عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 19 صفر 1440هـ/29-10-2018م, 07:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة غافر

[ من الآية (34) إلى الآية (37) ]

{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)}
قوله تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (كذلك يطبع اللّه على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ (35)
قرأ أبو عمرو وحده (على كلّ قلبٍ متكبّرٍ) منونًا وقراً الباقون بالإضافة
قال أبو منصور - من نون (قلبٍ) جعل قوله (متكبّرٍ) نعتًا له، ومعناه: أن صاحبه متكبر.
ومن قرأ (على كلّ قلب متكبّرٍ) أضاف (قلب) إلى (متكبّرٍ) وهو وجه القراءة؛ لأن المتكبر هو الإنسان). [معاني القراءات وعللها: 2/346]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {على كل قلب متكبر جبار} [35].
قرأ أبو عمرو وابن ذكوان عن ابن عامر: {قلب متكبر} منونًا جعله نعتًا للقلب؛ لأن القلب إذا تكبر تكبر صاحبه، كما قال: {فظلت أعناقهم لها خاضعين} لأن الأعناق لما خضعت أخضعت أربابها. وتكبر القلب: قسوته، وإذا قسا القلب كان معه ترك الطاعة. وكذلك تقول: مررت بيوم عاصف أي: عاصف ريحه وعاصف الريح.
وقرأ الباقون: {على كل قلب متكبر} بالإضافة أي: على كل قلب رجل مكتبر، واحتجوا بما حدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/268]
في حرف عبد الله {كذلك يطبع الله على قلب كل متكبر جبار به} فهذا شاهد لمن أضاف.
قال الفراء: وسمعت بعض النحويين يقول: إن فلانا يرجل شعره يوم كل جمعة فقدم وأخر. والجبار في اللغة: الذي يقتل على الغضب له.
فإن سأل فقال: إن صفات الله تعالى نحو: عليم، وكبير، وجبار، محمودة فلم صار هذا مذمومًا؟
فقل: إن جبارًا في صفة الله هو الذي عباده على ما أراد وأحيا وأما، وهي صفة لا تليق إلا بالله. وكذلك الكبر رداء الله فإذا جاء المخلوق ليتشبه بمن لا يشبهه شيء وارتكب ما ليس له ونازع الله جل جلالة رداءه، وكان مذمومًا له.
فإن قال قائل: فإن (أفعل) لا يكون منه (فعال)؟
فقل: قال ثعلب: عن سلمة عن الفراء قال: قد وجدت فعالاً من أفعل حرفين أدرك فهو دراك، وأجبر فهو جبار ولا ثالث لهما، يقال: أجبرته على كذا، أي قهرته، وجبرت العظم الفقير فهما مجبوران، والله جابر كل كسر، وجبر وجبار من أجبر.
قال ابن خالوية: وقد وجدت حرفًا ثالثًا أسار الشراب في القدح فهو سأر، وقال الأخطل:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/269]
لا بالحصور ولا فيها بسأر
ومن روي: بسوار) فهو المعربد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/270]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ أبو عمرو وحده: على كل قلب متكبر [غافر/ 35] ينوّن قلب. وقرأ الباقون: على كل قلب متكبر مضاف.
وجه قول أبي عمرو أنّه جعل التكبّر صفة للقلب، وإذا وصف القلب بالتكبّر كان صاحبه في المعنى متكبّرا، وكأنّه أضاف التكبّر إلى القلب كما أضاف الصّعر إلى الخدّ، في قوله: ولا تصعر خدك للناس [لقمان/ 18] فكما يكون بتصعّر الخدّ متكبرا، كذلك يكون التكبّر في القلب متكبر الجملة. وممّا يقوّي ذلك أنّ الكبر قد أضيف إلى القلب في قوله: إن في صدورهم إلا كبر [غافر/ 56] فالكبر في
[الحجة للقراء السبعة: 6/109]
القلب، كالصغر في الخدّ، والثني في الجيد في قوله:
«.. ثاني الجيد ».
