عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:27 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فليقاتل في سبيل اللّه الّذين يشرون الحياة الدّنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل اللّه فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا}
وهذا حضٌّ من اللّه المؤمنين على جهاد عدوّه من أهل الكفر به على أحايينهم غالبين كانوا أو مغلوبين، والتّهاون بأحوال المنافقين في جهاد من جاهدوا من المشركين، وقع جهادهم أعداء الله وأعداءهم بالمسرة فيهم أو بالمساءة لأنهم في جهادهم إيّاهم مغلوبين كانوا أو غالبين؛ منزلةً من اللّه رفيعةً.
يقول اللّه لهم جلّ ثناؤه: {فليقاتل في سبيل اللّه} يعني: في دين اللّه والدّعاء إليه والدّخول فيما أمر به أهل الكفر به {الّذين يشرون الحياة الدّنيا بالآخرة} يعني: الّذين يبيعون حياتهم الدّنيا بثواب الآخرة وما وعد اللّه أهل طاعته فيها. وبيعهم إيّاها بها إنفاقهم أموالهم في طلب رضا اللّه، بجهاد من أمر بجهاده من أعدائه وأعداء دينه، وبذلهم مهجهم له في ذلك ثم. أخبر جلّ ثناؤه بما لهم في ذلك إذا فعلوه، فقال: {ومن يقاتل في سبيل اللّه فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا} يقول: ومن يقاتل في طلب إقامة دين اللّه وإعلاء كلمة اللّه أعداء اللّه، {فيقتل}، يقول: فيقتله أعداء اللّه أو يغلبهم فيظفر بهم {فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا} يقول: فسوف نعطيه في الآخرة ثوابًا وأجرًا عظيمًا. وليس لما سمّى جلّ ثناؤه عظيمًا مقدارٌ يعرف مبلغه عباد اللّه، قد دلّلنا على أنّ الأغلب على معنى شريت في كلام العرب بعت بما أغنى.
وقد:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فليقاتل في سبيل اللّه الّذين يشرون الحياة الدّنيا بالآخرة} يقول: يبيعون الحياة الدّنيا بالآخرة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {يشرون الحياة الدّنيا بالآخرة} فيشري: يبيع، ويشري: فأخبره يأخذ، وإنّ الحمقى باعوا بالآخرة الدّنيا). [جامع البيان: 7/222-224]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فليقاتل في سبيل اللّه الّذين يشرون الحياة الدّنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل اللّه فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا (74)
قوله تعالى: فليقاتل
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى فليقاتل في سبيل اللّه يعني يقاتل المشركين.
قوله تعالى: في سبيل اللّه
- وبه عن سعيدٍ قوله: في سبيل اللّه قال: في طاعة اللّه.
قوله تعالى: الّذين يشرون الحياة الدّنيا بالآخرة
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: فليقاتل في سبيل اللّه الّذين يشرون الحياة الدّنيا بالآخرة يقول:
يبيعون الحياة الدّنيا بالآخرة.
قوله تعالى: ومن يقاتل
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثنا عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ قوله: ومن يقاتل في سبيل اللّه يعني:
ومن يقاتل المشركين.
قوله تعالى: في سبيل اللّه
قد تقدم تفسيره.
قوله تعالى: فيقتل
- وبه عن سعيدٍ بن جبيرٍ قوله: فيقتل يعني: يقتله العدوّ.
قوله تعالى: أو يغلب
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ قوله: أو يغلب يعني: يغلب العدوّ من المشركين.
قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجراً عظيماً
- وبه عن سعيدٍ قوله: فسوف نؤتيه أجراً يعني: جزاءً.
قوله تعالى: عظيماً
- وبه عن سعيدٍ قوله: أجراً عظيماً يعني: جزاءً وافراً في الجنّة، فجعل القاتل والمقتول من المسلمين في جهاد المشركين شريكين في الأجر.
- حدّثنا عبد الرّحمن بن خلفٍ النّصريّ الحمصيّ، ثنا محمّدٌ- يعني ابن شعيبٍ عن الأوزاعيّ حدّثني يحيى بن أبي كثيرٍ في قوله: ومن يقاتل في سبيل اللّه فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً قال: الأجر العظيم: الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 3/1000-1002]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي {الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة} يقول: يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {فليقاتل} يعني يقاتل المشركين {في سبيل الله} قال: في طاعة الله {ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل} يعني يقتله العدو {أو يغلب} يعني يغلب العدو من المشركين {فسوف نؤتيه أجرا عظيما} يعني جزاءا وافرا في الجنة فجعل القاتل والمقتول من المسلمين في جهاد المشركين شريكين في الأجر). [الدر المنثور: 4/535]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن وقتادة قالا في قوله تعالى أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها إن رجلا خرج من قرية ظالمة إلى قرية صالحة فأدركه الموت في الطريق فناء بصدره إلى القرية الصالحة قالا فما تلاقاه إلا بذلك فأصبحت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأمروا أن يقدروا بين أقرب القريتين إليه فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة بشبر وقال بعضهم قرب الله إليه الصالحة فتوفاه ملائكة الرحمة). [تفسير عبد الرزاق: 1/166]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين من الرّجال والنّساء} [النساء: 75] الآية
- حدّثني عبد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا سفيان، عن عبيد اللّه، قال: سمعت ابن عبّاسٍ، قال: «كنت أنا وأمّي من المستضعفين من الرّجال والنّساء»
- حدّثنا سليمان بن حربٍ، حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن أيّوب، عن ابن أبي مليكة، أنّ ابن عبّاسٍ، تلا {إلّا المستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان} [النساء: 98] ، قال: «كنت أنا وأمّي ممّن عذر اللّه» ويذكر عن ابن عبّاسٍ {حصرت} [النساء: 90]:ضاقت، {تلووا} [النساء: 135]:ألسنتكم بالشّهادة وقال غيره: " المراغم: المهاجر، راغمت: هاجرت قومي. {موقوتًا} [النساء: 103]:موقّتًا وقته عليهم "). [صحيح البخاري: 6/46-47]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه إلى الظّالم أهلها ولأبي ذر والمستضعفين من الرّجال والنّساء الآية والأظهر أنّ المستضعفين مجرورٌ بالعطف على اسم اللّه أي وفي سبيل المستضعفين أو على سبيل اللّه أي وفي خلاص المستضعفين وجوّز الزّمخشريّ أن يكون منصوبًا على الاختصاص

[4587] قوله عن عبيد الله هو بن أبي يزيد وفي مسند أحمد عن سفيان حدّثني عبيد اللّه بن أبي يزيد قوله كنت أنا وأمّي من المستضعفين كذا للأكثر زاد أبو ذرٍّ من المستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان وأراد حكاية الآية وإلّا فهو من الولدان وأمّه من المستضعفين ولم يذكر في هذا الحديث من الرّجال أحدًا وقد أخرجه الإسماعيليّ من طريق إسحاق بن موسى عن بن عيينة بلفظ كنت أنا وأمّي من المستضعفين أنا من الولدان وأمّي من النّساء
قوله في الطّريق الأخرى أن ابن عبّاس تلا في رواية المستملى عن بن عبّاسٍ أنّه تلا قوله كنت أنا وأمّي ممّن عذر اللّه أي في الآية المذكورة وفي روايةٍ لأبي نعيمٍ في المستخرج من طريق محمّد بن عبيد عن حمّاد بن زيدٍ كنت أنا وأمّي من المستضعفين قلت واسم أمّه لبابة بنت الحارث الهلاليّة أمّ الفضل أخت ميمونة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم
قال الدّاوديّ فيه دليلٌ لمن قال إنّ الولد يتبع المسلم من أبويه). [فتح الباري: 8/255-256]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله} إلى {الظّالم أهلها} (النّساء: 75)

أي: هذا باب في قوله عز وجل: {لا تقاتلون في سبيل الله} إلى قوله: {الظّالم أهلها} هكذا وقع في رواية أبي ذر، وفي رواية الأكثرين: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرّجال والنّساء} الآية وتمامها (والولدان الّذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرًا) قوله عز وجل: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله} تحريض لعباده المؤمنين على الجهاد في سبيله وعلى السّعي في استنقاذ المستضعفين بمكّة من الرّجال والنّساء والصبيان. قوله: (والمستضعفين) ، منصوب عطفا على (سبيل الله) أي: في سبيل الله وخالص المستضعفين أو منصوب على الاختصاص، يعني: واختص في سبيل الله خلاص المستضعفين، والمراد من القربة مكّة. قوله: (واجعل لنا من لدنك وليا) ، أي: سخر لنا من عندك وليا ناصرا). [عمدة القاري: 18/178]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين من الرّجال والنّساء} الآية
(قوله) تعالى: ({وما لكم}) ولأبي ذر باب بالتنوين في قوله تعالى: {وما لكم} وما مبتدأ ولكم خبره وجملة ({لا تقاتلون في سبيل الله}) الأظهر أنها في موضع نصب على الحال أي ما لكم غير مقاتلين والعامل في هذه الحال الاستقرار القدر ({والمستضعفين}) جر على الأظهر بالعطف على سبيل الله أي في سبيل الله وفي خلاص المستضعفين وهم الذين أسلموا بمكة ومنعهم المشركون من الهجرة ({من الرجال والنساء}) فبقوا بين أظهرهم مستذلين يلقون منهم الأذى الشديد (الآية) كذا لأبي ذر ولغيره بعد قوله: {من الرجال والنساء} إلى {الظالم أهلها} الظالم: صفة للقرية وهي مكة، وأهلها رفع به على الفاعلية وهم كفرة قريش وأل في الظالم موصولة بمعنى التي أي التي ظلم أهلها بالكفر، فالظالم جار علي القرية لفظًا وهو لما بعدها معنى.
