عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 06:35 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({وتولّى عنهم وقال يا أسفى على يوسف} أي: أعرض عن بنيه وقال متذكّرًا حزن يوسف القديم الأوّل: {يا أسفى على يوسف} جدّد له حزن الابنين الحزن الدّفين.
قال عبد الرّزّاق، أخبرنا الثّوريّ، عن سفيان العصفريّ، عن سعيد بن جبيرٍ أنّه قال: لم يعط أحدٌ غير هذه الأمّة الاسترجاع، ألّا تسمعون إلى قول يعقوب، عليه السّلام: {يا أسفى على يوسف وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيمٌ} أي: ساكتٌ لا يشكو أمره إلى مخلوقٍ قاله قتادة وغيره.
وقال الضّحّاك: {فهو كظيمٌ} كميدٌ حزينٌ.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا حمّاد بن سلمة [حدّثنا أبو موسى]، عن عليّ بن زيدٍ عن الحسن، عن الأحنف بن قيسٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ داود عليه السّلام، قال: يا ربّ، إنّ بني إسرائيل يسألونك بإبراهيم وإسحاق ويعقوب، فاجعلني لهم رابعًا. فأوحى اللّه تعالى إليه أن يا داود، إنّ إبراهيم ألقي في النّار بسببي فصبر، وتلك بليّةٌ لم تنلك، وإنّ إسحاق بذل مهجة دمه في سببي فصبر، وتلك بليّةٌ لم تنلك، وإنّ يعقوب أخذت منه حبيبه حتّى ابيضّت عيناه من الحزن، فصبر، وتلك بليّةٌ لم تنلك".
وهذا مرسلٌ، وفيه نكارةٌ ؛ فإنّ الصّحيح أنّ إسماعيل هو الذّبيح، ولكنّ عليّ بن زيد بن جدعان له مناكير وغرائب كثيرةٌ، واللّه أعلم.
وأقرب ما في هذا أن يكون قد حكاه الأحنف بن قيسٍ، رحمه اللّه، عن بني إسرائيل ككعبٍ ووهبٍ ونحوهما، واللّه أعلم، فإنّ الإسرائيليّين ينقلون أنّ يعقوب كتب إلى يوسف لمّا احتبس أخاه بسبب السّرقة يتلطّف له في ردّه، ويذكر له أنّهم أهل بيتٍ مصابون بالبلاء، فإبراهيم ابتلي بالنّار، وإسحاق بالذّبح، ويعقوب بفراق يوسف، في حديثٍ طويلٍ لا يصحّ، واللّه أعلم، فعند ذلك رقّ له بنوه، وقالوا له على سبيل الرّفق به والشّفقة عليه: {قالوا تاللّه تفتأ تذكر يوسف} أي: لا تفارق تذكّر يوسف، {حتّى تكون حرضًا} أي: ضعيف الجسم، ضعيف القوّة، {أو تكون من الهالكين} يقولون: وإن استمرّ بك هذا الحال خشينا عليك الهلاك والتّلف). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 405]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({قال إنّما أشكو بثّي وحزني إلى اللّه} أي: أجابهم عمّا قالوا بقوله: {إنّما أشكو بثّي وحزني}أي: همّي وما أنا فيه {إلى اللّه} وحدّه {وأعلم من اللّه ما لا تعلمون} أي: أرجو منه كلّ خيرٍ.
وعن ابن عبّاسٍ: {وأعلم من اللّه ما لا تعلمون} [يعني رؤيا يوسف أنّها صدقٌ وأنّ اللّه لا بدّ أن يظهرها وينجزها. وقال العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: {وأعلم من اللّه ما لا تعلمون} أعلم أنّ رؤيا يوسف صادقةٌ، وأنّي سوف أسجد له.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنيّة، عن حفص بن عمر بن أبي الزّبير، عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "كان ليعقوب النّبيّ، عليه السّلام، أخٌ مؤاخ له، فقال له ذات يومٍ: ما الّذي أذهب بصرك وقوّس ظهرك؟ قال: الّذي أذهب بصري البكاء على يوسف، وأمّا الّذي قوّس ظهري فالحزن على بنيامين، فأتاه جبريل، عليه السّلام، فقال: يا يعقوب، إنّ اللّه يقرئك السّلام ويقول لك: أما تستحيي أن تشكوني إلى غيري؟ فقال يعقوب: إنّما أشكو بثّي وحزني إلى اللّه. فقال جبريل، عليه السّلام: اللّه أعلم بما تشكو".
وهذا حديثٌ غريبٌ، فيه نكارة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 405-406]

تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا بنيّ اذهبوا فتحسّسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح اللّه إنّه لا ييئس من روح اللّه إلا القوم الكافرون (87) فلمّا دخلوا عليه قالوا يا أيّها العزيز مسّنا وأهلنا الضّرّ وجئنا ببضاعةٍ مزجاةٍ فأوف لنا الكيل وتصدّق علينا إنّ اللّه يجزي المتصدّقين (88)}
يقول تعالى مخبرًا عن يعقوب، عليه السّلام، إنّه ندب بنيه على الذّهاب في الأرض، يستعلمون أخبار يوسف وأخيه بنيامين.
والتّحسّس يكون في الخير، والتّجسّس يستعمل في الشّرّ.
ونهّضهم وبشّرهم وأمرهم ألّا ييأسوا من روح اللّه، أي: لا يقطعوا رجاءهم وأملهم من اللّه فيما يرومونه ويقصدونه فإنّه لا يقطع الرّجاء، ويقطع الإياس من اللّه إلّا القوم الكافرون).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 406]

رد مع اقتباس