وكذلك كإضافة الخضوع إلى أعناق فيمن جعل الأعناق جمع عنق الذي هو العضو. فكما أنّ هذه الأمور إذا أضيفت إلى هذه الأعضاء، ووصفت بها، كان الوصف شاملا لجملة
الشخص، كذلك التكبّر إذا أضيف إلى القلب يكون صاحبه به متكبّرا. وكذلك إضافة الكتابة إلى اليد في قوله: فويل لهم مما كتبت أيديهم [البقرة/ 79] فأمّا من أضاف فقال: على كل قلب متكبر، فلا يخلو من أن يقدّر الكلام على ظاهره، أو يقدّر فيه حذفا، فإن تركه على ظاهره كان المعنى: يطبع على كلّ قلب متكبّر، أي: يطبع على جملة القلب من المتكبّر، وليس المراد أنّه يطبع على كلّ قلبه فيعمّ الجميع بالطبع، إنّما المعنى أنّه يطبع على القلوب إذا كانت قلبا قلبا، والطبع علامة في جملة القلب، كالختم عليه، فإذا كان الحمل على الظاهر غير مستقيم علمت أنّ الكلام ليس على ظاهره، وأنّه قد حذف منه شيء، وذلك المحذوف إذا أظهرته كذلك، يطبع اللّه على كلّ قلب، كلّ متكبّر، فيكون المعنى: يطبع على القلوب إذا كانت قلبا قلبا، من كلّ متكبّر، ويختم عليه، ويؤكّد ذلك أنّ في حرف ابن مسعود فيما زعموا: على قلب كل متكبر، وإظهار كل* في حرفه يدلّ على أنّه في حرف العامّة أيضا مراد وحسن كل* لتقدّم ذكرها، كما جاء ذلك في قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 6/110]
أكلّ امرئ تحسبين امرأ ونار توقّد بالليل نارا وفي قولهم: ما كلّ سوداء تمرة، ولا بيضاء شحمة. فحذف كل* لتقدّم ذكرها وكذلك في الآية). [الحجة للقراء السبعة: 6/111]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبّار}
قرأ أبو عمرو وابن عامر {على كل قلب متكبر} بالتّنوين وقرأ الباقون بغير تنوين
من نون جعل المتكبر نعتا للقلب وصفة له لأن القلب إذا تكبر تكبر صاحبه المعنى أن صاحبه متكبر كقوله تعالى {ناصية كاذبة}
[حجة القراءات: 630]
أضاف الفعل إلى الناصية والمعنى لصاحبها وممّا يقوي ذلك قوله {إن في صدورهم إلّا كبر} فالكبر في القلب قال اليزيدي حجّة هذه القراءة قوله {ونطبع على قلوبهم} ولم يقل عليهم فالطبع إنّما قصد به القلب ومن قرأ بالإضافة فهو الوجه لأن المتكبر هو الإنسان المعنى على قلب كل رجل متكبر). [حجة القراءات: 631]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ} [آية/ 35] منونًا غير مضاف:-
قرأها أبو عمرو، وابن عامر على اختلاف عنه.
والوجه أن قوله {مُتَكَبِّرٍ} صفة لقلب ووصف القلب بالتكبر مستقيم، كما قال تعالى {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ}، وإذا وصف القلب بالتكبر كان
[الموضح: 1124]
صاحب القلب موصوفًا بذلك، وإنما حسن وصف القلب بالكبر؛ لأن كبر المتكبر هو اعتقاد لعظمة نفسه، والاعتقاد محله القلب.
وقرأ الباقون {عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ} بالإضافة.
والوجه أنه أضيف القلب إلى المتكبر؛ لأن التكبر من صفة الإنسان فهو ههنا على حذف الموصوف، كأنه قال: كل قلب إنسان متكبر، وفي هذا شيء آخر وهو أنه أضاف كلا إلى القلب وهو في المعنى للمتكبر؛ لأن المعنى يطبع الله على قلب كل متكبر، فقلب الكلام.
ويؤيد ذلك أن ابن مسعود قرأه كذلك.
وقال أبو علي: ليس المراد أن يطبع على كل قلبه فيعم القلب بالطبع، وإنما المعنى أنه يطبع على القلوب من المتكبرين، فلا بد إذًا من أن يكون فيه إضمار {كُلِّ} آخر حتى يصح المعنى، كأنه قال يطبع الله على كل قلب كل متكبر، فحذف كلا الثانية، كما قال:
153- أكل امرئ تحسبين امرءًا = ونار توقد بالليل نارا
أي وكل نار، فحذف كلا الثانية). [الموضح: 1125]

قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لعلّي أبلغ الأسباب (36)
فنح الياء ابن كثر ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأسكتها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/346]

قوله تعالى: {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فأطّلع إلى إله موسى)
قرأ حفص وحده (فأطّلع) نصبًا وقرأ الباقون (فأطّلع) رفعًا.
[معاني القراءات وعللها: 2/346]
قال أبو منصور: من قرأ (فأطّلع) بالرقع عطفه على قوله: (لعلّي أبلغ الأسباب فأطّلع) وهو وجه القراءة.