- حدّثني عبد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا سفيان عن عبيد اللّه، قال: سمعت ابن عبّاسٍ قال: كنت أنا وأمّي من المستضعفين.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن أبي يزيد المكي أنه (قال: سمعت ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (قال: كنت أنا وأمي) أم الفضل لبابة بنت الحرث الهلالية، (من المستضعفين) في مكة، وزاد أبو ذر من الرجال والنساء والولدان، ومراده حكاية الآية، وإلا فهو من الولدان جمع وليد وهو الصغير وأمه من المستضعفين). [إرشاد الساري: 7/88]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان الّذين يقولون ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليًّا واجعل لنا من لدنك نصيرًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وما لكم أيّها المؤمنون لا تقاتلون في سبيل اللّه، وفي المستضعفين يقول: عن المستضعفين منكم من الرّجال والنّساء والولدان. فأمّا من الرّجال فإنّهم كانوا قد أسلموا بمكّة، فغلبتهم عشائرهم على أنفسهم بالقهر لهم وآذوهم ونالوهم بالعذاب والمكاره في أبدانهم، ليفتنوهم عن دينهم. فحضّ اللّه المؤمنين على استنقاذهم من أيدي من قد غلبهم على أنفسهم من الكفّار، فقال لهم: وما شأنكم لا تقاتلون في سبيل اللّه وعن مستضعفي أهل دينكم وملّتكم الّذين قد استضعفهم الكفّار فاستذلّوهم ابتغاء فتنتهم وصدّهم عن دينهم من الرّجال والنّساء والولدان جمع ولدٍ: وهم الصّبيان. {الّذين يقولون ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها} يعني بذلك أنّ هؤلاء المستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان يقولون في دعائهم ربّهم بأن ينجيهم من فتنة من قد استضعفهم من المشركين: يا ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها، والعرب تسمّي كلّ مدينةٍ قريةً، يعني: الّتي قد ظلمتنا وأنفسها أهلها. وهي في هذا الموضع فيما فسّر أهل التّأويل مكّة وخفض الظّالم، لأنّه من صفة الأهل، وقد عادت الهاء والألف اللّتان فيه على القرية، وكذلك تفعل العرب إذا تقدّمت صفة الاسم الّذي معه كنايه لاسمٍ قبلها أتبعت إعرابها إعراب الاسم الّذي قبلها كأنّها صفةٌ له، فتقول: مررت بالرّجل الكريم أبوه.
