عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20 ذو القعدة 1431هـ/27-10-2010م, 05:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 23 إلى 35]

{وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28) بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (30) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)}

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} أي : على دين واحد). [تفسير غريب القرآن: 397](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلّا قال مترفوها إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون}
أي : قد قال لك هؤلاء كما قال أمثالهم للرسل من قبلك.
وقوله: {وإنّا على آثارهم مقتدون}
معناه نقتدي بهم، ويصلح أن يكون خبرا لإنا مهتدون، و{على} من صلة مهتدين، وكذلك مقتدون، فيكون المعنى وإنهم مهتدون على آثارهم، وكذلك يكون المعنى مقتدون على آثارهم، ويصلح أن يكون خبرا بعد خبر، فيكون{وإنّا على آثارهم} الخبر, ويكون{مهتدون}خبرا ثانيا، وكذلك {مقتدون}). [معاني القرآن: 4/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم أخبر جل وعز: أن الأنبياء قبله قد قيل لهم مثل هذا فقال: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون}). [معاني القرآن: 6/347]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ :{قال أولو جئتكم بأهدى ممّا وجدتم عليه آباءكم قالوا إنّا بما أرسلتم به كافرون}
المعنى فيه : قل أتتبعون ما وجدتم عليه آباءكم , وإن جئتكم بأهدى منه). [معاني القرآن: 4/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {قل أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم}
المعنى: أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم أقمتم على ما كان عليه آباؤكم). [معاني القرآن: 6/347-348]

تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّني براء مّمّا تعبدون...}.
العرب تقول: نحن منك البراء والخلا، والواحد والاثنان , والجميع من المؤنث والمذكر يقال فيه: براء؛ لأنه مصدر، ولو قال: (بريء) : لقيل في الاثنين: بريئان، وفي القوم: بريئون وبرءاء، وهي في قراءة عبد الله: {إنّني برئٌ مّمّا تعبدون}, ولو قرأها قارئ كان صوابا موافقا لقراءتنا؛ لأن العرب تكتب: يستهزئ , يستهزأ , فيجعلون الهمزة مكتوبة بالألف في كل حالاتها.
يكتبون شيء شيئا , ومثله كثير في مصاحف عبد الله، وفي مصحفنا: ويهيئ لكم، ويهيأ بالألف). [معاني القرآن: 3/30]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وإذ قال إبراهيم} معناها: وقال إبراهيم.
{إنّني براءٌ}: مجازها بلغة علوية يجعلون الواحد, والاثنين, والثلاثة من الذكر والأنثى على لفظ واحد , وأهل نجد يقولون: أنا بريء , وهي بريئة , ونحن براء للجميع). [مجاز القرآن: 2/203]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني براء مّمّا تعبدون}
وقال: {إنّني براء مّمّا تعبدون}: تقول العرب "أنا براءٌ منك"). [معاني القرآن: 4/13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({إنني براء}: البراء والخلاء لا يجمعان ولا يؤنثان لأنهما مصدران بلغة العلوية يجعلون الواحد والاثنين والثلاثة من الذكر والأنثى على لفظ واحد، وأهل نجد يقولون أنا بريء وهي بريئة ونحن براء من الجميع).[غريب القرآن وتفسيره: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني براء ممّا تعبدون * إلّا الّذي فطرني فإنّه سيهدين}
{براء}: بمعنى بريء ممّا تعبدون، والعرب تقول للواحد منها: أنا البراء منك، وكذلك الاثنان والجماعة , والذكر والأنثى يقولون: نحن البراء منك والخلاء منك، ولا يقولون: نحن البراءان منك ولا البراءون.
وإنما المعنى: إنا ذوو البراء منك, ونحن ذوو البراء منك كما تقول: رجل عدل, وامرأة عدل, وقوم عدل، والمعنى: ذوو عدل, وذوات عدل). [معاني القرآن: 4/408-409]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون}
وفي قراءة: (إنني بريء) .
وحكى الفراء: أن قوما يكتبون الهمزة في كل موضع ألفا, فعلى هذا يقرأ بريء, وإن كان في السواد بالألف, ومن قرأ براء قال: في الاثنين, والجميع براء أيضا, بمعنى ذوي براء). [معاني القرآن: 6/348]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَرَاء}: المباراة). [العمدة في غريب القرآن: 268]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إلّا الّذي فطرني فإنّه سيهدين}
المعنى إنا نتبرأ مما تعبدون إلا من الله عزّ وجلّ، ويجوز أن يكون "إلا" بمعنى لكن فيكون المعنى: لكن الذي فطرني, فإنه سيهدين). [معاني القرآن: 4/409]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إلا الذي فطرني فإنه سيهدين}
قال قتادة: أي خلقني.
قال أبو جعفر: يجوز أن يكون استثناء من الأول, ويجوز أن يكون {إلا} بمعنى لكن). [معاني القرآن: 6/349]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وجعلها كلمةً باقيةً في عقبه...}.
اسم الإسلام، يقول لازمة لمن اتبعه، وكان من ولده، لعل أهل مكة يتبعون هذا الدين؛ إذا كانوا من ولد إبراهيم صلى الله عليه وسلم , فذلك قوله: {لعلّهم يرجعون} إلى دينك, ودين إبراهيم صلى الله عليهما وسلم). [معاني القرآن: 3/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وجعلها كلمةً باقيةً في عقبه} يعني: «لا إله إلا اللّه»). [تفسير غريب القرآن: 397]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلّهم يرجعون}
يعني بها كلمة التوحيد: وهي لا إله إلا اللّه , باقية في عقب إبراهيم، لا يزال من ولده من يوحد اللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 4/409]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وجعلها كلمة باقية في عقبة لعلهم يرجعون}
قال مجاهد: كلمة باقية: {لا إله إلا الله}
وقال قتادة: التوحيد , والإخلاص في عقبه.
وقال مجاهد: في ولده.
قال قتادة: لا يزال من ولد إبراهيم من يعبد الله جل وعز إلى يوم القيامة.
وقوله جل وعز: {لعلهم يرجعون} إلى دينك, ودين إبراهيم صلى الله عليهما إذ كانوا من ولده). [معاني القرآن: 6/349-350]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}: يعني لا إله إلا الله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {لولا نزّل هذا القرآن على رجلٍ مّن القريتين عظيمٍ}.
ومعناه: على أحد رجلين عنى نفسه, وأبا مسعود الثقفي، وقال هذا الوليد بن المغيرة المخزومي، والقريتان: مكة والطائف). [معاني القرآن: 3/31]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وقالوا لولا نزّل هذا القرآن} معناها : هلا). [مجاز القرآن: 2/203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وقالوا لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم}
المعنى: على رجل من رجلي القريتين عظيم، والرجلان: أحدهما الوليد ابن المغيرة المخزومي من أهل مكة، والآخر حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي من أهل الطائف، والقريتان ههنا مكة والطائف.
ويجوز {لولا نزّل} أي: لولا نزّل اللّه هذا القرآن،, ويجوز لولا نزل هذا القرآن.
ومعنى: {لولا}: هلّا, ولم يقرأ بهاتين الأخريين، إنما القراءة {نزّل}.
و{هذا} في موضع رفع، والقرآن ههنا مبيّن عن هذا ويسميه سيبويه عطف البيان، لأن لفظه لفظ الصفة، ومما يبين أنه عطف البيان قولك مررت بهذا الرجل وبهذه الدار، و{هذا القرآن} إنما يذكر بعد هذا اسما يبين بها اسم الإشارة). [معاني القرآن: 4/409]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم}
قال ابن عباس: القريتان مكة , والطائف.
قال قتادة: الرجلان أبو مسعود الثقفي, واسمه عروة بن مسعود من أهل الطائف, والوليد بن المغيرة بن عبد الله المخزومي من أهل مكة.
قال مجاهد: الرجلان عتبة بن ربيعة من أهل مكة, وأبو مسعود الثقفي واسمه: عمير بن عمرو بن مسعود.
قال أبو جعفر: روي هذا عن جماعة ثقات منهم ابن جريج, وابن أبي نجيح .
وروى ذلك عن قتادة الثقات أيضا إلا أن قول قتادة أشبه بالصواب لأن معمرا روى عنه أنه قال: قال الوليد بن المغيرة : لو كان ما يقول محمد حقا أنزل علي, أو على أبي مسعود الثقفي. فخبر قتادة بسبب نزول الآية.
قال أبو العباس: التقدير في العربية : على رجل من رجلين, من القريتين .
قال أبو جعفر: حقيقة التقدير في العربية : على رجل من رجلي القريتين كما قال سبحانه: {واسأل القرية}). [معاني القرآن: 6/351-352]

تفسير قوله تعالى: {أهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجاتٍ...}.
فرفعنا المولى فوق عبده، وجعلنا بعضهم يسبي بعضا، فيكون العبد , والذي يسبي مسخّرين لمن فوقهما.
وقوله: {لّيتّخذ بعضهم بعضاً سخريّاً...}، و"سخريّاً" , وهما واحد هاهنا وفي:{قد أفلح}، وفي ص - سواء الكسر فيهن , والضم لغتان). [معاني القرآن: 3/31]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ {أهم يقسمون رحمت ربّك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدّنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتّخذ بعضهم بعضا سخريّا ورحمت ربّك خير ممّا يجمعون}
أي قولهم: لم لم ينزل هذا القرآن على غير محمد عليه السلام اعتراض منهم، وليس تفضل اللّه عزّ وجلّ يقسمه غيره.
ولما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة , قالت العرب أو أكثرها: كيف لم يرسل اللّه ملكا وكيف أرسل اللّه بشرا؟!, فقال اللّه عزّ وجلّ: {وما أرسلنا من قبلك إلّا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى}.
وقال: {أكان للنّاس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم}.
فلما سمعوا أن الرسالة كانت في رجال من أهل القرى قالوا: { لولا نزل على أحد هذين الرجلين }.
وقال عزّ وجلّ : {أهم يقسمون رحمت ربّك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدّنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات}
قكما فضلنا بعضهم على بعض في الرزق وفي المنزلة، كذلك اصطفينا للرسالة من نشاء.
وقوله:{ليتّخذ بعضهم بعضا سخريّا}.
و {سخريا}: أي: ليستعمل بعضهم بعضا، ويستخدم بعضهم بعضا.
وقيل {سخريّا}: أي، يتخذ بعضهم بعضا عبيدا.
ثم أعلم - عزّ وجلّ - أن الآخرة أحظّ من الدنيا فقال: {ورحمت ربّك خير ممّا يجمعون}). [معاني القرآن: 4/409-410]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا}
أي: كما قسمنا بينهم الأرزاق, وفضلنا بعضهم على بعض كذلك فضلنا بعضهم على بعض بالاصطفاء بالرسالة, ثم قال جل وعز: {ليتخذ بعضهم بعضا سخريا}
أي: ليكون بعضهم لبعض خولا, وسخري وسخري واحد
ثم أخبر جل وعز أن ما عنده من الرحمة خير فقال: {ورحمة ربك خير مما يجمعون}
وقرأ الحسن: (تجمعون) بالتاء). [معاني القرآن: 6/353]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً...}.
أن في موضع رفع.
وقوله: {لّجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم...}.
إن شئت جعلت اللام مكررة في لبيوتهم، كما قال: {يسألونك عن الشّهر الحرام قتالٍ فيه}، وإن شئت جعلت اللامين مختلفتين , كأنّ الثانية في معنى على كأنه قال: لجعلنا لهم على بيوتهم سقفاً، وتقول للرجل في وجهه: جعلت لك لقومك الأعطية، أي جعلته من أجلك لهم.
و{السّقف} قرأها عاصم والأعمش والحسن {سقفاً}, وإن شئت جعلت واحدها سقيفة، وإن شئت جعلت سقوفا، فتكون جمع الجمع كما قال الشاعر:

حتى بلت حلاقيم الحلق = أهوى لأدنى فقرة على شفق

ومثله قراءة من قرأ {كلوا من ثمره}, وهو جمع، وواحده ثمار، وكقول من قرأ:{فرهنٌ مقبوضة}, واحدها رهان ورهون, وقرأ مجاهد وبعض أهل الحجاز {سقفاً} كالواحد مخفف؛ لأن السّقف مذهب الجماع). [معاني القرآن: 3/31-32]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({سقفاً من فضّةٍ}, واحدها سقفٌ, مجازها مجاز رهنٍ ورهنٍ .
قال قعنب بن أم صاحب:-
بانت سعاد وأمسى دونهـا عـدن = وغلقت عندها من قبلك الرّهن
ومن قال: سقفاً, فهو جمع: السقفة). [مجاز القرآن: 2/203]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (
{ومعارج}: المعارج: الدرج .
قال جندل بن المثنى:

يا ربّ ربّ البيت ذي المعارج).
[مجاز القرآن: 2/203-204]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً لّجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً مّن فضّةٍ ومعارج عليها يظهرون}
وقال: {ومعارج عليها يظهرون}, ومثله قول العرب "مفاتح" و"مفاتيح" , و"معاطٍ" في "المعطاء" , و"أثافٍ" من "الأثفيّة" , وواحد "المعارج" "المعراج", ولو شئت قلت في جمعه "المعاريج"). [معاني القرآن: 4/13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً} أي: كفارا كلهم.
والمعارج: الدرج. يقال: عرج، أي صعد, ومنه «المعراج»، كأنه سبب إلى السماء أو طريق.
{عليها يظهرون} أي: يعلون, يقال: ظهرت على البيت، إذا علوت سطحه). [تفسير غريب القرآن: 397]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وأعلم قلّة الدنيا عنده عزّ وجلّ فقال: {ولولا أن يكون النّاس أمّة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفا من فضّة ومعارج عليها يظهرون}
ويقرأ سقفا من فضة، ويجوز سقفا بسكون القاف وضم السين، فمن قال: سقفا, وسقفا فهو جمع: سقف, كما قيل: رهن, ورهن ورهن، ومن قال سقفا فهو واحد يدلّ على الجمع .
المعنى: جعلنا لبيت كل واحد منهم سقفا من فضة.
وقوله: {ومعارج عليها يظهرون}
{معارج}: درج, واحدها معرج.
المعنى: وجعلنا معارج من فضة، وكذلك: {أبوابا وسررا عليها يتّكئون}). [معاني القرآن:4/410-411]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( وقوله: {ولولا أن يكون النّاس أمّة واحدة}
أي: لولا أن تميل بهم الدنيا , فيصير الخلق كفارا ؛ لأعطى اللّه الكافر في الدنيا غاية ما يتمنى فيها ؛ لقلّتها عنده، ولكنه عزّ وجلّ لم يفعل ذلك؛ لعلمه بأن الغالب على الخلق : حبّ العاجلة). [معاني القرآن: 4/411]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله - عزّ وجلّ -: (لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم) يصلح أن يكون بدلا من قوله {لمن يكفر بالرحمن}, ويكون المعنى لجعلنا لبيوت من يكفر بالرحمن، ويصلح أن يكون لبيوتهم على معنى لجعلنا لمن يكفر بالرحمن على بيوتهم). [معاني القرآن: 4/412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون}
في معنى الآية قولان:
- قال الحسن وقتادة: لولا أن يكفر الناس جميعا, لفعلنا هذا .
قال أبو جعفر: ومعنى هذا القول: لولا أن يميل الناس إلى الدنيا فيكفروا , لأعطينا الكافر , هذا لهوان الدنيا على الله عز وجل.
- والقول الآخر: قاله الكسائي: قال المعنى: لولا إرادتنا أن يكون في الكفار غني وفقير, وفي المسلمين مثل ذلك, لأعطينا الكفار من الدنيا, هذا لهوانها على الله جل وعز .
قال الفراء: يجوز أن يكون معنى (لبيوتهم) على بيوتهم.
قال أبو جعفر: روى سفيان, عن إسماعيل, عن الشعبي: {سقفا من فضة}: قال: جزوعا, و{معارج}, قال: درجا عليها يظهرون, قال: يصعدون.
وقرأ جماعة سقفا من فضة , وأنكر هذه القراءة بعض أهل اللغة , وقال: لو كان كذا, لقال عليه .
قال أبو جعفر: وهذا لا يلزم لأنه يجوز أن يكون عليها للدرج). [معاني القرآن: 6/353-355]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({ومعارج عليها يظهرون} أي: نجعل للسقوف درجا, يصعدون عليها إلى السقوف). [ياقوتة الصراط: 459-460]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَظْهَرُونَ}: أي يعلون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]

تفسير قوله تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({أبوابا وسررا عليها يتّكئون} أي: أبوابا من فضة وسررا من فضة). [معاني القرآن: 4/411]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولبيوتهم أبوابا}
أي : من فضة وسررا , أي: من فضة وزخرفا .
روى شعبة , عن الحكم , عن مجاهد قال: كنت لا أدري ما معنى: {وزخرفا} حتى وجدته في قراءة عبد الله بن مسعود :{وذهبا} .
قال أبو جعفر: في معناه قولان:
أحدهما: أن المعنى: وجعلنا لهم زخرفا, أي: غنى
والآخر: أن المعنى: من فضة, ومن زخرف, ثم حذف من ونصب). [معاني القرآن: 6/355-356]

تفسير قوله تعالى: {وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وزخرفاً...}.
وهو الذهب، وجاء في التفسير نجعلها لهم من فضة , ومن زخرف، فإذا ألقيت من الزخرف , نصبته على الفعل , توقعه عليه أي : وزخرفا، تجعل ذلك لهم منه.
وقال آخرون: ونجعل لهم مع ذلك ذهبا, وغنى مقصور, فهو أشبه الوجهين بالصواب). [معاني القرآن: 3/32]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وزخرفاً وإن كلّ ذلك لمّا متاع الحياة الدّنيا والآخرة عند ربّك للمتّقين}
وقال: {وإن كلّ ذلك لمّا متاع الحياة الدّنيا} خفيفة منصوبة اللام, وقال بعضهم {لمّا} فثقّل ونصب اللام, وضعف الميم, وزعم أنها في التفسير الأول {إلاّ}, وأنها من كلام العرب). [معاني القرآن: 4/13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ((والزخرف): الذهب). [تفسير غريب القرآن: 397]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لمّا}: تكون بمعنى {لم} في قوله: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} أي: بل لم يذوقوا عذاب.
وتكون بمعنى {إلّا}، قال تعالى: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}أي: إلّا متاع الحياة الدنيا، {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} أي: إلّا عليها، وهي لغة هذيل مع {إن} الخفيفة التي تكون بمعنى {ما}.
ومن قرأ {وإن كلّ ذلك لما متاع} بالتخفيف {إن كلّ نفسٍ لما عليها حافظٌ} جعل {ما} صلة، وأراد: وإن كلّ ذلك لمتاع الحياة، وإن كلّ نفس لما عليها حافظ). [تأويل مشكل القرآن: 542]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {وزخرفا وإن كلّ ذلك لمّا متاع الحياة الدّنيا والآخرة عند ربّك للمتّقين}
{وزخرفا}: الزخرف - جاء في التفسير أنه ههنا الذهب، إلا زيد بن أسلم فإنه قال: هو متاع البيت، والزخرف في اللغة الزينة وكمال الشيء فيها، ودليل ذلك قوله: {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها} أي: كمالها وتمامها.
{وإن كلّ ذلك لمّا متاع الحياة الدّنيا والآخرة} معناه: وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا، ويقرأ: {لما متاع}, و "ما" ههنا لغو، المعنى: لمتاع). [معاني القرآن: 4/411]


رد مع اقتباس