ومن نصب (فأطّلع) جعله جوابًا لـ (لعلّي)
وأنشد الفراء لبعض العرب:
علّ صروف الدّهر أو دولاتها... تديلنا اللّمّة من لمّاتها
فتستريح النّفس من زفراتها
فنصب على الجواب لـ (علّ)، وعلّ، ولعلّ معناهما واحد). [معاني القراءات وعللها: 2/347]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {فأطلع إلى إله موسى} [37].
روي حفص عن عاصم: {فأطلع إلى إله موسى} بالنصب لأن من العرب من ينصب جواب «لعل» بالفاء كما ينصب جواب كما ينصب جواب الاستفهام وغيره وقد قرأ عاصم أيضًا: {فتنفعه الذكرى} قال الشاعر شاهدًا لهذه القراءة-:
عل صروف الدهر أو دولاتها
يدللننا اللمة من لماتها
فتستريح النفس من زفراتها
وفي هذا البيت شاهد آخر، وهو أنه خفض بـ «لعل» وبني آخره على الكسرة، وهي لغة خطأها الكوفيون والبصريون، يقال: لعل زيدًا قائم وعل زيدًا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/270]
وعلى زيد وعل زيد ولعنك ولأنك ورعنك وزعتك كل ذلك بمعنى «لعل» .
وقرأ الباقون بالرفع: {فأطلع} وهو الاختيار نسق على لعلي أبلغ فأطلع.
وحكي الأخفش وحده لو أن قارئًا قرأ: {ياهامان ابن لي صرحًا} [36] بضم النون لكان صوابًا يتبع ضمة نون {ههمن} بضمه «ابن» لأن الألف سقطت للوصل والباء ليس حاجزًا قويًا إذ كان ساكنًا، وهذا غلط عندي؛ لأن كسرة النون في {ابن لي صرحًا} دلالة على الياء الساقطة فمتي ضممت ذهبت العلامة ألا ترى أن النحويين قالوا: من قرأ: {يا أبت إني رأيت} بكسر التاء لم يجز إلا الوقف بالتاء؛ لئلا تذهب العلامة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/271]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {وصد عن السبيل} [37].
قرأ أهل الكوفة: {وصد} ردا على قوله: {وكذلك زين}.
وقرأ الباقون: {وصد} بالفتح.
قال أبو عبيد: وهو الاختيار؛ لأن فيه حجة لأهل السنة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/271]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ عاصم في رواية حفص: فأطلع [غافر/ 37] نصبا.
وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم فأطلع* رفعا.
من رفع فقال: لعلّي أبلغ فأطلع كان المعنى: لعلّي أبلغ ولعلّي أطلع، ومثل هذه القراءة قوله: لعله يزكى أو يذكر [عبس/ 3، 4] أي لعلّه يتزكّى، ولعلّه يتذكّر. وليس بجواب، ولكن المعنى أبلغ فأطلع. ومن نصب جعله جوابا بالفاء لكلام غير موجب، كالأمر، والنهي، ونحوهما ممّا لا يكون إيجابا، والمعنى: إنّني إذا بلغت اطّلعت، ومثله: ألا تقع الماء فتسبح، أي ألّا تقع، وألا تسبح، وإذا نصب كان المعنى: إنّك إذا وقعت سبحت). [الحجة للقراء السبعة: 6/111]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ عاصم وحمزة والكسائي: وصد عن السبيل [غافر/ 37] بضمّ الصاد.
وقرأ الباقون: وصد* بفتح الصاد.
من قرأ: وصد عن السبيل بضمّ الصّاد فلأنّ ما قبله فعل مبني
[الحجة للقراء السبعة: 6/111]
للمفعول، فجعل ما عطف عليه مثله، والذي قبله: وكذلك زين لفرعون سوء عمله [غافر/ 37].
ومن قال: وصدّ فبنى الفعل للفاعل، فلأنّ فرعون قد تقدّم ذكره، وهو الصاد عن السبيل، ومن صدّه عن السبيل المستقيم والإيمان، وعيده من آمن على إيمانهم في قوله: لأقطعن أيديكم وأرجلكم [الأعراف/ 124، الشعراء/ 49] ونحو ذلك ممّا أوعدهموه لإيمانهم، والمزيّن له سوء عمله، والصادّ له هم طغاة أصحابه والشيطان. كما بيّن ذلك في الآية الأخرى في قوله: وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم [النمل/ 24] وممّا يقوّي بناء الفعل للفاعل: الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله [محمد/ 1] وإن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله [الحج/ 25] هم الذين كفروا وصدوكم [الفتح/ 25] وكذلك وصد عن السبيل ينبغي أن يكون الفعل مبنيا منه للفاعل مثل الآي الأخر.