{واجعل لنا من لدنك وليًّا} يعني أنّهم يقولون أيضًا في دعائهم: يا ربّنا واجعل لنا من عندك وليًّا يلي أمرنا بالكفاية ممّا نحن فيه من فتنة أهل الكفر بك {واجعل لنا من لدنك نصيرًا} يقولون: واجعل لنا من عندك من ينصرنا على من ظلمنا من أهل هذه القرية الظّالم أهلها، بصدّهم إيّانا عن سبيلك حتّى تظفرنا بهم ونعلي دينك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {من الرّجال والنّساء والولدان الّذين يقولون ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها} قال: أمر المؤمنين أن يقاتلوا عن مستضعفي المؤمنين كانوا بمكّة.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {{من الرّجال والنّساء والولدان الّذين يقولون ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها من الرّجال والنّساء والولدان}مكّة، أمر المؤمنين أن يقاتلوا عن مستضعفين مؤمنين كانوا بمكّة.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان الّذين يقولون ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها} يقول: وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه وفي المستضعفين، وأمّا القرية: فمكّة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين} قال: وفي المستضعفين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، أنّه سمع محمّد بن مسلم بن شهابٍ، يقول: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان} قال: في سبيل اللّه وسبيل المستضعفين.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، وقتادة، في قوله: {أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها} قالا: خرج رجلٌ من القرية الظّالمة إلى القرية الصّالحة، فما فأدركه الموت في الطّريق، فنأء بصدره إلى القرية الصّالحة قالا فما تلافاه إلا ذلك فاحتجّت فيه ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب، فأمروا أن يقدروا أقرب القريتين إليه، فوجدوه أقرب إلى القرية الصّالحة بشبرٍ. وقال بعضهم: قرّب اللّه إليه القرية الصّالحة، فتوفّته ملائكة الرّحمة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والمستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان} هم أناسٌ مسلمون كانوا بمكّة لا يستطيعون أن يخرجوا منها فيهاجروا، فعذرهم اللّه، وفيهم أولئك نزل قوله: {ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها} فهي مكّة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان الّذين يقولون ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها} قال: وما لكم لا تفعلون، تقاتلون وهؤلاء الضّعفاء المساكين الّذين يدعون اللّه بأن يخرجهم من هذه القرية الظّالم أهلها، فهم ليس لهم قوّةٌ؟ فما لكم لا تقاتلون حتّى يسلم للّه هؤلاء ودينهم؟ قال: والقرية الظّالم أهلها: مكّة). [جامع البيان: 7/224-228]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان الّذين يقولون ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليًّا واجعل لنا من لدنك نصيرًا (75)
قوله تعالى: وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين من الرجال والنّساء والولدان أمر المؤمنين أن يقاتلوا عن مستضعفين مؤمنين كانوا بمكّة.
قوله تعالى: والمستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان
- حدّثنا أبي ثنا أبو نعيمٍ الفضل بن دكينٍ وابن أبي عمر قالا: ثنا سفيان بن عيينة عن عبيد اللّه بن أبي يزيد سمع ابن عبّاسٍ يقول: كنت أنا وأمّي من المستضعفين. وفي حديث ابن أبي عمر زيادةً: من الرّجال والنّساء والولدان، فأنا من الولدان، وأمّي من النّساء.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ حدّثنا أبي حدّثنا عمّي حدّثني أبي عن أبيه عن ابن عبّاسٍ قوله والمستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان فهم أناسٌ مسلمون كانوا بمكّة لم يستطيعوا أن يخرجوا منها فيهاجروا، فعذرهم اللّه فهم أولئك. وروي عن عطاءٍ نحو ذلك.
- حدّثنا أبي ثنا أبو غسّان مالك بن إسماعيل، حدّثني ابن عيينة في قوله: وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين من الرجال والنّساء والولدان قال: وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه وفي المستضعفين.
قوله تعالى: الّذين يقولون ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا بعض الرّاوين ثنا عليّ بن أبي بكرٍ عن موسى بن أبي طلحة عن أبيه عن عائشة في قوله: ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها قال:
مكّة.
وروي عن ابن عبّاسٍ من رواية ابن عطيّة عن أبيه ومجاهدٍ والسّدّيّ نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن الحسن وقتادة أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها قالا: خرج من القرية الظّالمة إلى القرية الصّالحة، فأدركه الموت في الطّريق فنأى بصدره إلى القرية الصالحة قالا: فما تلاقاه إلا ذلك، فاحتجب فيه ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب، فأمروا أن يقدّروا أقرب القريتين إليه، فوجدوه أقرب إلى القرية الصّالحة بشبرٍ، وقال بعضهم: قرّب اللّه إليه القرية الصّالحة فتوفّته ملائكة الرّحمة.
قوله تعالى: واجعل لنا من لدنك وليّاً
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا عبيد اللّه- يعني ابن موسى- عن أبي جعفرٍ- يعني الرّازيّ- عن الرّبيع بن أنسٍ من لدنك من عندك. وروي عن السّدّيّ مثل ذلك.
قوله تعالى: واجعل لنا من لدنك نصيراً. [5617]
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عقبة- يعني بن خالدٍ- عن إسرائيل عن جابرٍ، عن مجاهدٍ وعكرمة: واجعل لنا من لدنك نصيراً قالا: حجّةً ثابتةً). [تفسير القرآن العظيم: 3/1002-1003]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين قال أمر الله المؤمنين أن يقاتلوا عن مستضعفي المؤمنين من الرجال والنساء والولدان). [تفسير مجاهد: 165]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) ابن عباس - رضي الله عنه - {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين - إلى قوله - الظّالم أهلها} [النساء: 75] قال: كنت أنا وأمّي من المستضعفين.
