أيضاً: الضّريع: شجرٌ من نارٍ.
وكلّ من ذكر شيئاً مما قدّمناه فإنما يعني أن ذلك من نارٍ ولا بدّ، وكلّ ما في النار فهو نارٌ.
وقال قومٌ: ضريعٌ، وادٍ في جهنّم.
وقال جماعةٌ من المتأولّين: الضّريع: طعام أهل النار، ولم يرد أن يخصّص شيئاً ممّا ذكر.
قال بعض اللّغويّين: وهذا ممّا لا تعرفه العرب.
وقيل: الضّريع: الجلدة التي على العظم تحت اللّحم. ولا أعرف من تأوّل الآية بهذا.
وأهل هذه الأقاويل يقولون: الزّقّوم لطائفةٍ، والضّريع لطائفةٍ، والغسلين لطائفةٍ.
واختلف في المعنى الذي سمّي به ضريعاً؛ فقيل: هو ضريعٌ بمعنى مضرعٍ، أي: مضعفٍ للبدن مهزلٍ، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:
«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين. ومن فعيلٍ بمعنى مفعلٍ قول عمرو بن معديكرب:
أمن ريحانة الدّاعي السّميع ....... يؤرّقني وأصحابي هجوع
يريد: المسمع.
وقيل: ضريعٌ: فعيلٌ من المضارعة، أي: لأنه يشبه المرعى الجيّد، ويضارعه في الظاهر، وليس به). [المحرر الوجيز: 8/ 597-599]

تفسير قوله تعالى: {لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)}


رد مع اقتباس