عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 12:51 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين قال شخصت من صدورهم فنشبت في حلوقهم فلم تخرج ولم ترجع). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يوم الآزفة قال الساعة). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يطاع (18) يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور (19) واللّه يقضي بالحقّ والّذين يدعون من دونه لا يقضون بشيءٍ إنّ اللّه هو السّميع البصير}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه: وأنذر يا محمّد مشركي قومك يوم الآزفة، يعني يوم القيامة، أن يوافوا اللّه فيه بأعمالهم الخبيثة، فيستحقّوا من اللّه عقابه الأليم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {يوم الآزفة} قال: يوم القيامة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وأنذرهم يوم الآزفة} يوم القيامة.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وأنذرهم يوم الآزفة} قال: يوم القيامة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {وأنذرهم يوم الآزفة} قال: يوم القيامة وقرأ: {أزفت الآزفة ليس لها من دون اللّه كاشفةٌ}.
وقوله: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} يقول تعالى ذكره: إذ قلوب العباد من مخافة عقاب اللّه لدى حناجرهم قد شخصت من صدورهم، فتعلّقت بحلوقهم كاظميها، يرومون ردّها إلى مواضعها من صدورهم فلا ترجع، ولا هي تخرج من أبدانهم فيموتوا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إذ القلوب لدى الحناجر} قال: قد وقفت القلوب في الحناجر من المخافة، فلا هي تخرج ولا تعود إلى أمكنتها.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} قال: شخصت أفئدتهم عن أمكنتها، فنشبت في حلوقهم، فلم تخرج من أجوافهم فيموتوا، ولم ترجع إلى أمكنتها فتستقرّ.
واختلف أهل العربيّة في وجه النّصب {كاظمين}؛ فقال بعض نحويّي البصرة: انتصابه على الحال، كأنّه أراد: إذ القلوب لدى الحناجر في هذه الحال وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: الألف واللاّم بدلٌ من الإضافة، كأنّه قال: إذا قلوبهم لدى حناجرهم في حال كظمهم وقال آخر منهم: هو نصبٌ على القطع من المعنى الّذي يرجع من ذكرهم في القلوب والحناجر، المعنى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين قال: فإن شئت جعلت قطعه من الهاء الّتي في قوله {وأنذرهم} قال: والأوّل أجود في العربيّة، وقد تقدّم بيان وجه ذلك.
وقوله: {ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ} يقول جلّ ثناؤه: ما للكافرين باللّه يومئذٍ من حميمٍ يحمّ لهم، فيدفع عنهم عظيم ما نزل بهم من عذاب اللّه، ولا شفيعٍ يشفع لهم عند ربّهم فيطاع فيما شفع، ويجاب فيما سأل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ما للظّالمين من حميم ولا شفيعٍ} قال: من يعنيه أمرهم، ولا شفيعٍ لهم.
وقوله: {يطاع} صلةٌ للشّفيع ومعنى الكلام: ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ إذا شفع أطيع فيما شفع، فأجيب وقبلت شفاعته له). [جامع البيان: 20/300-302]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وأنذرهم يوم الآزفة قال يعني يوم القيامة). [تفسير مجاهد: 564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 18.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال: الساعة {إذ القلوب لدى الحناجر} قال: وقعت في حناجرهم من المخافة فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها). [الدر المنثور: 13/31]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال: يوم القيامة). [الدر المنثور: 13/31]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {إذ القلوب لدى الحناجر} قال: إذا عاين أهل النار النار حتى تبلغ حناجرهم فلا تخرج فيموتون ولا ترجع إلى أماكنها من أجوافهم، وفي قوله {كاظمين} قال: باكين). [الدر المنثور: 13/31]

تفسير قوله تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يعلم خائنة الأعين قال يعلم همزه بعينه وإغماضه فيما لا يحب الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يعلم خائنة الأعين} يقول جلّ ذكره مخبرًا عن صفة نفسه: يعلم ربّكم ما خانت أعين عباده، وما أخفته صدورهم، يعني: وما أضمرته قلوبهم؛ يقول: لا يخفى عليه شيءٌ من أمورهم حتّى ما يحدّث به نفسه، ويضمره قلبه إذا نظر ماذا يريد بنظره، وما ينوي ذلك بقلبه {واللّه يقضي بالحقّ} يقول: واللّه تعالى ذكره يقضي في الّذي خانته الأعين بنظرها، وأخفته الصّدور عند نظر العيون بالحقّ، فيجزي الّذين أغمضوا أبصارهم، وصرفوها عن محارمه حذار الموقف بين يديه، ومسألته عنه بالحسنى، والّذين ردّوا النّظر، وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدرت، جزاءها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد اللّه بن أحمد المروزيّ، قال: حدّثنا عليّ بن حسين بن واقدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا الأعمش، قال: حدّثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {يعلم خائنة} الأعين إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصّدور} إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ قال: ثمّ سكت، ثمّ قال: ألا أخبركم بالّتي تليها؟ قلت نعم قال: {واللّه يقضي بالحقّ} قادرٌ على أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسّيّئة السّيّئة {إنّ اللّه هو السّميع البصير} قال الحسين: فقلت للأعمش: حدّثني الكلبيّ، إلاّ أنّه قال: إنّ اللّه قادرٌ على أن يجزي بالسّيّئة السّيّئة، وبالحسنة عشرًا. فقال الأعمش: لو إنّ الّذي عند الكلبيّ عندي، ما خرج منّي إلاّ بحقيرٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {يعلم خائنة الأعين} قال: نظر الأعين إلى ما نهى اللّه عنه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {خائنة الأعين} أي يعلم همزه بعينه، وإغماضه فيما لا يحبّ اللّه ولا يرضاه). [جامع البيان: 20/303-304]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله خائنة الأعين قال يعني نظر الأعين إلى ما نهي). [تفسير مجاهد: 564]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يعلم خائنة الأعين} [غافر: 19].
- عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه {يعلم خائنة الأعين} [غافر: 19] إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا؟ {وما تخفي الصّدور} [غافر: 19] إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ ألا أخبركم بالّتي تليها؟ {واللّه يقضي بالحقّ} [غافر: 20] قادرٌ على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسّيّئة السّيّئة {إنّ اللّه هو السّميع البصير} [غافر: 20].
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه عبد اللّه بن أحمد بن شبّويه وهو مستورٌ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 19 - 20.
أخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} قال: الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها وإذا غفلوا لحظ إليها وإذا نظروا غض بصره عنها وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أنه ينظر إلى عورتها). [الدر المنثور: 13/31-32]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين} قال: نظرت إليها لتريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصدور} قال: إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا ألا أخبركم {والله يقضي بالحق} قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة). [الدر المنثور: 13/32]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال: يعلم همزه واضمامه بعينيه فيما لا يحب الله تعالى). [الدر المنثور: 13/32]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال: نظر العين إلى ما نهي عنه). [الدر المنثور: 13/32]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال: كان الرجل يدخل على القوم في البيت وفي البيت امرأة فيرفع رأسه فيلحظ إليها ثم ينكس). [الدر المنثور: 13/32-33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود والنسائي، وابن مردويه عن سعد رضي الله عنه قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال: أقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فأختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به فقال: يا رسول الله بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى يبايعه ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله فقالوا: ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك قال: أنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين). [الدر المنثور: 13/33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تاريخه والحكيم الترمذي عن أم معبد رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم طهر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور). [الدر المنثور: 13/33]

تفسير قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {واللّه يقضي بالحقّ} يقول: واللّه تعالى ذكره يقضي في الّذي خانته الأعين بنظرها، وأخفته الصّدور عند نظر العيون بالحقّ، فيجزي الّذين أغمضوا أبصارهم، وصرفوها عن محارمه حذار الموقف بين يديه، ومسألته عنه بالحسنى، والّذين ردّوا النّظر، وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدرت، جزاءها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد اللّه بن أحمد المروزيّ، قال: حدّثنا عليّ بن حسين بن واقدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا الأعمش، قال: حدّثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {يعلم خائنة} الأعين إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصّدور} إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ قال: ثمّ سكت، ثمّ قال: ألا أخبركم بالّتي تليها؟ قلت نعم قال: {واللّه يقضي بالحقّ} قادرٌ على أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسّيّئة السّيّئة {إنّ اللّه هو السّميع البصير} قال الحسين: فقلت للأعمش: حدّثني الكلبيّ، إلاّ أنّه قال: إنّ اللّه قادرٌ على أن يجزي بالسّيّئة السّيّئة، وبالحسنة عشرًا. فقال الأعمش: لو إنّ الّذي عند الكلبيّ عندي، ما خرج منّي إلاّ بحقيرٍ). [جامع البيان: 20/303-304] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والّذين يدعون من دونه لا يقضون بشيءٍ} يقول: والأوثان والآلهة الّتي يعبدها هؤلاء المشركون باللّه من قومك من دونه لا يقضون بشيءٍ، لأنّها لا تعلم شيئًا، ولا تقدر على شيءٍ، يقول جلّ ثناؤه لهم: فاعبدو ا الّذي يقدر على كلّ شيءٍ، ولا يخفى عليه شيءٌ من أعمالكم، فيجزي محسنكم بالإحسان، والمسيء بالإساءة، لا ما لا يقدر على شيءٍ ولا يعلم شيئًا، فيعرف المحسن من المسيء، فيثيب المحسن، ويعاقب المسيء.