قال: وصدّ عن السبيل، وصدّ عن الدين وقال: رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا [النساء/ 61] فيجوز أن يكون يصدّون هم عنك ويجوز أن يكون يصدّون المسلمين عن متابعتك والإيمان بك فصدّ وصددته، مثل رجع ورجعته، ونحوه). [الحجة للقراء السبعة: 6/112]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لعلي أبلغ الأسباب * أسباب السّماوات فأطلع إلى إله موسى} 36 و37
قرأ حفص {فأطلع إلى إله موسى} بالنّصب جعله جوابا بالفاء كأنّه جعل {لعلي أبلغ} تمنيا ونصب {فاطلع} على جواب التّمنّي بالفاء جعله جوابا بالفاء لكلام غير موجب والمعنى إنّي إذا بلغت اطّلعت
وقرأ الباقون {فاطلع} بالرّفع نسقا على قوله {أبلغ} المعنى لعلي أبلغ ولعلي أطلع ومثل هذه القراءة قوله {لعلّه يزكّى أو يذكر} أي لعلّه يتزكى ولعلّه يتذكّر). [حجة القراءات: 631]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السّبيل}
[حجة القراءات: 631]
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {وصد عن السّبيل} بضم الصّاد على ما لم يسم فاعله وجعلوا الفعل لله إن الله صده عن السّبيل كما قال {وطبع على قلوبهم} أي طبع الله عليها وحجتهم أن الكلام أتى عقيب الخبر من الله فلفظ ما لم يسم فاعله وهو قوله {وكذلك زين لفرعون} فجرى الكلام بعده بترك تسمية الفاعل ليأتلف الكلام على نظام واحد
وقرأ الباقون {وصد عن السّبيل} بالنّصب أسندوا الفعل إلى الفاعل وجعلوا الفعل له لأن فرعون تقدم ذكره وهو الصّاد عن السّبيل في قوله تعالى {لأقطعن أيديكم وأرجلكم} ونحو هذا وممّا يقوي بناء الفعل للفاعل قوله {الّذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} فذلك أسندوا ها هنا إلى الفاعل). [حجة القراءات: 632]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله {فأطلع إلى} قرأ حفص بالنصب على الجواب لـ «لعل»، لأنها غير واجبة كالأمر والنهي، والمعنى: إذا بلغت اطلعت، كما تقول: لا تقع في الماء فتسبح، معناه في النصب، إن وقعت في الماء سبحت، ومعناه في الرفع: لا تقع في الماء ولا تسبح، وقرأ الباقون بالرفع، عطفوه على {أبلغ} فالتقدير: لعلي أبلغ ولعلي أطلع، كأنه توقع أمرين على ظنه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/244]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {وصد عن السبيل} قرأه الكوفيون بضم الصاد، على ما لم يسم فاعله، وفرعون قام مقام الفاعل، وهو مضمر في {صد} فهو محمول على «زين» لأنه مبني للمفعول أيضًا، وهو {فرعون} فهو مضمر في الفعلين جميعًا، قام مقام الفاعل فيهما، وفتح الباقون الصاد، جعلوا {فرعون} فاعلا، ردوه على ذكر {فرعون} في قوله: {وقال فرعون} «36» وقوله: {زين لفرعون}، وقد تقدم ذكر هذا في الرعد). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/244]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [الآية/ 37] بنصب العين:-
رواها ص- عن عاصم.
[الموضح: 1125]
والوجه أن قوله {فَأَطَّلِعَ} جواب للترجي، وهو قوله {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ}، فالفعل الذي بعد الفاء منصوب بإضمار أن، كما يكون إذا كان جوابًا للأمر والنهي والاستفهام؛ لأن الكل غير موجب، والمعنى إن أبلغ أطلع، فقد صح كونه جوابًا.
وقرأ الباقون {فَاطَّلَعَ} بالرفع.
والوجه أنه معطوف على {أَبْلُغُ}، وليس بجواب، بل هو داخل في الترجي، كأنه قال لعلي أبلغ ولعلي أطلع). [الموضح: 1126]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ} [آية/ 37] بفتح الصاد:-
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر.
والوجه أنه على بناء الفعل للفاعل، والفاعل هو فرعون، وقد تقدم ذكره في قوله {زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ} وهو الصاد عن السبيل، كما قال: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله}.
وقرأ الكوفيون ويعقوب {وَصَدُّ عَنْ سَبِيلِ الله} بضم الصاد.
والوجه أنه مبني للمفعول به؛ لأن ما قبله كذلك وهو قوله {زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ} فكما أن ذاك على ما لم يسم فاعله فكذلك هذا الذي عطف عليه، ليكون المعطوف والمعطوف عليه متناسبين). [الموضح: 1126]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس