عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 20 ذو القعدة 1431هـ/27-10-2010م, 05:41 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 57 إلى آخر السورة]

{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (66) الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80) قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81) سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {منه يصدّون}...
- حدثني أبو بكر بن عياش, عن عاصم: أنه ترك {يَصُدون} من قراءة أبي عبد الرحمن، وقرأ: {يصِدون}
قال الفراء, وقال أبو بكر: حدثني عاصم, عن أبي رزين, عن أبي يحيى: أن ابن عباس قرأ: {يَصِدون} أي: يضجون, يعجون.
وفي حديث آخر: أن ابن عباس لقي ابن أخي عبيد بن عمير فقال:إن ابن عمك لعربي, فما له يلحن في قوله: {إذا قومك منه يصُدون}, إنما هي: {يصِدون}.
العرب تقول: يصِد ويصُد, مثل: يشد ويشد، وينم وينم من النميم, يصدون منه وعنه سواء). [معاني القرآن: 3/36-37]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({إذا قومك منه يصدّون}, من كسر الصاد فمجازها: يضجون , ومن ضمها فمجازها: يعدلون). [مجاز القرآن: 2/205]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولمّا ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدّون}
وقال: {يصدّون}, و{يصدّون} كما قال: {يحشر}, و{يحشر}). [معاني القرآن: 4/14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يصدون}: أي يضجون، وقالوا: يكذبون، يَصِدُّون ويَصُدُّون بمعنى الإعراض لغتان. ويقال يصدون يعدلون ). [غريب القرآن وتفسيره: 334]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إذا قومك منه يصدّون}: يضجون, يقال: صددت, أصدّ صدّا،إذا ضججت.
و«التّصدية» منه، وهو: التصفيق, والياء فيه مبدلة من دال، كأن الأصل فيه: «صددت» بثلاث دالات، فقبلت الأخرى ياء، فقالوا: «صديت», كما قالوا: قصيت أظفاري، والأصل: قصصت, ومن قرأ: {يَصُدُّون}: أراد: يعدلون ويعرضون). [تفسير غريب القرآن: 400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون}
{يصِدّون}, ويقرأ {يصُدّون} -بضم الصاد- , والكسر أكثر ومعناهما جميعا: يضجّون, ويجوز أن يكون معنى المضمومة: يعرضون.
وجاء في التفسير أن كفار قريش خاصمت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما قيل لهم: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم}.
قالوا: قد رضينا أن تكون آلهتنا بمنزله عيسى ابن مريم, والملائكة الذين عبدوا من دون اللّه, فهذا معنى ضرب عيسى المثل). [معاني القرآن: 4/416]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون}
قال مجاهد: قالوا ما ذكر محمد عيسى صلى الله عليهما إلا لننزله منزلته من النصارى.
وقال قتادة: لما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عيسى, غاظ ذلك قريشا.
وقالوا: لم ذكرت عيسى؟, وقالوا: ما ذكره إلا لنستعمل فيه ما استعملت النصارى في عيسى, فأنزل الله جل وعز: {ما ضربوه لك إلا جدلا}.
وقيل: نزل هذا في ابن الزبعرى لما انزل الله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون}, قالوا: فالنصارى تعبد المسيح.
قال جل وعز: {ما ضربوه لك إلا جدلا} أي: قد علموا أنه لا يراد بهذا المسيح, وإنما يراد بها الأصنام التي كانوا يعبدونها). [معاني القرآن: 6/374-375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {إذ قومك منه يصدون}
روى سفيان, وشعبة, عن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس: {إذا قومك منه يصدون}, قال: يضجون.
ويقرأ: (يصدون) بضم الصاد.
قال النخعي: أي يعرضون, وقال الكسائي: هما لغتان بمعنى واحد.
وأنكر بعض أهل اللغة الضم, وقال لو كانت (يصدون), لكانت عنه, ولم تكن منه.
وقال أبو جعفر: وهذا لا يلزم لأن معنى يصدون منه, أي: من أجله). [معاني القرآن: 6/376]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَصِدُّونَ}: أي: يضجون, ومن ضم الصاد: أراد يعدلون, ويعرضون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَصُدُّونَ}: يضحكون, {يَصِدُّونَ}: يعرضون). [العمدة في غريب القرآن: 269]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلّا جدلا بل هم قوم خصمون}
{ما ضربوه لك إلّا جدلا}: أي: طلبا للمجادلة, لأنهم قد علموا, أن المعنى في {حصب جهنّم} ههنا: أنه يعني به الأصنام وهم). [معاني القرآن: 4/416]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وقالوا أآلهتنا خير أم هو}
قال قتادة: {أم هو}: يعنون: محمدا, وفي قراءة أبي, وقالوا: أآلهتنا خير أم هذا؟, يعنون: محمدا.
ثم قال جل وعز: {ما ضربوه لك إلا جدلا}
المعنى على تفسير قتادة: إنهم قد علموا, أنك لا تريد منهم أن ينزلوك منزلة المسيح.
وعلى القول الآخر: إنهم قد علموا: أنه لا يراد بقوله جل وعز: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} المسيح عليه السلام وإنما يراد به الأصنام واللغة تدل على هذا؛ لأن ما لما لا يعقل فقد علم أن معنى, وما تعبدون من دون الله لا يكون للمسيح, وهذا أصح ما قيل في قوله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم}
ثم قال جل وعز: {بل هم قوم خصمون}, قال سفيان, حدثني رجل: أنها نزلت في ابن الزبعرى). [معاني القرآن: 6/377-378]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {إن هو إلّا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل}
يعني به: عيسى ابن مريم, ومعنى {وجعلناه مثلا لبني إسرائيل}: أنه يدلهم على نبوته). [معاني القرآن: 4/417]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل}
يكون المعنى على قول من قال: إن الآية نزلت في ابن الزبعرى: { إن المسيح إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل } أي: جعلناه عظة لهم, أي: ذا عظة , أي: يعظهم, ويجوز أن يكون معنى مثلا أنه بشر مثلهم, فضل عليهم, ويجوز أن يكون المعنى على قول قتادة, وعلى الآخر أيضا: {إن محمد إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل}, والكلام في مثل كالكلام فيه). [معاني القرآن: 6/379]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون}
عنى {يخلفون}: يخلف بعضهم بعضا، والمعنى لجعلنا منهم بدلا منكم). [معاني القرآن: 4/417]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون}
قال مجاهد: أي يعمرونها كما تعمرونها بدلا منكم.
وقال قتادة: أي ملائكة يخلف بعضهم بعضا). [معاني القرآن: 6/379-380]


تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّه لعلمٌ لّلسّاعة...}, وفي قراءة أبي: { وإنه لذكر للساعة}, وقد روي عن ابن عباس: {وإنه لعلمٌ للساعة}, و(علمٌ) جميعا، وكلٌّ صواب متقارب في المعنى). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وإنّه لعلمٌ للسّاعة} أي: نزول المسيح عليه السلام, يعلم به قرب الساعة, ومن قرأ: {لَعَلَمٌ للسّاعة} فإنه يعني : العلامة والدليل). [تفسير غريب القرآن: 400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وإنّه لعلم للسّاعة فلا تمترنّ بها واتّبعون هذا صراط مستقيم}
ويقرأ :(لعلم للسّاعة): المعنى أن ظهور عيسى ابن مريم عليه السلام علم للسّاعة، أي: إذا ظهر, دلّ على مجيء الساعة.
وقد قيل: إنه يعني به: أن القرآن العلم للساعة يدل على قرب مجيئها، والدليل على ذلك قوله: {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر}, والأول: أكثر في التفسير.
وقوله:{فلا تمترنّ بها} أي: لا تشكّنّ فيها). [معاني القرآن: 4/417]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها}
روى سفيان, عن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس: {وإنه لعلم للساعة}، قال: نزول عيسى.
وكذلك روى سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس, وكذلك قال مجاهد, وأبو مالك, وقد روي عن ابن عباس, وأبي هريرة أنهما قرءا: {وإنه لعلم للساعة}
قال الخليل: العلم, والعلامة واحد.
قال أبو جعفر: ومعنى {لعلم للساعة}: يعلم بنزول عيسى أن الساعة قد قربت.
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لينزلن أبن مريم حكما عدلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير)).
ويجوز أن يكون المعنى: وإن محمدا لعلم للساعة, لأنه خاتم النبيين, قال الله جل وعز: {اقتربت الساعة وانشق القمر} , ثم قال تعالى: {فلا تمترن بها} أي: فلا تشكوا). [معاني القرآن: 6/381]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ}: أي نزول عيسى صلى الله عليه وسلم،
وقيل: بعث محمد صلى الله عليه وسلم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه}: البعض ها هنا: الكل, قال لبيد بن ربيعة:


تــــرّاك أمـكــنــةٍ إذا لـــــم ارضــهـــا = أو يعتلق بعض النفوس حمامها

الموت لا يعتلق بعض النفوس دون بعض). [مجاز القرآن: 2/205]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقالوا للكبير: (جلل)، وللصغير: (جلل)، لأنّ الصغير قد يكون كبيرا عند ما هو أصغر منه، والكبير يكون صغيرا عند ما هو أكبر منه، فكلّ واحد منهما صغير كبير.
ولهذا جعلت (بعض) بمعنى (كلّ)، لأنّ الشيء يكون كلّه بعضا لشيء، فهو بعض وكلّ.
وقال عز وجل: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ}، {وكلّ} بمعنى {بعض}، كقوله: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}، و{يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ}، وقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}). [تأويل مشكل القرآن: 189-190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا جاء عيسى بالبيّنات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه فاتّقوا اللّه وأطيعون}
قوله جاء: {بالحكمة} أي: بالإنجيل, وبالبينات, أي: الآيات التي يعجز عنها المخلوقون.
وقالوا في معنى {بعض الّذي تختلفون فيه}: أي: كل الذي يختلفون فيه, واستشهدوا بقول لبيد:


أو يخترم بعض النّفوس حمامها


يريد كل النفوس، واستشهدوا أيضا بقول القطامي:


قد يدرك المتأنّي بعض حاجته


قالوا معناه كل حاجته, وهذا مذهب أبي عبيدة، والصحيح أن البعض لا يكون في معنى الكل، وهذا ليس في الكلام، والذي جاء به عيسى في الإنجيل إنّما هو بعض الذي اختلفوا فيه، وبين اللّه سبحانه لهم من غير الإنجيل ما احتاجوا إليه، وكذلك قوله: أو يخترم بعض النفوس حمامها، إنما يعني نفسه، ونفسه بعض النفوس). [معاني القرآن: 4/417-418]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه}
روى ابن أبي نجيح, عن مجاهد: {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه}, قال: تبديل التوراة). [معاني القرآن: 6/382]

تفسير قوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للّذين ظلموا من عذاب يوم أليم}
{الأحزاب}: قيل إنهم الأربعة الذين كانوا بعد عيسى، يعني به اليهود والنصارى). [معاني القرآن: 4/418]

تفسير قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (66)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (هل: تكون للاستفهام...، ويجعلونها أيضا بمعنى: (ما) في قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ}، و: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ}، و: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ}، و: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ}؟، و: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}؟.
هذا كله عندهم بمعنى: (ما).
وهو والأوّل عند أهل اللغة تقرير). [تأويل مشكل القرآن: 538-539](م)