وقوله: {إنّ اللّه هو السّميع البصير} يقول: إنّ اللّه هو السّميع لما تنطق به ألسنتكم أيّها النّاس، البصير بما تفعلون من الأفعال، محيطٌ بكلّ ذلك محصيه عليكم، ليجازي جميعكم جزاءه يوم الجزاء.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {والّذين يدعون من دونه} فقرأ ذلك، عامّة قرّاء المدينة: (والّذين تدعون من دونه) بالتّاء على وجه الخطاب، وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة بالياء على وجه الخبر.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ). [جامع البيان: 20/304-305]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يعلم خائنة الأعين} [غافر: 19].
- عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه {يعلم خائنة الأعين} [غافر: 19] إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا؟ {وما تخفي الصّدور} [غافر: 19] إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ ألا أخبركم بالّتي تليها؟ {واللّه يقضي بالحقّ} [غافر: 20] قادرٌ على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسّيّئة السّيّئة {إنّ اللّه هو السّميع البصير} [غافر: 20].
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه عبد اللّه بن أحمد بن شبّويه وهو مستورٌ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/102] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين} قال: نظرت إليها لتريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصدور} قال: إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا ألا أخبركم {والله يقضي بالحق} قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة). [الدر المنثور: 13/32] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {والله يقضي بالحق} قال: قادر على أن يقضي بالحق {والذين يدعون من دونه} لا يقدرون على أن يقضوا بالحق). [الدر المنثور: 13/33-34]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشدّ منهم قوّةً وآثارًا في الأرض فأخذهم اللّه بذنوبهم وما كان لهم من اللّه من واقٍ}.
يقول تعالى ذكره: أولم يسر هؤلاء المقيمون على شركهم باللّه، المكذّبون رسوله من قريشٍ، في البلاد، {فينظروا كيف كان عاقبة الّذين كانوا من قبلهم} يقول: فيروا ما الّذي كان خاتمة أمم الّذين كانوا من قبلهم من الأمم الّذين سلكوا سبيلهم، في الكفر باللّه، وتكذيب رسله {كانوا هم أشدّ منهم قوّةً} يقول: كانت تلك الأمم الّذين كانوا من قبلهم أشدّ منهم بطشًا، وأبقى في الأرض آثارًا، فلم تنفعهم شدّة قواهم، وعظم أجسامهم، إذ جاءهم أمر اللّه، وأخذهم بما أجرموا من معاصيه، واكتسبوا من الآثام، ولكنّه أباد جمعهم، وصارت مساكنهم خاويةً منهم بما ظلموا {وما كان لهم من اللّه من واقٍ} يقول: وما كان لهم من عذاب اللّه إذ جاءهم، من واقٍ يقيهم، فيدفعه عنهم.
- كالّذي حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما كان لهم من اللّه من واقٍ} يقيهم، ولا ينفعهم). [جامع البيان: 20/305-306]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (من آية 21 - 22.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وما كان لهم من الله من واق} قال: من واق يقيهم ولا ينفعهم). [الدر المنثور: 13/34]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّهم كانت تأتيهم رسلهم بالبيّنات فكفروا فأخذهم اللّه إنّه قويٌّ شديد العقاب}.
يقول تعالى ذكره: هذا الّذي فعلنا بهؤلاء الأمم الّذين من قبل مشركي قريشٍ من أهلكناهم بذنوبهم فعلنا بهم بأنّهم كانت تأتيهم رسل اللّه إليهم بالبيّنات، يعني بالآيات الدّالات على حقيقة ما تدعوهم إليه من توحيد اللّه، والانتهاء إلى طاعته {فكفروا} يقول: فانكروا رسالتها، وجحدوا توحيد اللّه، وأبوا أن يطيعوا اللّه {فأخذهم اللّه} يقول: فأخذهم اللّه بعذابه فأهلكهم {إنّه قويٌّ شديد العقاب} يقول: إنّ اللّه ذو قوّةٍ لا يقهره شيءٌ، ولا يغلبه، ولا يعجزه شيءٌ أراده، شديدٌ عقابه من عاقب من خلقه؛ وهذا وعيدٌ من اللّه مشركي قريشٍ، المكذّبين رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم يقول لهم جلّ ثناؤه: فاحذروا أيّها القوم أن تسلكوا سبيلهم في تكذيب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وجحود توحيد اللّه، ومخالفة أمره ونهيه فيسلك بكم في تعجيل الهلاك لكم مسلكهم). [جامع البيان: 20/306]


رد مع اقتباس