عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 06:10 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {كنتم خير أمّةٍ...}
في التأويل: في اللوح المحفوظ. ومعناه أنتم خير أمّة؛ كقوله: {واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم}، و{إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض} فإضمار كان في مثل هذا وإظهارها سواء). [معاني القرآن: 1/229]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولتكن منكم أمّةٌ يدعون إلى الخير}، و{كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس}، أما قوله: {إنّ إبرهيم كان أمّةً قانتاً} أي: كان إماماً مطيعاً، ويقال أنت أمّة في هذا الأمر، أي: يؤتم بك. {وادّكر بعد أمّةٍ}: بعد قرن، ويقال: (بعد أمهٍ) أي: نسيان، نسيت كذا وكذا: أي: أمهت، وأنا آمهه، ويقال: هو ذو أمهٍ. مكسور الميم، وبعضهم يقول: ذو أمّةٍ بمعنًى واحد، أي ذو دين واستقامة؛ وكانوا بأمةٍ وبإمة، أي استقامة من عيشهم، أي: دوم منه؛ {كنتم خير أمّة} أي: جماعة؛ وهو أمّةٌ على حدة، أي: واحد، ويقال: يبعث زيد بن عمرو ابن نفيل أمةً وحده، وقال النابغة في أمة وإمّةٍ، معناه الدّين والاستقامة:
وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع
ذو أمة: بالرّفع والكسر، والمعنى الدّين، والاستقامة). [مجاز القرآن: 1/99-100] (م)
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لّهم مّنهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}
قال تعالى: {كنتم خير أمّةٍ} يريد "أهل أمّةٍ" لأنّ الأمّة الطريقة. والأمّة أيضاً لغة. قال النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبةً = وهل يأثمن ذو أمّةٍ وهو طائع). [معاني القرآن: 1/179]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومنه أن يأتي الفعل على بنية الماضي وهو دائم، أو مستقبل: كقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، أي: أنتم خير أمّة.
وقوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، أي: وإذ يقول الله يوم القيامة. يدلك على ذلك قوله سبحانه: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}.
وقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}، يريد: يوم القيامة. أي: سيأتي قريبا فلا تستعجلوه.
وقوله: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}، أي: من هو صبيّ في المهد.
وكذلك قوله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}، وكذلك قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}.
إنما هو: الله سميع بصير، والله على كل شيء قدير.
وقوله: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ}، أي: فنسوقه.
في أشباه لهذا كثيرة في القرآن). [تأويل مشكل القرآن:295-296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل وعلا: {كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} يعني به: أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وقيل في معنى {كنتم خير أمّة أخرجت} كنتم عند الله في اللوح المحفوظ - وقيل كنتم منذ آمنتم خير أمة.
وقال بعضهم معنى {كنتم خير أمة}: هذا الخطاب أصله إنّه خوطب به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يعم سائر أمّة محمد، والشريطة في الخيرية ما هو في الكلام وهو قوله عزّ وجلّ:

{تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه}أي: توحدون اللّه بالإيمان برسوله لأن من كفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوحد اللّه، وذلك أنه يزعم أن الآيات المعجزات التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذات نفسه فجعل غير الله يفعل فعل اللّه وآيات الأنبياء، لا يقدر عليها إلا اللّه عزّ وجلّ.
ويدل على أن قوله: {وتؤمنون باللّه}: تقرون أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - نبي اللّه.
قوله عزّ وجلّ: {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم} فأهل الكتاب كفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فصاروا كفارا باللّه فأعلم اللّه أن بعضهم وهو القليل منهم آمن باللّه فقال:
{منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}والفاسق: الذي خرج عن أمر اللّه). [معاني القرآن: 1/456]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((نحن نكمل سبعين أمة نحن آخرها وأكرمها على الله)).
وقال أبو هريرة: نحن خير الناس للناس نسوقهم بالسلاسل إلى الإسلام.
وقال ابن عباس: نزلت فيمن هاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.
وقيل معنى {كنتم خير أمة أخرجت للناس}: كنتم في اللوح المحفوظ
وقيل {كنتم} منذ آمنتم.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: على هذا الشرط على أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر ثم بينه.
وقال عطية: شهدتم للنبيين صلى الله عليهم أجمعين بالبلاغ الذين كفر بهم قومهم .
ثم بين الخيرية التي هي فيهم فقال {تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}
ثم بين أن الإيمان بالله لا يقبل إلا بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به فقال عز وجل: {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}
والفاسق: الخارج عن الحق). [معاني القرآن: 1/458-460]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): (وقوله: {كنتم خير أمة} أي: أنتم، وقوله - أيضا: كنتم خير أمة، أي: في علم الله - عز وجل). [ياقوتة الصراط: 190]

تفسير قوله تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {يولّوكم الأدبار...}
مجزوم؛ لأنه جواب للجزاء {ثمّ لا ينصرون} مرفوع على الاستئناف، ولأن رءوس الآيات بالنون، فذلك مما يقوّي الرفع؛ كما قال {ولا يؤذن لهم فيعتذرون} فرفع، وقال تبارك وتعالى: {لا يقضى عليهم فيموتوا}). [معاني القرآن: 1/229]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({لن يضرّوكم إلاّ أذًى وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون}
قال: {لن يضرّوكم إلاّ أذًى} استثناء يخرج من أول الكلام.
وهو كما روى يونس عن بعض العرب أنه قال: "ما أشتكي شيئاً إلاّ خيراً". ومثله {لاّ يذوقون فيها برداً ولا شراباً * إلاّ حميماً وغسّاقاً}). [معاني القرآن: 1/180]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({لن يضرّوكم إلّا أذىً} أي: لم تبلغ عداوتهم لكم أن يضروكم في أنفسكم، إنما هو أذى بالقول). [تفسير غريب القرآن: 108]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (ووعد اللّه النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين في أهل الكتاب أنهم منصورون عليهم، وأنه لا ينالهم من أهل الكتاب اصطلام ولا غلبة فقال: {لن يضرّوكم إلّا أذى وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون} أي: يؤذونكم بالبهت والتحريف، فأمّا العاقبة فتكون للمؤمنين.
قال اللّه - عزّ وجلّ -: {ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار ثمّ لا ينصرون} يعني به: أهل الكتاب؛ وأعلمهم في هذه الآية أنهم إن قاتلوهم ولوهم الأدبار وسلبوا النصر وكذلك كان أمر اليهود). [معاني القرآن: 1/457]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار}
أخبر الله تعالى اليهود لن يضروا المسلمين إلا بتحريف أو بهت فأما الغلبة فلا تكون لهم). [معاني القرآن: 1/460]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({لن يضروكم} في أنفسكم {إلا أذى} أي: بالقول). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 50]

تفسير قوله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {إلاّ بحبلٍ مّن اللّه...}
يقول: إلا أن يعتصموا بحبل من الله؛ فأضمر ذلك، وقال الشاعر:
رأتني بحبليها فصدّت مخافةً * وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق
أراد: أقبلت بحبليها، وقال الآخر:
حنتني حانيات الدهر حتى * كأني خاتل أدنو لصيد
قريب الخطو يحسب من رآني * ولست مقيّدا أني بقيد
يريد: مقيّدا بقيد). [معاني القرآن: 1/230]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ بحبل من الله}: إلا بعهد من الله، قال الأعشى:
وإذا تجوّزها حبال قبيلةٍ... أخذت من الأخرى إليك حبالها
{وباءوا بغضبٍ من الله} أي: أحرزوه وبانوا به.
{وضربت عليهم المسكنة} أي: ألزموا المسكنة). [مجاز القرآن: 1/101]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({ضربت عليهم الذّلّة أين ما ثقفوا إلاّ بحبلٍ مّن اللّه وحبلٍ مّن النّاس وباءوا بغضبٍ مّن اللّه وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون الأنبياء بغير حقٍّ ذلك بما عصوا وّكانوا يعتدون}
[قال] {ضربت عليهم الذّلّة أين ما ثقفوا إلاّ بحبلٍ مّن اللّه} فهذا مثل {لن يضرّوكم إلاّ أذى} استثناء خارج من أول الكلام في معنى "لكنّ" وليس بأشد من قوله: {لاّ يسمعون فيها لغواً إلاّ سلاماً}). [معاني القرآن: 1/180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({إلا بحبل من الله}: الحبل العهد). [غريب القرآن وتفسيره: 109]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({إلّا بحبلٍ من اللّه} أي: بلسان وعهد. [والحبل] يتصرف على وجوه قد ذكرتها في «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ويقال للأمان أيضا: حبل، لأنّ الخائف مستتر مقموع، والآمن منبسط بالأمان متصرّف، فهو له حبل إلى كل موضع يريده.
قال الله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} أي: بأمان.
وقال الأعشى:
وإذا تُجَوِّزُهَا حِبَالُ قبيلةٍ = أَخَذَت مِنَ الأُخْرَى إِلَيْكَ حِبَالَهَا
وأما قول امرئ القيس:
إنِّي بحبلكَ وَاصِلٌ حَبْلِي = وَبريشِ نَبْلِكَ رَائِشٌ نَبْلِي
فإنه يريد: إنّي واصل بيني وبينك.
وأصل هذا: يكون في البعيرين يكونان مفترقين وعلى كل واحد منهما حبل، فيقرنان بأن يوصل حبل هذا بحبل هذا.
وقال أبو زبيد يذكر رجلا سرى ليلة كلها:
ناط أمر الضّعاف فاجتعل اللّيـ = ــل كحبل العاديّة الممدود.
يريد: أن مسيره اتصل الليل كلّه، فكان كحبل ممدود). [تأويل مشكل القرآن:464-466]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل وعلا: {ضربت عليهم الذّلّة أين ما ثقفوا إلّا بحبل من اللّه وحبل من النّاس وباءوا بغضب من اللّه وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون الأنبياء بغير حقّ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}
والحبل: العهد.
فأعلم اللّه أنهم بعد عزّ كانوا فيه يبلغون في الذلة ما لا يبلغه أهل مكة، وكانوا ذوي منعة ويسار، فأعلم اللّه أنهم يذلون أبدا إلا أن يعزوا بالذمة التي يعطونها في الإسلام. وما بعد الاستثناء، ليس من الأول أنهم أذلاء إلا أنهم يعتصمون بالعهد إذا أعطوه.

وأعلم اللّه أنهم جعلت عقوبتهم هذه العقوبة الغليظة في الدنيا والآخرة لتغليظ ما ركبوه فقال - جل وعلا: {ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون الأنبياء بغير حقّ}.
وضع ذلك رفع بالابتداء المعنى أمرهم ذلك وحقهم ذلك بكفرهم.
وقتلهم الأنبياء وأعاد ذكر ذلك ثانية فقال: {ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.
الاعتداء المجاوزة في كل شيء - مجاوزة القدر - المعنى حقها بكفرهم - فأعلم الله أنهم غير متساوين فقال:
{ليسوا سواء من أهل الكتاب أمّة قائمة يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون}). [معاني القرآن: 1/457-458]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم أخبر تعالى أنهم أذلاء فقال {ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس}
قال ابن عباس: الحبل العهد.
قال أبو جعفر: هذا استثناء ليس من الأول والمعنى ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا أنهم يعتصمون بحبل من الله وحبل من الناس يعني الذمة التي لهم.
ثم قال تعالى: {وباءوا بغضب من الله}أي: رجعوا وقيل احتملوا.
وحقيقته في اللغة: أنه لزمهم ذلك وتبوأ فلان الدار من هذا أي لزمها.
ثم خبر تعالى لم فعل بهم ذلك فقال {ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}والاعتداء: التجاوز). [معاني القرآن: 1/461-462]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّه} أي: بأمان وصحة عهد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 51]

رد مع اقتباس