تفسير قوله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {الأخلّاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلّا المتّقين}
جاء في التفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((الأخلاء أربعة: مؤمنان وكافران, فمات أحد المؤمنين, فسئل عن خليله فقال: ما علمته إلا أمّارا بالمعروف نهّاء عن المنكر، اللهم اهده كما هديتني، وأمته على ما أمتني عليه.
وسئل الكافر عن خليله فقال: ما علمته إلا أمّارا بالمنكر نهّاء عن المعروف، اللهم أضلله كما أضللتني، وأمته على ما أمتني عليه، فإذا كان يوم القيامة أثنى كل واحد على صاحبه شرّا)) ). [معاني القرآن: 4/418]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}
قال مجاهد: أصحاب المعاصي, متعادون يوم القيامة.
وقال الحارث: سئل علي بن أبي طالب عن قوله جل وعز: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو}, فقال: خليلان مؤمنان وخليلان كافران مات أحد المؤمنين فبشر بالجنة , فقال: اللهم لا تضل خليلي حتى يبشر بما بشرت به, وترضى عنه كما رضيت عني , فلما مات جمع بينهما , فقال له: جزاك الله من خليل, ومن أخ, وصاحب خيرا, فنعم الخليل كنت.
والكافران يقول أحدهما لصاحبه: بئس الخليل, والصاحب كنت. ثم قرأ: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}).
وقال مجاهد, قال ابن عباس : أحب لله , وأبغض لله , ووال لله, وعاد لله, فإنه إنما ينال ما عند الله بهذا , ولن ينفع أحد كثرة صومه , وصلاته, وحجه حيى يكون هكذا , وقد صار الناس اليوم يحبون , ويبغضون للدنيا, ولن ينفع ذلك أهله , ثم قرأ : {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} ). معاني القرآن: 6/3803]

تفسير قوله تعالى: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله:{يا عباد لا خوفٌ عليكم اليوم...}.
وهي في قراءة أهل المدينة: {يا عبادي} بإثبات الياء، والكلام, وقراءة العوام على حذف الياء). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عز وجل {يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون}
وتقرأ (يا عبادي)بإثبات الياء، وقد فسرنا حذف الياء, وإثباتها في مثل هذا فيما سلف من الكتاب). [معاني القرآن: 4/419]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {الّذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين}
{الذين}: في موضع نصب على النعت لعبادي، لأن عبادي منادى مضاف، وإنّما قيل {لا خوف عليكم اليوم} للمؤمنين لا لغيرهم، وكذلك: {ادخلوا الجنّة لا خوف عليكم} يعنى: يا عبادي المؤمنين ادخلوا الجنّة). [معاني القرآن: 4/419]

تفسير قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({تحبرون}: تسرون، محبور: مسرور.
قال العجاج: فالحمد لله الذي أعطى الحبر). [مجاز القرآن: 2/205]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({تحبرون} أي: تسرون. و«الحبرة»: السرور). [تفسير غريب القرآن: 400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{أنتم وأزواجكم تحبرون}
{تحبرون}: تكرمون إكراما يبالغ فيه، والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل). [معاني القرآن: 4/419]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون}
قال يحيى بن أبي كثير: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {أنتم وأزواجكم تحبرون}, قال: ((اللذة والسماع بما شاء الله من ذكره)).
قال قتادة: {تحبرون}: تنعمون). [معاني القرآن: 6/383-384]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({تحبرون} أي: تنعمون, {وأزواجكم}: نساؤكم). [ياقوتة الصراط: 461]

تفسير قوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وأكوابٍ...}, والكوب: المستدير الرأس الذي لا أذن له، قال عدي:
خيرٌ لها إن خشيت حجرة = مـــن ربّـهــا زيـــدٍ بــــن أيــــوب


مــتــكــئــا تـــصـــفـــق أبــــوابـــــه = يسقي عليـه العبـد بالكـوب

وقوله: {تشتهي الأنفس...}, وفي مصاحف أهل المدينة: (تشتهيه الأنفس وتلدّ)). [معاني القرآن: 3/37]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وأكوابٍ}، (الأكواب): الأبارق التي لا خراطيم لها). [مجاز القرآن: 2/206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الأكواب}: واحدها كوب وهي الأباريق التي لا خراطيم لها). [غريب القرآن وتفسيره: 334]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الأكواب}: الأباريق لا عرى لها،
ويقال: ولا خراطيم, واحدها: «كوب»). [تفسير غريب القرآن: 400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين وأنتم فيها خالدون}
"الصحاف" واحدها صحفة, وهي القصعة، والأكواب واحدها كوب, وهو إناء مستدير لا عروة له.
وقوله: {وفيها ما تشتهي الأنفس}
وقرئت (تشتهيه الأنفس) بإثبات الهاء، وأكثر المصاحف بغيرها، وفي بعضها الهاء). [معاني القرآن: 4/419]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب}
روى سعيد, عن قتادة قال: الأكواب دون الأباريق, قال: وبلغني: أنها مدورة,
وكذلك هي عند أهل اللغة إلا أنها لا آذان لها ولا عرى). [معاني القرآن: 6/384]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الأَكْوَابٍ}: كيزان لا آذان لها). [العمدة في غريب القرآن: 269]

تفسير قوله تعالى: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {لا يفتّر عنهم وهم فيه مبلسون}: في العذاب.
وفي قراءة عبد الله: {وهم فيها مبلسون}: ذهب إلى جهنم، والمبلس: القانط اليائس من النجاة). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وهم فيه مبلسون}: أي: يائسون من رحمة اللّه). [تفسير غريب القرآن: 400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {لا يفتّر عنهم وهم فيه مبلسون}
(المبلس): الساكت الممسك إمساك يائس من فرج). [معاني القرآن: 4/419]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون} مأخوذ من الفترة والفتور والفتر, والمبلس: المتحير الذي قد يئس من الخير). [معاني القرآن: 6/384-385]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُبْلِسُونَ} أي: يائسون من رحمة الله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظّالمين}
جعلت{هم} ها هنا عمادا، فنصب الظالمين، ومن جعلها اسما رفع، وهي في قراءة عبد الله: {ولكن كانوا هم الظّالمون}). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظّالمين}
"هم" ههنا فصل كذا يسميها البصريون، وهي تأتي دليلا على أن ما بعدها ليس بصفة لما قبلها، وأن المتكلم يأتي بخبر الأول. ويسميها الكوفيون العماد.
وهي عند البصريين لا موضع لها في رفع, ولا نصب, ولا جرّ، ويزعمون أنها بمنزلة (ما) في قوله سبحانه: {فبما رحمة من اللّه لنت لهم}, وقد فسرت ما في هذا فيما تقدم من الكتاب, ويجوز: {ولكن كانوا هم الظالمون} في غير القرآن، ولكن لا تقرأنّ بها لأنّها تخالف المصحف). [معاني القرآن: 4/419-420]
تفسير قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكذلك يحذفون من الكلمة الحرف والشّطر والأكثر، ويبقون البعض والشطر والحرف، يوحون به ويومئون. يقولون: «لم يك»، فيحذفون النون مع حذفهم الواو لاجتماع الساكنين. ويقولون: «لم أبل» يريدون: لم أبال. ويقولون: ولاك افعل كذا، يريدون: ولكن، قال الشاعر:


ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل


ويحذفون في الترخيم، فيقولون: يا صاح، يريدون: يا صاحب، ويا حار، يريدون: يا حارث.
وقرأ بعض المتقدمين: {وَنَادَوْا يَا مَالِ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}، أي يا مالك.
وقال الله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ}، أي ألا يا هؤلاء اسجدوا لله.
ويقولون: عِمْ صباحا، أي أَنْعِمْ). [تأويل مشكل القرآن: 305-306](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك قال إنّكم ماكثون}
وقد رويت (يا مال) -بغير كاف، وبكسر اللام- وهذا يسميه النحوّيون الترخيم، وهو كثير في الشعر في مالك وعامر، ولكنني أكرههما لمخالفتهما المصحف). [معاني القرآن: 4/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون}
قال مجاهد: ما كنا ندري ما معنى: {ونادوا يا مالك}, حتى وجدنا في قراءة عبد الله: ونادوا (يا مال بن عمرو بن العاص), قال عبد الله: ينادون مالكا أربعين سنة, فيجيبهم بعدها إنكم ماكثون, ثم ينادون رب العزة: {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}, فيسكت عنهم مثل عمر الدنيا, ثم يقول:{اخسئوا فيها ولا تكلمون}, قال: فليس بعدها إلا صياح كصياح الحمير أوله زفير, وآخره شهيق). [معاني القرآن: 6/385-386]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {أم أبرموا أمراً...}
يريد: أبرموا أمرا ينجيهم من عذابنا عند أنفسهم، فإنا مبرمون معذبوهم). [معاني القرآن: 3/38]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أم أبرموا أمرا}: أم أحكموا). [مجاز القرآن: 2/206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أم أبرموا أمراً} أي: أحكموه). [تفسير غريب القرآن: 400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {أم أبرموا أمرا فإنّا مبرمون} أي: أم أحكموا عند أنفسهم أمرا من كيد, أو شرّ, فإنا مبرمون, :محكمون مجازاتهم, كيدا بكيدهم، وشرّا بشرّهم). [معاني القرآن: 4/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أم ابرموا أمرا فإنا مبرمون}
قال مجاهد: أي: أم أجمعوا على كيد, أو شر, فإنا نكيدهم.
قال الفراء: أي: أم أحكموا أمرا ينجيهم من عذابنا على قولهم, فإنا نعذبهم.
قال أبو جعفر: يقال أبرم الأمر إذا بالغ في إحكامه, وأبرم الفاتل إذا أحكم الفتل, وهو الفتل الثاني. والأول سحيل كما قال:


من سحيل ومبرم


ومنه رجل برم إذا كان لا يدخل في الميسر , أو كان ضيق الخلق لا يجتمع مع الناس , كما قال الشاعر:
ولا بـرمــا تــهــدى الـنـســاء لـعـرســه = إذا القشـع مـن بـرد الشتـاء تقعقعـا


وبرمة مــن هــذا = سميت به للإلحاح عليها بالإيقاد ).

[معاني القرآن: 6/386-387]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال سبحانه: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ}
و(النّجوى) هو: السر. وقد يجوز أن يكون أراد بالسرّ: ما أسرّوه في أنفسهم، وبالنّجوى: ما تسارّوا به.
وقال ذو الرّمة:
لميـاء فـي شفتيهـا حـوّة لـعـس = وفي اللّثات وفي أنيابها شنب
واللّعس هو: حوّة، فكرّر لما اختلف اللفظان.
ويمكن أن يكون لما ذكر الحوّة، خشي أن يتوهّم السامع سوادا قبيحا، فبيّن أنه لعس، واللعس يستحسن في الشّفاه). [تأويل مشكل القرآن: 240-241]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({قل إن كان للرّحمن ولدٌ فأنا أوّل العابدين }, "إن" في موضع "ما" في قول بعضهم: ما كان للرحمن ولد, الفاء مجازها مجاز الواو: ما كان للرحمن ولد, وأنا أول العابدين، قال الفرزدق:
أولئك قوم إن هجوني هجوتهم = وأعـبـد إن أهـجـو عـبـيـدا بـــدارم
وقال آخرون : مجازها : إن كان في قولكم للرحمن ولد , فأنا أول العابدين , أي: الكافرين بذلك, والجاحدين لما قلتم , وهي من "عبد يعبد عبداً" ). [مجاز القرآن: 2/206-207]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قل إن كان للرّحمن ولدٌ فأنا أوّل العابدين} أي: أول من عبده بالتوحيد.
ويقال: {أوّل العابدين}: أول الآنفين الغضاب, يقال: عبدت من كذا أعبد عبدا، فأنا عبد وعابد. قال الشاعر:


وأعبد أن تهجي تميم بدارم


أي: آنف). [تفسير غريب القرآن: 401]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وحكى أبو عبيد، عن أبي عمرو، أنه قال في قوله تعالى: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}: هو من الغضب والأنفة. ففسّر الحرف بالمعنيين لتقاربهما). [تأويل مشكل القرآن: 407](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}
لما قال المشركون: لله ولد، ولم يرجعوا عن مقالتهم بما أنزله الله على رسوله، عليه السلام، من التبرّؤ من ذلك- قال الله سبحانه لرسوله عليه السّلام: {قُلْ}: لهم {إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} أي: عندكم في ادعائكم. {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أي: أول الموحدين، ومن وحّد الله فقد عبده، ومن جعل له ولدا أو ندّا، فليس من العابدين، وإن اجتهد.
ومنه قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، أي إلا ليوحّدون.
قال مجاهد: يريد إن كان لله ولد في قولكم، فأنا أول من عبد الله ووحّده، وكذّبكم بما تقولون.
وبعض المفسرين يجعل إن بمعنى (ما)، وليس يعجبني ذلك.
ويقال: العابدون هاهنا: الغضاب الآنفون. يقال: عبدت من كذا أعبد عبدا. وأكثر ما تأتي الأسماء من فعل يفعل (على فعل) كقوله: وجل يوجل فهو وجل، وفزع يفزع فهو فزع.
وربما جاء على (فاعل) نحو علم يعلم فهو عالم.
وربما جاء منه على (فعل) و(فاعل) نحو صدى يصدي فهو صد وصاد، كذلك تقول: عبد يعبد فهو عبد وعابد، قال الشاعر:


وأعبد أن تهجى تميم بدارم ).


[تأويل مشكل القرآن: 373-374]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قل إن كان للرّحمن ولد فأنا أوّل العابدين}
معناه: إن كنتم تزعمون أن للرحمن ولدا, فأنا أول الموحّدين؛ لأن من عبد الله عزّ وجلّ, واعترف بأنه إلهه, فقد دفع أن يكون له ولد.
والمعنى: أن كان للرحمن ولد في قولكم، كما قال: {أين شركائي الّذين كنتم تشاقّون فيهم}: أي في قولكم, واللّه واحد لا شريك له.
وقد قيل إنّ (إن) في هذا الموضع في موضع (ما) المعنى ما كان للرحمن ولد {فأنا أوّل العابدين}
وقد قيل: إن العابدين في معنى الآنفين، فأنا أول من يأنف من هذا القول). [معاني القرآن: 4/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين}
في معناه ثلاثة أقوال:
- قال مجاهد: أي قل: إن كان للرحمن ولد في قولكم, فأنا أول من عبده ووحده, وكذبكم.
- وقال الحسن يقول: ما كان للرحمن ولد.
- وقيل: هو من عبد, أي: أنف, كما قال:


وأعبد أن تهجى تميم بدارم


قال أبو جعفر: أحسنها قول مجاهد لأن إن يبعد أن تكون ههنا بمعنى ما, لأن ذلك لا يكاد يستعمل إلا وبعد: إن إلا, وأيضا فإن بعدها ألفا وأكثر ما يقال إذا أنف الإنسان وغضب, وأنكر الشيء عبد, فهو عبد, كما يقال حذر, فهو حذر.
وقول مجاهد بين: أي: إن كان للرحمن ولد على زعمكم, وقولكم, كما قال تعالى: {أين شركائي}, فأنا أول من خالفكم, ووحد الله جل وعز.
ومعنى {العابدين} كمعنى: الموحدين؛ لأنه لا يقال عابد إلا لموحد). [معاني القرآن: 6/387-389]



قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({أول العابدين} أي: أول الغضاب الآبقين.
وقيل: {فأنا أول العابدين} أي: فأنا أول الجاحدين لما تقولون.
وقيل: {فأنا أول العابدين} أي: أنا أول من يعبده على الوحدانية، مخالفا لكم). [ياقوتة الصراط: 461-462]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}
أول من عبده بالتوحيد, وإن بمعنى ما وقيل: أول الآنفين الغضاب, وقيل: أول الجاحدين لذلك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 223]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي في السّماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم}
المعنى: هو الموحّد في السماء وفي الأرض.
وقرئت: (في السّماء اللّه وفي الأرض اللّه): ويدل ما خلق بينهما, وفيهما أنه واحد حكيم عليم لأن خلقهما يدل على الحكمة, والعلم). [معاني القرآن: 4/421]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم}
قال قتادة: أي: يعبد في السماء وفي الأرض.
ووري عن عمر, وأبي, وابن مسعود: {وهو الذي في السماء الله وفي الأرض الله}). [معاني القرآن: 6/389]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق}
قال قتادة: المسيح وعزير قد عبدا من دون الله, ولهما شفاعة.
وقال مجاهد: لا يشفع المسيح وعزير والملائكة إلا لمن شهد بالحق, قال: لا إله إلا الله.
قال أبو جعفر: قول قتادة أبين, وقول مجاهد على أنه استثناء ليس من الأول). [معاني القرآن: 6/390]

تفسير قوله تعالى: {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وقيله يا ربّ...}
خفضها عاصم, والسلمي, وحمزة, وبعض أصحاب عبد الله، ونصبها أهل المدينة, والحسن فيما أعلم فمن خفضها قال: {عنده علم الساعة}, وعلم {قيله يا رب}, ومن نصبها أضمر معها قولا، كأنه قال: وقال قوله، وشكا شكواه إلى ربه وهي في إحدى القراءتين.
قال الفراء: لا أعلمها إلا في قراءة أبي، لأني رأيتها في بعض مصاحف عبد الله على: {وقيله}, ونصبها أيضا يجوز من قوله: {نسمع سرهم ونجواهم}، ونسمع (قيله)، ولو قال قائل: و(قيله) رفعا كان جائزا، كما تقول: ونداؤه هذه الكلمة: يا رب). [معاني القرآن: 3/38]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وقيله يا ربّ}: نصبه في قول أبي عمرو على {نسمع سرّهم ونجواهم}, {وقيله}, ونسمع قيله, وقال غيره: هي في موضع الفعل: ويقول). [مجاز القرآن: 2/207]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وقيله يا ربّ إنّ هؤلاء قوم لا يؤمنون}
{وقيله}: ويقرأ {وقيله}، {وقيله يا ربّ}, فيها ثلاثة أوجه:
* الخفض على معنى: {وعنده علم الساعة}, وعلم قيله: {يا ربّ}
* والنصب من ثلاثة أوجه:-
قال أبو الحسن الأخفش: إنه منصوب من جهتين:
- إحداهما على العطف على قوله: {أم يحسبون أنّا لا نسمع سرّهم ونجواهم}, وقيله: أي ونسمع قيله. ويكون على: وقال قيله.
- قال أبو إسحاق: والّذي أختاره أنا أن يكون "قيله" نصبا على معنى: {وعنده علم الساعة}, ويعلم قيله، فيكون المعنى إنّه يعلم الغيب, ويعلم قيله، لأن معنى عنده علم الساعة: يعلم الساعة ويعلم قيله.
ومعنى الساعة في كل القرآن: الوقت الذي تقوم فيه القيامة.
* والرفع على معنى: وقيله هذا القول، أي وقيله قوله: {يا ربّ إنّ هؤلاء قوم لا يؤمنون}). [معاني القرآن: 4/421]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يعلمون}, وسنبين معنى: {وقيله يا رب}: في الإعراب إن شاء الله). [معاني القرآن: 6/390-391]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (ثم قال: {فاصفح عنهم}, فوصله بدعائه كأنه من قوله وهو من أمر الله أمره أن يصفح، أمره بهذا قبل أن يؤمر بقتالهم.
{وقل سلامٌ فسوف يعلمون...}: رفع "سلام" بضمير عليكم وما أشبهه، ولو كان: "وقل سلاماً" كان صوبا، كما قال: {قالوا سلاماً قال سلامٌ}). [معاني القرآن: 3/38]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فاصفح عنهم} أي: أعرض عنهم). [تفسير غريب القرآن: 401]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون}
قال قتادة في قوله: {فاصفح عنهم}, قيل له هذا, ثم نسخ بالأمر بالقتال). [معاني القرآن: 6/39]





رد مع اقتباس