وفي روايةٍ قال: تلا ابن عباسٍ {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان} فقال: كنت أنا وأمي ممّن عذر الله، أنا من الولدان، وأمي من النساء. أخرجه البخاري). [جامع الأصول: 2/93]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين} قال: وسبيل المستضعفين.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال: المستضعفون: أناس مسلمون كانوا بمكة لا يستطيعون أن يخرجوا منها.
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال: كنت أنا وأمي من المستضعفين
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: أمر المؤمنون أن يقاتلوا عن مستضعفين مؤمنين كانوا بمكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة في قوله {ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها} قال: مكة، واخرج ابن جرير عن ابن عباس مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وعكرمة {واجعل لنا من لدنك نصيرا} قالا: حجة ثابتة). [الدر المنثور: 4/535-536]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين آمنوا يقاتلون في سبيل اللّه والّذين كفروا يقاتلون في سبيل الطّاغوت فقاتلوا أولياء الشّيطان إنّ كيد الشّيطان كان ضعيفًا}.
يعني تعالى ذكره: الّذين صدّقوا اللّه ورسوله وأيقنوا بموعود اللّه لأهل الإيمان به {يقاتلون في سبيل اللّه} يقول: في طاعة اللّه ومنهاج دينه وشريعته الّتي شرعها لعباده {والّذين كفروا يقاتلون في سبيل الطّاغوت} يقول: والّذين جحدوا وحدانيّة اللّه وكذّبوا رسوله وما جاءهم به من عند ربّهم {يقاتلون في سبيل الطّاغوت} يعني: في طاعة الشّيطان وطريقه ومنهاجه الّذي شرعه لأوليائه من أهل الكفر باللّه. يقول اللّه مقوّيًا عزم المؤمنين به من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ومحرّضهم على أعدائه وأعداء دينه من أهل الشّرك به {فقاتلوا} أيّها المؤمنون {أولياء الشّيطان} يعني بذلك: الّذين يتولّونه ويطيعون أمره في خلاف طاعة اللّه والتّكذيب به وينصرونه {إنّ كيد الشّيطان كان ضعيفًا} يعني بكيده: ما كاد به المؤمنين من تحزيبه أولياءه من الكفّار باللّه على رسوله وأوليائه أهل الإيمان به. يقول: فلا تهابوا أولياء الشّيطان، فإنّما هم حزبه وأنصاره، وحزب الشّيطان أهل وهنٍ وضعفٍ. وإنّما وصفهم جلّ ثناؤه بالضّعف، لأنّهم لا يقاتلون رجاء ثوابٍ، ولا يتركون القتال خوف عقابٍ، وإنّما يقاتلون حميّةً أو حسدًا للمؤمنين على ما آتاهم اللّه من فضله، والمؤمنون يقاتل من قاتل منهم رجاء العظيم من ثواب اللّه، ويترك القتال إن تركه على خوفٍ من وعيد اللّه في تركه، فهو يقاتل على بصيرةٍ بما له عند اللّه إن قتل، وبما له من الغنيمة والظّفر إن سلم. والكافر يقاتل على حذرٍ من القتل، وإياس من معادٍ، فهو ذو ضعفٍ وخوفٍ). [جامع البيان: 7/228-229]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين آمنوا يقاتلون في سبيل اللّه والّذين كفروا يقاتلون في سبيل الطّاغوت فقاتلوا أولياء الشّيطان إنّ كيد الشّيطان كان ضعيفًا (76)
قوله تعالى: الّذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله
قد تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: والّذين كفروا يقاتلون في سبيل الطّاغوت فقاتلوا أولياء الشّيطان إنّ كيد الشّيطان كان ضعيفا.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عيسى الطّبّاع والنّفيليّ قالا: ثنا غياثٌ عن خصيفٍ عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: إذا رأيتم الشّيطان فلا تخافوه واحملوا عليه إنّ كيد الشّيطان كان ضعيفاً.
والسّياق للنّفيليّ). [تفسير القرآن العظيم: 3/1003]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن قتادة {والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت} يقول في سبيل الشيطان.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: إذا رأيتم الشيطان فلا تخافوه واحملوا عليه {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} قال مجاهد: كان الشيطان يتراءى لي في الصلاة، فكنت أذكر قول ابن عباس فأحمل عليه فيذهب عني). [الدر المنثور: 4/536]


رد مع اقتباس